Friday, March 23, 2012

المرأة الموريتانية ...الحب و العلاقة - الحلقة الثانية

 القبيلة ... وهوية العلاقة و الدستور القاسي
ولا يمكن الحديث عن العلاقة بين الرجل و المرأة في موريتانيا، دون الحديث و استحضار عامل القبيلة و العرق، و موريتانيا دولة مقسمة لجهات و تعيش فيها أعراق مختلفة. فعامل القبيلة يلعب الدور الاستثنائي و الحاسم في العلاقة قبل الزواج و أثناءه و بعده، فهو يغير قواعد الحب و أسس العلاقة و مسارها و يحدد نتيجتها حتى قبل أن تبدأ، و يبدو القانون الجامد فيما الحب و الشعور و ميل
 المتحابين أو الذين تجمعهما علاقة هي أشياء عرفية صبيانية تلقائية و مجرد خربشات مرنة، يمكن وضع حد لها في أي وقت و في أبشع حالة، فدستور  القبيلة العاطفي مثلا هو الذي يزوج فتاة في الثامنة عشرة من عمرها برجل بثلاثة أضعاف عمرها 45 سنة مثلا، و هو الذي يزوجها برجل لم تره إلا ليلة الزفاف، و هو الذي يملي عليها أن لا تفعل هذا و ذالك عيب و هذا لا يعقل، و عليك فعل كذا وكذا و أمامه تبدو المرأة بلا إرادة و يبدو الرجل إذا قبل مجرد غبي أخرق يسهر على تعاليم و ضوابط تسلبه أي حق عاطفي و تلقي به في جحيم القوانين الجائرة التي كثيرا ما تؤدي بالمرأة المتضرر الأول يلقي بها في كنف اليأس و الاحباط و الملل و تجاهل السعادة و الحب والحياة كونها لم تبق إلا أشياء نظرية لا تمت لواقعها بصلة، و لا يلوح في الأفق ما يبشرها بهم في الامد القريب.


إن عامل القبلية في موريتانيا ليس فقط عامل إفساد و تدمير في مجال السياسة و الإدارة والإقتصاد، بل عامل يمنع اللحمة الاجتماعية و يفعل فعله بمعطيات العلاقة الاجتماعية في المجتمع فليس الطلاق الحتمي انعدام المشتركات بين الزوجين الذين لعبت القبيلة دورا في جمعهما هو الضرر الوحيد. بل إننا في مجتمع تعيس بغالبيته لا ثقافة تجوال و استراحة لا ثقافة عائلة لديه لا ثقافة حميمية، ليس هذا من باب الهجوم الجزافي على المجتمع، لاحظ فقط أماكن الراحة والاستجمام لاحظ كم من الوقت و كم من المال تخصص الأسر الموريتانية للتجوال للاستجمام، لا حظ إن كنت ترى أسرا و زوجا وزوجة في لحظات سعيدة في أماكن عامة لقضاء وقت حيوي ممتع. نادرا و نادرا جدا في خانة الاستثناءات. لماذا يا ترى ؟ لأن معظم الأسر و العلاقات التي نراها لم تنمو بين قلبين و لا بين روحين فتكبر و تكبر ثم تنضج ثم تملي طبيعة الحياة بعد ذلك سعيدة مشتركة عاشت في كنف متحابين حرين في تسييرها و إدارتها. و لأن عنصرا ثالثا مخربا كان دائما حاضرا هو القبيلة و إملاءاتها و قوانينها الجائرة هو الخلل التوازني الاجتماعي، هو المعايير الخاطئة و المخطئة في كل هذا. لذلك نحن مجتمع نكد تعيس، ففي البيت تشعر أن الزوجين في معتقل، و أن كل ما يربطهما سعر خنشة الأرز و قنينة الزيت. فالمرأة في هذه الحالة دائما ما تكون هي السباقة بالحكم على قلبها بالإعدام و وضع نقطة النهاية للأمل و الحياة و السعادة و تحكم على نفسها بموت بطيء و تعتزل الدنيا متقوقعة أما خيالات مسلسل لاتيني أو تركي مختصرة حياتها و تطوارتها بالأشياء الافتراضية لأنه لم يعد لها من الواقع نصيب، تكتفي بالحياة الافتراضية فواقعا هي ميتة و لا تجد حرجا في أن تخبرك إن كنت صديقا أو كنت تبعث على بصيص أمل في آخر نفق طويل تخبرك بكل ذلك. هذا حال من وقعت في الجحيم أما القادمة إليه فتجدها تمارس تكتيكا مع القبيلة و إملاؤاتها فهي تعرف المصير ففي إحدى الحالات تحاول استغلال تلك اللحظات التي تسبق ذلك المنفى في بيت رجل لا تعرفه بقدر ما يعرف جد لها أنه ولد لقريب لها قبل حوالي ثلاثة عقود من الزمن و يتذكر ملامحه لحظة ميلاده أكثر مما يتبين ملامحه الآن. و في سعيها للانتقام من القبيلة أو تفويت الفرصة عليها تسعى لبناء علاقات و لعيش حياتها ما استطاعت و كأنها تسلم أن بعد ذلك موتا.

و ما يدل على ذلك بالوضوح أنك دائما أمام وضعين زواج على طريقة القبيلة و علاقة على طريقتها و حب على طريقتها، أو قد تتنازل القبيلة في خطوة مقيتة ضد كل مباديء الانسانية، التنازل يأتي حين تأتي البنت مثلا برجل يصعب التنازل عنه خاصة من الناحية المادية، و هذا الرجل في حالات كثيرة يكون ناتج انزلاق انساني اخر من جانب البنت فهي في حالات كثيرة مقتنعة بجيبه أكثر من قناعتها بقلبه.