Thursday, March 27, 2014

الحقوقية فاطمة بنت انجيان عن المجتمع المدني و الحراك الشبابي الافتراضي و أشياء أخرى - الجزأ الثالث

كان هذا دائما على هامش ذلك اللقاء السريع الذي جمعني بالسيدة بنت انجيان في الرباط  قبل أن تختطفني طائرة الخطوط التركية إلى المدينة العذبة.......


 أخذنا الحديث حتى حالة الميوعة و توزيع الالقاب الجزافي الذي يغرف فيه الوطن بنخبته و إعلامه، فصرنا كلنا كتابا و لا كتاب في المكتبة و كلنا صحافة و محققين و لا صحافة أصلا و كلنا رياضيين محترفين و لا اندية و كلنا فنانين و كلنا موسيقيين و كلنا دكاترة و كلنا باحثين و كلنا و كلنا و كلنا و الادهى و الامر انه ليس فقط الكاتب بل الكاتب الكبير. و الاعلامي الفذ النافذ و الرسام العبقري و كل هؤلاء لا يعرف عنهم من في موريتانيا أصلا فكيف بمن يقبع خلف غبار مساحة مطار نواكشوط الدولي الرمادية. و كلنا مواقع اخبارية و لا موقع واحد لا يثير الخجل و كلنا ناشطين  و مدونين. لا الإثنتان تثيران الضحك و الاستغراب اكثر من كل شيء، هل تعرف الآن على الشاشات فقط فلان مدون و مدون دخلت على الخط في وقت كان فيه لقب "الناشط " يحتل الصدارة .

المشكلة التي أشارت إليها السيدة بنت انجيان انطلاقا حتى من بعض التجارب التي عاشتها، هي الميوعة و توزيع الالقاب جزافا و عدم الاكتفاء بتخصص أو مهارة يركز عليها الشخص و ينتج فيها و يبدع، فهي مثلا تقدم نفسها كحقوقية كمجال اختصاص و نشاط و اهتمام و ترفض ما تسميه التطفل على أي تخصص لا صلة لها به إعلاما كان أو أدبا أو غيره. و هذا حقيقة هو ما ينقصنا في مجتمع الفوضى و العبثية، أن يسأل كل واحد نفسه من هو أًصلا  هل هو كاتب هل هو راقص هل هو هاو هل هو رسام ؟ هل هو ناقد؟ هل هو سياسي ؟ هل هو اقتصادي؟ هل هو باحث؟ هل هو ناشط مجتمع مدني؟ و هل و هل؟؟؟؟ لكن المشكلة أن كل واحد يريد أن يكون كل هؤلاء في وقت واحد.
تذكرت هنا جمعية كنت دائما أمر على مقرها في دار النعيم إسمها لا يصدق جمعية كذا لمكافحة الفقر و الحفاظ على البيئة و مكافحة السل و السيدا و الثقافة و التطوير و التنمية و و و و. لا أبالغ كان إسمها نصا فقرة مستحكمة. هذا بالضبط هو حال قومنا. والواحد يقدم هذا على أنه ميزة و إبداع لكن حين تذهب لتعرف كم الكتب المنشورة للكاتب لا تجد حين تبحث عن كم اللوحات للرسام لا تجد عن عدد مسرحيات المسرحي العظيمة لا تجد عن انجازات الصحفي العظيم الكبير لا تجد عن الناقد الجليل لا تجد... و الكل يتشابك في عبثية في تلك الفيافي الممتدة من ام اقرين شمالا الى نهر السينغال جنوبا، لا يعرف رأسه من قدميه.
فضاع الصحفي في محاولاته ليكون مسرحي و ضاع المصور في محاولاته ليكون صحفي و ضاع الباحث في محاولته ليكون سياسي و ضاع الاقتصاد في دهاليز النشاط المدني ......
قد يسأل البعض ما مرد هذا. مرده ان الشباب كان حين يغادر جامعة نواكشوط بتخصص مائع لا يعني شيئا لسوق العمل ، يجد الحل الوحيد في أن يحاول وضع يد و رجل في كل شيء فيضع يدا في الصحافة وواحدة في الثقافة و رجلا في الفن و رجل اخرى في المجتمع المدني و يضع أنفا في السياسة و أذنا الاقتصاد و التجارة و يبدأ يتقدم بهذا الكم الهائل الذي سيتساقط على أمل أن يصل بواحد على الأقل و في حالات كثيرة يصل دون شيء من هذا كله و يبقى ضائعا يقدم نفسه على انه فنان و صحفي و كاتب و ناشط و مدون و محلل و مبرمج و مصمم و وووووو
ثم في النهاية تطرقت معي السيدة لفلسفتها في التدوين و هي فلسفة أوافقها الرأي فيها، قالت ببساطة: أن التدوين بالنسبة لها ردة فعل آنية على أحداث معينة، بعيدا عن ما يفعله البعض من نشر نصوص عصماء مرتبكة و مربكة.
هنا تذكرت أولئك الكتاب و الادباء و الصحفيون الذي جعلوا من الفيس بوك الجريدة و الموقع و دار النشر و كلية متعددة الاختصاصات لتخريج الطلاب و منحهم شهادات.

ثم خلصنا بعد ذلك لموضوع فتاة تعلمت و نهلت من أبيها قولا و فعلا... و في صور مختصرة معبأة بكل مشاعر الصدق قدمت لي شخصية رجل احترمته دوما و سأحترمه أبدا لأشياء كثيرة لعل أبسطها كونه ربى شخصا بقيمة الحقوقية السيدة بنت انجيان


..... يتواصل