تشهد مدينة فاس المغربية صراعا فكريا محتدما، ما فتيء يتجدد و يبرز من عام لآخر. هذه المرة و على خلفية الانتخابات الطلابية التي نظمت بداية الأسبوع جرت مشادات محتدمة على النت و على الواقع بين تيارات فكرية مختلفة في المدينة و طلاب مستقلون. تم الأمر على خلفية ما ادعى البعض أنه تزوير شاب الانتخابات التي ينعتها بأنها يتولى الإشراف فيها محسوبون على التيار الإسلامي و التواصلي خصوصا.
يشار إلى أن المكتب الطلابي في فاس و منذ فترة يسيطر عليه شباب محسوبون على التيار الإسلامي رغم محاولاتهم الدائمة لنفي هذا الإدعاء و قولهم أن العمل الطلابي النقابي الذي يمارسونه بعيد من السياسة.
الذين يقولون بدعم المحسوبين على الإسلاميين من طرف حزب تواصل يقدمون تعليقا كان غلام ولد الحاج الشيخ قد كتبه على صفحته بعد نجاحهم في العام الماضي يقول فيه " لقد نجحنا في فاس" كما أنهم يدللون ببعض الممارسات و الالتقاء المطلق في المواقف بين الحزب و المكتب المحكوم من طرف الإسلاميين.
ما حصل هذا العام أن لائحة مستقلة حملت إسم الفضيلة ترشحت ضد لائحة المحسوبين على الإسلاميين المسماة الوحدة. و تم تعيين لجنة انتخابية يطعن منتسبو لائحة الفضيلة في نزاهتها كونها تم تعيينها من طرف الأمين العام السابق و هو محسوب على التيار الإسلامي بل يعتبر من قياداته الشابة. ثانيا كون رئيسها هو الآخر من ناشطي هذا التيار و المحسوبين عليه. الطعن في اللجنة و نزاهتها و مصداقيتها تولد عنه طعن مطلق بل رفض من طرف لائحة الفضيلة للنتائج التي تم فرزها، مستدلة هذه المرة بوجود بطاقات زائدة أحيانا و بطاقات لم يعرف مصدرها أصلا. و حسب ما أفادني مصدر مقرب من لائحة الوحدة فإنه رفض التعليق بإسهاب مكتفيا بأن اللجنة كانت نزيهة و أن اللائحتين قبلتا بها في البداية. و عن دعم اللائحة من حزب تواصل قال صديقي العزيز الوحدوي أن الحراك الطلابي شئنا أم أبينا في الدولة مرتبط بالسياسة ، صديقي الذي طلب عدم الإفصاح عن إسمه أشار حتى نحن أيضا بإمكاننا أن نقول أن الفضيلة مدعومة من طرف حزب كذا أو فكر كذا و قال المهم أننا نجحنا. يشار إلى أن قادة في حزب تواصل كانوا قد درسوا في فاس حتى أن صاحب الدكان الذي كان محمد جميل ولد منصور يستدين منه قد التقيته و حدثني عن يومياتهم مرارا و الدار التي سكنوا فيها و سكن فيها من بعدهم الطلاب الموريتانيون عقودا لا زالت شاهدة.
الآن تشهد صفحتي اللائحتين نوعا من الإسفاف اللغوي و تبادل الشتائم و التعاليق المبتذلة التي لا تليق إلا بنخبتنا السياسية الساذجة و السخيفة، و يبدو أن ساستنا لا يكتفون بتمزيق أوصال الجامعة و اللعب على أوتار الحساسيات فيها خدمة لأهدافهم السياسية الدنيئة، بل بدأوا بتصدير المشكلة للخارج فلا نستبعد بعد الآن أن نجد ما يحصل في جامعة نواكشوط يحصل شيء غير بعيد منه في جامعة ظهر المهراز مثلا أو غيرها من الجامعات حول العالم التي يوجد فيها كم من الطلبة الموريتانيين.
بين اللائحتين لا زالت التهم و التهم المضادة و التعاليق و التعاليق المضادة محتدمة. و برزت التوجهات الفكرية و يبدو تذمر من سيطرة التيار الإسلامي على المكتب، السيطرة التي يترتب عليها حسب الكثيرين صبغ أنشطة المكتب بطابع و فكر إسلاميين تواصليين ما يعني عزل و إقصاء الآراء و الأفكار الأخرى على حد وصف أحد أفراد لائحة الفضيلة.