Friday, April 15, 2011

المنتدى الوطني للشباب الموريتاني بدأ وانتهى كيف ؟ وأين ؟ متى ؟


اليوم ذكرتني  مداخلة في حلقة على الاذاعة الوطنية كانت لي مداخلة بسيطة فيها بهذا الموضوع.............

انعقد منذ يومين وعلى مدى يومين المنتدى الوطني للشباب الموريتاني في قصر المؤتمرات تحت الرعاية السامية لرئيس الدولة، افتتح المنتدى من طرف الوزير الأول بكلمة بدا فيما بعد أنها ستكون النقطة الأهم والأبرز طيلة اليومين .
بدا الأمر عظيما بداية فالشباب أخيرا وجد المنبر الذي من خلاله سيطل مباشرة على الجهات الوصية بهمومه وواقعه الأليم و أفقه الضبابي ، وسيضع الجميع أمام الواقع الذي تهرب منه دوما بفعاليات لا تخدم إلا من سيلتهمون من خلفها ميزانيات طائلة  ، من مهرجانات الشباب إلى البطولات الرياضية والأنشطة الثقافية الوهمية ، إلا أنه مع تقدم ساعات المنتدى كان الستار ينكشف شيئا فشيئا عن الملمح الهزيل للتظاهرة التي بدا أن المسؤولين أرادوا إخفاءه خلف بريق قصر المؤتمرات فخر الدولة المعماري للتظاهرات الرسمية
، ما حصل أن موضوعا كبيرا يخص تفعيل الشريحة الأنشط والأكثر في المجتمع طرح بشكل مرتبك لم يخضع لمسطرة فاعلة تهدف للوقوف على حيثيات موضوع ما بل كانت قفزة في الأرض و أخرى في السماء ، هكذا غلب على تعليقات الذين سألتهم ممن حضروا التظاهرة ، والذين ربما كان حظهم منها أقل من حظ آخرين تساءلوا حين سمعوا عن المنتدى هل انتهى متى بدأ كيف ؟ أين ؟ متى ؟ وجدتني محرجا فحين تريد الإجابة على هكذا تساؤلات إما أن تدعي السذاجة فتقول : بدأ في قصر المؤتمرات يومي 27و28 /12/2009 أما عن كيف فستصمت صمتة طويلة بعدها تقول افتتح بكلمة للوزير الأول ثم تعاقبت المداخلات الرسمية ثم ... ثم .... انتهى  .
المنتدى خطوة جبارة، لكنها ارتُجلت
فوجئت وأنا أمر في ذلك اليوم الحار من أمام وزارة الثقافة والشباب والرياضة بتلك اليافطة الكبيرة والتي كتب عليها بخط كبير وواضح ما مفاده أنه تحت رعاية رئيس الدولة ينظم المنتدى الوطني للشباب تحت شعار الشباب في خدمة التنمية ، فضحكت أساريري كما سيحدث مع أي شخص يعرف ما تعنيه هذه الشريحة في هذا المجتمع ، تستبشر خيرا وأنت تسترسل في قراءة اليافطة إلى ان تقف عند السطر الأخير الحدث بعد يوم وسيستمر على مدى يومين  ، فيم يفيد عرض اليافطة يوما او اثنين قبل الحدث إما أنهم استعجلوا الحدث أم يريدوا للشباب أن يعرفوا عن منتداهم ، تتجاوز هذا التساؤل بتفسيرات كثيرة تتبادر إلى ذهنك ، إلا أن ما سيستوقفك هو هل يكفي يومان لعرض مشاكل التنمية وحدها في موريتانيا فكيف بالوقوف على هموم الشباب أيضا ، هل يكفي يومان لنقاش أكبر اشكاليتين في هذا البلد التنمية والشباب ، إننا في دولة وضع الشباب فيها عائق من عوائق التنمية وسياسة حكومته التنموية إن وجدت عائق في وجه الشباب إن الأمور شائكة وعلى مستوى من الأهمية يجعلها تحتاج كمية أكبر من الرصانة والمبالاة إن أمرا كهذا كان يجب أن يتمتع بشيئ من التماسك التحضيري و بمستوى من نضج القناعات ، و إلا فسيكون مسرحية سخيفة و ضحكا على الشباب وعلى التنمية .
إن أول ما يتبادر إلى ذهنك و أنت تتحدث عن منتدى للشباب هو أن ورشا فكرية ستنظم ولقاءات محمومة وأن كل شرائح الشباب على اختلاف أحلامها وواقعها وتوجهاتها ستكون ممثلة وسيكون هناك أخذ ورد بنائين بين الشباب و  الشباب والشباب والجهات المعنية فيما هو كائن وما قد يكون وما يمكن أن يكون ، إلا أن بداية كهذه لا تبشر أبدا بخير .

المنتدى...مائدة اللئام
وأنت تحاول قراءة المنتدى قراءة عامة لا يمكن إلا أن تتذكر مائدة اللئام ، ما حصل قبل وبعد وأثناء المنتدى لا يذكر إلا بمائدة اللئام ، فهم قبلها لا يحدثون حركة ولا ضجيجا خوفا من لفت الانتباه ، وإذا اجتمعوا حولها لا يريدون إلا التهامها بسرعة خوفا من أن يزعجهم الزائرون أو العابرون ، وحين ينهونها فهم يوضبون بقاياها بسرعة  لئلا يتهمهم أحد بأنهم أرادوا تناولها من دونه ،يوضبون كل شيء في لمح البصر ، وكل يستخدم كم قميصه ليمسح فمه جيدا عن آثار الدسم ،ليبدو الأمر وكأن شيئا لم يكن ، إن حدثا بهكذا مستوى من الأهمية كان يمكن ان يكون أكثر فعالية لو انتهج طريق غير ما انتهج في إدارته وتسييره ، ولو أشرك الجميع في التحضير له ووضع برامجه على عكس ما حصل فالمسؤولون أعدوا كلماتهم و طبخوا المائدة ثم أتوا بالشباب المطبوخ ليلتهم ذاته ، لقد حضر من الشباب  في منتداه طعام جاهز ،وقدم له ليلتهمه ، لم نجني لحد الآن من هكذا مناسبات إلا مناسبات ليحسن المسؤولون لغتهم وطريقة تهجيها ، ولتلتهم الميزانيات ولتعرض اليافطات الجوفاء ،ثم يبث خبر مركب من الأشلاء في الأبواق الإعلامية .لقد تنادى المتنادون حول مائدتهم بعيدا عن الشباب وآلامه وآماله وواقعه ومستقبله ، والشباب تفرج من بعيد بين من أخجله الوضع ومن أسكتته لقمة تبقت في الإناء.
التغطية الإعلامية ...
منتدى التلفزة للشباب الذكور فقط !!
وانت تستيإس من الوضع تخلص نجيا ، واضعا احتمال أن في التغطية الإعلامية ما قد يغطي على الفشل الذريع للتظاهرة ويعطيها معنى آخر فالمشهد حين تراه يخيل إليك أنك في قاعة سينما حيث النجوم المشاهير والجمهور والمصافحات والتدرب على البروتوكولات والرسميات هو الشغل الشاغل ، إلا أنك في لحظة ستتذكر مرة قال لك فيها أحد " واحمد من يغفر له " من سيغطي على فشل الإعلام الرسمي نفسه ، والذي تجسد واقع تغطيته في جلسة كانت شبه منحرفية هذا إذا كان لابد لها من أن تعطى شكلا هندسيا ،حضرها بعض المعنيين وبعض الشباب والباقي تعرفه معرفة تلفزة الجمهورية ، كانت سفينة الحوار تتهادى يطبعها ذلك الطابع البرودي الخجول المجبولة عليه تلفزتنا وضيوفها ربما مبعثه ديكور الاستوديو او الوان الستائر ، وأنت تتابع الجلسة متحاملا على نفسك يستوقفك أن الجلسة خالية من تاء التأنيث تفكر بأن المنتدى كان خاصا بالشباب الذكور وهنا فرئيس الجمهورية صار ملزما برعاية سامية لمنتدى آخر للشابات ،وإلا فإن حوى ستغضب منه ونعرف كم صعب إرضاؤها حين تغضب .
كان الحوار سفسطائيا ، كبت الشباب والبطالة تؤدي للالتحاقهم بالجماعات الإرهابية وعموميات من هذا القبيل يكررها كل من هب ودب وصارت اسطوانات مشروخة ،دونما يتم الوقوف على خصوصيات الشباب الموريتاني وميزاته والمشاكل الحقيقية التي يعاني منها ، لم يتوقف أحد على الجرح وكأن الطبيب غير ضليع بالتشخيص والمريض لا يعرف مكان الجرح .
في الوسائل الأخرى المستقلة كاد الحدث يكون غائبا كليا ، لولا بعض الأسطر التي لا تتجاوز الأصابع : انعقد المؤتمر ويستمر على مدى يومين ونقطة نهاية .
الآن المنتدى قد انتهى ولا يبقى إلا أن نسأل الله : اللهم إن كانت كل منتدياتنا هكذا فأرحنا منها و أصلح متنادينا وما ينتادوا عليه .