Monday, April 9, 2012

وزارة الثقافة والشباب و الرياضة....مكان لبيع الفكجاي و إداراتها غرف أكل و دردشة و نوم و استحمام

منذ أيام أعمل على ملف مع وزارة الثقافة و الشباب و الرياضة، مشروع ذا طابع دولي، الملف دخل على الوزيرة و الوزيرة أحالته إلى السكرتيريا، وصلت للسكرتير الخاص للوزيرة الرجل الذي يبدو عليه الوقار من بعيد، تفاجأت به يطردني بإشارة من يده و أنا مبتعث من الأمين العام المساعد لأخذ الملف، مشكلة الادارات عندنا أنها ليست إدارات لا تعرف شيئا عن النظام و لا عن السلم الرسمي و تحاول تعليمك إياه. كان الرجل منشغلا بحديث خاص عن خيرات المارتون الدولي و كعكته التي يبدو لعاب الجميع يسيل في انتظارها. ثار غضبي على الرجل و حاولت أن اعطيه درسا في النظام و الادارة و المسؤولية رغم أني لست أهلا ربما لذلك و لكن على الاقل متأكد أن مستواي في المجال أرقى من مستواه. خرجت و عدت اليوم الثاني.
و جدت مكتب السكرتيريا المركزية تحول محلا لبيع و عرض الملابس المستعملة و السكرتيرة و السيد الآخر منشغلون بسعر القميص و سروال الكوتون و البائعة مستمتعة بعرض بضاعتها و تسويقها، كنت أريد أن أعرف من المرأة المرحلة التي وصلها الملف، الملف المستعجل و الذي تنتظره إدارات و لجان تنظيمية اضطرت لأن أطلب منها اعطائي وقتا إضافيا مرتين بسبب مماطلة و بطإ و سذاجة و سخافة إداراتنا. بدل معرفة وضع الملف عرفت سعر قميص و سروال من الملابس المستعملة المسماة " فكجاي" يبدو أن التاجرة ستبيع اليوم كون أهل الوزارة يتحدثون عن الماراتون الدولي و ما ادره من مداخيل على موظفين الوزارة. صبرت ساعة زيادة بعد ذلك تذكرت السيدة أن تتابع لي قاطعت السيد قبل أن يتفق مع البائعة على سعر القميص و طلبت إليه التاكد من الملف المركون خلفه على الطاولة. بعد ذلك طلبت إلي التوجه إلى إدارة ترقية الشباب، هذه الإدارة تقبع في دار مخصصة للسكن واقعة في لكصر كنت قد زرتها منذ سنوات حينما كنت طالبا في الثانوية و كنت ضمن وفد رياضي من الاطفال في رحلة عمر إلى الملعب الاولمبي اثنائها استلمت قميصا و قبعة من هذه الادارة. و جدت ان الادارة تحولت إلى منزل غير بعيد من الأول أو في الحقيقة لست متأكدا فأنا منذ زمن لم أزرها. المهم صعدت تفاجأت بسيدة نائمة على مقاعد الانتظار شخيرها يملأ القاعة و أخرى أخذ منها النعاس مأخذه و آخر يخرج من الحمام في دراعة من غير قميص و كأنه في بيته. وقف أمامي الرجل ، حقيقة لم أعرف من أين أبدأ: قلت له هل هنا إدارة أو سكرتيرة أو أي شيء من فضلك رد علي بلهجة متهجمة ماذا تريد؟ اغضبني سؤاله و لم أعرف ما أقول تجاوزته داخلا فإذا بسيدة أمام كومة من الأوراق المبعثرة مع بقايا خبز يابس و شيء من الفول ذكرني ببسكويت سرقل و " كرت" في مكتب الكاتب الخاص للوزيرة. سألتها إذا بالملف أمامها ثم بعد ذلك قالت بلكنة حسانية ممزوجة بمناج الجنوب:" الملف ج ألا ورك" طلبت إليه أخذه فوق إلى نائب المدير فالمدير ليس هنا كما قالت، تابعت السيد أريد لقاء الرجل في الحقيقة أحذني الفضول لأعرف وضعه كما أن الملف مستعجل . كان معه صديق له يتحدثان أظن في شؤون الأسرة فخبرتي البسيطة بلغة النهر جعلتني أدرك أنهما يتحدثان بشأن عرس كان مقرر في أسرتهم. لم يرد الاستماع إلي ، حدثته بالفرنسية ثم بالحسانية ثم أدخلت بعض لغة البولار و لم ينفع كل ذلك حتى صرخت في وجهه و قد نفد صبري حينها فقط انتظر حتى عرف الامر بدايته من نهايته. غضبت ليس منه بل من الوزيرة يأتيها ملف بهذا القدر من الأهمية ثم تحيله لإدارة بهذا القدر من السخف و الغباء و الانحطاط. 
عجيب امر إدارة الدولة أمام وضعها لا تجد ما تقول لا تجد اي شيء حين يأخذ منك الغضب في وقت الضغط لا تملك إلا أن تقول : تبا لك من دولة " الله ينسخك دولة" هنا بالطبع لا تعني الوطن لكن تعني الدولة و إداراتها. لم يكتفوا بأكل البسكويت و الفول السوداني و الخبز اليابس في الإدارات، لم يكتفوا بالحديث عن أحداث المسلسلات ، لم يكتفوا بالحديث عن شؤون القبيلة و المناسبات، لم يكتفوا بأحاديث قيس و ليلى، لم يكتفوا بجهلهم لما هم فيه، زادوا على كل ذلك أن حولوا الإدارة إلى محل للتسوق و التسويق و البيع و الشراء، و محل لأسخف الامور ، في إداراتنا يمكن أن تجد كل شيء إلا خدمتك و غايتك التي جئت فيها إن لم تكن على صلة بواسطة ما أو تعرف شخصا ما أو تجيد الفن الوطني في الادارة تشرب كأس شاي تمضغ حبة بسكويت ، تنشد كافا من لغن للسكرتيرة تذكر المدير بأهل الخيام. و في وزارة الثقافة والشباب و الرياضة حيث يفترض ...... و يفترض...... الأمر لا يختلف، و لا يختلف الوضع في اي مصلحة او ادارة اخرى