Monday, February 15, 2016

و لكم عيد حبكم و لنا حقارة قبائلنا لكم فالانتاينكم و لنا مشايخنا




احتفل العالم يوم أمس بيوم القديس فالنتانين أو ما يسمى عيد الحب، كما يفعل كل 14 من فبراير شباط. فلا تخلو الشوارع من راكض بباقة ورده ، وراكضة للقاء عيد حبها في مكان ما من مدينة تملؤها الرومانسية، أول ما يقفز إلى ذهن قادم من شواطي بلد يحب فيه شيخ القبيلة نيابة عن حفيدته و يحكم فيه الحب بقاعدة : من أي الناس أنت؟
أفكر في فتاة تفجرت أنوثها في اعدادية غارقة في غبار العاصمة و فضاءاتها الرمادية و مساحاتها التي تعج بتجمعات القمامة، أفكر في دقات قلبها حين ينبض حبا لأول مرة، أفكر في حال فتاة مسكينة حكمتها طبيعة الإنسان في أن ترغب في عينين تصب فيهما جام حزنها، عن حضن تختفي فيه في شوارع قبائلنا المكشوفة على جدلنا و كذبنا، أفكر في فتاة فقيرة بقلب غني تملؤه الأغاني و الجمال و الحب قلب يهوى أن يرقص أن يركض أن يصرخ حبا حرية، أفكر في فتاة رموا بها ذات مساء مغطاة بملابس سوداء بسوءاتهم و دجلهم و كذبهم ، رأسها غارق في خرزهم ووخزهم و هي تزف إلى واحد لا تعرف عنه و لا يعرف عنها شيئا في زيجة دبرها رأس القبيلة العفن. أفكر في شاب غارق في مال أبيه و في معطيات القبيلة و أياديها الآثمة و هي يخرج ذات مساء بفضفاضة تحمل كل سذاجة القبيلة و سطحيتها من شارع ضيق في حي من الأحياء الشعبية ياخذ فتاة محملة بغضبها و خليط احلامها بيأسها بأملها و ينتهي بهم المطاف في كل أمية و في كل سخط و هما يلتهمان شفاه بعضهما في ساحة تشبه تلك التي أمام الملعب الأولمبي، أفكر في فتاة ما فتأ صدرها أن نهض من طفولته و هي تجلس في غرفة مظلمة من البيت في مؤامرة دبرتها والدتها ووالدها لتستقبل رجلا بعمر أبيها لأنه وجيه قبيلة أو حملته رافعات القبيلة المنحطة ليحتل منصبا في دولة لا تريدها القبيلة إلا دويلة يتصارع فيها رجالات القبيلة البائسون، حيث لا مساحة لأمل و لا أفق لحياة، أفكر و أفكر و أفكر
ثم أقول لك الله يا بلدا ضائعا بين رجالات دين خارج السياق و رجالات قبيلة تائهين في صياغات القبيلة الآثمة الوقحة الرجعية و رجالات سياسة لا فكر و لا نهي و لا أمر إلا ما تمليه أموال تحت الطاولات و علاقات الدم التي منذ فجر الأمة و هي تريق دماء حلمها. أفكر في بلد لا مساحة فيه إلا للكذب و النفاق و الدجل و التغني بخرافات الاجداد. أفكر في فتاة لن تتزوج فلانا لأنه من الفلانيين و رجلا يجر كل الكبش الى فتاة لم يعرفها حتى على الفيس بوك لأن القبيلة اقترضته و تملكه بدينها حين ارسلته للخارج ليدرس و يعمل فهو ملكية خاصة للقبيلة و خطط نسائها الرجعيات القبيحات.
أفكر في سيدة جلست إلي ذات مساء تشكو كل رجال موريتانيا من ذوي الجاه الذين يتعاقبون عليها الواحد تلو الاخر في زيجات لا ناقة لها فيها و لا جمل في عملية بغاء يقودها الوالد والوالدة و أسر غارقة في كرمها النظري تحولت بيوتها إلى بيوت دعارة و بناتها إلى بائعات هوى بسيير الأم و رعاية الأب، ولا زلن يتغنين بالشرف و الكرم. أفكر في فتاة تبكي حلمها في الزواج بشاب يعشقها و هي تعرف أنها من طبقة دونه. أفكر في فتاة تنسحق في فراش العابرين غضبا من تزويجها بأحدهم، أفكر في شيخ العمامة الذي يجول بعد صلاة العشاء بين البيوت شاربا الشاي و فاتحا البيوت، أفكر في شيخ محاظر يغتصب بنتا في العاشرة من عمرها، أفكر في رجل ذا مال و جاه تستعبده هو ورجولته فتاة بمؤخرتها في شقة بمقاطعة لكصر تحكي علي يومياته بألم الذين هوى بهم قدرهم إلى المتاجرة بأسرتهم، أفكر في أسر لا تعدو مجرد ماكنات جنس من الطراز القديم، تنتج اطفالا مجردين من الشعور بالحب و الشغق و العائلة، فالوالدة رأت الوالد ليلة الدخلة ، و بعدها لا تراه إلا حين يأوي إليها في هجع أخير من الليل. أفكر في قبيلة تريد فتاة في 14 من عمرها بوزن يزيد على 100 كلغ لتبيعها في سوق نخاسة وضيع كل المراهنين فيه رجالات القبيلة  و مشايخها ووجهاؤها. أفكر في شاب طويل عريض انحنى علي ذات مساء فيما وراء البحار ليسأل بكل خسة القبيلة : أنت من أي الناس؟ ذاك شاب ستبلى به ذات يوم فتاة و لا احد سينظر لا لقلبها و لا لعينها و لا لمستواها الدراسي. أفكر أفكر ثم أقول لاداعي للتفكير ، ستبكي كل فتاة ملأ حدقتيها و حجم دموعها و سيسخط الجميع ثم ذات مساء هاديء تثور فيها ثائرة السخط المكبوت فيهن و يتمزق بيت العنكبوت من هالات القدسية و الكرامة و النبل الكاذبة التي أحاط كل واحد بها نفسه.
لا أريد للجميع أن يعيش قصة حب عظيمة و لكن لا اريد للجميع أن يقتل فيه كل شيء في كذبة كبيرة. اريد لتلك الادمعة المشبعة كل ذاكراتها الرقمية و مذكراتها بأن تحطم على فتاوى تحريمهم و توزيعهم الحلال و الحرام بما يضمن استمرار نظام اجتماعي فاشل مقيبت بائس رجعي.
أفكر و أفكر ثم أفكر بأن لا أفكر ثم أقرر أن أفكر فأجيالنا كلها عاشت ربع حياة و شبعت موتا و لم تفكر. لك أن تحبي سيدتي و تصهري الكارهين بشعلة قلب حين تتقد شغفا، لك أن تحرقي كتبهم و أن تحلقي لحاهم الشيطانية و لك أن تصرخي حتى تنخلع كل أغطيتهم البيضاء عن دنس لياليهم. و لك أنت تهز كم دراعتك فخرا بها أو أن تنحي لكبريائها أو أن ترمي بنفسك في زبالتهم و تتعفن معهم كما يتعفنون، و لك أن تفرحي بعيدك دون زهور ففي بلادك هناك فقط رمال يبعيها و يشتريها رجال القبيلة.