Sunday, February 17, 2013

الفيسبوك و المستخدم الموريتاني: العلاقة الساذجة




عبدالله محمدعبدالرحمن
كاتب – إعــــــــــلامي

حقق فيس بوك و يحقق منذ بروزه كظاهرة كونية اجتاحت العالم، حقق أرقاما قياسية على كل الصعد ، حيث قارب المليار مستخدم في العام الماضي . و حين وضع في البورصة حقق أرباحا تقارب الخيال. يشكل حقا الفيسبوك دليلا واضحا على الأمور التي تبدأ صغيرة جدا جدا ثم تكبر و تكبر. ما كان مارك . زوكربيغ يفكر أن ذلك "البلات فورم" الذي وضعه للتواصل مع أصدقائه في المدرسة و التبادل حول دراستهم و شؤونهم، ما كان يفكر و لا حتى خيالا في أن يصل ذلك الموقع ماهو عليه الآن حيث صار محور تواصل في عالم يعمل على زعزعة معطيات الزمن و اختصارها بأكبر قدر ممكن. اليوم الفيسبوك شبكة تمتد خيوطها جاعلة من العالم كتلات بشرية مترابطة، تلك الخيوط كان من الطبيعي أن تصل ولو بلدا نائما يستمتع بهمس محيطه في أذن صحرائه يتقاسمه ضياع العرب و شحوبة ملامح الإفريق.
 شهدت موريتانيا دخول الانترنت و اعتمادها عام 98 بالضبط ، عامان بعد ذلك تم انشاء كتابة للدولة مكلفة بالتقنيات الجديد و انيط بها نشر استخدام الانترنت في موريتانيا، في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي عن تقنية المعلومات 2007/2008م تم إصدار تقييم لـ 129 دولة حول العالم من خلال مؤشر الاستعداد الشبكي Networked Readiness Index NRI، وهو مؤشر يقيس مستوى البنية التحتية لمجتمع المعلومات في القطاعات الرئيسية الثلاثة: الحكومي والخاص والأهلي، ومستوى تأهل الأفراد والأسواق، ومدى تجاوب التشريعات القانونية والتنظيمية مع مجتمع المعلومات.وحسب هذا التقرير احتلت موريتانيا المرتبة (97) عالميا و هي المرتبة ما قبل الأخيرة عربيا. نفس التقرير يذكر بأن عدد مستخدمي الإنترنت في موريتانيا بلغ 30 ألفا  عام 2009. مقابل سبعة آلاف سنة 2001. تعود هذه الإحصائيات إلى تاريخ 2009 فمن الصعب اليوم وبعد 3 سنوات أن تجد تقريرا حديثا دقيقا يقف على إحصائيات حول الإنترنت في موريتانيا اليوم و إن وجدت و قد أعدتها جهاتنا المعنية ، سيكون تقريرا قديما توضع عليه أرقام تخمينية شأن كل التقارير و الإحصائيات التي لدينا. في بلد لا استراتيجيات فيه طويلة الأمد، فكل استراتيجية عرضة لغضب قبيلة أو نزوة جنرال أو طمع سياسي جاهل متحجر العقل و العقلية لا مكان لإحصائيات دقيقة بل لا تبدو الحاجة إليها ملحة.
متابع صفحات الفيسبوك اليوم في موريتانيا و نشاط الموريتانيين على الفيسبوك لا بد أن يقف معبئا بأسئلة ملحة، حول عدد سكان موريتانيا و عدد مستخدمي الإنترنت فيها و مدى اعتماد الإقتصاد فيها و الأعمال على الأنترنت و على استخدامات الفيسبوك في المجال. لأنك ببساطة ستجد حوالي كل شخص يتواصل مع 4000 شخص ، ستسأل عن طبيعة عمل هذا الشخص و ماهي الأعمال التي يقوم بها على الإنترنت؟ و ما مدى اعتماد دخله الشهري على الإنترنت. ستجد أبطال هوليوود أسماء و صورا و أبطال بوليوود أسماء و صورا و كل لاعبي العالم أسماء و صورا و جميلات ووسيمي العالم كله،فالواحد في موريتانيا حين  يلقي نظرة على صفحته ستجد نفسه صديقا لكثير من "مشاهير العالم".
من فترة لآخر سيصله طلب صداقة من شخص بإسم مستعار و صورة طبيعيا مستعارة و سيقبل الطلب، ربما لأن عدد أصدقائه سيصبح 3001 ربما لم يجد من يسأله : ماذا يفيد إن أضاف شخصا لن يزيد من إزدهار أعماله إن كانت هنالك أعمال. و إن كانت الصفحة فقط للاستمتاع و استهلاك الوقت فذلك أمر آخر. لكن المؤسف في الأمر أن أغلبية الواقعين ضحية لهذا الاستهلاك الساذج الغبي للفيسبوك من النخبة المثقفة و المعول عليها، ثم إذا ما  كانت مشاهدة أصدقائك متاحة للجميع فلن تعدم يوما يراسلك فيه صديق أجنبي ، أنا الآن تصلني كثير من طلبات الصداقة من موريتانيا و من أشخاص لا أعرفهم و يسألك عن التفسير ، لا تفسير هل ستقول له عفوا صديقي لكنه "مجتمع السيبة" لن يفهم. ستضطر لإخفائهم حتى لا يراهم أحدا و ستتأسف لأنه سيرى تعليقاتهم و تفاعلاتهم على صفحتك و أيضا سيبعث لهم طلبات. هل هي قوة مجتمع الفراغ تطغى أيضا هنا على معطيات أوراق المثقف.
إن ما يحصل في موريتانيا و طبيعة استهلاك المستخدم الموريتاني لمادة الفيسبوك مطبوعة حد التملك بطابع السذاجة و العبثية و الفوضوية، فلا ضوابط تحكم مرسل الطلب و لا شروط لدى مستقبله و لا هدف محدد من صفحة ما. يوم جلس إلي المدون التونسي و سألني عن سر ذلك الكم الهائل من الأصدقاء لدى الموريتانيين عموما؟ لم أجد إجابة كالعادة. قلت له مداعبا: روحهم الطيبة. بعد إضافتي له بأسبوع وصله حوالي ثمان  طلبات كما قال من موريتانيا على حد قوله و أغلبهم لديه ما فوق الثلاثة آلاف صديق . الأمر يشي بحالة يمكن تسميتها "شغلة أهل لخيام"  لكن أن يكون من أشخاص تنتظر منهم مستوى أرقى فالأمر حالة مرضية تستحق الوقوف عندها.
ربما لا أبالغ حين أقول أن المستخدم الموريتاني وضع حالة خاصة للفريق الأمني في الفيسبوك ، فلم يعد يعرف على أي أساس تبنى علاقاتهم و روابطهم في الفيسبوك، استخدامات عائلية اقتصادية اكاديمية أم ماذا؟
 و ربما و رغم أنهم فقط 3 مليون شخص تبلغ نسبة الأمية فيها حوالي 60 في المائة و عن الأمية الالكترونية حدث ولا حرج. رغم هذه الأرقام ربما وجد فيسبوك نفسه في حيرة أمام دولة بهذا الحال مع ذالك الكم من الحسابات و العلاقات، فهنالك من هوايتهم فتح الحسابات فقط فتجد الواحد بعشر حسابات و إن كان ناضجا و مثقفا تجده بحسابين إلى 3 على الأقل. أمام حالة كهذه طبيعي جدا أن تصلك رسالة من عداد فيسبوكي مربك و يقول لك تم إغلاق حساب و لديه ألف سبب، من بعث طلبات لأشخاص لا تعرفهم و هذه أولى البنود التي ينص عليها الفي سبوك ان تراسل من تعرف أي نوع من المعرفة و يعطي حيزا لذوي الصلات المهنية و العملية بحيث يسمح لهم ببعث طلبات متعددة قبل أن يحذرهم. من ذلك  إلى وجود عدد كبير من الحسابات المعطلة ضمن أصدقائك، طبيعي جدا ما دمت تضيف كل أحد. إلى تواجدك في مجموعات كثيرة مختلفة الاتجاهات و المشارب و الاهتمامات.... و غير ذلك كثير .
رغم أنها 3 مليون اكثر من نصفها أمي، ربما أكثر الدول التي توجه إليها تحذيرات و تعلق من إرسال الطلبات هي موريتانيا، و كل من أراد أن يضيفك لمجموعة يفعلها و كأنك حسابه الثاني. هل سبق و استشارك شخص هل أضيفك للمجموعة كذا؟ لا طبعا. و مع هذه الموجة الهائلة المقبلة على استخدام الفيسبوك فإن خلفها أمية مطلقة بالحالات الأمنية البسيطة و أمية مطلقة في التعاطي مع البيانات العام منها و الخاص و سذاجة في إدراك حالات الخصوصية الشخصية و الأمنية. في الأسابيع القليلة الماضية أغلق الفيس بوك بعض الصفحات لمستخدمين موريتانيين، آخرهم صديقة أخبرتني بالامس أن حسابها تم إغلاقه و آخرين كثيرين. إن الفيس يحذرك مرات ثم في مرة يأخذ قراره.
إن استخدام الفيس بوك مفتوح لغايات عدة لكن الحبل ليس على الغارب و ككل شيء لابد من ضوابط، و الضوابط طالما كان من هوايات مجتمع "السيبة" تكسيرها و محاولة القفز عليها. إما أن تستخدمه لبناء مجتمع تريد تقديم مادة له أدبية اقتصادية سياسة أي شيء و في هذه الحالة طبعا أنت مهتم ببناء أكبر مجتمع لك على الإنترنت و لهذا الغرض وضعت خدمة صفحة، أو للتبادل مع مجموعات معنية حول أفكار معينة و مواضيع و لهذا هنالك المجموعة ، و حين تلقي نظرة على عدد المجموعات التي أنت عضو فيها ستجدها المئات و في هذه هنالك عذر فلم يأت فيس بوك بطريقة بإمكانك بها  الخروج من المجموعات بسهولة كما أن خصوصياتك لا تمكنك دائما من منع الآخرين من إصافتك لها، فصار لكل قبيلة مجموعة و لكل شخص مجموعة و المجموعة في غالب الأحيان لا تخدم على جميع المستويات. و وجود الصفحة و المجموعة لا يعني أنه لا يمكنك استخدام حسابك لبناء هذه العلاقات لغايات اقتصادية عملية و علمية و حتى شخصية ، بل يمكن ذلك حسب معايير محددة تحدد فيها من يخدمك كمتفاعل و كمستهلك لمنتجك.
و إن كان الإستخدام شخصي عائلي فمن الطبيعي أن لا يكون في صفحتك إلا أصدقاؤك و عائلتك و ناس تعرفهم، تتبادل معهم في كل شيء حتى المزاح و فقط استهلاك الوقت إن أردت. و ربما تبحث عن صداقات مع أشخاص تعجبك مشاركاتهم و لكن في حدود، ليس أن تضغط "أضف صديق " كل ما رأيتها أمام صورة أعجبتك.و إن كان الإستخدام للعبث فقط و الفراغ، فحينها هذا حساب يستحق التوقيف و عليك أن لا تضيفه ضمن قائمة أصدقائك، لأنه لا يعتبر مستهلك لمادتك و لا منتج لمادة قد تفيدك.
عن الحالات الأمنية ، من العبثية في عالم اليوم أن تضع خصوصيتك في حماية أربعة أرقام أو حتى عشرة ، هي الأرقام السرية. تفرض متطلبات الحماية اليوم أن تستخدم رقما سريا معقدا متنوعا شيئا ما. و ربما لا يعرف الكثيرون أنه هنالك مقاهي انترنت في العاصمة حين تدخلها يمكن أن تجد حتى الإيميلات مفتوحة و عن تحميل الوثائق و الملفات حدث أيضا ولا حرج، حتى تلك منها الحساسة و المعقدة فالواحد يحمل الملف و ينسى محوه من الجهاز او ربما لا يعرف. إضافة لسذاجات ليس فقط في الفيسبوك بل في استخدام الانترنت عموما، و سبب الحديث عنها أن الواقع فيها نخبة، أو من يفترض أنهم نخبة. و ما دمت تضيف الجميع و أول رابط وصلك تضغط عليه، لا تأمن أن تكون مرة ضحية انفجار فيروسي حارق ماحق. لكن الله لطيف بعباده فهذه الأمور ليست مطروحة على الأقل حاليا بشكل كبير، ربما في انتظار ان تتطور العقلية و تتخلى عن سلوك "السيبة".
المهم أن المطلوب من الفيس بوك ليس المنافسة في عدد الأصدقاء، و كثرة الأصدقاء لا تعبر عن حالة نجاح و تفوق بقدر ما تعبر عن حالة من الجهل و السذاجة، خاصة إن كان نسبة من تعرف منهم أقل من الثلث. فتحديد الهدف في كل شيء مطلوب . حدد هدفك من تلك الصفحة و اعمل بما يحقق لك ذلك الهدف في حيز محاط باحترام الذات ، ذاتك كمستهلك واعي و مثقف  و مستخدم ناضج.

Friday, February 15, 2013

باب ولد معط وقف لأسئلة المجتمع و لم تقف له الدولة و لا المجتمع حين أقعده المرض

باب ولد معط صاحب الصوت الجهوري بالفصحى وا لفرنسية الذي لطالما أطل من خلف الشاشة و المكرفون يقدم فقها وتنويرا للرأي العام، اختفى منذ فترة عن الساحة، ليكتشف الرأي العام الآن أن ما أقعده كان المرض، يكفي أن اكتشاف ذلك ياتي متأخرا لهذا الحد.
باب ولد معط فقية التركة ، الذي كان مشهودا له بالتمكن منها و كل فلتاتها و أشيائها المعقدة، وقف لذلك العلم دوما و اليوم يقعد الضغط و السكري و أمراض التقت عليه، حين أقعدته لم تقف له الدولة التي خدمها معلما و مرشدا و لم يقف له خيرة المجتمع الذي لطالما حمل هم استشكالاتهم الفقهية و هم العدل بينهم كمقسم للتركة، و لم يشفع له ذلك أيضا لتتذكره دولة تحسن إساءة معاملة من أحسن إليها.
في منزله في توجنين بالحي الإداري محاطا بأبناء ثلاثة جامعيين عاطلين عن العمل مقعدا ينتظر يدا لطالما امتدت يده إليها مباشرة أو بشكل غير مباشر، ينتظر أن تلتفت الدولة أو أبناؤها لواجب أو معروف تجاهه.
ابنته زينب، حملت هم أن تعلم الجميع و تجعل الصوت مسموعا فهل من مجيب  ..... لمن يريد المساعدة فإن رقم زينب كريمة باب و لد معط هو 22651661

"جوزيف بلاتر" في نواكشوط

تقدمت موريتانيا في التصنيف الدوري الذي يصدر عن الفيفا 38 مركزا دفعة واحدة فانتقلت من الترتيب 206 في ذيل التصنيف حيث قبعت فترة طويلة هنالك إلى الترتيب 168 في قفزة تعتبر نوعية خاصة بعد ما حققه المنتخب في الفترة الاخيرة أو المنتخبات على الأقل. و تم تصنيفها الأولى قبل بوركينا فاسو التي حلت ثانية فيما يتعلق بالتطور الحاصل لشهر فبراير.
يأتي كل هذا في ظل زيارة قام بها بلاتر إلى موريتانيا اطلع فيها على بعض المنشأت الرياضية و تعهد بتقديم الدعم اللازم للرياضة الموريتانية مشيدا بوزيرة الثقافة و الشباب و الرياضية.
يشار إلى أن قطاع الرياضة شأن قطاع الصحة و التعليم و غيرهم عانى لفترة طويلة من حالات من الفساد و الاحتيال على الدعم الداخلي  الخارجي دأب عليها القائمون على الإتحادية و القطاع عموما. تاركين للشباب الصراع و الركض في العراء خلف كرات بلا وجهات، ووصل الفساد حد الاحتيال على مخصصات سفر الفريق للمشاركة في البطولات الإقليمية و الدولية، كما استغل حب الملتزمين في هذا القطاع للرياضة و جاءت فترة كان فيها اللاعب الموريتاني يتقاضى 10000 أوقية شهريا أي ما يقارب 25 يورو سبقتها فترة لم يكن يتقاضى فيها أي شيء إطلاقا.
و مع هذه النهضة التي تشهدها الرياضة الموريتانية حاليا خاصة كرة القدم بالقطع يستحق الشاب على رأس الاتحادية إشادة من الجميع لكن مطالبة بالإستمرار و نبذ كل تلك الممارسات من فساد و احتيال و يبعد القبيلة و أشياءها على الأقل دعونا في قطاع الرياضة دون القبيلة و دون الفساد ، فهذا الفريق لطالما سود وجوهنا بنصف الدزينات على أرضه و في أراضي الغير.
بلاتر لم يقدم نقدا لادعا رغم ماهو معروف عنه من صراحة في التصريحات، ربما لأنه أحيانا يكون الحال أسوأ من أن تجد ما تقدمه كنقد كون كل شي ء يستحق النقد و في هذا الحالة تأخذك الرأفة بأهل الحال فتكتفي بالمجاملات. و لربما لأن الحال سيء و مع ذلك هو رأى جهدا يبذل لتغييره أو تطويره فأشاد بذلك الجهد.
مع أن ملامح رئيس جمهورية كرة القدم الذي قال يوما أنه في الرياضة هنالك كرة قدم و هنالك ألعاب أخرى. ملامحه في الصورة المتداولة له مع وزيرة الثقافة و طريقة نظرته إليها تحتاج محللا نفسيا و اجتماعيا خاصة. بدا الرجل محملقا أكثر من اللازم على ما اعتقد .....

Thursday, February 14, 2013

مطالبات بحجب المواقع الإباحية

أعلن التجمع المدني الذي يطلق عليه إسم " لا للإباحية" أنه توجه برسالة رسمية إلى سلطة التنظيم يطالب فيها السلطة بحجب المواقع الإباحية في موريتانيا و ذلك للأضرار البالغة الصحية و القيمية التي تلحقها بالطفل الموريتاني و الإنسان الموريتاني عموما.
هذا و لم تعرف موريتانيا من قبل حجب أي موقاع على أساس أي طبيعة إلا أن مطالبة من هذا النوع تعتبر ملحة في مجتمع تغيب فيه كليا الرقابة على الأطفال و سلوكياتهم بحيث يتصفحون المواقع بكل أريحية و حرية مطلقة تجعلهم عرضة لأن تستعبد أنظارهم تلك المواقع.
هذا و كنت في موضوع سابق حول الموضوع و خلال متابعاتي ل "ألكسا" المختص في احصائيات المواقع فإنه و على مدى اسبوع كان دائما هنالك موقع إباحي في الثمانية مواقع الأكقر تصفحا في موريتانيا، ما ينذر حقيقة بخطر داهم و يقيد بأن المجتمع الموريتاني أصبح غارقا في ما يمكن تسميته إدمان المواقع الإباحية.
و في مجتمع صامت محافظ يكتسي طابع التقليدية تعتبر ممارسات كهذه محاطة بسرية كاملة خطرا حقيقيا يهدد كيان و سلامة المجتمع
و على سلطة التنظيم أن تضع هذا البعد في الاعتبار.

Wednesday, February 13, 2013

ضد الإرهاب الجنسي

شاركت موريتانيا في فعاليات اليوم العالمي ضد الإرهاب الجنسي في مصر، و تمثلت المشاركة في وقوف بعض الشبان و الشابات حاملين أوراقا كتبت عليها شعارات مطالبة بحماية المرأة ضد كل اشكال العنف و خاصة العنف الجنسي، و لو أن المشاركة لم تكن على المستوى إلا أنها تشكل في حد ذاتها خطوة مهمة في سبيل حماية المرأة من العنف و خاصة أنه في موريتانيا يحاط هذا الموضوع بنوع من السرية و التكتم مرده طبيعة المجتمع المحافظة، ما جعل ظاهرة كالاغتصاب تنتشر و بصمت تنخر جسد المجتمع في ظل صمت يحيط بها من الجانب الرسمي و من الضحية لأسباب اجتماعية. لا تجد المرأة الضحية و الطفلة من ينصفها.

Saturday, February 9, 2013

منتديات التعليم... كفى سذاجة يا قوم (ليس في المنتدى من يعرف شيئا عن التعليم و لا التربية)

لست هنا بصدد إيراد مقال مكتمل حول موضوع شائك بذاك القدر ، يتعلق بتعليم منفصم منقسم متأزم، بين تلاميذ ابتدائية يخضعون لنظام غير قادرين على استيعابه، و لا حول معلمين هم أنفسهم لا يستوعبون ما ورد في كتب المعهد الوطني، و لا برامج وضعت من طرف مصفقين سياسيين ، لا يمتون للتعليم و لا للتربية بصلة. و لا بجامعة صارت مسرحا للصراعات السياسية و الايديولوجية يتحارب فيها الساسة بأقذر وسائل.
هنا بصدد إيراد وجهة نظر سريعة حول ما يسمى " منتديات التعليم"، كلنا نعرف أن منتديات من هذا النوع في العالم تتطلب خبراء و مجربين و أكاديميين و أسلوب و طريقة تمكن من استغلال الوقت و حوصلة الأفكار الواردة و تلخيص النقاشات. و ما حصل هناك يعرفه الجميع متسابقون لقطع الكاتو و العصير ، و ممثلو اتحادات بثقافة تقارب الصفر في كل مجال فكيف بالتعليم و نظامه و اسلوبه. و خبراء إن وجدوا سيتفرجون مذهولون على ذلك المشهد و مدى غباء بعض الأفكار الواردة. حيث توجد السياسة دوما يخرج التعليم و شؤونه من النافذة و يسنحب من المشهد.
إن التعليم في موريتانيا يعيش حالة انفصامية بين الطالب و البرنامج، و الاستاذ و الطالب، و الاستاذ و البرنامج ، و الاستاذ و اللغة ، و تلميذ ضيع بين فرنسية و عربية لا يعرف عنهما شيئا. و بين كل هذا لا مبالاة الاساتذة و حالة البوتقة و الفساد و المتاجرة التي تشهدها امتحانات اكتتاب الاساتذة و تصرفات الوزارات المتعاقبة.

إن دولة لا زالت منح نخبها تسرق من موظفي وزارة. ليبعثوا أقارب لهم. و دولة لا زالت مدارسها تبدو أحيانا كمكبات نفايات أو بنايات مهجورة، و دولة نخبها السياسية و الثقافية لاهم لها إلا سياسية تزيد تعقيدات كل الوضع و كل الشأن ارتباكا، دولة كهذه تفكيرها في اصلاح التعليم من خلال منتديات في مجتمع نخبته فراغ فارغ سيحول المنتديات إلى مقاهي لشرب الشاي و تبادل النكات السخيف ، دولة كهذه تبحث طريقة ليست منتديات من ذاك القبيل. خاصة و أنهم يقولون المجتمع المدني و عن المجتمع المدني الذي اعرفه أنا هناك هو ليس مجتمع صالح ليصلح بعض الصماصرة ووجوه تثير الشفقة و الاشمئزاز و يؤسفني حقا أن جيلنا القادم يعتمد على منتديات من هذا القبيل ليستبين سبيله.
يتم اختيار خبراء وطنيين متزنين على معايير أكاديمية بحتة لا سياسية و لا قبلية و لا انتمائية، و يتم استدعاء خبراء دوليين للاستفادة من مختلف التجارب، و يوفر الجو الملائم لهم و يمنحون شهرا من اللقاءات لصياغة منظومة تربوية متكاملة من الإبتدائية حتى الدراسات العليا تتضمن كشوفات مالية و توصيات و خطة متكاملة، تجند لها لجنة أكاديمية صرفة مختارة حسب المعايير السليمة. توفر لها الامكانيات المادية لتطبيق الخطة في أجل أيا كان حتى لوكان 10 سنوات. لكن يا خوفي من انقلاب أو حركة سياسية أو شيء يقلب الاستراتيجية رأسا على عقب و تتحول لنوع من هدر الأموال و الوقت كما يحصل دائما مع كل مشاريعنا.... دولة تربك معطياتها " يا الله"""" 

بئر بوحديدة السحرية المباركة

و كأني بقصص و خرافات و سرديات متقنة تتداول الآن في جميع أحياء نواكشوط و ولايات موريتانيا ، خول ميت شرب من ذاك البيئر فعاد للحياة، و مريض سرطان و فقير حتى شرب منه فغرق في المال، و لربما امرأة عانس شربت منه فخطبت في اليوم الثاني، و لربما عجوز شرب منه فعاد شابا ثلاثينيا. مختلف أنواع الخرافات و الأساطير ستتداول الآن. تلك طبيعة مجتمع الفراغ و الوقت الضائع. الذي يبني القصص من الخيال، فكيف إذا وجد مستندا من ذلك القبيل. في مجتمع تنتشر فيه القصص من هذا القبيل حول الكرامات و الولاية و ما إلى ذلك لا شك أن موضوعا دسما كذلك سيستهلك بكل نهم.
الامر يتعلق ببئر منذ أيام يلقى اهتماما و تغطية من العامة قبل الإعلام، فإعلامنا من مصادره المؤكدة و الموثوقة شائعات الشارع، البيئر عثر عليه في دار أسرة بمنطقة بوحديدة و تقول الشائعات المتداولة أن من شرب منه يشفى من الأمراض الجلدية و الأمراض الغير معروفة. لكن شأن اعلامنا دائما و مثقفينا يتركون للأخبار و الشائعات ان تتنقل و تناقل دون أن ينقلوا صورة واضحة مقنعة حول الحدث. فنحن لم نعرف كيف عثر على البيئر و لا كيف انتبه الجميع لأنه سحري مبارك لهذه الدرجة، و لا اول من عثر عليه و لا هل الأمر حقيقة أم شائعة تلقفها صحفي من بعض ركاب التاكسي، أو من سكان حيه في وقت فضوله الغالب.
المهم البئر قيل عنها هذا و لا يعرف أحد عنها شيئا حتى الآن تقريبا أما عن  تحليل مائها و ما إلى ذلك فذلك بذخ نخاف على انفسنا حتى من الوصول إليه.

Sunday, February 3, 2013

مركز انتهاك حقوق الطفل في نواكشوط

تعتبر مقاطعة لكصر خاصة من جهة "سوكومتال" مركز تصليح السيارات و بيع قطع غيارها ، حيث توجد السوق الأساسية للقطع و الكراجات. منذ عقود و جيلا بعد جيل يعتبر هذا المكان مركزا لانتهاك كل حقوق الطفل. من حيث حرمانه من التعليم و تشغيله تحت السن القانونية، في أقسى الظروف لدرجة تصل منعه من الطعام أحيانا و الضرب أحيانا أخرى.
بحيث أن الأب دائما أو القريب هو الذي يأخذ أبناءه منذ نعومة أظافرهم إلى هذه الأمكنة، حارما إياهم من مستقبل لائق، بل فوق ذلك يهيؤهم ليرمى بهم غدا في يوم لا مكان فيه لغير المتعلمين، يرمى بها إلى أرصفة المعاناة النفسية قبل المادية و الجسدية. و يوقم هذا القريب بتشغيل الطفل قصرا، متحكما في كل شيء حتى قوت يومه، و في النهاية يجد الطفل نفسه و قد كبر غير متعلم و يعاني كل الأزمات النفسية فيلقي بإبنه أيضا إلى نفس المكان. بل في ظل غياب رعاية الأهل فإن الأطفال صار محاكاة لأصدقائهم يغادرون المدرسة و يذهبون لهذه الأماكن حيث يجدون أيادي تتلقفهم و تشغلهم دونما خوف من قانون أو متابعة و تلقي عليهم دراهم في آخر اليوم حين يولي الطفل غارقا في الدسم حتى الأذنين. ليس هذا فقط بل يوجد الأطفال عمال عربات المياه و جامعي قطع الحديد من الزبالة و عمال نظافة بدوام جزئي في البيوت و كل أنماط الأعمال التي لا تناسب أعمارهم و لا أحلامهم في ظل تفرج من الأهل و الدولة.

و المعاب في هذا الجانب هو أن منظمات حقوق الإنسان  و حقوق الطفل لا توثق هذه الإنتهاكات و لا تعمل على تغيير الحال و لا مساعدة أو لئك الأطفال لوضعهم على الطريق السليم باتجاه مستقبل مشرق هم من يختاره، لا مستقبلا يختار لهم و يجدون أنفسهم في لحظة ما دونما خيار في ظل العجز العلمي و الفكري.
حتى إن كان عوز الأهل قد ينظر إليه على أنه سبب فإن الدولة و هذه المنظمات مكلفة برعاية هذا الطفل و مساعدته حتى يخطو الخطوات الأولى في اتجاه مستقبل يعد بالأحسن.
في بلد الضياع نركز على الغير مهم و يفوتنا الأهم دائما. يفوتنا جيل ضائع بين ماكينات السيارات و قطعها و بين حاويات الزبالة و التشرد و التشغيل و الانتهاك . 

Saturday, February 2, 2013

بمناسبة اليوم العالمي للحجاب: الصديقة كارولينا زونيغا تتحدث عن تجاربها مع الحجاب و تؤكد على ضرورة احترام الآخرين و شغفها بعالم واحد بكل الألوان و الثقافات






Guys thank you so much for your support today it was 
really nice specially from those who are not Muslims, I'd like to share a little bit how I felt the experience today...
This is not the first time I wear hijab on the street, I made it in Colombia, Spain (not a good one), Egypt and here... well I think I should set how have been each one so you will get an idea.
In Colombia (2007-2009) my friends and I use to wear hijab Friday to go to pray and later do something in order to share, and why not, invite people interested in Islam, but when I wear hijab in my country my fear is just attract glances, because we do not have many foreigners in Colombia and many people when see a girl wearing hijab they think “…ohh she is a foreigner”, “she is Arab”, I also feel quite nervous of hearing funny comments like “today is not halloween” or “look, look a witch”, for some girls is very offensive in my case I just laugh because they are very “ingenious” to make this comments… in the beginning I didn’t use to wear hijab from my house because I felt relatively tense about my mom who is catholic, but slowly I started to show it, and to conquer her, I follow one advice “ask your mother which color or hijab suits better on you” and it worked. For our neighbors, I think, it became normal to look at me wearing hijab, even I can remember one saying me “you look beautiful like virgin Mary ”… 

I remember always people on the metro watching me and whispering about my clothes, or the taxi drivers making a lot of questions about our rights and how we are “oppressed”, but I believe that for all of them it was a huge surprise to know that I was a catholic before, not Arab family, not married and a “paisa” (people from our land). To sum up the impression or feeling I got always from my city about wearing hijab was a mixture of curiosity and fear, but for me was always a nice one.
Now let’s move to Andalucia, España 2009, what Arab do not know about al-andalus?... I guess not Arabs but also muslims we should know about al-andalus, it was once the summit of development of the sciences in Europe… and I don’t want to fly into beautiful details like Alhambra. I went to Spain for one year to study, I had some mates who were staying with me all year although we had different classes, my favorite one was “cross-cultural communication” I have to confess that I learnt a lot and it open my mind in order to understand how other cultures think, just amazing!... I knew that in Spain there was a hard discrimination against Arabs or “moros” as they called them, I saw it by my eyes, but I never expected to live it by myself. I had a class about “cross-cultural communication”, I was dealing with educated people who knew I was Muslim and after one year , I never estimated that wearing hijab would change anything… I got a huge surprise. That day I went for Friday prayer and we had the final exam for my beloved class, in deed I wanted change my clothes but I didn’t have time, so I thought that would not be any problem in going with such clothing to class, but I just can remember the feeling when I entered to the room and the looks fell on me. 

I was in shock, the reaction of my mates was paralyzing, like when with a look you can build a barer saying “Do not sit next to me” or “Did you become crazy?”… so sad, we were studying for four months about pluralism, cross-culture, cultural references and symbols, bla, bla, bla… very nice concepts that in a “developed ” world are not practiced at all. I remember the guy who made the exam with me was shaking, and he made me many questions before to be relaxed… My teacher was so nice that day he asked me if I wanted use it always and how I was feeling, clearly he knew and he loves his profession. I hope I would had found more people like him. In my opinion each person should tolerate the belief and freedom of others.
After that, my next experience was in Egypt 2010, there I really learnt a lot. I was a student of Islamic and Arabic studies, of course I was studing creed, practicing, recitation of qur’an and Arabic, my teachers were so nice two of them were wearing niqab (all in black only showing their eyes) but I got use to that, and even to recognize them, my mate also was wearing it, I had to men teachers and other teacher who was wearing only hijab, all of them were really kind and helpful… I felt that I was like a kid on school, even I was already four years muslim, I felt like discovering a new entire world, but Ramadan came, and in fact I was so happy as Christman (it’s hard to leave the habit for me) I love Ramadan too, but with it a hard new came… Hard? Strange? I don’t know, in the place I was studying they manifested me that I had to wear hijab… I was really mad, I couldn’t believe someone was trying to impose me such a thing, I always believed If we do it have to be because our faith, not because a normal imperfect human is asking it. 

I called my husband I told him what was happening, he said me “I have never ever tell you any world about it, why they are doing it?”

Thursday, January 31, 2013

قافلة الجورنالية تصل العاصمة

بعد أن قطعوا مسافة تزيد على 600 كلم وصلت القافلة التي ينظمها العمال بنظام اليومية و الذين يسمون محليا بالجرنالية. و قد جاءت المسيرة الحقوقية الراجلة بعد اعتصام طويل قاده هؤلاء المتضررون للدفاع عن حقوقهم و بعدما لم يتم التجاوب مع مطالبهم، فقرروا القدوم على هذه الخطوة التي تأتي ثانية بعدما قام بعض الناشطين في مارس الماضي على تنظيم مسيرة راجلة أيضا من نواذيبو إلى نواكشوط محملين ببعض المظالم من ساكنة نواذيبو. و كما التقى رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز تلك القافلة في القصر التقى أيضا قافلة ازويرات و حسب ما أدلوا به للصحافة فإن الرئيس و عدهم بالتجاوب مع مطالبهم و نتمنى أن لا تكون مجرد وعود فارغة.
تحمل هذه الخطوة رسائل عدة و يمكن أن يقرأ على هامشها قضايا أخرى:
الإعلام الموريتاني و الحقوقيون رغم أن الجميع أصبح حقوقي لم يتفاعلوا كما يجب مع خطوة هؤلاء العمال.
الخطوة تحمل رسالة قوية و تعبر عن حالة وعي حقوقي ستساهم لا شك في السير بالبلد إلى الأمام
يجب أن لا تكون القوافل الراجلة موضة و يحافظ لها على قيمتها الاعتبارية الحقة.
لقاء رأس الدولة بهذه المسيرات خطوة تحسب لهم نتمنى أن يتبعها تطبيق للوعود

Saturday, January 19, 2013

وكأن الكتابة و الثقافة و الأدب "راحو فيها" ---

منذ فترة طالعنا خبر استقالة بعض الشباب من مكتب اتحاد الكتاب و الأدباء الموريتانيين. وكان المستقيلون كلهم شباب كد و اجتهد و حمل هم الثقافة و الأدب و الفن في تلك الأرض التي يريد لها شيوخ القبيلة أن تكون إما مزارع لهم أو يبابا. قدم المستقيلون مبررات واضحة و متفهمة، ما يثير غضبي و سخطي في هذا الأمر ، نقاط من بين أخرى:
- تجاهل الإتحاد الكلي لهذه الإستقالة و مطالب و استفسارات المستقيلين، و عدم التعليق حتى بتصريح شفوي فكيف بتفسير بمكتوب.
- إعلامنا الفاشل الذي يعرف أن يرسل إليه البيان و الخبر ، ليس في قاموسه أن يتابع أي قضية أو يقف من أجل أي مواقف عادلة، فبعد ذلك الخبر الذي أنا شبه متأكد من أن المستقيلين هم الذين أصاغوه خبرا و أرفقوه بالصور ووصل لتلك الهياكل الإعلامية الفارغة جاهز للإستهلاك. بعد ذلك الخبر لم نسمع عن أي متابعة للأمر.
- الجهات المهتمة حتى المثقفين أنفسهم في الاتحاد من أعضاء و منتسبين و عدم تفاعلهم المخزي للثقافة و المثقفين من أجل الإطلاع على حيثيات الأمر. 
لكن لا تزال القبيلة بمقدساتها و كنائسها و أحبارها هي السيد، و تفكر دوما أن بإمكان شيوخ القبيلة التعامل مع الأمر، و تحسب أن الشباب هؤلاء إما تستخدمهم لتطبيق التعاليم أو أنت في غنى عنهم.
و كأني بالثقافة و الأدب و الكتابة تضيع في هذا و قريبا تطالعني كتب طبعت على نفقة الاتحاد، تحمل كل الهنات و السقطات و الاعتبارات القبلية و الانتمائية الضيقة.

الأدهى في الأمر حد السذاجة، أن أطالع من يوم أمس خبر أن الاتحاد يعلن انضمام أدباء موريتانيين في المهجر له، و كأنه يريد القول لأولئك الشباب نحن عندنا البديل، و ليس أيضا هنا بل في المهجر، ففي نظرة القبيلة الشخص في الخارج طبعا أهم و أكثر ثقافة و أناقة و شغفا به. أذكر قصة دائما ما تحكيها لي والدتي ، أن صديقة لوالدتها حين رأت قدمي أسبوع بعد والدتي، قالت لها: "يالحظه قدمه كقدم شخص قادم من الخارج" هي نفس العقلية السائدة من ذاك الزمن لليوم في العقل القبلي المتجمد.
و باختصار شيء لم يقدمه للثقافة و الأدب شباب من قبيل أولئك الذي عانوا السهر على خشبات صامتة كئيبة و في أركان بيوت مزقها الإنتظار و انفجرت بالأحلام الموؤودة و على أضواء الشمع. شباب عرفوا أرصفة البحث عن ذات لثقافة و أدب يتماهى بين القبائل و الجهات و يضيع في الإنتماءات الضيقة، و عرفوا أن ينتصروا ولو بالخروج سالمين فقط حتى اليوم، و لما تهن الأحلام بعد و لما تلين صخرة الطموح التي يريدون أن يحطموا عليها كل الأوثان القبلية و لا زالت حماستهم تتقد و مستعدة لتحرق كل تعاليم القبيلة. شيء لم يفعله أولئك ما أحد غيرهم بفاعله.

Friday, January 18, 2013

و اشتعل الشمال، الطريقة الجزائرية ...و المنعرج


 في الوقت الذي تحوم فيه الطائرات الفرنسية في السماء و تنتشر القوات الإفريقية على الأرض، و تشتعل نار حرب لا يعرف أحد مداها و لا ما قد تطاله شظاياها، و الجميع ينظر للمؤيدين لفظا و المؤيدين فعلا، أقدم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على خطف مجموعة من الرهائن من منطقة بترولية في الجزائر ، و قال أن عمليته تأتي ردا على سماح الجزائر للطائرات الفرنسية باستخدام أجوائها لضرب القاعدة و شن الغارات في المنطقة. حملت الخطوة رسائل عدة في بداياتها، تفيد في أكثرها فصاحة أن التنظيم متوغل في الدول المجاورة و قادر على تنظيم أكثر من عمليات خطف و حرق و غير ذلك، و استهداف مصالح كل المشاركين في الحرب. ما إن تمت العملية حتى بدأ الحراك الديبلوماسي متخوفا من طبيعة الرد الجزائري الذي لطالما تعامل مع فعل من هذا القبيل أمنيا مستبعدا نهائيا الحل القائم على المفاوضات و الفديات و غيرها كما حصل في حالات كثيرة في السابق.
كان من ضمن المختطفين أمريكيون و بريطانيون و فرنسيون و يابانيون و آخرون من جنسيات مختلفة ضمت دولا أعلنت دعمها ولو على الأقل لفظيا للعملية العسكرية التي تشنها فرنسا بدعم من و لدعم القوات الإفريقية و قوات الإيكواس خاصة. إن لم تكن القاعدة قد أحست خطرا و تهديدا حقيقا جراء العمليات في أيامها الأولى و أرادت فقط حدثا يعطي الحرب منعرجا جديد في أي اتجاه حتى يتسنى لها ترتيب أوراق جديدة فأقدمت على هذا الفعل، إن لم يكن هذا هو الامر فإن الخطوة في طريقها لفتح باب إلى جهنم لهذه الحرب الطريق إليه و الطريق منه رمال متحركة قادر وحلها على طمر الجميع.




الجزائر ترد بطريقتها
ما إن تمت العملية، حتى طوق الجيش الجزائري منطقة احتجاز الرهائن، فجاء رد المختطفين في صيغة مطالب متسلسلة على رأسها ، تراجع الجيش الجزائري كليا و إخلاء المنطقة حتى يتسنى لهم التفاوض مع الدول فهم يريدون أن يجدوا  مساحة زمنية و مكانية لإدارة صفقاتهم بشكل محكم. بعد العملية بقليل مطالبات و اتصالات ساخنة تمت على مستويات عليا تطالب الجزائر بالتريث من اليابان إلى ابريطانيا و غيرهما، لكن فجأة و على الطريقة الجزائرية الأمنية الصرفة، تمت المعاملة مع الخاطفين بغض النظر عن أي ضغط تحدث عنه المحللون، الذين قالوا أن الموقف الجزائري أمام خيار صعب شاق بين وفاء للموقف الجزائري التقليدي القاضي برفض التفاوض كليا و مطلقا مع الجماعات المسلحة و حساسية جزائرية شديدة تجاه ملف أرق الجزائر و حكوماتها و شعبها طويلا و بين ضغط غربي مكثف للحفاظ على حياة الرهائن. الطريقة الجزائرية لم تعط وقتا كثيرا للتفكير و أرادت أن تؤكد بشكل لا يقبل الشك و فاءها لطريقتها الأمنية، فطوق الجيش المكان و صب عليه النار من جهات مختلفة فقتل الراهن و الرهينة. و أطبقت حالة من الصمت و الإنتظار على الصوت الغربي الرسمي و ردات فعله. ربما كان في حساب الجماعة أن الجزائر لن تقدم على خطوة من هذا القبيل لأسباب من بينها الضغط الغربي ، حيث أن الصفقات السابقة أسالت لعاب الجماعة، الثاني رهانها على أن الجزائر ستفعل المستحيل و لا تقف إلى جانب مستعمرها السابق الذي تشهد علاقاتها معه حتى فترة قريبة حالة تشنج حادة مردها رفض الأخيرة الاعتذار عن الحقبة الاستعمارية السوداء. رهان بدا أنه لم يكن في محله.

الجزائر و على لسان بعض مسؤوليها أعلنت إنتهاء العملية العسكرية ، و يبدو بشكل واضح أن هنالك محاولة منها حثيثة للفصل بين العملية و ما يجري في شمال مالي و تريد النظر إليها على أنها قضية تتعلق بالأمن القومي و السيادة الوطنية. و بهذا تحاول أن لا يقرأ أحد عمليتها على أنها قبول أو ورقة خضراء للمشاركة في الحرب. أما الردود الغربية فكان في أولها تصريح لوزير الخارجية الفرنسية قال فيه أن هنالك إمكانية لإرسال دول غربية جنودا للمشاركة في الحرب القائمة الآن في مالي كان من الطبيعي جدا أن تؤثر عملية من هذا القبيل على مواقف طبعها نوع من التردد.
فالجزائر كصاحبة شأن بطريقة أو بأخرى بدا موقفها صلبا ثم يلين و يلين إلى أن وجدت نفسها تشن عملية، فبعد رفض مطلق بالوجود الغربي خاصة الفرنسي في المنطقة و جدت نفسها تفتح أجواءها أمام طائراته، ثم لربما و كضريبة على فعلتها سيحاول الغرب إقحامها بشكل أكبر في الحرب حتى يتجاوز عنها.
 و في حالة كهذه المواقف التي لا تمتاز بصلابة مطلقة عرضة لأن تتغير في أي وقت و تحت أي ظرف. فلربما تقدم الجزائر على المشاركة في الحرب مستخدمة عملية الاختطاف كتهديد لأمنها كمبرر ثم ساعية لإرضاء الدول التي لم تعطيها فرصة لنقاش كيفية تحرير الرهائن، و هو أمر أشار إليه بطريقة أو بأخرى الجانب الفرنسي، الذي صرح بإمكانية حصوله.
الموقف الأمريكي من بدايته جاءت موافقته على استحياء فلأمريكا تجارب كثيرة في مجال كهذا، و لها نظرة مختلفة و لو قليلا حول الجماعات الإسلامية في شمال مالي و في المنطقة و ربما مصدر تخوفها تغلغل هذه الجماعات في ساكنة المنطقة من الناحية القبلية و العرقية، أضف إلى ذلك حالات التحول التي تشهدها المنطقة في الشمال الإفريقي. لكن لا يمنع ذلك أن تتخذ أيضا من الأمر مبررا فتبعث ببعض طائرت أو تعلن مشاركتها من الناحية الإستخباراتية ففي النهاية فرنسا قادرة لتؤثر على بعض أوروبا و أمريكا لن تجد ضيرا في تقديم أي دعم دون النزول بالقوات إلى الأرض.النقلة التي قد نشهدها الآن هي أن الدول التي وافقت على العملية لفظيا قد تشارك فعليا و تلك التي صمتت و كانت دون مواقف قد تعلن نوعا من التأييد لها. و الجزائر قد تقدم على المشاركة في الحرب تكفيرا عن ما ينظر إليه الغرب كخطيئة. و فوق كل ذلك لا يجب أن يتناسى المشاركون مصالح لهم عدة في تلك المنطقة في المتناول و استهدافها لا يتطلب الجهد الكبير من جماعة خبرت المنطقة و صحراءها و شعابها.
و نفس الأسباب بدرجة أقل تعقيدا ربما جغرافيا و أكثر تعقيدا عسكريا و ميدانيا نفس الأسباب التي حولت ضربة عسكرية خاطفة تحدثت عنها أمريكا منذ سنين في افغانستان حولتها إلى سنين لا زالت افغانستان و جوارها يعيشون ويلات تبعاتها حتى اليوم. نفس الأٍسباب قائمة. فإن كانت أسبابا استراتيجية دفعت أمريكا فهناك أخرى استراتيجية تدفع فرنسا. و إن كانت أهدافا اقتصادية فهنالك أهداف اقتصادية و إن كان ما آلت إليه تلك الحرب بسبب توغل المقاتلين و اختلاطهم بالساكنة المحلية، فهنا أيضا.

لو استفاد الإنسان مرة من التاريخ.....
و قد علمنا التاريخ الحديث أن الدول الغربية لا تشن أي حروب لمصالح الشعوب الأخرى، بل تشن هذه حربا لمصالحا فيؤيدها أولئك لمصالحهم، لأنها هي ستصوت مثلا في مجلس الأمن و تشارك معهم مؤيدة لهم في حرب أخرى. فهل جلبت حرب أمريكا رخاء و نماء لافغانستان بكل ما رفعته من شعارات مكافحة الإرهاب و الجماعات المنظمة و التهريب؟ و هل جلبت رخاء و هناء و استقرارا لشعب العراق الذي يتخبط اليوم في ويلات البؤس و الشقاء و الموت و الدمار و الهلاك و التهالك رغم كل شعارات الحرية و الديمقراطية؟ و هل جاء أي تدخل غربي في أي دولة أجنبية لصالح شعوب هذه الدول من الحروب الأولى حتى اليوم، لا يسجل التاريخ حربا واحدة من هذا القبيل. كلها حروب لمصالح استراتيجية و اقتصادية ضيقة. و يتبين بعدها أنها كانت بسبب رغبة في تشييد قاعدة عسكرية أو زيادة في كمية صادرات النفط أو السعي لكباح دولة تبدو تنمو بشكل خارج السيطرة. و للأسف و في كل مرة ينقسم العالم بين مؤيد و معارض، حتى الشعوب الفقيرة و المتضررة من هذا الحروب تجد فيها إنقساما من هذا القبيل و في النهاية تضع اليد على الخد و تبقى يتفرج  شعوب اممزقة و إقتصادا متهالكا و تكون الصفقات حينها كلها قد تمت و المصالح المرجوة من الحرب في مجملها قد تحققت كونها لم يكن ضمنها مثلا أن يستقر شعب أو يزدهر. و نفس الحالة تتكرر مع مالي. فكل الدول ستدعم فرنسا الآن و تعينها في صياغة الشعارات لكن ذلك فقط كنوع من رد الجميل ففرنسا قد فعلت معهم المثل في مرات سابقة.
إن تدخلا من هذا القبيل يؤمل منه شيء حين يتم من دول ليست لها مصالح مباشرة و لا تاريخ استعماري مقيت. خاصة بعد الحراك السياسي و الإقتصاد الذي شهده العالم كان لتلك النظرة أن تتغير. لكن المشكلة ليست في هذا و لا ذاك، المشكلة في نظام عالمي قائم على هذا الأساس لم يعد هنالك بد من الوقوف في و جهه بإرادة الشعوب في التحرر من التبعية من أي نوع. 

Wednesday, January 16, 2013

ما لي و الحرب في مالي!!!



عبــــــــدالله محمدعبدالرحمن
كاتب صحـــــــــــــــــــــــفي
  
اندلعت منذ أيام الحرب في الدولة الجار مالي، طلعات عسكرية فرنسية في الجو و قوات افريقية على الأرض. و بين مشارك و مستعد للمشاركة بشرط و رافض للمشاركة قابل بعبور الطائرات الفرنسية.  انطلقت الحرب بعد فترة قال البعض أنها تحضيرية كانت قوات الإكواس تستعد خلالها و تعد العدة و العتاد، فيما كانت فرنسا تنتظر دون إفصاح عن ما كانت تنتظره بالتحديد. المهم جاء قرار مجلس الأمن المؤيد لتواجد القوات الإفريقية و أعلنت دول غربية مساندتها للتدخل العسكري و حتى استعدادها لتقديم يد العون متمثلة في الدعم الجوي، لا تبدو أي من تلك الدول مستعدة لخوض المعمعان على الأرض. قوات الإيكواس التي كانت مبادرة بالدعوة للتدخل العسكري، دعوة ربما كان لفرنسا يد فيها ولو أنها أرادت أن تظهر كمتلقف فقط للخبر، نعم فرنسا تحن للعودة لتلك الأراضي التي غادرتها بداية الستينات، لربما أرادت عودة ليس على متن طائرة عسكرية لكن على كل حال هي عودة و لربما لا يكون العود أحمد هذه المرة.
أمام اندلاع حرب كهذه في تلك البؤرة في شمال مالي و الموجودة بين الجزائر و مالي و موريتانيا فهو فعل لا يمكن لأي كان أن يجزم بعواقبه و لا أن يتنبأ بنتائجه. فتلك المنطقة شهدت على مر سنين أجواء من التوتر بدأت مع بداية محاولة الرئيس المالي موديبو كيتا تطبيق النظام الإشتراكي و توحيد مالي في إطار لا يعترف بالقوميات و الإثنيات و هي محاولة تسببت في إراقة دماء كثيرة خاصة في الشمال المالي و في المنطقة الأزوادية التي جابهت و بقوة ذلك التوجه. و ظل الشمال المالي يعزف على وتر خاص به طيلة عقود حتى خلصت مالي المركز في  باماكو منه نجيا، و جاء ذلك تصريحا حين اعلنت الحكومة عن عجزها عن السيطرة على ذلك الركن من أرضها الصحراوية الشاسعة. فبقيت تلك الصحراء على سعتها فضاء مرنا مفتوحا بطريقة أو بأخرى خارج على النص و السياق، فمورست فيه عمليات التهريب و التدريب و التخريب من البضائع المحرمة للمخدرات ليتحول ملكية بلعورية خاصة في فترة من الزمن بعد الحملة التي شنتها الجزائر على الجماعات الإسلامية على حدودها مع مالي فحصرتهم في الشمال المالي وفي تلك المنطقة بالخصوص. لتتطور الممارسة هنالك إلى نمط اختطاف الرهائن.
جاء الإنقلاب في مالي و زاد هشاشة جيش و دولة هشتين على ما فيه، و في لحظة ما كانت دولة مالي لتكون ريشا في مهب عاصفة تقودها جماعات بخلفيات و أهداف شتى فأنصار الدين تريد تطبيق الشريعة و بناء دولة إسلامية خالصة و حركة تحرير أزواد تريد دولة أزوادية مستقلة و الجيش المالي لم يجد من حل أمام هذا الهجوم إلا العودة إلى باماكو في خطوة لم يكن على إطلاع بكل حيثياتها كون الحقيقة الأكيدة حينها و قبل ذلك و بعده أن مالي لا قبل لها بأحداث الشمال. بدت الجماعتان تهاجمان و تستوليان على المدن في نسق ما محدد فكسر ألئك مباني و قبور و محلات و بدؤوا تخليص المدينة من كل قذارات الشرك و الضلال حسب رأيهم و بدأوا برفع راياتهم ، ثم كانت الجماعة الأخرى تكتفي بالتقدم و رفع راية جمهورية أزواد المستقلة حسب رأيها أيضا و بين هؤلاء كانت هنالك جماعة يحلو للغرب تسميتها بالإرهابيين، لا يعرف أحد إن كانت تقاتل ضمن صفوف هؤلاء أو أولئك أم في الصفين معا و لها هي الأخرى مآرب أخرى ليست دولة إسلامية و لا جمهورية أزوادية، و ربما عرقل تقدم هذه الجماعات لحظات تصادم ثنائية شهدتها ولو لم تتفاقم لحد كبير. في ظل وضع كذلك كان العالم يتفرج ، و بعض الانشغالات تأخذ اللاعبين الأكبر في هذا البابا فرنسا و المرشد أمريكا لعل أبرزها كان الإنتخابات و تبعاتها. كانت دول غرب افريقيا تجتمع و تقرر و ربما كانت تتلقى إملاءات من أطراف ما لكنها كانت تقرر و هي تنظر و تنتظر القرار القادم من هناك من الإليزيه و البيت الأبيض.
بالنسبة للغرب كثير من الرهائن و الملايين ضاعوا هنالك و بعد أحداث ليبيا المنطقة صارت أشد خطورة فانتشر السلاح و الشباب المنخرط في التدريب في تزايد و الجماعات تقوى شيئا فشيئا و بالنسبة لمنطقة الساحل والصحراء هي منطقة هشة على جميع الصعد سياسيا و عسكريا و اقتصاديا و لاقبل لها بمشكلة أخرى. إلا أن ما  وضعته هذه الدول في حسبانها و يؤرقها بالتأكيد و لربما سيظل  لفترة. هو ما ستؤول إليه تلك الحرب. ففي النهاية هم سيبقون هناك و الطائرات الفرنسية و الغربية و غيرها لن تكون قادرة على محو الخطر خاصة و أنه غير معروف حاليا هل هو جماعة تحرير أزواد أم أنصار الدين أو جماعات ارهابية مسلحة أخرى. و كيف السبيل للفصل بين الثلاثي هذا في صحراء شاسعة ينتشر فيها الجميع دون حدود فاصلة. و ربما يتحد الآن كله ما إن يستيإس الأزواديون من أن العالم يفكر في تلبية رغبتها في إقامة دولة مستقلة، ثم يستيإس أنصار الدين من أن مطالبهم تلقى آذانا صاغية و تأتي على ذلك جماعات مسلحة تتمتع الآن بقاعدة بشرية و اقتصادية درتها أموال الرهائن  و التجارة المشروعة و الغير مشروعة؟
إن الحرب لا تكون أبدا مهما كانت حربا خاطفة، حتى إن اقتصرت ضرباتها و قصفها على أيام فقط فإن تبعاتها و تبعات أي حرب مهما كان طولها أو قصرها طويلة معقدة. من نزوح و جوع و ضحايا أبرياء، أضف إلى كل ذلك أن القتال ضد جماعات متفرقة منتشرة في المنطقة و تعتمد سياستها على عمليات متفرقة. و التعايش السلمي لا يمكنه إحلاله بالحرب، لا يمكن إحلاله قسريا، و التفكير في تخليص صحراء بتلك السعة و الانبساط من جماعة يعتبر ضربا من السذاجة، يزيد تعقيده إذا ما تعلق الأمر بأن الحرب في جانب من جوانبها تتعلق بمحاربة فكر و عقيدة غرست لسنين في عقول شباب نهش منه التهميش و الجهل و الفقر فترة.

إن الحرب التي اندلعت هناك، أصبحت اليوم شر لابد منه خاصة بالنسبة للدول التي لها حدود مع مالي، فالجزائر و بعد ماراتون طويل مع فرنسا حول عملية التدخل العسكري و مشاركة الجزائر فيه و بعدما كانت رفضت بشكل قطعي المشاركة في الحرب، في النهاية وجدت نفسها مضطرة حتى الآن للسماح للطائرات الفرنسية باستخدام أجوائها لشن غاراتها الجوية، و لربما تتطور المشاركة لتصل مراحل أخرى. بالنسبة لموريتانيا الأمر مختلف لعوامل عدة، ففي الفترة الأخيرة نظر إليها من طرف هذه الجماعات كبديل للتمدد و نشر الفروع خاصة بعد العملية العسكرية الجزائرية ضد الجماعة و شهدت عمليات عسكرية نفذت ضد جنودها. و هي ليست أمام خيارات كثيرة، فهي إما تهاجم أو تدافع . في حال هاجمت و شاركت في الحرب فعليا  فهي  بادرت و هنالك تعريض للجنود الموريتانيين و الاقتصاد أيضا و تضيف مشاكل لمجموعة مشاكل داخلية متراكمة. و في حال لم تشارك فهي على الأقل مطالبة بحشد قوي جدا على حدودها، و في حال اشتدت الحرب و اشتعلت فلن تجد مثلا تلك الجماعات بدا من محاولة اقتحام الأراضي الموريتانية غير مبالية بشيء ففي النهاية هو القصف الجوي في صحراء مكشوفة أفضل منه الالتحام أرضا مع أي كان و حينها تنعدم كل الخيارات و ربما يتذكر البعض أن الهجوم خير وسيلة للدفاع عن النفس، و في هذه الحالة ستندم موريتانيا لأنه لم تشارك في الحرب من بدايتها. يضاف إلى ذلك أن موريتانيا في منظومة تكتلات إقليمية كلها تخضع بطريقة أو بأخرى للضغط الفرنسي، فإذا احتملت موريتانيا ضغط  فرنسا فسيكون من الصعب تفهم موقفها من الأطراف الأخرى خاصة أنها متضررة و في المقام الأول من عدم الإستقرار في المنطقة هنالك. في الحالتين موريتانيا في مأزق و في وقت تحتاج فيه وقوف مثقفيها و استراتيجييها وقفة حازمة و  موضوعية تستحضر و تقرأ و تستقرؤ كل أبعاد و حيثيات القضية.
و حتى الآن يبدو الموقف الموريتاني يتسم بحالة من الإتزان و الرزانة المحمودة في مقام مثل هذا، كأن ينقل عن موريتانيا قولها بقبول التدخل في حال طلبت مالي، و في ظل رفض داخلي للحرب المرجو أنه غير متأثر بحالة الحراك السياسي التي كانت قائمة و ترتكز على عملية لي عظم بحيث  ترفض المعارضة كل ما يأتي من الأغلبية من قرارات و العكس. فعلى الأقل هنالك أصوات في المعارضة سوف لن تعلي صوتها كثيرا مطالبة بعدم التدخل و ذلك لحالة ولاء قديمة تتمتع بها لفرنسا خاصة في ظل قيادتها الجديدة. و الضغط الذي لن تستطيع الجزائر تحمله من الطبيعي جدا أن يكون صعبا على موريتانيا تحمله. خاصة حين يضغ ولد عبد العزيز أمام ناظريه خيار الثمن الذي قد يدفعه إذا ما انتهت الحرب دون أن يشارك فيها فلقد يصبح غير مرغوب فيه و حينها يأتي ضغط من نوع آخر ربما ولد عبد العزيز مستعد لدفع أي ثمن لتفاديه.
و في النهاية ربما الخيار الذي لدى كل من الجزائر و موريتانيا هو محاولة اتخاذ القرار الصائب مع التمسك حتى آخر لحظة بخيار التفاوض و الحل السلمي. لأنه هو الطريق المستقيم إلى حالة استقرار من أي نوع في تلك المنطقة الساخنة هناك. فالحرب أولها شر و آخرها شر و في النهاية إن كانت في بعض جوانبها تستهدف توحيد مالي أو السماح بدولة أزوادية خاصة بعد أن أعلن الأزواديون استعدادهم لدعم فرنسا أو كان هدفها القضاء على الجماعات المسلحة هنالك، فهنالك أهداف أخرى لها ربما ينجر عنها قوة أممية أو تواجد غربي دائم و لا ننسى موارد في دولة مالي تستخدمها فرنسا في محطات الطاقة لديها و الحلم الفرنسي بالوجود إلى جانب البنت المعشوقة. و البقاء غير بعيدة من اخواتها السمراوات. و لا ننسى حلما أمريكيا أيضا بالتواجد هناك. ربما صحراء شمال مالي ليست كجبال افغانستان لكن موارد و خيارات هؤلاء هنا لم تكن أبدا متاحة لآولئك هناك فالمرجح أن الحرب قد تطول و أنها لن تخلص المنطقة و بؤرا ساخنة ستبقى سنكتوي نحن بنيرانها. في حين تعود طائرات فرنسا لمدارجها هناك هذه حالة و الحالة الثانية أننا سنعود من جديد دول تحت الوصاية ليست فقط الاقتصادية بل العسكرية من جديد و بشكل واضح ووقح.


Saturday, January 12, 2013

عرض الخميس



كانت إبر الساعة تتشير إلى دقائق قبل تمام الخامسة مساء، حين اقتحمت تلك الشابة الممشوقة القوام ذات البنطلون القرمزي الأنيق علينا خلوتنا نحن و الأستاذة باللغة التركية، و في عجالة أوصلت الرسالة للأستاذة و كنا نستمع و نتلقف عبارات مشتتة لا تصلح لتركب معنى، كل ما عرفناه حينها أن الأمر يعنينا. كنا ننتظر بشوق لنعرف مضمون الرسالة، و حين توجهت إلينا الأستاذة و قدمتها بلغة تعرف أنها تليق بطلاب تعرف جيدا مستواهم خاصة و أنها منذ قليل كانت توزع نتائج آخر اختبار، أفهمتنا أننا مدعوين لحضور تسجيل تلفزيوني لبرنامج عرض مباشر: عرض الخميس. فكرت في أنها تجربة مهمة خاصة لإكتشاف ت ر ت و هي مؤسسة التلفزيون التركية، فهذه فرصة قد لا تتكرر لي ، قبلت أنا و البعض الدعوة، بعضنا مباشرة و بعضنا  بعد تردد و رفض آخرون. دقت إبر الساعة السادسة باب غرفتنا لتنبهنا على أنها ضاقت بنا و آن وقت الخروج و على طريقتها ودعتنا الأستاذة و تمنت لنا وقتا ممتعا. هل كان العرض ليكون بمقدار أمانيها؟ خرجنا "تومر" نتوقع أن باصا غير بعيد ينتظرنا ليقلنا، كان الدليلان رجلان متفاوتان في الطول يعرفون من الانجليزية أقل بكثير جدا مما يعرف صديقي في السكن من التركية و الذي قال لي صباح ذلك اليوم أنه حتى اليوم لا يعرف أكثر من مرحبا و لم أفهم..... تبعناهما و قطعنا شارعا و اثنين، ثم فكرنا أن الاستديو أقرب مما تخيلنا و يمكننا الوصول إليه سيرا على الأقدام، ثم لا حظنا أننا نتجه إلى ميدان تاكسيم و لا نذكر أن مقرا للتلفزيون هناك، عندها تكاثرت الأسئلة المعلقة في رأسي و أنا أكثر شيء لا أطيقه في هذه الدنيا الأسئلة العالقة، فنحن لا نعرف طبيعة البرنامج و لا متى يبدأ و لا متى ينتهي و نسير و نحن لا نعرف إن كنا سنركب طائرة بعد السير أو قطارا أو ربما باخرة أو لربما نحد نفسنا بعد دقيقة في الاستديو. فناديت على الرجل الطويل الذي لا تبدو تجربته طويلة في مجال تسيير الرحلات، و سألته بلغة تركية مكسرة بل مهشمة استطاع التقاط معناها: هل الأستديو قريب أم أننا سنركب باصا؟ قال لي بلغة تركية خاطفة ما فهمت منه أنه يوجد باص.
تقدمنا و كان صديقي الإفريقي يلتفت إلي من فترة لأخرى ، هل تعرف أنا لست مرتاحا لهذا الأمر ، أشعر أنه مرتبك و إن كان الأستديو بعيدا سأنسحب، و كنت أصر عليه لينتظر. حين وصلنا ساحة تاكسيم و قفنا جميعا ننتظر باصا افترضنا أنه سيكون جاهزا قبلنا، انتظرنا لنصف ساعة في برد قارس هربنا منه إلى الرقص أحيانا و الضحك ثم شغلنا موسيقى بوب و راب ساخنة علها تنفع برودة الطقس، ثم نظرت لأصدقائي حولي و قلت لهم أظن أن أدلائنا لا يعرفون الطريق حتى. و كانا واقفان هناك أحدهما يأخذ بيده ورقة تمزقت من كثر ما احتفظ بها. في النهاية برز باص صغير على الجانب الآخر من الطريق و طٌُلب إلى السيدات الذهاب إليه. و بقينا نحن. و كان صاحبي يصر على المغادرة حتى قررنا أن نغني له أغنية : لا تتركنا.... و وعدناه بأننا سنغنيها له في الباص، فالمفترض أن عرض الخميس و ما قبله و ما بعده تكون أجواء سعيدة. ثم أصر إلي هذا الصديق و قال لي: تعرف ! في كل حياتي حين تحدثني نفسي بأن شيئا سيحصل . يحصل لذلك أسف أظن أنني سأغادر، في تلك اللحظة أيضا أردت أنا أغادر ، لكن كنت لا أزال أريد أن أكتشف كواليس و بعض دهاليس ت رت.
رافقت صديقي حتى محطة ميترو تاكسيم و تمنيت له مساء سعيدا و تمنى لنا وقتا ممتعا. عدت و أخذ منا الإنتظار و البرد و الباص الأول لم يغادر ، ثم ظهر باص ثاني بنفس الحجم. و انطلقنا و كان رفيقا لنا في الرحلة عن يميني منزعجا من موسيقى يستمع إليها صديقي عن يساري، ووصل به الانزعاج حد التصرف بطريقة لم تكن غاية في اللباقة، و صديقي أنا أيضا قضى أربع ساعات في الدرس و ساعة في البرد و لم يكن في وضع أيضا يجعله طويل البال أو بارد الأعصاب فرد على الرجل ثم بسرعة هدأ الجو و لطف، ثم شيئا فشيئا تعارف الجميع من حولي بعد أن رحل الرجل الغاضب إلى مكان آخر. و كان حاجز اللغة حاضرا ، لكن كانت لغتنا التركية المكسرة كفيلة بإيصال رسائلنا التي لم تكن في قمة التعقد.
طال المسير فنظر إلي صديقي و قال بفرنسية افريقية صرفة: هل نحن في طريقنا إلى أنقرة؟ تبدو لي فكرة جميلة فأنا بحاجة للذهاب إلى أنقرة لكن طبعا ليس في هذا الوقت و لا في هذه الوضعية. بين صمت و موسيقى خافتة و تذمر واصلنا الطريق. و وجدنا أنفسنا ندخل مطعما لا نعرف في أي جهة من اسطنبول و لا إن كان في اسطنبول أصلا. و جاء بعض عمال المطعم ووزعوا كؤوسا من الياوورت  بعدها تناول كل واحد قطعة صاندويش، لم يبد الأمر في قمة الضيافة. لكن نظرنا للأمر كفعل مجاملة عادي و ليس عشاء رسميا مثلا. بعد الصاندويش تبادلنا أطراف حديث بارد فنحن متعبون جدا. و الأمر المشترك بيننا جميعا مع التعب، هو أنه لا أحد منا يعرف أين نحن و لا أين نتجه؟ فقط في طريقنا لعرض الخميس.
خرجنا من المطعم و نحسب أننا لا زلنا سنركب الباصات و اكتشفنا  أن الباصات اختفت و في طريقنا كان أمامي شابان سقطت على رأس أحدهما كومة بحجم حجرة من الثلج بدا أن شبابا على مسافة منا رموها عن قصد أو غير قصد ، غضب صاحبي و فكر في أن بإمكانه العثور على الفاعل ثم حين نظر خلفه تبين له أن الأفضل أن يتابع مسيره. و صلنا بابا على مرتفع يطل على مدينة تشبه إضاءتها مدينة اسطنبول، هي اسطنبول فعلا لكن نعرف ذلك بالتقدير لا بشيء آخر. تجمعنا لحوالي ربع ساعة أخرى هنالك تعرفت فيه على شباب من الكاميرون و غانا  و افغانستان و كانت هنالك تونس و اليمن و السودان و سريلانكا و ملامح من أوروبا الشرقية و غير ذلك جنسيات كثيرة من جهات من العالم مختلفة. كنت أتحدث مع هذا فرنسية و هذا انجليزية و تلك عربية و أجدني مع أولئك مثلا مضطرا لتركيب معنى بالتركية. فتح الباب و كان الجميع قد مل و تعب و كره العرض و حتى فكرته أصلا.
كانت هنالك بوابة اوتوماتيكية على الجميع أن يمر منها و كانت المحفظات أيضا تدقق. و وصل بعض الجمهور التركي أذكر منه الشابتين عن يساري حيث كانت إحداهما تضع أحمر شفاه داكن و حلقة في أنفها، ثم صديقتها التي كانت تنظر إلينا مستغربة شأن الكثيرين ممن هم خلفها، ربما لم يعتادوا ملامح كتلك في أماكن كتلك. ثم أرادت صاحبة حلقة الأنف أن تجرب انجليزيتها فسألتني بسؤال يشي بمستوى انجليزية بقدر ارتفاع محطة الميترو حيث تركت صديقي عن الأرض. من أين أنتم؟ قلت لها: من بلدان مختلفة  و حين رأيت على ملامحها أنها لم تفهم لجأت للغتي التركية و فهمت قصدي. ثم اكتشفت هي  انجليزيتها غير كافية لمتابعة الخطاب فتحدثت بالتركية لتعرف لاحقا أيضا أن تركيتي أنا غير كافية لمثل ذلك الحوار فصمتت و اكتفت و صديقتها و من وراءهم بالنظر و الإبتسام. في تلك الأثناء و أنا جانب صديق لي في الخلف اكتشفنا أن ضجة تحصل في الأمام، مردها أن صديقينا و صلا مع سيدة  تبدو مسؤولة عن شيء ما لم نتبينه ذلك المساء. وقالا أن بعض أصدقائنا غير مسموح لهم بدخول الأستديو و السبب أنهم " ملتحون" هنا انتابتنا حالة من صمت الذهول و عدم التصديق، و قلنا بلسان واحد شرقينا و غربينا و أبيضنا و اسودنا و ملتحينا و حالقنا . إن لم يدخلوا هم فما نحن بداخلين. و انتظر الجميع دقائق ليصل خبر مفاده السماح لهم بالدخول. كنا جميعا ننظر لبعضنا مصعوقين غير مصدقين حتى لم نجد ما نقوله غير أن وجوه بعضنا احمرت و أطلق بعضنا عبارات إدانة بالأنجليزية أعرف أن صديقتي التي كانت تسألني فهمت منها أكثر مما فهم أولئك الذي كانوا أمامنا. قلنا لهم : أدخلوهم و من بعد ندخل نحن. دخلوا و دخلنا و حسبنا أننا متجهون إلى الأستديو ، لنجد أنفسنا مجمعين مكدسين في غرفة خلف الأستديو. جاء شخص و بدأ ينتقي يريد أن يدخل هذا و يخرج ذاك حتى حسبنا أنفسنا قطيع شياه يختار منها صاحبها الصالح للبيع و للذبح و للتنمية. أصررنا على أن يدخل أولا أولئك الذين رفضوا إدخالهم في البداية . فأدخل واحدا منهم و أدخل بعضنا، ثم اكتشفنا أن النساء المحجبات تجري لهم تصفية إلى جانب من الغرفة لنفاجأ بتصريح آخر أن المحجبات سيتم إدخالهن و إجلاسهن في مكان لا تصل إليه الكاميرا. وجدنا أنفسنا نختبر قدرتنا على تحمل الصدمات الإنسانية . ثم جاءت الأخيرة ، حين أراد صديق لي من الدخول ، فرد عليه من يقف عند الباب ، بالنسبة لك ، ضروري أن أجري مكالمة، و حصل نفس الشيء مع صديق آخر لي كان يجمعهما أن بشرتهما سمراء داكنة. كانت هذه الضربة القاضية التي انهرنا بعدها و لم نستطع التحمل ، لدرجة أننا كلنا شعرنا و أنه بإمكاننا التحدث بالتركية، فصببنا وابلا من الاستنكار لم نعرف حتى بأي لغة. أذكر جيدا صديقتي التونسية حين أرادت أن تتحدث إلى الرجل بالتركية عله يفهم فلم تجد من التركية غير كلمتين وو جدت لغة الإشارة بعدهما الأنسب فأشارت ما يفيد بأن هذا التصرف جنوني ثم كانت أخرى مذهولة تتساءل إن كانت هي حقا في تركيا فيبدو هول الصدمة أثر على معطيات تفكيرها الزمكانية. ثم وجدتني أتحدث لآخر بلغة أكتشف لاحقا أنها كانت خليطا مادة الإنجليزية فيه هي الزائدة. إلا أن اللغة التي فهمها الجميع هي تلك الوجوه المحمرة و الملامح الغاضبة. حيث من السذاجة أن تواجه نخبة جامعية من كل الثقافات و الحضارات بمثل تصرف بهذا القدر من الإنحطاط القيمي و الإنساني. كان عرضنا على وشك النهاية فعرض الخميس لم يكن عرض ت رت ، بل كان عرضا شاهدنا نحن فيه كل أنواع التمييز على أساس الدين و العرق . لولا ذلك الرجل القصير الذي تفهم و بدا متعاطفا جدا لكان الغضب ليصل بالجميع هنالك حد الإنفجار.
عدنا صامتين و من تكلم يتكلم بحنق أو من يصمت و يتنهد لا يصدق. حينها بدأنا نحاول تلطيف الجو المتوتر المشحون، فحاول البعض التفكير في أن كان سيلحق عشاء مطعم الإقامة، و فكر البعض في جمال فتيات رآهن في ذلك العرض. و في ظلام تلك الليلة ألقى بي الباص على رصيف غير بعيد من إقامتي ، دخلت محملا بذكريات عرض أليم. كانت تلك الليلة في ذاك المكان شاهدة على حدث ربما يجربه معظمنا لأول مرة في حياته. لأول مرة يحضر أي منا عرضا من ذاك القبيل.

Sunday, January 6, 2013

مسيرة عمالية راجلة من ازويرات : ما ضاع حق وراءه مطالب

لا شيء أعظم من مشهد ينتصر فيه الإنسان لحقه و يدافع عنه بكل وسائل. انطلقت من مدينة ازويرات مسيرة راجلة ينظمها عمال الجرنالية و هم العمال الذين يعملون بشكل و يتقاضون بشكل يومي. المسيرة انطلقت و تحمل رسالة معبأة بكل المعاني في دولة لم تعرف أن تنصف أبنائها من العمال، و إعلام و حقوقيون لم يصلوا مرحلة من النضج يتفهموا فيها مواقف كهذه.
كلنا مطالبون بالوقوف مع هؤلاء لإستعادة حقهم و علينا أن نعمل معهم جنبا إلى جنب حتى يحققوا غاياتهم و تعود إليهم كرامتهم كعمال يحترقون و يسهرون و يتألمون ليحمل الحديد من الموانيء فيتحول دورا و سيارات و قصورا في العالم اجمع، هؤلاء الذين على اكتافهم حملوا كل عبئ....
كان الله لعمال لم يتنصفهم دولتهم و لم ينصفهم إعلامهم......

Friday, January 4, 2013

تراخيص لقنوات تلفزيونية جديدة

صدرت مؤخرا عن السلطة العليا للسمعيات البصرية تراخيص لثلاث قنوات جديد بعد حزمة التراخيص الاولى و التي قيل عنها أنها تراخيص سياسية و تخضع لمعايير غير عادلة. القنوات المرخصة الجديدة هي قناة المرابطون ، قناة شنقيط و قناة دافا، الإشكالية عندي أنا هنا ليست في التراخيص بل ما ستقدمه هذه القنوات المرخصة في ظل غياب كامل للكادر الإعلامي المكون و المدرب  و في ظل غياب كامل أيضا للفنيين و التقنيين السمعيين البصريين هل سيواصلون إعلام الهواة على نفس المنوال حيث مهندس صوت هاو و مخرج هاو و صحفي هاو و نكون في النهاية أما قناة هاوية بكل معاني الكلمة. و السؤال ماذا قدمت تلك التي رخصت منذ أزيد من سنة و هل ما قدمتهم يبشر بخير عن هؤالاء. 
الأمر يبدو لي أشبه بحالة من السيبة تبدا الآن في الإعلام البصري و تراخيص القنوات لن تعدو إذا ما استمر الامر على هذا الحال لن تعدو حال تراخيص الجرائد  الموريتانية. و ربما نجد أنفسنا قريبا في سوق لبيع التراخيص. 
حالة من السرور انتابت العاملين في تلك القنوات، مردها أن اولئك كانوا يمنون دائما و تعتذر إليهم الإدارة بخصوص رواتبهم و مستحقاتهم بكون القنوات غير مرخصة بعد واعدة إياهم بأنه بعدما يتم ترخيص القناة فسيكون كل شيء سمن على عسل ، إلا أن السمن و العسل بعيدي المنال في الوقت الحالي، ما على أولئك أن يضعوه في الحسبان.

شركة هوندونغ الصينية في نواذيبو: أنت مصاب و مطرود

قامت شركة هوندونغ الصينية و التي تقوم ببعض الأشغال الآن في نواذيبو بإجراء بعض الفحوصات لبعض عمالها، و جاء في النتائج أن حوالي 21 عاملا مصابا بفيروس الكبد الوبائي الدرجة الثانية ، الغريب في الأمر أنه في الأسبوع الموالي للفحوصات قامت الشركة بفصل 21 عاملا هؤلاء تعسفيا و كأنها تكافؤهم على إصابتهم بالفيروس في تلاعب واضح بحقوق العمال و ضوابط و قوانين العمل، يبدو أنهم حتى الصينيون أدركوا أنهم الآن في بلد السيبة  و لا أستبعد كونهم متعاونين مع مفتشين موريتانيين و محامين و حتى مقاولين للإلتفاف على كل الحقوق و التصرف بهذه الدرجة من الوقاحة، المهم أنه في ظل تصرف سافر حقير و امتهان واضح لحقوق العمال  و حقوق الإنسان.
فعلى من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان هناك و حقوق العمال و من يدعون الصحافة غير ذلك التحرك لوقف مثل هذه الانتهاكات الصريحة و التي لا تمس فقط حقوق المواطنين بل كرامة الدولة و سيادتها.  

الإغتصاب ...فتيات بعمر الزهور يقتلهن الصمت و المجتمع

علمت يوم أمس من أحد أصدقائي الناشطين إعلاميا و حقوقيا أن مبادرة جديدة عمل على تأسيسها نساء أو على الأصح فتيات في مقتبل العمر تحمل الإسم الشعبي : اتكلمي و معناه بالعربية الفصحاء : تكلمي ... المبادرة تستهدف ضحايا ظاهرة الإعتصاب التي تنتشر في المجتمع الموريتاني في ظل هالة من الصمت تحيط بها. ما أثار انتباه صديقي على حد قوله كون القائمات على المبادرة هن فتيات في مقتبل العمر. 
أقدر أنا مثلا حجم العراقيل و المشاكل التي ستعترض هذه المبادرة في مجتمع يصمت عن الجنس صمتا مطبقا في وقت ينهش فيه الجنس و ممارسته بطرق غير مشروعة و غير صحية و غير معقلنة جسده. عن الإغتصاب الأمر مختلف قليلا ففي موريتانيا تدخل الحسابات القبيلة و يدخل عامل كرامة العائلة الذي لا تتذكره إلا حين تقع إحدى بناتها ضحية فتتركها تموت بصمتها و حزنها و يأسها. 
إن ظاهرة الإعتصاب  و التحرش بالبنات و بالقاصرات تنتشر في موريتانيا بشكل قد يصعب على الكثيرين تصديقه و في ظل الغياب الكاأمل للإحصائيات و إهمال الحقوقيين و الناشطين المجتمعيين لهذه القضايا فإن الظاهرة تتفاقم في ظل صمت متقاسم بين الضحية و أهلها خوفا من العار و الجهات الرسمية، خاصة و أنه في المجتمع الموريتاني الظاهرة تنتشر بشكل أوسع في أواسط الأقارب بحيث كثيرا ما يكون الجاني إبن عم أو قريب جدا من العائلة و حتى محل ثقة من الأهل و أحيانا يكون من أصدقاء الأخ الذي سيكونون في الغالب من نفس القبيلة فتعود القبيلة لتدمر كيان المجتمع بطريقة أخرى هي الصمت على مثل هذه الممارسات. اليوم و دون مبالغة من الصعب جدا أن تجد خمسة أسر إلى عشرة لم تكن إحدى بناتها إما ضحية اغتصاب واضح أو تحمل خللا جنسيا مرده التحرش بها و هي قاصر أو طفلة. و خطر الظاهرة أن ضحيتها كثيرا ما تكون في أول عمرها و سيلاحقها ذلك الصمت و تلك الجريمة كل سنوات عمرها إما تسعى للإنتقام فتنحو منحى طريق الرذيلة و إما تحكم على نفسها بالموت فتجلس تنتظر حتى يأتي اليوم الذي لا ترى فيه تلك الوجوه التي تعرف أنها تعرف أنها ضحية وغد غادر في مجتمع خائن صامت. و قريبا لا أستبعد أن يأتي الخيار الثالث و هو الإنتحار. حتى تستريح من تلك المرارة و القساوة التي لا يمكن تخيلها.
أضف على ذلك أنه في موريتانيا اليوم عيادات خاصة بها ممرضات معروفات تقمن على عمليات إسقاط الأجنة بطرق منتظمة و بمبالغ هائلة. و الدليل على ذلك قصة صديقتي التي وصلت إلى عيادة خاصة و هي متزوجة و حامل حملا شرعيا، لكن لصغر سنها لم تفكر تلك الممرضة في أنها حامل بطريقة شرعية ربما من جشعها فبادرت بإعطائها مواد مبطلة للحمل  و طلبت إليها القدوم إليها في بيتها لم تفهم صديقتي شيئا و  بعد استعمالها  الأدوية عانت صديقتي نزيفا حادا و حين وصلت للدكتور و فسرت له أخبرها بالأمر أن الممرضة كانت تنوي إسقاط حملها و قال أنه بإمكانها تقديم شكوى منها لكن تعود سذاجة المجتمع لتمنع عن تلك المجرمة العقاب فصديقتي لم ترد الدخول في تلك الأمور ربما لأنها لم تفكر أن واحدة أخرى ستكون ضحية و في تلك المرة لن تسلم الجرة.
إذن  أمام صمت تواطيء بين الطرفين و إهمال كلي من الجهات الرسمية و سخافة الممارسات الحقوقية و الإجتماعية التي يقوم بها المجتمع المدني هنالك فتيات بعمر الزهور انتزعت أنوثتهن و شبابهن بفعل ساعة أو اثنين اغتصبن فيها ، فلا هن في الحياة ككل النساء و لاهن في عداد الاموات ككل الاموات، بل يعشن مع المرارة و اليأس و المجتمع الصامت على المجرم و المغطي لجريمته يرمقهن بإحتقار فمن لهؤلاء و من يأخذ لهن بحقهن.؟؟؟ هيا يا ضحيات ألقى بهن غدر و لؤم المجتمع و نفاقه إلى مقعد الإنتظار اليائس و الشعور المرير بالعدمية هيا تحدثن أكشفن زيف المجتمع، أحكين القصة من بدايتها...... فالإنسان سينتصر لكن بعيدا عن أعراق القبيلة و تقاليد المجتمع و غياب الدولة.

Thursday, January 3, 2013

عن اتحاد الكتاب و الأدباء الموريتانيين في عجالة .....

وقعت عيني يوم أمس على خبر مفاده أن أعضاء في المكتب التنفيذي لإتحاد الكتاب و الأدباء الموريتانيين قدموا استقالتهم، احتجاجا على ما أسموه ضبابية تغطي طرق تسيير و إدارة الموارد البشرية و المادية للإتحاد و الإخلال ببعض المواد الوارة في القانون المنظم لسير عمله. اتضح في الصورة شباب أربعة بوجوه نضرة منتظرة في صورة يبدو أنها التقطت لمناسبة غير هذه خلفهم لافتة تظهر عليها صور شباب آخرين شعراء في أغلبهم. كان من بين الأربعة ثلاثة أعرفهم شخصيا هم شعراء كلهم رغم اهتمامات أخرة تتلقفهم من حين لآخر كلها ذات صلة بالسمعي البصري، و رابع لم التقه شخصيا رغم أني أتذكر ملامحه جيدا. ما لفت أنتباهي الوظائف التي كان يشغلها الشباب أمين شؤون تنظيم و نائبة أمين قانون أو ربما لم أنطق المنصب كما هو المهم مكلف بشأن قانوني ربما يتعلق الأمر بحقوق النشر و الطبع و الحقوق المحفوظة و الإبداع المشاع ربما و نائب أمين اتصال... لا أعرف ربما توجد مناصب من هذا القبيل في اتحادات أخرى لكنها حقيقة تذكرني بمناصب كنا نوزعها في الجمعيات الثقافية و الأهلية خاصة حين نلاحظ أن المكتب التنفيذي يخلو من النساء ، هنا و لما أعرفه في أولئك الأصدقاء من طيبة و حسن معاملة أعرف أنهم ما كانوا ليجادلوا فالأمر لم يتعلق يوما بمنصب بل بنتيجة و عمل بالنسبة لهم خاصة و هم الذي صبروا و صابروا في صحراء قاحلة تحكمها القبيلة . بل كان عليهم أن يعرفوا أن الرضا بمناصب كتلك هو رضى بأن تبقى متفرجا بعيدا من مشهد التفاعلات. و لا أنكر أني تأملت خيرا في مكتب يضم شباب من هذا القبيل برؤية قد تنطلق بذلك الاتحاد الذي لم يكن يوما بأكثر من لافتة كتب عليها بطلاء أحيانا كثيرة سائل و تلصق إلى جدار رمادي أو كتاب تتوفر فيه كل العوامل التي تجعله الأكثر احتياجا لدعم فكري مادي و معنوي. 
لكن دوما ندور و تدور بنا الدنيا و نعود لنقطة البداية و هي العقلية المسيطرة على المواطن الموريتاني مثقفا كان أو جاهلا أديبا أو أريبا نخبة أم قاعدة ، إننا لما نتخلص بعد من مسلكيات القبيلة و نظامها و عقلياتها. كان على هؤلاء الشباب أن يأخذوا زمام الأمر و أعرف كم صعب ذلك لذلك لا أريد أن يٍسألني أحد كيف؟ لأن هذا الكيف ، هو الذي جعلني أعتزل مساجد أولئك و كنائسهم و أكفر بفضافاضاتهم الفضفاضة فضفضة كلامهم الفارغ في أحيان كثيرة.
تذكرت و أنا أقرأ الخبر أيام انتخابات الأتحاد  و حملاتها. كنت أنذاك على صلة بوزارة ثقافتنا المحترمة في إطار عمل ، و كنت أرى وجوها تحمل كل وشوم القبيلة و ألوانها تدخل من هنا و تخرج من هناك و حين سألت سكرتير الوزيرة الخاص الذي أساء إلي بتصرف في ذات اليوم ما دفعني لأن أصرخ في وجهه و لست كثير الصراخ في أزقة وازارات مملؤء بالتربة و الخساسة . قبل الشجار سألته ما بال هؤلاء؟ قال لي : إنهم يتجهزون لانتخابات الاتحاد. حينها حقا بدا الاتحاد حزبا سياسيا لي و فكرت إلى ماذا يتسابقون؟ لربما هي ميزانية مهرجان الأدب الذي لم يعد يعدو كونه مهرجانا كمهرجان كرمسين مثلا أو عين فربة أو المهرجان الذي نظم مؤخرا في قرية تبعد بضع كلمترات عن نواذيبو، ثم تذكرت أني كنت على تواصل أيضا مع شخص قدر الله أنه كان يعمل على طبع بعض الأوراق الخاصة بأحد المترشحين و رأيت أحد البرامج كان كل ساذج يمكن أن يطلع على سذاجة ذالك البرنامج رغم ما ضمه من نقاط عظيمة. 
أهنؤ الأخوة على خطوتهم و أتمنى أن يجدوا طريقة يخصلوا بها الأدب و أهله من مثل هذا النوع من الإتحادات. و أتمنى لمخلصي الأدب و الثقافة في ذلك المنكب القصي أن يدركوا ما يمكن لإتحاد من هذا القبيل في دولة من ذاك القبيل أن يصنعه. و حقا أتساءل 
ماهي المهام التي كانت منوطة بمسؤول للتنظيم مثلا و وأمين الشأن القانوني.

Wednesday, January 2, 2013

وطــــــــــــــــــــــــــــــــــن الإفلاس الشامل

بكلمات مختصرة تعبر عن حالة مرضية يعيشها الوطن الحبيب، بكلمات غاية في الإختصار أقول:
يعيش الموريتانيون في وطن يعيش حالة من الإفلاس الثقافي و السياسي و الاقتصادي و الإجتماعي، 
فسياسيا متسيسون ضائعون مذبذبون لا برامج و لا مواقف و لا خطط لبناء وطن يتهالك و يتهالك، 
و ثقافيا مثقفون معبؤون بالعقد و إرهاصات شابة يفسدها الشعور بالذات قبل تشكيلها
و اجتماعيا مجتمع ضائع بين التقليد و المعاصرة تحكمه عادات و ممارسات عفا عليها الزمن لا تصلح اليوم عادة و لا عبادة
اقتصاديا نظام تجاري و نظام سوق يحكمه الشيوخ من ملاك قطعان الإبل و البقر و يسيرون الشركات و المؤسسات الإقتصادية على غرار تسيير القطعان و القبائل
إعلاميا مؤسسات إعلامية و إعلاميون دونما مهنية أو شعور بالمسؤولية أو وعي بمقتضيات المهنة.
و في كل هذا العنصر المخرب الأبرز القبلية و الجهوية و انعدام الروح الوطنية..........متى يا وطن الصمت و الموت البطيء تصرخ في وجوه كل هؤلاء و تقلب عليهم الطاولة حتى تحرقهم كؤوس الشاي الساخنة على الطاولة.