Tuesday, February 17, 2015

و اغتصبت رقية أيضا ... / مجتمع مدان بجريمة الاغتصاب


أعود في موضوع آخر للأسف عن الاغتصاب . لأن الاغتصاب يبدو التحدي الحقيقي اليوم للمجتمع الموريتاني في ظل الاعراف و التقاليد التي تدعو لكتم و التستر على جريمة من هذا القبيل.
في العالم تغتصب بنات العشرين و الخمس عشر غالبا أما في بلدي فكل المغتصبات المقتولات هن تحت سن العاشرة.
في الاسبوع الماضي هزت نواكشوط من جديد هزة لحظية حادثة اغتصاب فتاة تسمى رقية عمرها اقل من عشر سنوات، الحادثة مرت ككل شيء مرور الكرام لى ابواب أعلامنا و اعلاميينا دون تقارير مفصلة و لا تحقيقات علمية تساؤل الظاهرة و اسبابها في مجتمع محافظ صامت. اغتصبت رقية في منطقة "الرياض" و اعلنت الشرطة على وجه السرعة أنها اغتصبت من طرف عسكري من محيطها الاسري، ثم عاد الدرك ليفند ذلك راسما هو الآخر قصة و سيناريو مختلف. لا يهمنا نحن القصص

حدث الامر تقريبا بالتوازي مع حادثة اغتصاب حدثت في اسطنبول اهتزت لها الدولة من رأسها لقدمها: حيث وقف اردوغان ليعلن العنف ضد النساء واحدا من التحديات الاجتماعية المطروحة لتركيا. كانت تلك حادثة في تركيا تحدث نسبيا بشكل فردي. أما في موريتانيا فالاغتصاب يجري بشكل تسلسلي فيكفي أن حوالي 5 حالات سجلت في أقل من خمسة اشهر، و كانت كلها فظيعة ليست فقط عنفا ضد النساء بل جريمة قتل و حرق و اغتصاب و جريمة ضد الطفولة. ينتفض الشارع للحظات ثم يختفي الخبر من صفحات وسائل الاعلام الاولى و ينسى الناشطون مسؤوليتهم في متابعة القضية حتى يتم التوصل إلى حل قاطع.
يهدأ الجميع الان، ثم بعد اسبوعين تقريبا تغتصب بنت اخرى .

لا يتعدى الأمر خبرا واهنا في أسطر قليلة على موقع بائس . ثم صورة أو اثنتين على الفيس بوك و ينتهي الأمر، فيما تستشري الظاهرة  و الخافي أعظم. يمكن إرجاع الاسباب:
التستر على الحادثة في مواقف عدة حيث يكون الجاني دائما من المحيط الاسري القريب.
و يتم مع أقل من عشر سنوات لأنهن دون سن الادراك لكثير مما يحصل لحظة الاغتصاب.
يمكن ارجاعه ايضا للنظام الاسري و كيفية العيش معا و النوم و المسطرة الاجتماعية الدقيقة داخل
الطريقة التي يتم التعامل بها مع موضوع الجنس و الامية الجنسية المطلقة من الف المجتمع ليائه بنخبته و قاعدته.
الحل الوحيد في ظل الوضعية الراهنة أن الوصية على البنت أمها أم قريبتها يجب أن تحرسها من الاقارب و المحيط الاسري قبل أن تحرسها من الخروج و التاكسي و سوق العاصمة. فالمحيط الاسري بذئابه القبيحة أشد خطرا على براءة الطفلة .


رحلت رقية كما رحلت زينت و فاطمة، لم تعطهم ذئاب المجتمع البائسة فرصة ليعيشوا طفولتهن و لا انوثتهن ولا حياتهن، في صمت أليم انسحبن من المشهد، مسجاة بدمائهن و تلف وجوههن الصغيرة البراءة. بقيت أمهاتهن و اهلهن يتأملن بعيون جامدة لا تكدن تصدقن. رقص الناشطون صرخوا مرة و اثنتين في هواء كرفور مدريد الملوث، مثلت الدولة دور من لم ير و لم يسمع، ثم تسارع ذئاب القبيلة للتغطية على الموضوع و اغلاق الملف. لن تشعرن بناتنا ملائكتنا الراحلات بالراحة و الجناة لم تعاقبن و الدولة لم تبحث الحل ....
نامي بسلام يا رقية كما نامت زينت... و دعي لهؤلاء البؤساء بناء مقبرة "الملاك المغتصب"