Tuesday, January 17, 2012

حسبتكِ امرأة... و عذرا


لم يبق سيدتي بينا تاريخ و لا جغرافيا، و لا علوم فيزياء و لا كيمياء إنه التجرد المطلق من الاتحاد و الانصهار و التفاعل و التجاذب، التجرد المطلق من الأرقام و الماضي، من مصب المشاعر و جريان العواطف. ما بيننا لم يعد لغة و لا سمة و لا اتصال، لا شيء غير رحيل غير مؤرخ و غياب خلف الأرقام و التواريخ، و مسح مطلق من ذاكرة الأيام و ذاكرة الأوراق، لا تسألي بعد اليوم عن مشتركات، عن نقاط التقاء أو مراكز إقامة. فهنالك في محطات النسيان و الجرد المطلق و المسح الكامل تركتك، هنالك اجتاحك النسيان وحملتك لعنة غدرك إلى لا أهتم ، وحيث لن تسأل عنك لحظة تأمل و لا جرة قلم، و حيث لن تحظي بأكثر من كمية عارمة من أكوام النسيان أكدها على أثرك أطمر بها لحظات مرورك العابرة.
ارتبت من إصرارك على الدخول، من محاولاتك المتكررة للنفاذ، استقبلتك ربما كرما مني أو أملا من ي أردتك منتجا راقيا بحتا، أوزع كل أشيائه في زوايا مختبرات قلبي و على معارض شفتي وقلمي، لم أكن أدري أنك لست أكثر من حقل تجارب عمومي غير مؤكد ولا دقيق النتائج، يستجيب لكل المؤثرات و كل التفاعلات بل وحتى يبحث أحيانا عن باحثين متطلعين للاستكشاف. أنا أكره يا سيدتي التجارب المكررة و الحقول العمومية التي لا تخدم الإنسانية في شيء، كنت أكره شفتي و أنا أجدها مرغمة على قبلة سطحية لم تكن يوما بأعمق من زيادة كمية من الزيت على كمية من الماء، و أكره اللمسة الجافة الجامدة كمرور ماء على حجر صلب، كانت تتجسد فيك كل يوم الصفات التي أكرهها أكثر من أي شيء، أردت لك أن ترحلي من زمن أن تختفي خلف الذاكرة و تنتهي قصتك  بعيدا عن قداسة قلمي و ألمي و تأملي، أردت لك أن تقرئي تعابير تخلصي منك تقرئين و كل ملامحي تقرأ عليك الوداع من غير أسف. أردت لك أن تستنجي خلاصة التجربة القصيرة التي لم تكوني تستحقين حتى أن أدعوك إلى فنجان قهوة سوداء من غير سكر لأطلعك عليها لأنها كانت بقدر من السذاجة لا يضاهيها فيها إلا سطحيتك، ترددت في الكتابة إليك في الكتابة عنك لأني كنت أخشى الجانب في داخلي الذي قد يكره امرأة لأن المصطلح جديد في قاموسي و هذه حقا كانت هي النتيجة التي خلصت إليها  من تجربتك ما ظننتني يوما قد انظر إلى امرأة كحقل تجربة أو أكتب عنه بهذه العبارات التي أستعيرها من مفردات تجربتك، و حين أردت أن أتراجع و أن  أسلك سبيلا آخر و أحرق كل أوراق و مواد هذه العملية ، اكتشفت أنك لم تكوني امرأة ، لذلك قررت المواصلة، فقط لأنك لم تكوني امرأة.
و أنت الآن حيث أنت و أنا أسلمك كل أشيائك المادية و المعنوية لسلة مهملات يستحيل معها استعادة الملفات بكل برامج ولغات العالم، صدقي أني أسف من أجلك فرغم كل شيء كنت تجربة مهنية مختلفة أضيفها إلى سيرتي الذاتية المهنية الحافلة بالأوراق و المواد و التجارب و الدراسات. و كنت استثناء رفعت معه كل وسائلي درجة الأمن إلى اللون الأحمر، و أعلنت حالة الطوارئ.