Saturday, February 21, 2015

أنا و تمبكتو

قرأت ذات يوم خبرا عابرا في موقع اخباري موريتاني، أن سيساغو متواجد في منطقة تمبكتو للعمل على فيلم جديد له. لم أعر الموضوع كبير بحث وا هتمام. اعرف أن الرجل انتقائي جدا مؤمن بأن أي عمل يعمل عليه يجب أن يجد فيه نفسه و يحس فيه الفن و الموضوع. انتهى الموضوع بالنسبة لي هنالك. بعدها و أنا أحاول أن اكتشف إن كانت بعض الأعمال التي راقتني عام 2014 قد تم ترشيحها لأي سعفة ذهبية أو فضية أو غيرها في كان2014 ، وجدت أن فيلم "تمبكتو" حاضر بقوة و مرشح فوق العادة. قلت في نفسي : فعلها عبدالرحمن ثانية... 
بدأت أحاول جاهدا متابعة بعض الأخبار حول الفيلم خاصة أني كنت في سياقات أٍسفار و أوراق و تحول من اقصى الجنوب الكوري إلى أقصى الجنوب الفرنسي مرورا بفاصلة اسطنبول مستعجلة مكتظة المعطيات. قرأت عن مشهد الكرة الوهمية التي يلعبها الصبي ، تلك لمسة لا شك من لمساته الفلسفية ، تماما كما ذلك الأبكم على حافة سكة الحياة في انتظار سعادته. نعم فعلها سياساغو ثانية. قرأت و قرأت و طالعت الصور الواردة من الفيلم و كانت فل ملحفتها الرمادية العائدة للون الصحراء جلابة خلابة. تابعت بعد ذلك مقابلة للرجل على قناة 24 ، كان فيها يقدم مشروعه برزانة و ثقة ، هو رجل ليس لديه ما يخسره فما يعمله هو مايؤمن به و يكفيه أن يستخدم الكلمة و الصورة للتعبير عنه دونما انتظار لأي جائزة.  جاء الكان و لم تكن سعفة الذهب من نصيبه. تابعته لاحقا في مقابلة سريعة على ضفة البحر في كان: لا يقول كما يقول كل المخرجين لقد عملنا بكد و جد و و و بل يقول في أناة بلغة فرنسية موغلة في الدفي الافريقي : السينما و الفن و التعبير و الرسالة و الاحساس و و ، سألوه: هل من رسالة. هو رجل يعطي رسائله بفن فلسفة و فلسفة فن صارخة. 
عرض الفيلم لأول مرة في موريتانيا في حدث كان على رأسه رئيس الجمهورية، تلك خطوة تحسب للحاكم العسكري كما يقول الأشبال و الاطفال النشطاء، و كما يقول شيوخ الاحزاب السياسية. كنت على سريري اتخيل الجماهير تشهد مولود ابنها الفني في فن ظل طويلا بعيدا منا. حاولت تخيل ولد عبدالعزيز و هو يحاول التركيز على النص و الحوار فلربما القريحة الفنية لا تشفع له ليركز على ذلك البعد. حاولت تخيله و هو يلفت مبتسما لى سيساغو و بفرنسية ربما عسكرية قليلا يقول له : سي بياه سا . ما حصل أنه بعد الفيلم طالعنا ناشطو الفيس بوك و خبراءه و خبراء اعلامنا الوطني الذي لا يعرفون من السينما لا مسرحية مدرسة المشاغبين، طالعونا بالنقد و الطرح ، لو كانت مجرد وجهة نظر جيد لكن كان الكل يحلل و يعلق كمن درس الفن و السينما و التلفزيون 5 سنين في جامعة للفنون الجميلة و الدارما في لندن. كانوا يحللون الفيلم و يعلقون عليه تماما كما يفعلون مع خبر نشره موقع الاخبار أو موقع أطلس انفو... المهم انتهت تلك الزوبعة و حصل الفيلم لاحقا على جوائز أقل من كان.

حطت بي الطائرة في باريس مساء يوم من أيام 2014 الاخيرة في مطار شارل ديغول.  و تهادي بي القطار الى بيت صديقي في 93 حيث بعثرة الاشياء الافريقية. أياما قليلة و دعاني لمشاهدة فيلم الهجرة ، الذي ابدع مخرجه في تحريف التاريخ و ابدع في المؤثرات البصرية حين اجتاح البحر فرعون و حين نزل موسى ببيت عربية في بادية الاردن و حين دعا بني اسرائيل للتحرر من يد فرعون. قبل ذلك بيوم تقريب. كنت في جولة من اولى جولاتي المتأنية في عاصمة الانوار و معبودة ايفيل و عابدته . و قفت في الميدان قبالة "أوبرا باريس " العريقة هناك تغطيك رائحة الفن و تجتاحك موسيقى التاريخ. لمحت عن يميني دار سينما، عرجت عليها و ألقيت نظرة على افلام الاسبوع ذلك. لا شك تجربة فذة أن تشاهد فيلما غير بعيد من من اوبرا باريس. 
وجدت فيلم " تمبكتو " على قمة اللائحة و القاعة قد اكتملت . التقطت صورة بهاتفي هي تائهة الان في ملف ما هنالك .... 
و كأن صديقي أحس رغبتي فجاءت دعوته لفيلم لم يكن "تمبكتو" و ذهبنا إلى دار سينما أخرى و كان "تمبكتو" معروضا في غرفتين و كانت احداهما ملأى و الاخرى تقارب.  اقترحت على صديقي أن نشاهده في اقرب فرصة. لكن لم تتح لنا الفرصة. 
بعد اسبوعين في باريس و في قطار عابر لأروبا انطلقت إلى قمم الألب و "تمبكتو" في ذهني أحاول أن احضر سياقا يليق بمشاهدته من صحبة الى مزاج. فقط انتهي من بعض الاجراءات و يخلو ذهني لأتابع بتمبكتو بكل صفاء.
جاء اليوم و صحبت صديقة جديد لي تعرفت عليها فقط في قمم الالب قادمة من ما وراء البحار، و ذهبنا و شاهدنا الفيلم في قاعة كانت هي الاخرى ملأى. خرجت بنت ميشيغين بطن من الأسئلة ، فلقد كانت كل صورة توحي لها بسؤال و كل مشهد يوحي لها بتساؤل لم تعرف عن حياة الصحراء عن العمائم و الجلابيات و الفضفاضات و الملاحف، كانت اسئلتها اكبر و اكثر من المساحة الزمنية. و قررنا العودة لمشاهدته مرة أخرى. كان سياق دعوتها أني حين قلت لها موريتانيا لم تعرف أين هي على خريطة للعالم مرهقة المعطيات في مخيلتها. 

أول اسبوع في قسم البحوث و الدراسات بمعهد العلوم السياسية بغرنوبل حيث أعمل على كتابة بحث حول الاعلام و الارهاب . حضرت الاستاذة لتدرسنا بعضنا خبايا الحضارة و اللغة الفرنسية و من ضمن الانشطة التي اقترحت علينا في الموسم هو أن نذهب مرة لمشاهدة فيلم "تمبكتو" و حينها التفت الي باسمة تذكرت أني اخبرتها أني من موريتانيا و طلبت مساعدتي لتعرف اسم المخرج.

انتهى جانب آخر.. البارحة و أنا أستمع الى احدى قنوات فرنسا الاخبارية التي لست من اكبر معجبيها ، علمت خبر حفلة "السيزار" على قناة كانال بلس. حصلت على هاشتاغ مباشر و تابعت من خلاله الحفلة . اعلن "تمبكتو" فائزا بسيزار احسن فيلم ثم احسن سيناريو ثم صورة ... و توالت السلسلة إلى أن اكتمل النصاب 7 حوائز سيزار. كانت ليلة برق فيها الأسمر الموريتاني ببزته الانيقة كالعادة. سجلت له جملة واحدة حين اعلن الفلم كأحسن فيلم  و بعد كلمة المنتجة ، دعا : طاقم الفيلم و الفنيين للخشبة. نعم لم ينس احلام الشباب الذي تعبوا معه ، يحلم الجميع أن يعتلي منصة التتويج. 
اليوم يحلق الأسمر الموريتاني إلى لوس انجلس في مغامرة "تمبكتو" المذهلة، هنالك حيث إسم موريتانيا الذي كنت أتبعه كل مرة بمحاضرة جغرافية. اتمنى أن الاحد المقبل سيقدم موريتانيا للعالم فلن أكون لاحقا حين يسألني أستاذ للثقافة و الحضارة الامريكية في واحد من نخبة المعاهد الفرنسية حين يسألني من أي بلد؟ و اخبره موريتانيا: يصمت قليلا ثم يجد عارا على استاذ ثقافة أن يقول : و ماذلك؟ فصمت و كانت عيناه تسأل ذلك السؤال. و هو قادم من ارض الاحلام و التقدم  و الحضارة.
اتمنى أن اسم موريتانيا حين يبرز على شاشة الاوسكار : سيقرؤه على الاقل الملايين حول العالم. و سيبدا البعض يقلب صفحات غوغل و الانترنت يسأل هل ذلك بلد نزل من كوكب مارس أو زحل فيما العالم منشغل بالحرب على اسلحة العراق المدمرة؟ 

ما يعنيه لي حضور "تمبكتو" في الاوسكار ليس فقط فيلم و جائزة . بل بلد و أمة تقدم لعالم لم يعرف عنها الكثير من اسيا لاروبا حتى لافريقيا. كان هذا النص الزاميا كل ما قلت موريتانيا : توجد بين المغرب و السينغال و هي مطلة على المحيط الاطلسي و حين اريد ان اضفي خفة على الجو أمام حرج الطرف الاخر بعدم معرفة بلدي ، أقول له : نحن نسبح فقط بضع ساعات و نجد انفسنا في الولايات المتحدة الامريكية.

كانت تلك مسيرتي مع #تمبكتو . فلننتظر ما سيحمله الأحد المقبل و لوس نجلس و الاوسكار لتمبكتو و لسيساغو و للسينما الافريقية و موريتانيا . بالنسبة لي الجائزة ليست أهم من لحظة يقول المقدم : المرشحون لجائزة احسن فيلم ناطق بلغة اجنبية : 
فيعدد الافلام ثم يقول :
من موريتانيا ، فيلم "تمبكتو" للمخرج : عبدالرحمن سياساغو .... تلك بالنسبة لي جائزة يقدرها عابروا السبيل من امثالي ممن تتقاذفهم المطارات و القطارات والمحطات بعلم اخضر و نجمة صفراء و أحلام وطن كأوراق الربيع تصارع اجواء الشتاء . 


Wednesday, February 18, 2015

تحدي تطبيقات الهواتف الذكية في موريتانيا - MAURI APP


أن تصل متأخرا خير من أن لا تأتي ..
في الأونة الأخيرة عرفت موريتانيا بجهود شابة سلسلة انشطة أدخلت بعض أهم الافكار العابرة للحدود إلى البلد من قبيل تيد و ستارتاب و و الأبس مؤخرا إلى البلد. يعود الفضل لنخبة شابة اتجهت منحى مختلفا أرى فيه جدوائية اكبر لبلد منغمسة نخبته في معطيات سياسية بالية هالكة و مهلكة للدولة و مشاريعها.
 أعلن قبل يومين من الان عن نتائج تحدي تطبيقات الهواتف الذكية الذي ينظم لأول مرة في موريتانيا، حيث أعلنت ثلاثة تطبيقات فائزة عمل عليها مهندسون موريتانيون. في بلد التكنولوجيا فيه تعبر بتعثر و تحاول أن تجد مكانها، يعتبر هذا التحدي خطوة هامة اولا تعبر عن الامكانيات و القدرات و الكفاءات المتوفرة و ثانيا تفتح أفقا جديد للتفكير و التطوير في عالم يتحرك اليوم بالتطبيق و يحركه الكليك.

تحدي تطبيقات الهواتف الذكية ، موريتانيا أطلقته "حاضنة ريم تيك" التي عملت مجموعة شابة على تأسيسها لاحتضان مجال يعتبر حيويا في عالم اليوم و هو تطبيقات الهواتف الذكية. تم اطلاقه منذ حوالي 4 أشهر >
هذه الحركية الشبابية في مجال المقاولة و التكنولوجيا تقدم للبلد بالتاكيد اكثر مما تقدمه حركية سلبية تخلط العمل السياسي بالمدني بعبثية مطلقة.

قدمت حوالي 100 مشروع تفني للمسابقة كان تم قبول عشرة منها للنهائيات تضمنت أفكار بدت مبدعة و مستجيبة لمتطلبات السوق و المواطن الموريتاني من بينها حسب ما أورده مقال في لموند الفرنسية كتبه : سمير عبد الكريم
- تطبيق حول امن النقل العام بعنوان #TaxiSecure
- تطبيق للمحافظة على التراث السياحي الوطني  #MauriTourisme
- تطبيق حول الشفافية في الادارات العمومية  و مكافحة الفساد   #Nazaha

و غيرها من المشاريع ....

و في النهاية  تم اعلان الفائزين بالجوائز الثلاثة الاولى و التي كانت على النحو التالي :
مبلغ مليون اوقية  الجائزة  الأولي
500 ألف اوقية الجائزة الثانية
300 ألف اوقية الجائزة الثالثة


و كانت الجائزة الأولى من نصيب تطبيق
‪#‎DiappApp‬ يمكن مرضي السكري من تسجيل ومتابعة حالتهم الصحية يوميا عن طريق هواتفهم الذكية ومشاركتها مع الطبيب. التطبيق صممته المهندسة خدي منت عابد.
المهندسة خدي بنت عابد مع والدتها 





و كانت الجائزة الثانية من نصيب التطبيق
‪#‎Smart_City‬  الذي يمكنكم من تحديد الأماكن المهمة مثل الفنادق والمطاعم ..الخ  ويستهدف المقيمين والسياح.و كان  للمهندسين ( سويد المختار ن بوي و القطب محنض باب و وو باب) 













وكانت الجائزة الثالثة من نصيب التطبيق
  #‎TaxiSecure‬  لجعل سيارات الأجرة في#نواكشوط أكثر أمانا. و التطبيق كان للمهندسة جولي عمر جالو والمهندس نياميم مكط نيانغ)

















و هكذا اختتمت النسخة الأولى من التحدي .
https://www.facebook.com/pages/MauriApp-Challenge/1528020927429938

http://www.lemonde.fr/afrique/article/2015/01/29/en-mauritanie-un-ecosysteme-start-up-prend-forme-lentement-mais-surement_4566242_3212.html

Tuesday, February 17, 2015

إضراب عمال سنيم / ثقافة عمالية قيد التشكل


منذ حوالي اسبوعين و عمال الشركة الوطنية للصناعة و المناجم المعروفة ب "سنيم" الشركة الرائدة في البلاد و خارجه كواحدة من اكبر شركات تصدير الحديد بقطارها لنقل الحديد الذي يعتبر الاطول في العالم. منذ حوالي اسبوعين و عمال الشركة في اضراب شامل و عام عن العمل، عمال الشركة من جورنالية و عمال صيانة و القاعدة العمالية في الشركة دخلوا اضرابا من هذا القبيل عدة مرات، لكن يبدو هذا الاكثر جدية حيث يرفض العمال رفضا باتا معاوة عملهم قبل أن تلبي الشركة مطالبهم المتمثلة :
في زيادة الرواتب و صرف العلاوات، خاصة و أن الشركة العام الماضي سجلت رقما اقتصايا مهما، في الوقت الذي فيه منذ عقود وضعية هؤلاء العمال الاقتصادية لا تتغير راتب ثابت و علاوات لا تصرف في غالبها، و ممارسات كثيرة تشوب عملية الراتب و صرفه.

وساطات كثيرة على طريق رجال القبيلة حصلت ، حيث يأتي شيخ أو برلماني او وجيه و يقول سنوصل مطالبكم شخصيا على أن تبدؤوا العمل الان. هذا نوع لا يبت للقانون بصلة. العمال هذه مرة يحظون بدعم و احتضان من القاعدة الشعبية في مدينة ازويرات المدينة العمالية الواقعة في اقصى الشمال الموريتاني حيث ترتكز الشركة. الاهالي و رجال الاعمال يدعمون العمال دعما عينيا من اغطية و افرشة و اطعمة. و مؤخرا تحولت ليالي العمالي الى ليالي احتفالية تقام فيها مهرجانات المديح و الرقص الشعبي .

الاضراب يهدد بان يشكل حركة التجارة الحديدية التي تعتبر ركيزة اساسية من ركائز الاقتصاد الموريتاني. و كانت الشركة مؤخرا حققت ارقاما اقتصادية مهمة و تعتبر الاكثر ثباتا في مجال السوق الموريتاني.

الرسالة التي يتضمنها هذا الاضراب هو أن ثقافة عمالية تتشكل و تنضج تنقل موريتانيا من مرحة "قبلنا و رضينا" إلى مرحلة يعي فيها العامل حقه و يناضل من اجل انتزاعه. و يفرض على الدولة و رجال الاعمال أن يعوا هذا الحق و يعملوا على ضمان توافره.

وقدم احدهم ناقة.. و طن يظل طيبا و جميلا 
لكن مشكلة موريتانيا كالعادة ناشطيها، ففي وقت عليهم التحرك لا يتحركون و في وقت لا داعي فيه للتحرك إذاهم في فيس بوك و خارجه يتقافزون. و كل حركة احتجاجية تظل ناجحة إلى أن يدخل الناشطون على خطها، ببساطة لأن النشاط المدني مربوط عندنا بالنشاط السياسي ، و لنا هذا الولع المخيف لإغراق كل شيء في السياسة و اخراجه من اطراه الحقوقي و المدني الذي هو الأصل.
و المشكلة الاخرى هي الاعلام الذي يغطي بطريقة تقتل المادة الاعلامية بدل احيائها. فتقرأ تلك الفقرات المجتزأة التي لا تجيب على اسئلة معينة : ماذا و متى و أين و كيف ، التي هي اساسيات أي فقرة اعلامية. أما أن تجد تحقيقات او تقارير أو دراسات تعمق الموضوع و تضع في بعده حتى يبقى في منأى عن هذيان كل من هب و دب فتلك إن حصلت من موبقات اعلامنا الألف.


عاش العمال و ما ضاع حق وراءه مطالب .... كلنا جورنالية سنيم و عمالها حتى ينالوا حقهم كاملا .

و اغتصبت رقية أيضا ... / مجتمع مدان بجريمة الاغتصاب


أعود في موضوع آخر للأسف عن الاغتصاب . لأن الاغتصاب يبدو التحدي الحقيقي اليوم للمجتمع الموريتاني في ظل الاعراف و التقاليد التي تدعو لكتم و التستر على جريمة من هذا القبيل.
في العالم تغتصب بنات العشرين و الخمس عشر غالبا أما في بلدي فكل المغتصبات المقتولات هن تحت سن العاشرة.
في الاسبوع الماضي هزت نواكشوط من جديد هزة لحظية حادثة اغتصاب فتاة تسمى رقية عمرها اقل من عشر سنوات، الحادثة مرت ككل شيء مرور الكرام لى ابواب أعلامنا و اعلاميينا دون تقارير مفصلة و لا تحقيقات علمية تساؤل الظاهرة و اسبابها في مجتمع محافظ صامت. اغتصبت رقية في منطقة "الرياض" و اعلنت الشرطة على وجه السرعة أنها اغتصبت من طرف عسكري من محيطها الاسري، ثم عاد الدرك ليفند ذلك راسما هو الآخر قصة و سيناريو مختلف. لا يهمنا نحن القصص

حدث الامر تقريبا بالتوازي مع حادثة اغتصاب حدثت في اسطنبول اهتزت لها الدولة من رأسها لقدمها: حيث وقف اردوغان ليعلن العنف ضد النساء واحدا من التحديات الاجتماعية المطروحة لتركيا. كانت تلك حادثة في تركيا تحدث نسبيا بشكل فردي. أما في موريتانيا فالاغتصاب يجري بشكل تسلسلي فيكفي أن حوالي 5 حالات سجلت في أقل من خمسة اشهر، و كانت كلها فظيعة ليست فقط عنفا ضد النساء بل جريمة قتل و حرق و اغتصاب و جريمة ضد الطفولة. ينتفض الشارع للحظات ثم يختفي الخبر من صفحات وسائل الاعلام الاولى و ينسى الناشطون مسؤوليتهم في متابعة القضية حتى يتم التوصل إلى حل قاطع.
يهدأ الجميع الان، ثم بعد اسبوعين تقريبا تغتصب بنت اخرى .

لا يتعدى الأمر خبرا واهنا في أسطر قليلة على موقع بائس . ثم صورة أو اثنتين على الفيس بوك و ينتهي الأمر، فيما تستشري الظاهرة  و الخافي أعظم. يمكن إرجاع الاسباب:
التستر على الحادثة في مواقف عدة حيث يكون الجاني دائما من المحيط الاسري القريب.
و يتم مع أقل من عشر سنوات لأنهن دون سن الادراك لكثير مما يحصل لحظة الاغتصاب.
يمكن ارجاعه ايضا للنظام الاسري و كيفية العيش معا و النوم و المسطرة الاجتماعية الدقيقة داخل
الطريقة التي يتم التعامل بها مع موضوع الجنس و الامية الجنسية المطلقة من الف المجتمع ليائه بنخبته و قاعدته.
الحل الوحيد في ظل الوضعية الراهنة أن الوصية على البنت أمها أم قريبتها يجب أن تحرسها من الاقارب و المحيط الاسري قبل أن تحرسها من الخروج و التاكسي و سوق العاصمة. فالمحيط الاسري بذئابه القبيحة أشد خطرا على براءة الطفلة .


رحلت رقية كما رحلت زينت و فاطمة، لم تعطهم ذئاب المجتمع البائسة فرصة ليعيشوا طفولتهن و لا انوثتهن ولا حياتهن، في صمت أليم انسحبن من المشهد، مسجاة بدمائهن و تلف وجوههن الصغيرة البراءة. بقيت أمهاتهن و اهلهن يتأملن بعيون جامدة لا تكدن تصدقن. رقص الناشطون صرخوا مرة و اثنتين في هواء كرفور مدريد الملوث، مثلت الدولة دور من لم ير و لم يسمع، ثم تسارع ذئاب القبيلة للتغطية على الموضوع و اغلاق الملف. لن تشعرن بناتنا ملائكتنا الراحلات بالراحة و الجناة لم تعاقبن و الدولة لم تبحث الحل ....
نامي بسلام يا رقية كما نامت زينت... و دعي لهؤلاء البؤساء بناء مقبرة "الملاك المغتصب"