Monday, March 4, 2013

صراع القرابة و القوة، الأمن و المال :حرب ماحقة أو متكافئة


تشهد الساحة الموريتانية الآن توترا غير مسبوقا، و تعيش نخبة و عامة حالة انتظار و قلق جراء الخلاف الحاصل و المتفاقم حد الصراع و المواجهة بين رئيس الجمهورية  و رجل الاعمال الموريتاني الشهير محمد ولد بوعماتو ووجود طرف ثالث و لو حتى الآن بصيفة أكثر احتشاما في هذا الصراع مدير الأمن العام السابق و رئيس المرحلة الإنتقالية العقيد اعل ولد محمدفال.
تاريخ طويل من علاقات المال و الأمن جمعت الثلاثة.فمحمد ولد بوعماتو هو رجل أعمال يتفق الجميع على اجتهاده و ذكاءه الإقتصادي حد المكر، فهو رجل بدأ معلما و جد و اجتهد و اشتغل بطرق شرعية أو غير شرعية المهم أنه وصل لماهو عليه الآن، و من أمارات تواضع بداية الرجل، أن جدي الموجود الآن طريح الفراش شفاه الله و عفاه، حدثني عن أيام كان فيها ولد بوعماتو معلما و كان كل خريف يأتي بوالدته إليهم بحيث تقضي معهم فترة الخريف. مع ذلك
ولد بوعماتو اليوم رقم اقتصادي صعب في المعطى الموريتاني. تجمعه بالرئيس صلة قرابة و صلة مصالح و صلات تأييد فلقد جند ماله و نفسه إبان الإنقلاب الذي قاده الرئيس أو الحركة التصحيحية كما يحلو لأنصاره تسميتها ، جند رجل الأعمال نفسه و دعم ماديا و معنويا و اجرى اتصالات على جميع المستويات حتى تم الإعتراف بالإنقلاب ثم بعد ذلك بذل الغالي و النفيس حتى وصل الرئيس إلى الحكم منتخبا لا منقلبا.
أعل ولد محمدفال الرجل الصامت الغامض المخيف، ظل مديرا عاما للامن الوطني فترة إلى أن تم الإنقلاب على ولد الطايع و تولى اعل رئاسة المجلس العسكري الذي تولى الحكم ذلك الوقت، ليتنازل عنه منظما انتخابات سبح بحمدها العالم اجمع، لم يسعف الرجل طابعه الامني الغامض ليتولى مناصب و مسؤوليات ربما خارج أرض الوطن، بعد أن صنع لإسمه مكانه بتلك الخطوة.مع استقالة الرجل بدأ الرضا عنه محليا رويدا رويدا يتناقص بعد أن حصل حديث حول استيلائه على ميزانيات و إدراج اسمه في شراكات تجعل له من كل شيء نصيبا. هدأ الرجل و هو بطبعه رجل هاديء لحد مخيف. ثم بعد فجر ذلك اليوم الذي أعلن فيه ولد عبد العزيز أنه لم يعد هنالك رئيس إسمه ولد الشيخ عبدالله ، انتظر الرجل إلى أن خرج عضوا بارزا في منسقية المعارضة ووجد نفسه في معارضة من الصراخ و العبارات الجوفاء المكررة، ووجد نفسه مضطرا على أن يجد عبارات يلهب بها حماس الجماهير فكانت كل تصريحات أمنية تهديديه و بلغة رجل الأمن.
محمد ولد عبدالعزيز رجل بكل الصفات و التناقضات و الاكثر جدلا في تاريخ موريتانيا الحديث بل و حتى منذ الإستقلال عسكري عمل قائدا للحرس الرئاسي ، درس في المغرب ، كان حينها شخصية تتحدث عن ذاتها حسب المشرفين عليه هناك، ظل خلف معاوية ولد الطايع، ثم قيل أنه من أطاح به و نادى على اعل ولد محمدفال ليكون هنالك فالأخير أقدم منه و  ذو فضل عليه حسب المعلومات، فلقد ساعد حتى في التحاقه بالعسكر و هو امر لا يستغرب في دولة الوساطات و الوجاهات. من انتخابات اطاح فيها بتكل معارضة برقم لم يكن متوقعا مطلقا، و بعد حرب أعلنها على الفساد  و بعد رصاصة السبت، و بعد تصريحات عسكرية أمنية و مدنية و خطابات لا تحتمل التاويلات بلغة مجردة حد السطحية كما يصفها البعض، بعد كل ذلك ظهر الرجل شخصية مثيرة للضجيج في بلد الضجة و السيبة. مرت سحابة الربيع العربي و الثورات و تجاوز حركات فبراير و سبتمبر و تجاوز الجبهة و المنسقية. و نعت بالضحك على الفقراء بتخطيط الحي الساكن مثلا أو دكاكين التضامن أو برنامج أمل، ثم وصف بالديكتاتور العسكري و بذل في عيب الرجل حبر ووصل الحد أوصافا لا تليق بشخص أي كان فكيف برئيس جمهورية تحمل صفته جانبا من سيادتها، ثم عاب البعض كون موريتانيا جاءت ثانيا بعد جزر القمر في تصنيف حرية الصحافة واصفين الأمر بتراجع، ثم مرت في حقبة الرجل أخبار الحركات الحقوقية الجدية و المفبركة و المقتنعة و المأجورة، و ساير الرجل كل ذلك. كانت معظم خطواته مثيرة للتساؤل تارة حول مدى غبائها و أخرى حول مدى سذاجتها، لكن كانت دائما تثبت خطوات الرجل نقطة رددها كثيرا إبان الحملات الإنتخابية: أنا أعرف كل شيء عن كل الرجالات التي حركت و تحركت في هذا البلد منذ عقود. و بدا و كأن الرجل يتصرف حقا استنادا على تلك المعرفة، غير مبال بعقلية عسكرية جافة. كانت محاربة الفساد شعارا كبيرا حمله الرجل.... لم يقنع الكثيرين ، فلا كان احد ليقتنع أن دولة قضت عمرها في وساطات ووجهات و محاصصات قبلية و جهوية و رجالات تتسابق على الاحتيال على المشاريع و تمويلاتها و مثقفين مدجنين و صحافة تتقن التزمير السياسي و التطبيل أكثر مما تقن إعداد خبر أو تقرير. ما كان أحد ليصدق أن ذلك غير شعار انتخابي. مع تولي الرجل الحكم بدأ بتوقيف رجالات ملكت السوق و الدولة عقودا في خطوة هزت الرأي العام و اهتز لها الجميع وجد الجميع الرجال التي تطعم موريتانيا و تسقيها ربما خلف القضبان بتهم الفساد و الاكتساب الغير مشروع بدل أن يشكر الرجل على خطوة تعتبر الاجرأ على الإطلاق و دونما تحر أو تحقيق او تقص انصب كيل الشتائم و الأوصاف عليه و لم يبال العسكري بل أمسك بالرجال حتى استوفوا المستحقات كما أشيع و خرجوا راضين بالحكم و تجاوزت ازمة كان الجميع يظن ان موريتانيا ستذهب معها و لم يعرف الذين صرخوا و رفضوا و لا الذي صمتو تريثوا و لا الذين استحسنوا حقيقة تلك الخطوة إلا أن مآلاتها كانت عادية بل إيجابية حسب البعض، بدأ بماء و كهرباء ووقود و دور الموظفين ، و بعد أن كانت في كل دار اسطول سيارات ببنزين الدولية يتحرك ، ثم طاقة تهدر بغير حساب، ثم بعد ذلك استمرت مسيرات الرحيل و الخطر و الوطن و التنسيق و كل شيء و كان الرجل في قصره بطريقة أمنية صامتة يدير كل شيء و يخرج بتصريحات بحسانية مجردة في مهرجانات شعبية، ثم في لقاء شعب أيضا لقي حظه من التأويل، فقيل أنه محاولات لجلب الاهتمام و للضحك على العامة. كان الجميع يصرخ و يضحك و يصمت و يبكي و يتألم و الجنرال الرئيس أو الرئيس الجنرال يستمر في خطواته العصية على الفهم و المفتوحة لكل التأويلات، فعاقب رئيس الجامعة على إثر المشكلة العرقية في الجامعة بتعيينه مستشارا و ووضع نخبة كوادر جامعية في مناصب و حقائب وزارية فعين الاستاذ الذي درسني أنا الرياضيات، المعادلات التفاضلية  في الجامعة طيلة سنتين مديرا للتعليم العالم ثم أمينا عاما لوزارة الثقافة و عين الأستاذ الآخر الذي درسني :توبولوجيا وزيرا للدولة للتهذيب ، و أثار الأخير مشاكل لا رأس لها و لا آخر رغم ذلك كان رأس الرئيس الجنرال مغلقا على الطريقة الموريتانية على ذلك الرجل فتجاوزا معا الاعتصامات و المظاهرات و البرلمان و شتى صنوف الأوصاف و بدأ الرجل وزيرا عاديا و حين كثر التشكي منه عينه وزيرا للدولة و تلك من خطوات الجنرال التي وحده يعرف معناها و عين الأستاذ الذي درسني الأدب الإفريقي في قسم الأنجليزية أيضا مديرا للتعليم العالي ثم مستشار الأن حسب ما وصلني من معلومات، و فتح منطقة حرة بنواذيبو و أتى بالصين في صفقة ظن الجميع أنه وقف ضدها لكن كان الجنرال معها فاستمرت ، رمم الرجل شارع جمال عبدالناصر و بدأ مشاريع معمارية في العاصمة و مشاريع في مجال الطاقة و قال البعض أن الناس تريد ما تأكله و أن الطرق المعبدة لا تؤكل و لا تشرب، أكل الرجل و شرب هذه التعليقات و استمر، و واصل تصريحاته بأن اخزائن الدولة ملأى، و من فترة لأخرى يفرق الوزراء في صحراء الوطن الشاسعة مثنى و فرادى. ووصف الوزراء بأنه قطع خشبية يحركها الجنرال من قصره و لا يوقعون إلا وثيقة وقع عليها هو شفهيا. و صرح لقنوات و إذاعات و لم يتم حساب ذلك من باب حرية التعبير داخليا على الأقل. ثم أقحم أنفه في كل شاردة ووارة إقليميا و دوليا. فجلس بين الأمراء و الوزراء و الثوار و تهجى بلغته العسكرية خطابات كانت بمستوى تقنع سادة العرب الذين نسوا العربية أو لم يتذكروها يوما. اختلف مع الأمير و مع الملك و مع الرئيس ثم عاد و لبس على طريقة تشافيز و نجاد في مهرجاناته و وطد العلاقات مع البلدين خاصة إيران. و في خطوة كانت الأكثر جرأة طرد جهارا نهارا السفارة الإسرائيلية في خطوة ظلت حتى بعد اتخاذها بأشهر توصف بانها مناورة و كأنها صعبة التصديق، ثم صد بوجهه عن الشرطي الأمريكي بعقلية عسكرية. و في عهد الرجل بدأت الإدارات تشهد تواجدا قبل وقت المشوي و نوم الضحى، و صارت الإدارات تنتظر في كل دقيقة لجنة تفتيش قد تنقل شخصا من مقعده المسؤولية لركن الزنزانة ووصفت تلك الخطوات أيضا بتصفية حسابات مع أشخاص معينة لم يعر الرجل الذي يبدو خبر الجميع حقا لم يعر انتباها للتعاليق. يخيل إليك حينا أنه يدير بعض الأمور على طريقة المافيا بحيث لديه أوراق في كل اللعب التي قد يجلس البعض على طاولاتها من رجالات المال و السلطة و الجاه و من خبروا أن يكونوا الآمر و الناهي في الكواليس من عقود.
كان اكل شيء هاديء، بعد موسم الرحيل الاول حيث المنسقية و حركات الشباب و المسيرات و المهرجانات، الجميع كان مشغول بمشاكل الجرنالية و العمال الغير دائمين و اعتصام الأساتذة و المهرجانات الثقافية السخيفة و قضايا شركات المعادن. و بعائدات ضرائب تزداد أرقامها سنة بعد أخرى. و الهجوم و التهم تنهال على رأس عسكري رئيس أو رئيس عسكري غير مبال، قيل انه يسعى لخلق طبقة من رجال أعمال جديدة تكون من المقربين ثم وصف بالسمسار بحيث من كل صفقة قيل أنه يأخذ نسبة ثم قيل أن هنالك طائرة خاصة تحمل له نصيبه من الذهب تأتي مباشرة من معامل تازيازت، لا تستغرب نعم!!!!! ثم خرج الرجل من كل ذلك بشاربه ، ضرب ابنه امرأة بمسدس و طالب باتباع اجراءات القضاء معه و توقيفه و قيل أن ذلك تعمية للرأي العام ثم اتهم الرجل بعد ذلك بدفع مبالغ مالية خيالية لأهل السيدة لتتنازل عن الدعوة. الحقيقة و إن كانت مرة بالنسبة للبعض أو مدعاة للتهم بتأييد عسكري متغطرس ، الحقيقة أن الرجل عرف دائما أن يخرج متقدما بخطوة و متفوقا ولو بنقطة.

عودة للثلاثة، منذ أشهر و على إثر خلاف لم يعلن عن تفاصيله حينها و بعيد الخلاف الذي حصل مع مصطفى الشافعي رجل افريقيا و الاستخبارات و كل العلاقات الإفريقية و الخطوات المعقدة في الوسط الإفريقي الأسود، رجل الامن و المال الأول ربما في افريقيا، بعد ذلك الخلاف بقليل وجد الرأي العام نفسه أمام انتقال رجل المال الأهم و الأذكى ربما في الاقتصاد الموريتاني انتقاله للعيش في المغرب ثم لا حقا تهديده كما هدد ولد الشافعي بإنهاء حكم محمد ولد عبد العزيز. حكم الرجل لا يبدو مستعدا لإنهاءه لا بمبادرات مسعود و لا خطابات أحمد داداه و لا لغة الإسلاميين و لا بتهديدا رجال الامن و المال. قيل حينها أن الخلاف على صفقات معينة ثم تبين أن الخلاف اعمق و هو خلاف لن يتعرف أحد على حقيقته بالمناسبة فخلافات المال و رجالات و الأمن و ساداته أمور لا تنكشف إلا في اللعب والتي غالبا ما تكون متكافئة. قبل أيام نشر خبر مطالبة إدارة الضرائب مجموعة بوعماتو بمبالغ هائلة بقيمة المليارات. و استمر الأمر ووصل حد إرسال لجنة و مسيرين للبنكه البنك العام الموريتاني و الذي شكل النقطة الفارقة في الصراع، حيث خرج رجل الأعمال ببيان كان رزينا عمليا إلا أن طبيعة الرجل رفضت إلا أن تبرز و لو في كلمتين في الرسل الأخير بأنه عنيد و لا يستسلم. و هي أمور أنا شخصيا أصدقها، لأنه ببساطة صناعة المال تتطلب عقلية مافيا و الصبر و عدم الإستسلام و الانخراط في فرص قد تقود إلى الهاوية ، المغامرة بمعنى آخر و الانخراط في الأعمال المشروعة و الغير مشروعة، و هي أمور يتفق الجميع على أن رجل الاعمال صاحب القبعة الامريكية الذي شخصيا يقدر الجميع اجتهاده و عقليته الإقتصادية او أنا على الأقل. يتفق الجميع على أن الرجل انخرط فيها و جربها. الرئيس منشغل بالنائب الذي اتهمه برجل المخابرات الاول في افريقيا.
محمد ولد عبد العزيز إما لاعب ماهر أو مغامر عسكري أو مصلح مستعد لمواجهة الجميع و كل شيء أو هما معا، و بالنسبة لي الأصلح لموريتانيا و دولة محكومة بنظام المافيا و الجبهات و المحاصصة و الوساطات و معبر من الدرجة الاولى الأصلح لها و رجل مرحلتها رجل يلعب بمهارة يغامر يفكر بعسكرية جافة  و يستخدم العقول و الجانب التخطيطي و الاستراتيجي بذكاء و هذه الاخيرة هي ما أخشاها فيما يتعلق بالرجل أكثر من كل شيء. ليس فقط في موريتانيا في العالم الثالث رجل يريد أن يصلح أمته لابد له من هذه النقاط، فالمصلح الذي لا يعرف اللعب سيرمي بها خارج اللعبة في دورتها الأولى. إن العالم المتقدم لا يريد عالما ثالثا شرعيا بكل قيم الشفافية و الديمقراطية و الحقوق و غيرها من الشعارات و اليافطات إنه هو من يصنع الجنرالات تجار المخدرات و الرؤساء المتاجرين بالقضايا و هو من يخلق رجال الأعمال و يساعدهم على الانخراط في المافيا ، العالم المتقدم هو الذي يريد للعالم الثالث أن يكون شعوبا مدراة بعقلية المافيا و برجالاتها لأنك حينما لاتكون هو يعمل على أن تكون تلك طريقته في التحكم و السيطرة.
أنا لا أستبعد أن ولد عبدالعزيز أبدا شارك في كثير من الأعمال الغير مشروعة على غرار كل زعماء العالم الثالث لكنني متأكد من أن مخابرات أمريكا و فرنسا و العالم المتقدم كانت وراء كل تلك الخطوات حتى منذ كان هو حارسا لمعاوية ، لكن أنظر لذلك كجزء من لعبة يجد الواحد نفسه مرة مرغما على استدعاء كافة الأوراق لديه، حتى قد يبدأ هو اللعب و يتحدى اللاعبين الأخرين ليبعث لهم برسالة من نوع ما، مثلا أوراقي أقوى من أوراقك، و بقطع شك المنافس بأن الاوراق الرابحة كلها لديه و تصرفه على ذلك الأساس. أحيانا نلعب و نحن متاكدون من أن وسائل الفوز لدينا فنملي و نأمر و ننهي و كأننا السادة فيكون المنافس مضطرا ليبعث رسالة مفادها هنالك حتى ورقة او اثنتان لدي كافيتان لقلب المعادلة ، و حينها فقط تجد ذلك اللاعب يلعب بطمأنينية. الأسوأ دائما ان شعوب عالمنا الثالث محكومة بحتمية انتظار الفائز.
جاءت اتهامات "مامير" و بيان "بوعماتو" و كتاب التأييد و المناصرة و مجموعات التأييد و المناصرة و صحافة التأييد و المناصرة،  و المعارضة العاجزة الضائعة  المائعة خرجت تؤيد هي الاخرى فتلك رجالات تعاني نوعا من الخلط في المفاهيم بين السياسة و القبيلة و تعاني حالة ضياع ذهني و إدمان سياسي مقيت. هي تاكدت بشكل أو بآخر أن إرهاصاتها الصبيانية لم تعد فقط ليست مبعثا للأمل بل مبعثا لبلية مضحكة و شر البلية ما يضحك. نسيت أن بوعماتو مثلا هو من دعم "ولد عبد العزيز " بالأمس و قالت أنها تحمي رجالات الإقتصاد، رجالات تعرف اللعب بأعناقهم الممتدة تماما كما تلعب بكشوف الحسابات و كما تدير المنافسة على صفقات العمر. ربما كان خطأ رجل الأمن الأول الصامت ولد محمدفال أن رأى فيها أملا أو نافذة يطل منها رغم أنهما يشتركان معا في المستوى اللغوي و مستوى الخطاب السياسي إلا ان الرجل كان ليحتفظ بهالة احترامه خلف أبواب قصره أكثر من على شاحنة او منصة المعارضة.
الأكيد أن الرجال الثلاثة الذي يجمعهم النسب  و المال و الامن و جمعت الغرف المغلقة و الإتصالات المشرفة و لديهم تاريخ طويل من التبادلات و الأعمال العميقة، يلعبون لعبة أكبر تبدو المعارضة كلها معها صبيا يرقص في شارع من شوراع "دار النعيم" لعبة لها بعدها الدولي و الإقليمي، فالمخدرات إن كانت مرة يوما من هنالك فولد بوعماتو و ولد محمدفال على علم بها ربما قبل ولد عبدالعزيز و الإحتيال على المال العام و الصفقات إن كان حصل فيها شيء فربما الدراسة من ولد بوعماتو و التصاريح من اعل ولد محمد فال و التنفيذ من ولد عبدالعزيز. الثلاثي متشابك لدرجة يصعب معها التفريق بينهما في أي شيء.
اتهامات "مامير" و مكتب المحاماة الذي يدافع عن "ولد عبدالعزيز" ربما هي ورقة ثقيلة من أوراق اللعبة، ربما "اسرائيل " أيضا لها هنالك اصبع أو رائحة عطر فهي تعشق مثل هذه الألعاب و قل ما تفوت طاولاتها. و حين تطول تلك اللعبة و تتخذ منحة الجدية و يلقي فيها كل بوزنه دون أن يكون لديه ما يخسره فهي لعبة خطيرة ستطال الجميع . لكنه أمر مستبعد فلدى الجميع ما يخسره و يخسر أشياء كثيرة و ربما الأمر نوع من التنبيهات القوية ليعرف كل مكانه و يعيد تموضعه على المعلم. و ربما ستقتصر على بيانات و تصريحات، و يعرف رجال المال و الأمن جيدا كيفية إغلاق ملف ما أيا كان بصمت. فحياتهم كلها ملفات تفتح و أخرى تغلق.
يصدر "ولد بوعماتو "بيانه و يؤكد "مامير" اتهامه و يستمع ولد عبدالعزيز إلى تلفزيونه الوطني يتحدث عن بيان "اللجنة المستقلة للإنتخابات" من يفهم شيئا؟؟؟ دائما خطوات الجنرال الرئيس او الرئيس الجنرال سطحية حد التعقيد و تعقيد حد السطحية.
فتح عليه باب جحيم اسرائيل و لظى بوعماتو  و رماد ولد محمدفال و عين عدم رضا من فرنسا و عين امتعاض من عقوقه من امريكا و عين أمير أحيانا تفكيره يرمي بين يديه كذبات كبيرة، و ربيع عربي ينظر إليه بعين الريبة "أيها العسكري" و داخل من الغوغاء و الصراخ و العبثية و الفوضى ، فمن معارضة  المهرجانات و الخطابات الساذجة إلى شباب لم يجد بعد ذاته منقسما بين القبيلة و السياسة و المبدأ و المحاكاة و المغالطات. لا استبعد خرجة قريبة للجنرال يقول فيها و كأن لا شيء كبير يحصل و لا مرحلة استثنائية تمر بها موريتانيا : و يقول : نحن مستمرون في محاربة الفساد و أنا أعرف جيدا المفسدين و أفعالهم.
ما أريد قوله أن الفساد بمستوى الممارسات الغير مشروعة و العابرة للحدود كل رؤساء و مؤسسات و رجال اعمال افريقيا و العالم الثالث عموما ، تقريبا متورطون فيها. و برعاية سامية و تأطير و متابعة من رجالات استخبارات العالم المتقدم، و أني انا مثلا سأطرح احتمالين:
إما أن محمد ولد عبدالعزيز يستخدم منصبه لتجميع الثروة و تصفية الحسابات مع الجميع و يتحكم في الوزراء و الدولة و الاقتصاد وكل شيء و هو رجل مافيا على غرار برلسكوني يفوقه قليلا بكونه يتمتع بالعقلية الموريتانية الاكثر فاعلية ربما في هذا المجال و في دولة كموريتانيا. و حينها ليست معاداة فرنسا و امريكا و اسرائيل و رجال الأعمال من وزن ولد بوعماتو بأفضل الطرق إلى ذلك. و لربما ما فعل علنا كان ليفعله في صمت في حين المعارضة تشغل الرأي العام بصراخها في الفراغ، و الكتاب منشغلين بتحليل "خطاباتها" و بالمهدي المنتظر  و الصحافة مشغولة بحركة لا للإباحية و بجولة "برام ولد عبيدي" مثلا و بيان بنت المختار.
و إما أن الرجل مصر على مكافحة الفساد و بناء دولة و في سبيل ذلك يستخدم أوراق لعب يعرف أن عليه لعبها بحزم و حذر و استخدام الطرق المشروعة و الغير مشروعة و عقلية المافيا على غرار منافسيه.
و إما أننا في موريتانيا و من كثرة الحديث و التاويل و العبثية و السيبة و اختلاف المفاهيم حد الإنقلاب ، و فوضوية الإعلام و زبونيته و سطحية المعارضة و تحركاتها و تميه الشباب في معطى سياسي لا يرقى لأي مستوى. فإنه لا احد يفهم شيئا و عزيز وولد بوعماتو ولد محمدفال و مامير و اسرائيل و فرنسا و الحرب في مالي و البنك العام لموريتانيا و ولد الرايس و البنك المركزي في شأن آخر بعيدا عن هذا اللغط.
إما سيصل كل ذلك لنقطة يكون فيها خبرا بعد عين و يكون كل ما حصل "عين بيظه" كأن لم يحصل حتى و كأنه أخذ من الأرشيف و نجد كل شيء كما هو و ننسى كل ماكان كما نسينا مثلا قضية سجن رجال الأعمال و قضية دعم ولد داداه لإنقلاب عزيز و قضية دعم ولد بوعماتو له، و ينتهي كل شيء. و إما أن الشعلة ستتقد و ستطال رؤوسا كثيرة حتى رؤوسا قد سلمت أو اختفت و لظاها حينها قد يطال رجالات و دول ، و تجد موريتانيا و صحافتها  و سائقوا تاكسياتها و شاربو شايها ما ستحدثون حوله و يحللونه و "يتشاحنون" فيه . و على العموم كان من سوء حظ المعارضة و حسن حظ متابع مهرجاناتها أن الثلاثة " أقرباء" فمعارضتنا يحرك كل ما له صلته بالقبيلة و القرابة يحرك مشاعرها و يعتبر من مصادر إلهامها في الخطابات.