Wednesday, March 23, 2011

إيران... رقم المعادلة الصعب




إيران الثورة... الحصار يولد الإنفجار
منذ قامت الثورة الإسلامية في إيران و أخرجت إيران من عباءة التبعية للغرب التي أبقاها الشاه فيها  سنوات عدة , منذ ذالك الحين و أحفاد كسرى يراودهم  حلم العظمة فبدءوا يشقون طريقهم كقوة إقليمية يحسب لها حسابها , الأمر الذي أراد الغرب أن يعيقه ويعرقله محاولا إجهاض ما يمكن تسميته نهضة إيرانية , فبدأت فترة الحصارات الدولية و عاشت إيران عزلة مطلقة  وعلى عكس ما ظنه الغرب بدل أن تهن هذه القوة وتأتي خاضعة راكعة تستجدي حبة القمح بدا أن إيران انتهزت الفرصة لتعيش مرحلة جلد الذات التي هي بداية كل تغيير فعال
, فانشغلت بمقدراتها الذاتية لتضمن اكتفاء ذاتيا اقتصاديا وفوق ذلك كله بدأت بتطوير تكنولوجيا عسكرية واعية بمفصلية دورها في مرحلة التجاذبات الراهنة التي يعيشها العالم كل ذالك كان تحت مظلة استقرار سياسي سارع وتيرة العجلة.
فجأة وجد الغرب نفسه أمام قطار مسرع بات عاجزا عن كبحه أو قطع الطريق عليه كان لا بد من البحث عن بدائل ما أدى بأمريكا إلى افتعال ما سمي لاحقا حرب العراق و إيران , هذه الحرب التي ضربت فيها القوة العسكرية الإيرانية ضربة قاسية ولكن بدا لاحقا أنها لم تكن قاضية وانتهجت إيران ساعتها سياسة التحدي وقررت أن تبقى شوكة في حلق القوى الغربية .

الغرب و إيران النووية ....أمريكا تنزل عن البرج العاجي

جاءت أنباء تطوير إيران برامج نووية ووضع أجهزة طرد مركزي كالصاعقة ليعطي الصراع منعرجا آخر وعنوانا آخر , فبعد ما كان لب المسالة قائم على ثورة الخميني الإسلامية يقوم الآن على برنامج نووي مجرم دوليا ويشكل خطرا إقليميا متعاظما على حد قول الإدارات الغربية . كانت إيران تحث خطاها متسارعة غير آبهة فارضة على الغرب الذي اعتزلها ردحا من الزمن أن يخطو نحوها خطوات لم تكن بالبسيطة , وبعد ما كانت إيران تلك الدولة الإرهابية القابعة خلف آبار نفط الخليج ظهرت إيران قوة الردع الضاربة  والمخيفة لتتملك هستريا الخوف الجار اللدود إسرائيل الذي ارتعبت فرائصه ’ وسخر كل قواه ظاهرة وباطنة  للضغط على الغرب وخاصة أمريكا ليضغط على إيران لتوقف برنامجا نوويا يبدو أنه  لا يحق إلا لإسرائيل . كان الغرب أمام خيارات ثلاثة إما الحصار وهذا خيار قد جرب و أثبت فشله و إما ضرب إيران أو المفاوضات كانت فكرة ضرب إيران على جنونيتها قاب قوسين أو أدنى من إدارة بوش المجنونة_ ربما لفظاعة كوابيس اللوبي التي غضت مضجع بوش و ثلته _ وكانت أمور كثيرة تجعل حتى الجنون غير قادر على أن يدفع إلى حماقة كهذه وفكرة في حكم المستحيل فأمريكا غارقة حتى أذنيها في الحرب في أفغانستان والعراق .... وهي عاجزة عن تموين الجبهات التي فتحتها  وجبهة لم تفتحها هي فتحتها عليها أعمالها العدائية بالكره , فكيف بأمريكا التي هذا حالها أن تفتح جبهة أخرى  ومع إيران . الخيار الوحيد المتبقي إذن كان المفاوضات. لم يكن  من المشرف أبدا بالنسبة لأمريكا نقلة من هذا النوع بين هذين المنطقين المتضادين منطق التهديد  والوعيد ومنطق التفاوض والحوار, هنا كان من الضروري أن يدخل لاعب ثالث يعطي خطوة أمريكا المزموعة نوعا ولو يسيرا من المنطق ’ ومن سيكون هذا اللاعب غير الحليف الأوروبي الوفي ليدخل الأخير كداعية سلام جديد فحشر خافييرسولانا انفه فيما بدا غير قادر البتة على تحمل رائحته فكانت كل لقاءاته ورحلاته المكوكية تعود بنتيجة لا ترضي طرفا لا يبدو مقدرا لجهود حلفاءه , في كل هذا وأمام كل هذه الأحداث بدت إيران أيضا هي الطرف الحكيم والرابح الذي عرف كيف يختار الزمان والمكان اللذين من خلالها يتحكم في بوصلة الأحداث ’ زمكانا استطاعت إيران من خلاله أن تفرض على الغرب أن يأتي ماشيا أو محلقا ولو على استحياء . بدأت جولات مفاوضات  محمومة شملت عواصم عالمية عدة , كانت أمريكا أثناءها تتسلل شيئا فشيئا  وكأنها تريد الدخول دون أن يلحظ أحد شيئا إلا أن إصرار إيران على حوار متكافئ الند للند جعل أمريكا تقف أمام حقيقة مفادها أن الجزرة التي أرسلتها مع سولانا يجب أن تقدمها هي بنفسها غير مطعمة باليد الأوروبية الشقراء ليكون المرفوض لاحقا جزرة أمريكا وليس كما تريد أمريكا جزرة العالم الحر المسالم ’ سياسة العصا والجزرة بدت فكرة ساذجة ومبتذلة ’ خاصة أن أمريكا تلك الأيام كانت تجرب فشلها في كوريا الشمالية , بقي المفاوض الإيراني متماسكا واضعا الكرة دوما في ملعب الآخر , كانت أمريكا تدخل المفاوضات وهي تسلم رأس العصا لإسرائيل تاركة لها التلويح بها كنوع من إزاحة الأدوار , وفجأة إذا بإسرائيل في قلب الحدث و تخطف تهديداتها بقصف إيران وضرب مفاعلها النووي  كل الأضواء , كانت فوبيا الخوف تبطش بالعقل والفكر الإسرائيلي تلك الأيام فكانت تصريحاتها الهستيرية التي بدا لاحقا أنها هي ذاتها لم تكن تصدقها بعد ما جاء الرد العنيف والحازم من قائد القوات الإيرانية . كان الغرب في هذه الأثناء يجز بالبر ادعي والوكالة الدولية للطاقة الذرية من حين لآخر حينما يحتاج لمهلة يأخذ فيها أنفاسه ويفكر في الخطوة القادمة ’ كان الشعار المرفوع هو أن هذه الوكالة حلا متفقا عليه, إلا أنه عز الصبر على إجراءاتها القانونية التي لم تبد سهلة التطويع , وكانت فكرة جديدة قد تبلورت لدي الغرب وهي تجنيد المنطقة ضد خطر إيراني داهم سيأتي على الأخضر واليابس وسوف لن يبقي ولن يذر على حد الوصف الغربي .

إيران تنجح دبلوماسيا ...دور المحور لا يهمل في تحديد الإحداثيات
كانت سياسة عدو العدو صديق وصديق العدو عدو مبدءا بارزا اعتمدته الدبلوماسية الإيرانية في صراعها مع الغرب .فوجدت في روسيا بوتن وميدفيدف_ التي تحن إلى زمن القطبين وتتوق إلى عهد يعود فيه جزء ولو بسيط من المجد السوفيتي الضائع_ ’ وفي فنزويلا تشافيز واللاتينية الرافضة للامبريالية الأمريكية وفي القوة الصينية الاقتصادية المتعاظمة والمرفوضة غربيا وجدت في كل ذلك ملاذا آمنا وظهرا متينا تستند عليه خاصة وأن هذه القوى كانت تواقة لما يحقق لها أن تعارض النفوذ الأمريكي الطاغي . هذا إضافة إلى سوريا العربية التي كانت كل أصابع الاتهام الغربية تشير إليها بتمويل الإرهاب وزعزعة امن المنطقة ثم حزب الله وما أدراك ما حزب الله كابوس تموز المرعب القوة مصدر الإزعاج والرعب للبنت المدللة , وحما س التي برزت هي الأخرى قوة لا يستهان بها بل وقادرة حتى على الصمود في وجه اعتي قوة في المنطقة . إن كانت إيران قدمت لهذا الثلاثي دعما كان في أمس الحاجة إليه فإن هذا الثلاثي قدم لإيران ما لا يمكنها تعويضه ولا تقديره بثمن ألا وهو دعم القاعدة الجماهيرية العربية العريضة لها وتفهم مواقفها الأمر الذي قطع الطريق أمام كل المحاولات لخلق شرخ بين الكيانين العربي والإيراني , ربما لم يكن هذا التعاطف الشعبي  العربي مع إيران وليد قناعة بنوايا إيران وأهدافها بقدر ما هو رفض للسياسة الغربية الكولونيالية .
هنا بدا أن إيران في هذا الصرع لم تهمل أي سلاح ولم تخفق أيضا في استخدام أي سلاح , فإيران الآن ضمن كوكبة قوية اقتصاديا وعسكريا ممن تحبذ أمريكا تسميتهم المتمردين أو الأولاد المشاغبين ’ إيران الآن ليست تلك الدولة المعزولة والمحاصرة بل قوة وقوة تمسك بكثير من خيوط اللعبة في المنطقة وقادرة على التأثير على مجريات الأحداث في الاتجاه الموجب أو السالب حسب إرادتها  سواء أعجبكم انتم ذالك أم لا وسواء  أعجبنا نحن ذالك كعرب أو لم يعجبنا فالدول ليست جمعيات خيرية وكل واحدة تبحث عن اسمها ومكانتها , وإذا دعتها تلك المصالح للتمحور فسواء كان ذلك المحور محور خير أو شر أو محور ممانعة المهم أنه محور ودور المحور لا يمكن أن يهمل في تحديد الإحداثيات .

إلى الخطة باء ..هل يكون دور العرب فاصلا في وضع حد للطموح الإيراني ؟

لم يكن أبدا لجوء الغرب للدول العربية لإيقاف ما أسموه المد الفارسي الخطير ذا جدوائية  تذكر, وذلك لاتساع الهوة  بين الحكام العرب والقاعدة الشعبية وانعدام الثقة بين الطرفين , نعم حاول الغرب كثيرا إيقاظ ولوك كل الجراح التي كانت تكاد تندمل فأحيى مسالة الجزر الإماراتية الأمر الذي لم ينجح كثيرا , ولم تكن فكرة إيران نووية بالنسبة لكثير من العرب بمستوى الرعب الذي أراد الغرب الترويج له ووظف الحكام العرب مندوبي تسويق له في كثير من اللقاءات والتجمعات الدولية والإقليمية ,إلا أن الحكام العرب فشلوا حتى في مهمة كهذه , وذلك لأن البضاعة المسوقة لم يستطيعوا إقناع ذواتهم بها فكيف يقنعون بها الآخر , ذلك كون إسرائيل نووية تجعل إيران نووية مصطلحا ليس بذلك المستوى من الغرابة وعدم القبول  عند العرب كونها تخلق نوعا من التوازن في منطقة متأرجحة .
كان  الموقف العربي كعادته ضعيفا في كل هذا بل دنيئا ومخجلا , فالعرب الذين كادت الأزمة تحل وهم على الهامش ما إن قرر الغرب أن يدخلهم حتى دخلوا ووزعت بينهم الأدوار, فهذا عليه أن يتخوف جدا من إيران نووية لما تشكله من خطر على أمن الخليج ,وذلك عليه أن يخاف من المد الشيعي المتصاعد و حملة التشيع التي تقودها إيران في المنطقة إلى غير ذلك , وبدا كل يردد ما لقن له في البيت الأبيض أو الاليزيه وغيرهم من مراكز صنع القرار الغربي .
لم تنجح أي الطرق بقدر ما نجح لعب الغرب على الوتر المذهبي والعرقي , لعب لعبت فيه الاستخبارات الدور الأبرز , فانتشر أن إيران تريد نشر المذهب الشيعي في المنطقة وبدا  توجس حقيقي في المنطقة من طموحات مد شيعي ’ خاصة بعد ما عثر على من قيل أنهم دعاة تشيع في المغرب و قطر , و كشف الستار عن ما سمي خلية حزب الله التي تعبث بالأمن المصري ....
وبغض النظر عن صحة ذلك من عدمه فإنه بدا أن العين كبرت عن حاجبها فانزلقت الأمور عن المسار المطلوب , فبدل حشد الرأي العام العربي ذي الأغلبية السنية ضد إيران ظلت الهوة الواسعة بين العرب وحكامهم تلعب الدور المحبط للعام الغربي ,
ظهرت بلابل دينية ومذهبية كثيرة جراء الأحداث هذه , وبدا الأمر اكبر ويضر بالإسلام أكثر مما يضر بإيران ما شكل بدايات فشل هذه المحاولة , الأمر الذي بدا أن الغرب وعاه سريعا فانسحب تكتيكيا , فهل أدرك الغرب أنه يفقد السيطرة على ما بدأه فارتأى المهادنة ,ربما !

بوش يودع ...والخزائن الفارغة تلتهم ألسنة لهب الصراع

لا شك أن بوش حمد الله كثيرا وهو يجمع حقائبه مودعا البيت الأبيض ’ كيف لا وهذا رحيل خلصه من التحمل المباشر لكل خطاياه من ضرب أفغانستان إلى قصف العراق , وكانت الأشهر الأخيرة قبل الانتخابات طويلة جدا بالنسبة له هو   بعد ما تساقطت  كل أركان بيته المتهاوي واحدا تلو الآخر ووصل هو والصامدون معه إلى طريق مسدود فلا نصر تحقق في أفغانستان والخطط الأمنية في العراق كانت تتنافس في إثبات فشلها , ولا شرق أوسط جديد ولا آخر كبير , والحديقة الخلفية لم تعد تتحمل خطا سادة البيت الأبيض والحدائق الأمامية صارت تترصدهم بالأحذية لترمى في وجوههم . وأمام كل ذلك بدا أنه لا شيء أفضل من أن يتخلص الشخص من كل هذا وجع الدماغ ويجد نفسه بعيدا عن الأضواء.
كانت سياسات البيت الأبيض أمام مرحلة جديدة  ستبدأ قريبا مع سيد جديد كان  ذلك السيد باراك اوباما الذي كان جده عبدا , كانت هذه المفارقة الأولى التي تنبأ بأن أشياء كثيرة ستتغير . نعم نستطيع هكذا اقنع الرئيس الأسود من كانوا يضربون أجداده بأن يختاروه من بين أبناء وبنات الشقراوات .
انطلق موكب اوباما الجديد من رؤى وعلى أسس مخالفة تماما لتلك التي اعتمدتها سياسة الصقور , ولو أن هذه الاختلافات كانت متوقعة أكثر على المستوى الداخلي فإن اوباما احدث تغييرات كبيرة على السياسة الخارجية الأمريكية وبالتالي السياسة المنتهجة ضد إيران فطلب الحوار ووضعه خيارا ’ مغلقا الباب ولو حتى حين على خيارات كانت إلى حد قريب مطروحة بقوة .
لم يكن انتخاب أول أمريكي اسود رئيسا الأمر الوحيد الذي أثر على مسار الصراع الإيراني الغربي والأمريكي تحديدا بل لعبت الأزمة العالمية دورها وأدلت بدلوها فكان دورها بارزا في التأثير على وتيرة الأخذ والرد وسياسة شد الحبل بين الطرفين . ذلك لكون العالم بما فيه أمريكا والدول العظمى انشغل بذاته وخزائنه و جيوبه الفارغة ’ وبدل الضغط على إيران ضغط على هذه الدول واقع الأزمة ومتطلباتها والآلاف الذين ألقت بهم إلى قارعة الطريق متسولين عاطلين عن العمل , نعم أمام هذا الواقع و الانهيار التام لعشرات المؤسسات المالية الضخمة التي كانت إلى زمن قريب صمام الأمان أمام سياسة السندات  القائمة .أمام واقع كهذا كان لابد من أن تتبدل الأولويات فتهدأ نار صراع كادت في لحظات كثيرة ألسنة لهبها أن تلتهم المنطقة بأكملها .

انتخابات إيران ...هل يخسر الغرب آخر رهان ؟!

إن كانت انتخابات أمريكا بحدثها التاريخي تمت بسلام ووصل أول اسود إلى البيت الأبيض فإن الانتخابات الإيرانية عرفت أحداثا ومشاكسات كثيرة أثناءها وقبلها وبعدها , فقبل إعلان النتائج كانت إشارات كثيرة توحي بالتقارب الحاصل بين كل من نجاد وموسوي , وبعد ما أعلن فوز نجاد بفترة رئاسية ثانية هاج الشارع الإيراني فيما أصر الكثيرون على أنه هُيج بغية التأثير على النتائج المحبطة لطرف الصراع الآخر الذي استبشر خيرا أخيرا مؤملا أن تخلصه  صناديق الاقتراع  من صاحب الجاكيت الرمادية ذي الدماغ الناشفة والمتطرفة ,إلا أن رياح فارس جرت بما لم تشتهيه سفن البحر الأبيض المتوسط  والمحيط الأطلسي .
 ثار الشارع الإيراني واحتدم الصراع بين المحافظين والإصلاحيين و اعتد كل بعدته فاستقوى المحافظون بحرس الثورة لتوقيف من في نظرهم كانوا مجرد مثيري شغب يخضعون لأجندة غربية همها زعزعة أمن واستقرار إيران ويهمون ثورة مخملية مرفوضة شكلا ومضمونا , فيما استقوى الإصلاحيون بالشارع فالشارع حسب وصفهم خدع من خلال تزوير أصواته وهو يعبر عن رأيه بديمقراطية ويدافع عن حقه بتحضر . بين هذا وذاك كادت العاصفة تطيح بمرتكزات كثيرة قامت عليها الثورة الإيرانية ليس أبسطها ولاية الفقيه التي ظهرت أصوات تطالب بإلقائها بعد مرحلة الشد والجذب التي طبعت تصريحات المشايخ والأقطاب الدينية, كانت أركان الحكم تتزعزع وبدا الوضع مرتبكا.
هذا الوضع الذي إن لم يكن الغرب من افتعله فعلا و أداره من خلال أجهزته الاستخباراتية كما روج لذلك المحافظون كثيرا وبدا منطقيا إلى حد كبير فإن الغرب حاول أن يستغله  بأقصى شكل ممكن ’ كيف لا وهذه الأحداث بدت الفرصة الأخيرة لقتل هذا الحلم الإيراني الذي صار كابوسا فظيعا لعالم غربي أراد  أن يتجسد فيه الحكم فيما يكون هو الخصم دائما خاصة فيما يتعلق بصراع المنطقة مع بؤرتها الخبيثة كما حلا لنجاد دوما أن يصفها و ذلك للميل الواضح لهذا الكيان . كانت الفرصة أمام فرص ضياع متساوية إلى حد ما مع فرص النجاح حسابيا على الأقل إلا أنه بعد لملمة الوضع و احتواء تفاقماته بدا أن هذه الانتخابات بنتائجها كانت حاسمة جدا في وقت حاسم جدا فنجاد كان في امتحان أمام شعبه فإما أن الشارع الإيراني يرفض سياسته التي انتهجها فيقولها بلغة كيس الاقتراع لتشد الطبول في الغرب و إما أنه يؤيدها , وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير تجديد هذا الشعب اختيار ذالك الرئيس , وخسر الغرب رهانه الأخير فلا تأزم الأوضاع ولا كيس الاقتراع رحموا آمال أمريكا و الغرب , خرج نجاد من هذا الامتحان بنجاح آخر فهو الآن على ثقة من تأييد الأغلبية لسياسته وهو رئيس استطاع التكيف مع كل الأوضاع واستطاع امتصاص احتقان كاد يهوي بإيران إلى مستنقع لا يسلم الهابطون فيه غالبا .

هل على إيران أن ترحم الغباء العربي ؟ دعوا المنطقة تحت رحمة إسرائيل

 إيران الآن سهم اخضر مرتفع في كل المجالات سياسيا واقتصاديا وعسكريا ودولة قائمة على أسس ومرتكزات مكنتها من وضع رؤية واضحة تتمثل هذه الرؤية حاليا في السعي لتغيير معطيات قائمة ترى إيران أنها تخل بنظام التوازن العالمي وتجسد ازدواجية معايير لا ترى إيران لها أي مبرر, هذه الرؤية تسعى لتجعل من إيران رقما صعبا وغير قابل للإهمال في معادلة توازن القوى الإقليمية والدولية .
فإيران الساعية لئلا تكون غربال ماء في زمن التقطب ونظام التكتلات البارزة معالمه سوف لن تقف عند هذا الحد خاصة وأنها الآن ربما قطعت أصعب ما في الطريق سوف لن تقف إكراما لهذا أو ذاك خاصة وأنها تتمتع بكافة وسائل امتصاص الضغوط على اختلاف أنواعها ومصادرها .
وهنا لا أقول أنه ليس على العرب أن يخافوا ولكن على خوفهم هذا أن يأخذ مسارا إيجابيا فينظروا إلى الدول الناهضة في منطقتهم ولهم فيها أسوة حسنة ’ ويكفوا عن التبكي والتشكي وينسوا الدلال فأمريكا ليست أم أحد ولا أبوه غير مصالحها ولا تأبه لحساسية الخد العربي , ويكفوا أيضا عن نقب حبات القمح والركوع والسجود عند أعمدة البيت الأبيض وطأطأة الرؤوس والانحناء في باحات الشانزليزيه والقصور الملكية  فهذه ممارسات تم القضاء عليها حتى في المجتمعات الوثنية , ويعرفوا أنه لن يحمهم أحد ما لم يحموا هم أنفسهم فليس منطقيا أن تتنازل  إيران أو تركيا أو أي دولة أخرى عن طموحاتها واستراتيجياتها من أجل سواد عيون العرب ولا أن تبطأ حركة قطارها لتواكبها حركة قطارات عربية لم تفكر بعد في الإقلاع فكفى سذاجة و دلعا طفوليا  .
أما حان لهذا النفط أن يتحول من مصدر غباء واستسلام إلى مصدر استغناء واحترام , غبي هذا العربي الذي يطلب من إيران أن تبقى ضعيفة لأن قوتها تخيفه تبقى ضعيفة خانعة مادام هو ضعيف خانع أن تترك السلاح النووي مادام هو غير قادر على مجرد التفكير فيه لأن السيد قد يقطع رزقه لمجرد استقراء فكره .
إن نظام العالم لم يعد يتسع إلا للأقوياء والآن لم تعد ثنائية الخوف والطمع متلازمة كما كانت دائما فالمطموع فيه قد يقدمه الطامع قربانا عاقدا به الصفقات كون المطموع فيه كثيرا ما يهاب الطامع فيه وذلك لكون عامل الخوف لم يغب نهائيا , فيما العالم الآن عالم اقتصاد من يتملك مرتكزات اقتصادية قادر على أن يتسيده فقط بذرة شجاعة الأمر الذي لن يفهمه العرب في أمد قريب بل ولن يحاولوا مجرد تفهمه . وما سيفهمه العرب ربما رغما عنهم هو أن القوس المهيأ ليطلق السهم لن ينتظر أقواسا ولا أسهما لم يفكر بعد أهلها في بريها حتى .

مقال قديم