آخر مواضيعي الصحفية: مقال تحليلي عن الوضعية السورية
إن كانت فرنسا القصير مشغولة بشؤونها و لا ترى في سوريا ما رأته في ليبيا، و ليست متحمسة و تشغلها هموم الحملات و الاقتصاد و المشاكل الاجتماعية أكثر مما يهمها أي شيء آخر في هذه اللحظة، إن كانت فرنسا القصير هكذا، فروسيا القيصر مختلفة و تبدو مصرة على أن تبقى غصة في حلق الغرب عموما، روسيا بوتن و ميدفيدف كانت أصلا ذاك نهجها أن تقول نعم حين يقول الغرب لا و تقول لا حين يقول نعم. نهج الثنائي هذا الذي يريد استعادة شيء من هيبة الاتحاد السوفيتي. ووجد في القضية السورية فرصة حقيقة، لتبرز عضلاتها و تخبر العالم عن ثقلها ووزنها في الأحداث، و تنتقم أيضا لتعليقات الغرب الجارحة و الغير مقبولة بالنسبة لروسيا بشأن الانتخابات و ممارسات النظام : بوتن و ميدفيدف اتجاه حركات الاحتجاج التي واكبت الانتخابات الروسية. اتحد كل هذا مشكلا عاملا محفزا جعل روسيا تبدو مقاتلا شرسا عن النظام السوري في أروقة مجلس الأمن. تعرف روسيا أن حليفا كسوريا و كإيران ضروري لها في المرحلة الراهنة و خاصة تلك التي يبدو أن بوتن سيعود فيها إلى الواجهة رقما صعبا عرف كيف يجد له مكانا في المعادلة العالمية دائما، الأمر الذي جعلها تبدو غير قابلة للتفاوض أو التنازل بهذا الشأن. ربما في قضايا أخرى كانت مرونة أوروبية غربية أو دعم بشأن الجوار السوفيتي المتفكك، أو جزء ولو بسيط من كعكة ما أو نوع من هذا القبيل كانت روسيا تقبله كثمن للتنازل عن فيتو أو لدعم قرار. الشأن السوري يبدو لروسيا مسألة مصيرية لا تتعلق بالصفقات المؤقتة، فإما أن الثمن المدفوع حتى الآن قليل جدا لتتنازل من أجله روسيا أو أن القضية لا تقبل البيع بأي شكل من الأشكال لأنها تتعلق بمصير روسيا و نفوذها. روسيا ألقت بكل ثقلها في القضية السورية ابتداء من استخدام الفيتو الأول الذي أغاظ الدول الغربية و لكن لم تكن لها من حيلة تجاهه وأقسى ما وصلوا إليه من العقوبة الآن هي لائحة الممنوعين من دخول أروبا و لا أعرف فائدة إن ذلك إن تم القضاء كليا و قمع الحركة الثورية في سورية، ثم بعد ذلك كل الصراعا ت التي تخوضها و الضغوط و الاتهامات التي تتحملها في سبيل دائما تهذيب كل الامور التي تسعى لتضييق الخناق على النظام السوري، و صارت بمثل الغطاء الدولي لعملياته.
عام يزيد مر على أحداث الثورة السورية، لا جديد يذكر و لا قديم يعاد غير أحداث التنكيل و القتل و التدمير و القمع الوحشي الذي واجه به النظام السوري الهبة الشعبية. الأسد و جيشه يستأسدون أمام شعب أعزل يعملون فيه الحديد و النار ليل نهار، قتلا و اعتقالا. تأخذ المحطة السورية وقتا يبدو كبيرا و جهدا أكبر من قطار الربيع العربي، الذي لا يزال يثبت اختلاف محطاته عن بعضها البعض و عدم إمكانية تطبيق عملية الإسقاط على طريقة الرياضيات لنظام على الآخر. فلا ربيع الأبيض المتوسط كربيع النيل كربيع ، كربيع طرابلس كربيع صنعاء و لا كل هؤلاء كربيع الشام الذي يبدو في مرحلة التشكل و تنبؤ المعطيات القائمة بمخاض له بصعوبة مخاض الشرق الأوسط الجديد، بل و لعبة بقواعد لعبة تجاذب الأقطاب.
المحطة السورية ...في قلب الاستقطاب
عوامل كثيرة سياسية و جغرافية و جيو ستراتيجية و معطيات ساعة تجعل الوضع السوري أكثر صعوبة و تجعله مختلفا، ففرنسا ساركوزي تبدو اليوم مشغولة بمستقبل قصيرها الذي يحاول أن يحظى بفترة رئاسية ثانية، لا تبدو حظوظه حتى الآن بالوافرة للفوز بها، و أوباما الرجل الذي فضل منذ مجيئه أن لا تدخل أمريكا إلا من بوابة الناتو، معلنة هدنة صامتة غير معلنة بعد فترة اضطراب طويلة شهدتها السياسة الخارجية الامريكية في ظل السلف، حتى هو الآخر يعد نفسه مترشحا لفترة ثانية تبدو حظوظه في الفوز بها أكثر بكثير من فرص ساركوزي، باقي دول أوروبا مشغولة بأزمات قائمة و أخرى محتملة و أسئلة أفغانية عالقة و وضع باكستاني متذمر، و ربيع لما تتشكل بعد معالم و لا ملامح المناخ السياسي بعده، و لا تبدو بوادر تشكلها مبشرة حيث يبدو صعود التيار الإسلامي و كأنه قدر ربيع بحت، تيار لا يبعث ماضيه و لا خلفيته على ما يمكن أن يشكل مصدر طمأنينة أو تفاؤل بالنسبة للغرب عموما. كوكتيل الأحداث هذا لا يبدو مشروبا يخفف طبخة النظام السوري لشعبه، الطبخة المشبعة نارا و حديدا و دمارا، و لا يبدو حتى مساعدا على تخفيف تركيزها و توابلها الوحشية.
إن وجود سوريا و صورتها التي سبقت الربيع كآخر قلاع العروبة و كحاضنة للمقاومة سواء منها الفلسطينية أو اللبنانية أو غيرهما ووجودها لا عبا قويا في المنطقة الساخنة، حيث كانت مخاضات ميلاد الشرق الأوسط الجديد و الشرق الأوسط الكبير و التي كانت كلها مخاضات دون ميلاد، كلها أمور تشكل خلفية مربكة للتعامل مع الوضع أو للتعاطي معه على المستويين الإقليمي و الدولي، أضف إلى ذلك الحلف ما سمي حلف الممانعة أو حلف الشر، حلف تعتبر إيران أو اعتبرت من طرف الغرب على الأقل كقلب له و عنصر هام فيه، هذا الحلف كله بوزنه القانوني الدولي و الاستراتيجي ووزنه الديبلوماسي يقف إلى جانب النظام السوري، و وجود سوريا كممر للمؤن و العتاد إلى حزب الله المتمسك بخيوط اللعبة اللبنانية المعقدة، و المتغلغل في معطياتها السياسية و العسكرية، ووقوف هذا الحزب اللا مشروط و الطبيعي إلى جانب النظام السوري سيترتب عليه الكثير في حالة الحرب الداخلية و الاقتتال و حتى في الحالة الراهنة.
الوضع السوري لما يتحلحل بعد، و معاناة الشعب السوري تستمر فلا مبادرات الجامعة العربية و لجنة خبراءها الفاشلة و لا اتصالاتها و صلاتها نجحت في أن تخطو بهذا الوضع خطوة في الاتجاه الصحيح أو على الأقل خطوة تبطؤ أو تربك المسار الذي يتبعه النظام السوري. و بعدما أيقن العرب بجامعتهم و خبرائهم أن الأمر أكبر من أن يؤثر فيه شيخ قطر أو أمين الجامعة، لجؤوا إلى مجلس الأمن و الأمم المتحدة.
فرنسا القصير... و روسيا القيصر
إن كانت فرنسا القصير مشغولة بشؤونها و لا ترى في سوريا ما رأته في ليبيا، و ليست متحمسة و تشغلها هموم الحملات و الاقتصاد و المشاكل الاجتماعية أكثر مما يهمها أي شيء آخر في هذه اللحظة، إن كانت فرنسا القصير هكذا، فروسيا القيصر مختلفة و تبدو مصرة على أن تبقى غصة في حلق الغرب عموما، روسيا بوتن و ميدفيدف كانت أصلا ذاك نهجها أن تقول نعم حين يقول الغرب لا و تقول لا حين يقول نعم. نهج الثنائي هذا الذي يريد استعادة شيء من هيبة الاتحاد السوفيتي. ووجد في القضية السورية فرصة حقيقة، لتبرز عضلاتها و تخبر العالم عن ثقلها ووزنها في الأحداث، و تنتقم أيضا لتعليقات الغرب الجارحة و الغير مقبولة بالنسبة لروسيا بشأن الانتخابات و ممارسات النظام : بوتن و ميدفيدف اتجاه حركات الاحتجاج التي واكبت الانتخابات الروسية. اتحد كل هذا مشكلا عاملا محفزا جعل روسيا تبدو مقاتلا شرسا عن النظام السوري في أروقة مجلس الأمن. تعرف روسيا أن حليفا كسوريا و كإيران ضروري لها في المرحلة الراهنة و خاصة تلك التي يبدو أن بوتن سيعود فيها إلى الواجهة رقما صعبا عرف كيف يجد له مكانا في المعادلة العالمية دائما، الأمر الذي جعلها تبدو غير قابلة للتفاوض أو التنازل بهذا الشأن. ربما في قضايا أخرى كانت مرونة أوروبية غربية أو دعم بشأن الجوار السوفيتي المتفكك، أو جزء ولو بسيط من كعكة ما أو نوع من هذا القبيل كانت روسيا تقبله كثمن للتنازل عن فيتو أو لدعم قرار. الشأن السوري يبدو لروسيا مسألة مصيرية لا تتعلق بالصفقات المؤقتة، فإما أن الثمن المدفوع حتى الآن قليل جدا لتتنازل من أجله روسيا أو أن القضية لا تقبل البيع بأي شكل من الأشكال لأنها تتعلق بمصير روسيا و نفوذها. روسيا ألقت بكل ثقلها في القضية السورية ابتداء من استخدام الفيتو الأول الذي أغاظ الدول الغربية و لكن لم تكن لها من حيلة تجاهه وأقسى ما وصلوا إليه من العقوبة الآن هي لائحة الممنوعين من دخول أروبا و لا أعرف فائدة إن ذلك إن تم القضاء كليا و قمع الحركة الثورية في سورية، ثم بعد ذلك كل الصراعا ت التي تخوضها و الضغوط و الاتهامات التي تتحملها في سبيل دائما تهذيب كل الامور التي تسعى لتضييق الخناق على النظام السوري، و صارت بمثل الغطاء الدولي لعملياته.
جمال بن عمر سوريا....كوفي أنان
نقطة العاطفة و قلعة العروبة و حاضنة المقاومة هذه أمور تجاوزتها الشعوب العربية إلى حد كبير و هي تتحد لتعيش ربيعها بعد صيف قاحل و سنين عجاف في ظل الإنظمة البائدة. و لم يبق إلا صراع لي الأذرع في الأورقة الدولية بالقانون و التجاذب و الاستقطاب الاستراتيجي و هنا لروسيا مكان و ميزة إضافية، الاولى حق الفيتو و الثانية أن الدول العظمى إما منشغلة بنفسها في الانتخابات أو في الأزمات المالية و الاجتماعية الداخلية، أو دول لدغت من جحر لا تريد أن تلدغ منه مرة ثالثة أو رابعة خاصة أنه ما في سوريا من محفزات و لا مسيلات لعاب شيء فقط مسيلات الأرواح و مسيلات الدماء و مسيلات الدموع. روسيا في شأن الثورة السورية بدت مستأسدة في التمسك و الدفاع عن النظام، و فاقت إيران و الصين حماسا و غيرهم من قوى لم تؤمن بعد بالربيع العربي أو لم تتضح لها حتى الآن قواعده التي يعتمدها في تغيير المناخات العربية و خلق ريح جنوبية قد لا تكون نسيما عليلا تسيطر عليه ماكنات الشمال و تهذبه حتى يناسب البشرة الشقراء ضعيفة القدرة على تحمل المناخات المتقلبة.
كان الوضع السوري يستدعي بالنسبة للأمم المتحدة جمال بن عمر آخر، إلا أن هذا العمرو مختلف قليلا عن ذاك أو على الأصح أرضية عملهما مختلفة، ففي اليمن وصل عمرو بعد أن كان هنالك مقترح حل مطروح. أما عمرو سورية فهو من سيطرح مقترح الحل و ما يترتب عليه، لم يكن هذا العمرو إلا ليكون الإفريقي ذا البشرة السمراء و الشعر المجعد الذي يكتسحه البياض، جاء القضية و تشابكها بقدر تشابيك التجعد. للرجل خبرة لا يمكن نكرانها و ينعته البعض بأنه ذا أنات و برودة أعصاب في التعامل مع هكذا أوضاع. كوفي أنان بدأ بزيارة لسوريا ثم بعد ذلك عمل على إعداد ورقة تمت دراستها في مجلس الأمن لتخرج في إطار بيان من المجلس تضمن 6 بنود أساسية تتشكل في معظمها من البنود التي وضعتها جامعة الدول العربية أثناء محاولاتها اليائسة السابقة و التي لم تشكل أكثر من هدنة عمل فيها النظام على زرع الرعب في مدن و تجمعات و قرى من خلال القصف العشوائي. المجلس و بعد عملية أخذ و رد مريرة مع ممثل روسيا أخرج البيان ذا البنود المائعة و التي للنظام السوري ألف طريقة و طريقة للتحايل عليها و التهرب منها خاصة أن روسيا رفضت المهلة الزمنية التي كانت ضمن البيان معطية أجلا غير مسمى ، أضف إلى ذلك المؤتمر الصحفي الذي ندد فيه المجلس بما سماها عمليات إرهابية و هو أمر جاء بعد الإصرار الروسي عليه أيضا. لا يبدو أن الأسمر الإفريقي قادرا بهذا الطرح و هذه الآليات على فك الشفرة السوروسية.
سيناريوهات.......
و تركيا الجار و المعول عليه في خطوات كثيرة في اتجاه الوضع يكتفي الآن بإيواء اللاجئين و التنديد و استنكار ممارسات النظام السوري، بعد محاولات في البداية لاحتوائه، يبدو الدور التركي سيبرز كثيرا كدور حاسم في حال ما وصلت الحالة مرحلة التطبيق و أرض الواقع و التنفيذ. ذلك المنحى لا يمكن إلا أن يظل مطروحا دائما كخيار، فهو إحدى السياريوهات المحتملة و التي إما أن النظام سيتوصل من خلال أنان و أوراقه و تقاريره من الوصول لنقطة التقاء قد تكون بهشاشة نقطة الالتقاء اليمنية، لكنها عموما ستكون نقطة لقاء تعطي للقضية منحى جديدا فيه نوع من التجاوب الإيجابي مع الرأي العام الدولي و قراراته و مطالبه. و إما سيأخذ المنحى العسكري التصلبي من النظام السوري ويبقى حلفاؤه إلى جانبه إلى آخر لحظة على أمل الوصول بالثوار إلى نقطة يعرفون فيها أن لا بد من الرجوع هذا الخيار يبدو مستبعدا بمعطيات التاريخ و الواقع البشري البحت و معطيات اليوم التي ترفض الديكتاتوريات و المنطق الوحشي اللاإنساني للتعاطي الإنسان و إرادته. لم يبق من الإحتمالات إلا أمرها و أقساها، هو إما أن العالم سيجد طريقة يوقف بها الفيتو الروسي و يمنع اليد الروسية من أن ترتفع بلا في قاعة مجلس الأمن بثمن ما، و في هذه الحالة سيجد النظام السوري نفسه في وجه العالم مكشوفا من أي غطاء قانوني أو جُنة تحميه من القوانين الملزمة و قوانين البند السابع. و هنا النظام إما يواجه و حلفاءه في المنطقة من قبيل إيران و حزب الله و إما يستسلم فيتوزع رؤسه على المعتقلات المحلية و يلقى القبض على بعضهم متسللا من الحدود العراقية أو اللبنانية أو غيرها و ستجد رؤس نفسها في هولندا من حيث لم تحتسب، و سيحاول آخرون التبرؤ و الظهور بملمح الضحية.
و إما أن الروس ستتمسك بخيارها الرافض و تحتفظ بفيتوهها و في هذه الحالة فإن أمد الأزمة مرشح لأن يطول ، فروسيا غدا هي روسيا بوتونية كانت في فترة راحة محارب تتقد حماسا و غيظا على ضياع المجد السوفيتي ما قد يجعلها أكثر قدرة على الصمود و يشار إلى أن رفض الصين لا يبدو قادرا على الوقوف وحده فهو يستند على الرفض الروسي و يوم سقط ذلك سقطا معا، يواكب ذلك انشغالات مطلقة فخطوة بقرار أحادي من أمريكا أو من أوروبا لها أثمانها السياسية و الاقتصادية ، و لن يكون أوباما متفرغا ليعد دراسة حول مخاطر و أثمان خطوة كهذه و إمكانية القدوم عليها قبل الشهر العاشر، و أوروبا ستتدافع خطوة كهذه و ربما تكون فرنسا سباقة فهي لا تزال تتذوق طعم البترول الليبي على شفاهها، و مفتوحة الشهية لخطوات كهذه، و قد ترى في سوريا خطوة مهمة إن لم تكن من الناحية الاقتصادية فمن الناحية الاستراتيجية. و ربما تكون خطوة كتلك من أواخر خطوات ساركوزي رئيسا لفرنسا لأنه ربما يجد مستنقعا هنالك هو أقصر من أن يثبت فيه لأكثر من سنوات أو أشهر معدودات حتى أن الحرب الأحادية و التي لم تكن بقرار دولي ستكون هي الإنطلاقة الحقيقية للحرب الإقليمية الأخرى و التي كثيرا ما انتظرت و تحدث عنها و كان يرجح أن يكون سببها ضربة إسرائيلية سريعة لمفاعلات إيران ربما تجد هذه الحرب سببا آخر مع خطوة كهذه، عامل إسرائيل و إيران و برنامجها النووي سيكون حاضرا في أي خيار عسكري.
إطلاق الحرب من الداخل و التفكير الخليجي لا يبدو ناضجا بما يكفي ككل الاستراتيجيات و الأفكار الخليجية التي لا تعبر ذهابا و إيابا إلى ما وراء البحر، كون تسليح الجيش الحر يعتبر خطوة حقيقة في اتجاه هاوية سحيقة ستضيع فيها سوريا الثقافة و الحضارة و التاريخ، فضلا عن ضياع الإنسان. فالوضع السوري لا يمكن إسقاطه على ما جرى في ليبيا حيث كانت قوات الثوار مدعومة بطيران الناتو و استخباراته. فالمواجهة بين الجيش النظامي و الجيش الحر لن تكون بأي شكل من الأشكال دون تدخل أجنبي على الأرض ليس فقط من خلال الدعم اللوجستي، و إن تكافأت فسيكون الثمن باهظا و باهظا جدا، حيث ستكون حرب استنزاف الشعب و الثوار السوريون لا يدخرون فيها روحا ولا جهدا و يكون النظام قد وجد المصوغ لاستخدام القوة بشكل حقيقي و القوة المفرطة أيضا.
و لحظة يكون التدخل الخارجي هو الحل الوحيد، فإن العالم أمام خيارين مواجهة إقليمية بل و حتى دولية ما إذا كانت روسيا طرفا فيها ولو من بعيد مستعجلة تشييد الامبراطورية من جديد، و استعادة القطب الثاني، ثم إيران ثم حزب الله الذي لن يتردد في إدخال اسرائيل على الخط، لو بدا هذا السيناريو فظيع و كارثي إلا أنه يبقى محتمل، مع عامل أن العالم العربي المستقبلي يبدو عالما متحررا من إملاءات البيت الأبيض و الإليزيه و بيوت و قصور الغرب، يبدو عالما يستجيب لخيارات شعوب متعطشة لتحرير فلسطين و لاستعادة هيبتها و كرامتها. هل أن سيناريو كهذا هو سيناريو النهاية؟؟؟ ربما أو السيناريو المؤسس لعالم جديد فيه مناخ يمكن أن يتماشى و أجواء الربيع العربي و الصيف الإقتصادي الأوروبي. و الشتاء الأمريكي في الفعل الخارجي. السيناريو الآخر، أن يحصل هذا التدخل و تكون هذه اللحظة التي يقول فيها الحلفاء، وصلنا بك إلى هنا أيها النظام السوري، لكن حانت لحظة نفسي نفسي....
العالم الآن في انتظار قدرة أنان على فك تلك الشفرة السوروسية، إذا ما فكها يكون أثبت كفاءة و قدرة على الاختراق و يكون العالم تجنب سيناريوهات كارثية الضحية فيها سوريا و شعب سورية. أما إذا تعذر الأمر أمام تبريرات النظام الواهية و فبركاته الإعلامية، فإن الخطوة القادمة تظل السؤال المطروح، و هو سؤال لم يتجرأ بعد الكثيرين من صناع القرار الدولي و هيئاته التنبؤ بها كون روسيا لم تطرح ولا حتى مشروع جواب على سؤال من هذا القبيل ، مكتفية بتثمين مبادرة أنان و الإشادة بها و مطالبة العالم بإنتظار نتائجها.
الكاتب : عبد الله ولد محمد عبد الرحمن
نواكشوط – موريتانيا