في أطار سنة 1948 ولد يحيى لأب ملأ الدنيا وشغل الناس هو المختار بن حامدن، ولأمه مريم منت أحمد البشير وفي أطار وشنقيطي درج الطفل الذي ترتسم على وجنتيه ملامح الذكاء،وفي بيت يتنفس أهله العلم هواء نقيا وأدبا رائقا وسلوكا شهد ابن حامدن لمحات رائقة من أدب والده المختار ..ربما كان يحيى أيضا أحد شهود المختار على أن ’’ بوشاهد ’’ هو خير الجمال
تلقى القرءان والمعارف الشرعية واللغوية في البيت في بداية عمره ثم دخل الابتدائية سنة 1959 واختصرها في ثلاث سنوات،ليلتحق في 1962 بمعهد بوتلميت العلمي،حيث كان أصغر طالب في المعهد الذي كان يضم بين جنبيه خيرة علماء البلد وخيرة طلابه أيضا
واصل تعليمه الثانوي والجامعي في مصر طيلة منذ العام 1964 وبعد سبع سنوات من الدرس العلمي المعمق حصل على إجازة برتبة الامتياز وبالرتبة الأولى على دفعته،حيث عاد إلى البلاد سنة 1971 ليلتحق بالتعليم الثانوي أستاذ للرياضيات والفيزياء في الثانوية الوطنية في نواكشوط،وطوال الفترة ما بين 1972-1976 كان ولد حامدن أحد الأسماء المؤثرة في عالم التدريس
ويذكر طلاب الراحل أنه كان مستوعبا جدا للمادة التي يدرسها،’’لقد كنا نظن في بعض الأحيان أنه ينظر إلى عويصات المسائل الرياضية باعتبارها بديهيات يتقنها كل البشر’’ ...تبرم ذات يوم بطلابه الذين لايفهمون بكثرة ..والذين لم يستوعبوا بعد الشرح العميق ’’ انعم ان شاء الله ...لكنني أنا أفهم ما درستكم’’
رفض ذات مرة أن يعطي أحد طلابه أي علامة ..حتى الصفر لأن الصفر عدد طبيعي والإجابة لا تستحق حتى الصفر ..ومع ذلك فقد درس على يد الدكتور يحيى حامدن العشرات من خيرة مدرسي الرياضيات والعلوم والمهندسين الموريتانيين الذين تركوا بصماتهم على مسيرة بلد لا يولي أي اهتمام لعلمائه وعقوله،مالم ينخرطوا في مسار السلطة،
وفي سنة 1977 التحق بجامعة السربون في فرنسا، وحصل على شهادة التبريز مع دكتوراه دولة في الرياضيات سنة 1980. وفي نفس السنة حصل على وظيفة باحث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية CNRS بفرنسا.وهو الوظيفة التي ظل يشغلها ضمن وظائفه العلمية والبحثية المتعددة،إلى حين رحيله المفاجئ عن عالم ’’ الجبر والهندسة’’
عطاء عالمي
عمل الفقيد الدكتور يحيى ولد حامدن أستاذا محاضرا في عدد من الجامعات العالمية بفرنسا وإسبانيا وألمانيا وكندا وأمريكا واليابان وفنزويلا والهند، ووصل أجره إلى 1000 دولار في الساعة،بينما لم يكن أجره عندما كان في موريتانيا يتجاوز 25 ألف أوقية،أي أقل من 100 دولار ودون ,, علاوة للطبشور’’
أضاعو(ك) وأي فتى أضاعـوا * * * ليـوم كــريهـة وســـداد ثغــــر وخـــــلونـي ومعتـرك المنايـا * * * وقد شـــرعوا أسنــتهم لنحـري كأني لم أكــــــن فيهـم وسيطـا * * * ولم تك نســبتي في آل عمــرو أجرر في الجـــوامع كـل يـوم * * * ألا لله مظــــلمتـي وهـصـــري عسى الملك المجيب لمن دعاه * * * سينجيني فيعلم كيــف شكـري فأجـــزي بالكرامـة أهـل ودي * * * وأجزي بالضـغينة أهل ضري
وكان يحاضر بالفرنسية والعربية والإنجليزية والألمانية والإسبانية. وأنتج لوحده مائة بحث ونظرية رياضية 95 بحثا منها منشورة على موقعه الرسمي التابع لجامعة باريس6 وهو ما يتجاوز مجموع ما أنتجه كل العلماء الأفارقة في مجال الرياضيات.
-وفي سنة 2001 عين مديرا للبحث من الدرجة الممتازة في نفس المركز الذي ظل متشبثا بولد حامدن منذ أن اكتشف قدراته الهائلة قبل ثلاثين سنة
يصنف المرحوم يحيى ولد حامدن الأول عربيا والثالث عالميا في ميدان الرياضيات، كما يصنف الأول عالميا في مجال تخصصه الرياضي، وهو:
- نظرية الأعداد الزائدة Théorie additive des nombres
- نظرية مينكوفيسكي Somme de Minkowiski
- المشكلات الإيزوبيريمترية Problèmes isopérimitriques
- نظرية زوائد المتتاليات Combinatoire additive des suites
فيديو لعرض بعض نظرياته في برشلونه خلال المؤتمر الدولي الثالث عن "Optimal Network Topologies"
- يدخل عدد من نظرياته في الصناعات التطبيقية الحالية في مجالات المعلوماتية والكهرباء والفضاء، وفازت إحدى نظرياته الرياضية قدمها أحد طلبته اليابانيين بجائزة Médaille fields التي توازي جائزة نوبل.
اختار الرجل أن يعيش بهدوء وأن يرحل عن هذا العالم بهدوء أيضا ..ولكن عبر نهاية مثيرة ..وبهدوء أكثر من اللازم تعاملت موريتانيا الرسمية مع نجل المختار بن حامدن ..فلم تذرف الإذاعة والتلفزيون أي دمعة على الجثمان الرهيب القادم من فرنسا التي عرفته باحثا لا يشق له غبار
ولم يجد وزير التعليم العالي والبحث العلمي لحد الآن في ذلك الرحيل خسارة كبرى للعلم والبحث.
ابحاث الرجل في علم الرياضيات تناهز المائة بحث