Friday, February 28, 2014

قبل المنتدى بحاجة للتكتل و بعده بحاجة للتواصل

موضوع حول منتدى المعارضة المزمع عقده 



عبدالله أحمدمحمود
كاتب إعلامي 

من المتوقع أن يعقد غدا ما يسمى منتدى المعارضة و الوحدة أو منتدى المعارضة كما تختصر الكثير من وسائل الاعلام الوطنية الأمر، هذا منتدى يثير كثيرا من اللغط فبالنسبة للبعض يبدو المنتدى المستحيل و بالنسبة للأخر المنتدى الأمل و آخرين حتى لم يلقون بالا. تجدر الإشارة إلى أن الإعلان عن المنتدى جاء في صيغة خجولة باهتة باردة ، تليق فقط برجالات سياسة الخيام و أهلها ممن لا يعرفون معنى ان تعيش في عالم انفجار اعلامي  تحكمه الخرجات الإعلامية الموفقة. فجأة بدأ الحديث هنا و هناك عن ما يسمى منتدى المعارضة وو، و المهتمون بدأو يسألون و يتساءلون أسئلة مشروعة حول خرجة من ذلك النوع. حتى قبل الإعلان عن المنتدى نفسه كان خبر تعليق حزب التكتل المشاركة فيه قد خطف كل الأضواء فلم يعد أحد يهتم لتفاصيل المنتدى و أهدافه بقدر ما يهتم لسبب تعليق حزب التكتل المشاركة فيه. لكن رب ضارة نافعة فتعليق المشاركة جعل الكثيرين يبحثون بجدية عن المنتدى و متعلقاته و شكله و مضمونه و ذلك للحصول على جواب حول سؤال تعليق التكتل المشاركة. هل أن ولد داداه كان يريد أن يكون المرشح التوافقي للمنسقية أم أنه كان يريد رئاسة المنتدى، أم أن للأمر متعلقات أخرى.
يسجل المراقب ملاحظات على هامش هذه الخربشات الإعلامية و الخرجات الغير موفقة من رجال سياسة لخيام، أولهم طريقة الإعلان عن المنتدى لا توحي بجديته و لا بمفصليته في الإشكال، فلو كانت المعارضة و من معها جادين كان المنتدى ليأخذ زخما أقله كزخم مطالبات الرحيلة السالفة. ثانيا: المنتدى يشكل نقطة التقاء لكثير من المتناقضات التي لا أثق في الحنكة السياسية الوطنية لتستوعبها بكل أشيائها. الملاحظة الأهم ربما هي أن المنتدى على رأي المؤمنين فيه و بدوره سيجمع ثلاثي المعارضة و المجتمع المدني و المستقلين، و حقيقة الخلط الحاصل معي هو المجتمع المدني ألا يعتبر مستقلين في مرحلة ما أم من جهة أخرى المستقلون هم مجتمع مدني خاصة إن اسقطنا على خصوصيات مجتمعنا المدني في موريتانيا الخاصة جدا. أم أنه في النقطة هنا هنالك خلط بين المجتمع المدني و المجتمع المدني المعارض مثلا. أظن أن حالة الميوعة التي نعيشها في كل شيء تؤثر في كل شيء معنا.
أنا شخصيا من ناحية مبدئية أرى المنتدى فرصة لقاء جميلة إذا و فقط إذا نجح "المجتمع المدني" في إعطاء بعض الدروس للقادة السياسيين، و نجح في تجديد آلية و ميكانية التفكير السياسي لديهم و اشتغل على تأهيلهم و تأطيرهم للوصول بهم إلى نقطة يمكنهم فيها منافسة أي كان ولو حتى أسوأ من ولد عبدالعزيز. و في هذه أيضا تبرز مشكلة أننا نعرف محليا أن كبار السن خصوصا ممن اقنعوا أنفسهم ببعض الترهات التي لا علاقة لها بالسياسة أكثر مما هي امتداد للدستور القبلي هؤلاء لديهم أدمغة جامدة عصية على التأثير.
السؤال المنطقي هنا: ماذا سيناقش هذا المنتدى خاصة أن بعض مشاركيه قالوا أن مرشحا توافقيا ليست اولوية، إذن هل سيرسم خارطة طريق للحراك المعارض حتى يصل به إلى نقطة يكون فيها قادرا على المواجهة فالكيانات المهترئة بشكلها هذا غير قادرة على هزيمتي حتى إنا الذي لا يعرف أحد إذا ما قررت الترشح للرئاسيات. أظن المواضيع هي الأخرى مختصرة في ورشات، و المعارضة بعد مسلسل المسيرات و الشارع و بعد ساحة بن عباس قرروا العودة لساحة بعض قاعات الفنادق و الورشات و حقا ذلك نضج ووعي يحسب لهم بشرط ان لا يختصر ذلك في نقاشات عقيمة و تداول كؤوس مترعة بالشاي الأحمر. و يبدو حسب ما وصلني من معلومات أن التركيز كل التركيز على الأمور الشكلية من يلقي كلمة المعارضة و من يلقي كلمة المستقلين و من يرقص في حفل الافتتاح و من يغني في النهاية و من يتكلم بإسم فلان.
و السيناريو الذي رسمه أحد المنظمين للمنتدى لمشكلة التكتل هو ان سوء تفاهم حصل، فبعد ما ظن ولد داداه ان خبرا وصله مفاده رئاسة التكتل للمنتدى اكتشف لاحقا ان الأمر يتعلق بالافتتاح و أن ورقة المعارضة سيقدمها تواصل. و بدا الأمر غير واضح للتكتل فأعلن إعلانا أربك منتدى كان مرتبكا من بدايته.
و الجميل أن البعض لازال متمسكا به، و هو أمر إيجابي فعلى ما يتوقع أن يشهده من خلافات و تباعد في وجهات النظر بين حزب ترشح و اخذ مقاعده خارجا على منسقية قاطعت و عاد لتسلم إليه ورقة المعارضة في المنتدى. رغم ذلك المنتدى مهم للإلتقاء و ربما تفعل القاعات و الورشات مالم تفعله الساحات و التظاهرات.
لكن خوفي ، لنا معارضة تبدع في شيء واحد امتصاص المبادرات و اغتيالها بدم بارد، و الناشطون على كل وعيهم و ثقافتهم و نضجهم لم ينجحوا يوما في لعب اللعبة السياسية بشكل دقيق لا مع الاغلبية و لا مع المعارضة فكل ما يحسنوه أن يكونوا جماعة تابعة لأجندة مخرف سياسي . فيوما ماضيا امتصوا الحراك الشاب الذي في مرحلة ما رأينا فيه أمل تشكل ما لم نلحق أن نحدد هويته حتى امتصته القبيلة و المعارضة و ابن عباس، حراك فبراير ظهر في مرحلة حاسمة من التاريخ السياسي لكن كان دون التوقعات و لم يكن على قدر المسؤولية. و الآن ظهرت مبادرات شابة اخرى مؤخرا و ظهر حراك دجمبر و أخاف ان المنتدى هذا أيضا هو بداية امتصاصه في بوتقة السياسة المعهودة لدينا.
إن المأساة أن مجتمعنا المدني و ناشطينا و مثقفينا غير قادرين على لعب اللعبة السياسية لم يجدوا بعد صيغة لمواجهة المدرسة السياسية التقليدية. على كل ما يتصورونه من قدرات و امكانيات و نشاط ، لازالت عقلية الجيل الاول و الذي يرفض الانسحاب إلا إلى القصر أو القبر لازالت عصية عليهم. و السبب ببساطة أن كل ناشط حين يجلس إلى نفسه بعيدا عن بعض الشعارات الموغلة في السخافة يجد أن قناعته بحاجة لمراجعة لماذا هو هناك؟ لرجل لقبيلة لوظيفة أم لماذا ؟ و المؤسف أن الحقيقة هي أنهم إما بين هؤلاء أم آخرين لا يعرفون أصلا لماذا هم هناك؟
و المنتدى مادام يشهد خلافات بهذا الشكل على من يقود و من يقرأ الكلمة و من يرفع العلم و من يفتتح و من يختتم فصدقوني تلك ليس هي أفضل بداية للنجاح في الانتخابات. و اظن من وجهة نظري البسيطة أن مرشحا موحدا يتطلب الكثير من التنازلات التي لا طاقة لشيوخ القبائل بها. و ماذا مثلا لوقال بعضهم عن المنتدى الذي لم يأت بعد نفس ما يقوله البعض الآخر عن لقاء الشباب الذي لم يأت هو الآخر، فيقول لن يأتي بنتيجة و هو بداية لاستغلال المجتمع المدني و الشباب  من طرف المعارضة ، و لن يغير شيئا و لو كانت المعارضة جادة كانت نظمنت منتدى من هذا القبيل من سنوات؟ و أين هي توصيات كل لقاءات المنسقية الماضية و منتدياتها و مؤتمراتها؟ لا يرجى من هذا المنتدى أي قيمة و لا نتيجة و هي لعبة مفضوحة تماما على غرار ما يقول آخرون عن لقاء الشباب.

أمام هذا نجد أنفسنا في حلقة مفرغة، و أمام وطن ينتظر و سينتظر طويلا.