Monday, January 16, 2012

حين يكون الجنس خط أحمر... و الحديث عنه عار و خطيئة / الحلقة الثانية

مجتمعات كثيرة عرفت هذه المرحلة التي نعيشها نحن اليوم ،ولم يتغير واقعها إلا حين انبرى مثقفون وكتاب وخاضوا غماره متجاوزين كل الحساسيات والإشكالية المجتمعية والعرفية التي اعترضتهم فكتبوا وكشفوا  ووقفوا على النار التي تحرق وتلتهم تحت رماد الهدوء المصطنع السائد ، فما لم يدرك المثقف خطورة الوضع فإن الأزمة ستبقى في تزايد ،  كتب باحث فرنسي في علم الاجتماع يوما بأن المجتمعات الساكتة عن الجنس والرافضة للثقافة الجنسية هي المجتمعات الأكثر عرضة لمخاطره وسلبياته ، مقولة حقا تبعث على القلق  فأي مجتمع ينافس مجتمعنا في الأمرين السكوت عن الجنس ورفض الثقافة الجنسية ، مقولة تدعوني للتقصي والمنطلق ليس أن المجتمع الموريتاني متهم حتى تثبت براءته بل بريء حتى تثبت إدانته ، ما إن تبدأ تستقصي لن يأخذ الأمر منك جهدا كبيرا فكر في مجرد إمكانية أن يكون ، ادخل محل للسي دي والدي في دي بطريقة أو بأخرى ستجد ما من خلاله تفهم سبب وجود صنف خاص من الزبناء ، وإذا أردت التأكد أكثر حاول التعرف على بعض أصحاب هذه المحلات وهو ينبؤك بما سوف لن تصدقه إلا حين تتفق معه فترابط ليلة حتى يأتي أولئك الذين حدثك عنهم مختلف الأعمار مختلف الملامح أسماء سرية متعارف عليها ، لاحظ في ليالي آخر الأسبوع مجموعات الشبان التي يحمل احدها جهاز فيديو وآخر مجموعة أشرطة وهم يبحثون عن المنزل الفارغ  ، تصفح الكمبيوترات الشخصية و الهواتف النقالة ، ادخل محلات نقطة ساخنة وأنت تعرف المسميات المتفق عليها لهذا الشكل من الأفلام ، وستعرف حينها طبيعة هذه البيئة التي تعيش فيها ، إنه الإدمان إدمان الإباحية وأفلا  مها وقنواتها ، ونعرف نحن سرعة انتشار المقطع في زمن بطاقة الذاكرة والبلوتوث والأشعة الحمراء ، في فترة تبدو فيها الدابليو دابليو دابليو تخترق الصفوف في مجتمعنا وصرنا حقا لا ندري إن كان هذا الأمر ايجابيا أم لا ؟ سكوت المجتمع عن هذا الموضوع جر طرفه على مثقفيه ونخبته وهكذا بقي هذا الداء العضال يلتهم في صمت ويخرب في هدوء هذا النسيج الاجتماعي ، وأنا إن تفهمت صمت المجتمع صعب جدا أن أتفهم صمت المثقف أخوفا أم طمعا أم أن جدار الصمت ذاك القديم بعد لم ينكسر ؟

لهذا كتبت ... ولا أبالي لشيء آخر

صدق أو لا تصدق إلا أن الظواهر التي سأقدم نماذج منها الآن وهي ظواهر وقفت على جلها واستمعت من البعض بعضها ، هي ظواهر تحدث هنا في المجتمع الشنقيطي ، وهي التي دعتني لأكتب غير مبال لشيء ، إنها ممارسات إن دلت على شيء فإنما  تدل على أن هذا المجتمع غارق حتى أذنه في ويلات الانحراف الجنسي وإن كانت تستدعي شيئا فهي وقوف الجميع لتنظيم هذه البوتقة والعشوائية في التربية الجنسية خاصة  الأسر مع أبنائهم وبناتهم .
في انواذيبو  فتاة في  خضم حديثها عبر الهاتف  وقد شغل مكبر صوت الهاتف أصوات غريبة  فردت دون تكلف هذه أنا ومعي صديقتي ماذا يفعلان يداعبان بعضهما جنسيا ، فتاة تتكلم في الهاتف في خضم حديثها تبدأ تتحدث كيف أن أختها الكبرى دخلت عليها غرفتها ومشهد الجنس في مرحلته كذا فبادرت لإطفاء الجهاز ، شيخ في السبعين وهو سائق تاكسي  يعرض عليك وكأنه يمازحك آخر أفلام البور نو  ويخرجه لك من جيب باب السيارة الداخلي ، في محل لسي دي رجل في الأربعين بسيارة فخمة يدخل معيدا السي دي على أن مشاهد بطل الاكشن فلان غير واضحة ليوضح صاحب المحل بعده اللغز كله ،الجنس عبر الهاتف وهذا هو الأبسط ، على فترات مختلفة مقاهي انترنت أدخلها مضطرا في غضون دقائق إذا بي بين مجموعات من القاصرين تتفرج على السكس وأفلام الجنس ، أبادر إلى مسير المحل فإذا به هو الآخر يتفرج عليها ، تصور حين يكون الأخ الكبير مدمن أفلام إباحية ، تصور اتصالات من نساء كبيرات وربات بيوت انتظرك في المكان كذا ومع آخر أشرطة كذا وكذا ، كل هذه وأمور أخرى ظواهر معاشة في هذا المجتمع الحبيب ،ومجتمع فيه هكذا ممارسات لن يخلو من الانحراف والشذوذ الجنسي ولا يستغرب أن تنتشر فيه الجرائم التي يمكن تسيتميتها " المسكوت عنها " من اغتصاب للقاصرات الأقارب ومداعبة البالغات للقاصرين ومداعبة الذكور للذكور والإناث للإناث جنسيا ، والدور هنا ليس دور الحكومة بالأساس لأن تدخلها قد يعطيها الفرصة لتضيق الخناق أكثر على الحريات وتستغل الوضع مع أن تدخلها مطلوب لمتابعة الأماكن العامة التي تتعاطى فيها هذه الممارسات  ، الدور دور الكتاب والمثقفين والباحثين لمتابعة المجتمع ومساراته ودور  أرباب الأسر  لمتابعة أبنائهم وبناتهم وليعرفوا طريقة جديدة عليهم أن يعاملوا بهم أبناءها تعتمد طريقة لإعطائهم أسس ثقافة جنسية سليمة تشكل لهم منطلقا صحيحا في عالم الأسقام هذا ، إن الثقافة الجنسية ضرورة رغم كل ما يحيط بها من حساسيات وإشكاليات ، لكن لا يجب أن يكون التصور الأول الذي يقفز إلى أذهاننا ونحن نتحدث عن الجنس ما يتم في شأنه في الغرب ، بل يجب أن ننظر من منظار انه بإمكاننا إيجاد طريقة وسط نربي بها أجيالنا جنسيا  بشكل متزن ،ونضع على جنب كل النظرات التقليدية والضيقة للموضوع .
نقطة نظام ...
إن نظرة موضوعية لواقعنا الاجتماعي طريقة تعامله مع ملف الجنس والثقافة الجنسية لا يمكنه الوقوف على تصور ملموس يتعاطى من خلاله هذا المجتمع مع الموضوع ، فهو عالم من السرية التامة والكاملة ، فإذن متتبع هذا الموضوع لا يملك إلا أن يتوجس ولو في نفسه خيفة ، فكما هنالك ممارسات سياسية شاذة وممارسات اقتصادية شاذة  وممارسات اجتماعية شاذة فموضوع الجنس كموضوع اجتماعي فيه هو الآخر الممارسات الشاذة إلا أن خطر هذه وبطشها لا يقارن بخطورة أي شذوذ آخر كونه عملية تدمير تطال المجتمع بمركباته كلها ،وعلى مثقفينا ومجتمعنا أن يدرك هذا الأمر ويقف عنده نقطة ولو نقطة نظام أو نقطة تشكك ستوصل إلى الحقيقة .