Sunday, March 20, 2011

الحوار ضرورة تنمية




إن الحوار ولو أنه في الظرف الحالي المكتظ بالأزمات الإقتصادية والعسكرية من حروب إقليمية وأهلية يعتبر خيارا ، إلا أنه في الحق ضرورة عالمية للتعايش بسلام واحترام بين أفراد الجنس البشري ، على هذه البسيطة  التي يتدحرج بها ساكنتها إلى حضيض النار والدم والألم والحسرة
، متجاهلين المبدأ الأسمى للبقاء عليها وهو التفاهم بينهم والسير في صياغ يضمن لهم أن يستوعب كل منهم لغة الآخر في فضاء من الحب والإحترام تحكمه أسس الحوار ومبادئه ذالك لأن الحوار أرقى وأكثر وسيلة تحضرا للتواصل بين البشر وهو أساس كل بناء حضاري يقوم على هذه الأرض .
نتحاورلأننا نسعى لعالم أمثل وأفضل يعم السلم والأمن زواياه وجنباته ، عالم يحث خطاها نحو الأحسن دون أن تعرقله أصوات المدافع ولا زنجرة الدبابات ولا غيوم الطائرات الحربية وهي تمطر الموت والجوع والمعاناة ، نتحاور ليكون العالم أسرة كاملة همها تنمية شاملة ساعية في ذالك بكل ود وتفاهم ، نتحاور لأننا نريد للطفل الجائع غذاء والمسلح كراسة وقلما والمريض مستشفى ودواء لنجد له أحلاما وآمالا ، لأننا نريد للفقير والجاهل والمريض حياة اكرم ومستوى أرفع ، لأننا نريد أن نضع حدا لمعاناة الذي يعاني والذي طحنته الوقائع وأسكتت صوته الصيحات النشاز وزنجرات مصاصي الدماء بأنيابهم القاطرة من دماء الأبرياء والضعفاء ، نتحاور وندعوا للحوار لنرحم الذين يؤكل على جثثهم ويتحكم في مصائرهم من طرف الذين غيبوا الحوار و يسعون لتكريس لغة اللا فهم ليبنوا عالمهم الخاص على انقاض هذا العالم الذي يجمعنا و نسكنه  و يحضننا و نركله بأقدام وحشيتنا الفجة و إنسانيتنا المحبطة و المدمرة، و إنسانية مالكي عالمنا المتناثرة على أسوار بغداد و أمام عتبات القدس و الأقصى و المشتة في جبال الأفغان و في ضواحي السودان  المحرَّقة.... ، إنسانيتهم التي بعثوها في الهواء مع طائراتهم و دفنوها في الأرض تحت عجلات دباباتهم .
ليكن لنا هدف واحد مشترك هو عالم رخاء و تنمية يسوده التوافق و التناسق و التفاهم و السلم و العيش الكريم ذلك لأن عالما كهذا هو غاية و مطلب كل فرد في هذه الأرض وهذا ما يجعل التنمية المطلب الأسمى و الأبرز للبشرية هذه التنمية التي يستحيل بالقطع قيامها دون خلق أرضية تفاهم و حوار تضمن للمفكرين و المبدعين -الذين بنوا هذا العالم بأفكارهم و آرائهم- أن يتلاقوا و يتحاوروا مما يضمن تلاقي الأفكار و زيادة قدرتها على الخلق و البناء ، حيث  لا تنمية إلا و تقوم على فكرة ، و جميل بل و ضروري أن تكون هذه الفكرة وليدة رحم معطاء هو الحوار الذي يضمن تصويب الأفكار و تقويمها و توطيد أسسها .
والذي يضمن توقف الحروب و النزاعات و التنافرات ، و يفسح المجال للأراء و وجهات النظر ذات المفعول الخلاق و السحري بالمقارنة مع التنكيل و التقتيل و التجويع و التركيع و السب و الذم و الشتم.
إن توقف الحروب و معالجة المآسي و المعاناة التي يعيشها أفراد هذا الكون تضمن ان يساهم هؤلاء في تسريع وتيرة عجلة النمو حيث يتم وضعهم في موقف و وضع فيه قادرين على الإنتاج و العطاء ليكونوا رقما صعبا و مميزا في معادلة التنمية العالمية إن السعي لعالم يملؤه الحب و الرخاء و السلام لا يكون إلا بالسعي إلى خلق أرضية خصبة تنمو فيها مبادئ الحوار محمية من كل تغييب أو تهميش و تضبيب.
و كوننا نمضي و نؤول إلى نهاية واحدة فإن ذلك يجعل مشاركة كل أفراد الجنس البشري المتحد المصير ضرورة رغم كل صيرورة.
ومادامت التوترات التي تتشكل بين الدول وتتطور في كثير من الأحيان إلى مناوشات وصدامات وحروب حتى ،هي نتيجة لجهل الطرفين أو أحدهما أو تجاهله للغة الحوار ، ومادامت هذه التوترات ودونما شك عائقا للتنمية فإن إنعدامها تبعا للقاعدة الرياضية المعروفة هو سبب مباشر للصعود بالتنمية وتثبيت ثقافتها ، وحين يغيب التفاهم والحوار يحضر التصادم والنار .
إن الحوار لا نقول ركيزة أساسية للتنمية بل ضرورة لا غنى عنها لقيام عالم سلمي متطور بكل المقاييس تتجذر فيه كل مبادئ الإنسانية السامية و الراقية ، فالحوار يضمن إذابة كل الصخر والعقبات التي تعترض طريق التنمية من حروب و نزاعات وتصادمات إلى غير ذلك ، وما دمنا نؤمن بالمصير المشترك فعلينا أن نؤمن بالحوار.