Sunday, March 17, 2013

الجيش الموريتاني : الفساد و الضباط و السماسرة - تفاصيل

قادة و سماسرة يكنزون الذهب و الفضة فسادا، و جنود على الحدود عرضة للخطر
و الجوع يأكلون البسكويت و الفول السوداني - تبا
بدأ الحديث منذ أيام عن هذه الفضيحة ووصل كبار المتهمين فيها منصمات التحقيق. كنت قبل سنتين تقريبا ، دونت حول انتشار قضايا فساد من هذا النوع بحيث تستخدك السيولة في إدارات وقطاعات عدة و يتم تشغيلها من طرف سماسرة و التربح منها و يؤدي الامر في أحيان كثيرة لتأخر الرواتب ، و حين يطالب الجميع برواتبه فواضح جدا أنها قيد التشغيل و يجب الإنتظار حتى بيع البضاعة. فبديهي أن مخصصات القطاع في الميزانية كافية على الأقل لدفع رواتب العمال ما يشكل أولوية مطلقة. لكن حينها لم تتحدث الدولة و الإعلام مشغول بصفقات الخمسين ألف أوقية و ما إلى ذلك و باللقاءات مع سماسرة شركات الإتصال للحصول على إعلانات. حين كتبت عن تلك القضايا قلت أنها تطال قطاعات كثيرة. ما كان قطاع الجيش الهاديء خلف تلك الجدران العالية و خلف مدفعي حارسي المنطقة ليكون ببعيد عن تلك الممارسات.
كنت لأفرح كثيرا لوكانت القضية الأخيرة أُثيرت أو تحدث عنها الإعلام و الناشطون قبل أن تعلنها الدولة بشكل غير مباشر بحيث تتابع المتهمين و ترسلهم للتحقيق و تكون هي التي تكشف عن الأمر بطريقة او بأخرى. لكن عن أي إعلام أتحدث .....؟

القضية المطروحة اليوم هي اختفاء حوالي 700 مليون من مخصصات الجيش المالية أي ما يقار المليونين و نصف المليون دولار. و خوفي أن هذه القضية في ظل إعلام بائس لا يعرف متابعة القضايا و لا الضغط حتى يكشف كل خفاياها و خباياها خوفي أن يتم إقفال الملف دون محاسبة و لا متابعة بعد تدخل الديناصورات و رجالات النجوم الصامتون خلف قصورهم و حراسهم.

حتى الآن تم توقيف  اعبيدي ولد الخوماني و الذي وقف يوم السبت بدار البركة بتهمة الهروب بمبلغ 400 مليون أوقية من طرف قوات دركية. شاب عمره 29 سنة. ثم أوقف محاسب الجيش المساعد أول ديدي ولد بوعمامة و الإثنين تجمعهما صلة قرابة حسب المعلومات.
ما تسرب من التحقيق الآن هو أن المتهم الشاب ولد الخوماني اعترف بالقضية كلها باختفاء الاموال لكنه قال أن الجميع على اطلاع بها و رجالات الجيش كلهم ذوو النفوذ يعرفون عنها و بالتالي لا شك أنهم جزء في القسمة. و كذلك المحاسب، تفيد المعلومات ان المحاسب كان من المفترض أن يتقاعد من سنة تقريبا إلا أن تدخلات نافذين أدت إلى تمديد عمله و هو أمر ممنوع في نظام الجيش.
لا شك أن دور الرجل و الذي دأب خلال 30 سنة قضاها في الخدمة على تشغيل سيولة خزينة الجيش و التربح منها ضمن شبكة من السماسرة التجار و رجال الأعمال و لا شك برعاية من قادة  و مسؤولين فيالجيش، لا شك ان دوره محوري جدا و غيابه سيخلق خللا كبيرا في معطى العملية لذلك تم تمديد عمله. إضافة لهؤلاء تم توقيف عسكرين سابقين متهمين بالمشاركة.

كيف تتم العملية ؟؟؟؟
يملك اعبيدي ولد الخوماني فندقا في اكجوجت يؤجره لشركة المعادن MCM  و له شقيق أكبر منه هو شريكه في الاعمال. و لدى محاسب الجيش أيضا ولد بوعمامه فندق النجم الذهبي في "تكند" يؤجره للجيش الأمريكي بحيث يقيم فيه أفراد منه ربما لا يعلم الكثيرون أن هنالك جنود امريكيون يقيمون في تلك الأرض.
في مرات زرت فيها اكجوجت للوقوف على حقائق تتعلق بأعمال سمسرة و بغاء و متاجرة بالمومسات و اعتماد اساليب قذرة للحصول على الصفقات سمعت كثيرا عن ذلك الإسم، ولد الخوماني ووقفت على بعض متعلقاته في المدينة و سألات صديقي لاشك أن الرجل ذكي و عامل فقد تفاجأت من حجم حضوره على حداثة سنه، و بعد تقصي أخبار الشركة و عمال الأجانب رغم الضحكة التي تلقاني بها نافذ هنالك و قال لي يا ولدي ما يحصل هنا لن تعرف عنه شيئا ، و إذا أردت يجب أن تلتقي بفلان و فلان ووجدت القضية أكبر من أيام جئت فيها لبرنامج محدد و محدود و ضمن الأسماء التي أوردها الرجل أسماء رجالات السمسرة هناك.

عودة إلى القضية، يأخذ محاسب الجيش سيولة الميزانية حسب ما أفادت المصادر و يسلمها لشبكة من السماسرة يعمل معها ، يتهم ولد الخوماني و شقيقه بأنهما من أعضائها البارزين، بحيث يتسلم الأخيران المبالغ و يشتريان معدات باهظة الثمن لشركتي تازيازت و أم سي أم و بعد أن تدفع الشركتان ثمن البضاعة يتم إرجاع الاموال للجيش و يتم تقاسم الأرباح بين أعضاء الصفقة لا شك هنالك رجال من أهل النجوم و المحاسبون و الوسطاء و و و و و ..... و هلم جرا. و يبقى الجندي المسكين المحكوم بنظام القائد صامتا رغم تأخر راتبه و رغم كل شيء. و ربما ما لا تعرفونه أن هذا يحدث في قطاع الجيش ربما ليس فقط مع هؤلاء السماسرة بل هنالك سماسرة في قطاع بورسات السيارات و الأراضي و المعمار ، و يحدث الأمر أيضا في قطاعات أخرى ليس الجيش فقط عليهم أن يبحثوا قليلا قليلا....
كشف القضية يمكن قراءته في اتجاهات متعددة ، إما ان الشاب الحدث قرر التمرد على الجماعة لإحساسه بغبن من نوع ما، أو أراد أن يطور موقعه في العملية خصوصا أنه يتولى جانبها الاهم، فأخذ المبلغ و أراد الدخول في تحدي و عملية لي عظم مع كباره في القضية. و أودت بهم القضية كما يحصل دائما مع رجالات المافيا و السمسرة. و إما أن الجماعة وصلت إشكالية أخرى كان مصيرها الإنفجار.
 هل هي له أم عليه؟
يقرأ البعض القضية الآن على أنها ضد نظام الرئيس الحالي و الذي يرفع شعار محاربة الفساد. بالنسبة لي أريد قراءتها في بعض الإتجاهات ، إما أن الرئيس كان على اطلاع بالقضية و شبه شريك فيها خوفا من الضباط ربما أو طمعا فيهم و في هذه الحالة يعتبر مذنبا من جهة و يعتبر جلا يبحث عن مصلحته من جهة . لربما كان على علم بها و يتهرب من مواجهة رؤسها الكبار.
و إما أن الرجل لم يكن مطلعا هو و لا إدارته عليها و في وقت الإطلاع عليها تم كشفها من هذه الناحية تعتبر خطوة جريئة و تستحق التقدير من الرئيس و نظامه بأن يقف ضد تيار من الضباط الذي دأبوا على عملية من هذا القبيل منذ عقود. الحقيقة أن الرئيس لا شك كان على اطلاع بحيثيات ما و لو لم تكن قمة في التفصيل. و لربما كان ينتظر الوقت الحاسم لكشفها. و على كل حال فكشف العملية سواء بإرادة الحكم أو رغما عنها هو خطوة متقدمة و مهمة خاصة إذا ما عقبتها محاكمة و محاسبة جريئة و دقيقة.\

 و لكن من سيتابع المحاكمة من اجراءتها من حيادتها فالإعلام إعلام يشكر و يمدح دون اهتمام بالتفاصيل و اعلام يذم و يقدح دون اهتمام بالتفاصيل و الموضوعية كالإعلام عموما لا يعرف عنها أولئك شيئا
.......يتواصل