Monday, March 4, 2013

صراع القرابة و القوة، الأمن و المال :حرب ماحقة أو متكافئة


تشهد الساحة الموريتانية الآن توترا غير مسبوقا، و تعيش نخبة و عامة حالة انتظار و قلق جراء الخلاف الحاصل و المتفاقم حد الصراع و المواجهة بين رئيس الجمهورية  و رجل الاعمال الموريتاني الشهير محمد ولد بوعماتو ووجود طرف ثالث و لو حتى الآن بصيفة أكثر احتشاما في هذا الصراع مدير الأمن العام السابق و رئيس المرحلة الإنتقالية العقيد اعل ولد محمدفال.
تاريخ طويل من علاقات المال و الأمن جمعت الثلاثة.فمحمد ولد بوعماتو هو رجل أعمال يتفق الجميع على اجتهاده و ذكاءه الإقتصادي حد المكر، فهو رجل بدأ معلما و جد و اجتهد و اشتغل بطرق شرعية أو غير شرعية المهم أنه وصل لماهو عليه الآن، و من أمارات تواضع بداية الرجل، أن جدي الموجود الآن طريح الفراش شفاه الله و عفاه، حدثني عن أيام كان فيها ولد بوعماتو معلما و كان كل خريف يأتي بوالدته إليهم بحيث تقضي معهم فترة الخريف. مع ذلك
ولد بوعماتو اليوم رقم اقتصادي صعب في المعطى الموريتاني. تجمعه بالرئيس صلة قرابة و صلة مصالح و صلات تأييد فلقد جند ماله و نفسه إبان الإنقلاب الذي قاده الرئيس أو الحركة التصحيحية كما يحلو لأنصاره تسميتها ، جند رجل الأعمال نفسه و دعم ماديا و معنويا و اجرى اتصالات على جميع المستويات حتى تم الإعتراف بالإنقلاب ثم بعد ذلك بذل الغالي و النفيس حتى وصل الرئيس إلى الحكم منتخبا لا منقلبا.
أعل ولد محمدفال الرجل الصامت الغامض المخيف، ظل مديرا عاما للامن الوطني فترة إلى أن تم الإنقلاب على ولد الطايع و تولى اعل رئاسة المجلس العسكري الذي تولى الحكم ذلك الوقت، ليتنازل عنه منظما انتخابات سبح بحمدها العالم اجمع، لم يسعف الرجل طابعه الامني الغامض ليتولى مناصب و مسؤوليات ربما خارج أرض الوطن، بعد أن صنع لإسمه مكانه بتلك الخطوة.مع استقالة الرجل بدأ الرضا عنه محليا رويدا رويدا يتناقص بعد أن حصل حديث حول استيلائه على ميزانيات و إدراج اسمه في شراكات تجعل له من كل شيء نصيبا. هدأ الرجل و هو بطبعه رجل هاديء لحد مخيف. ثم بعد فجر ذلك اليوم الذي أعلن فيه ولد عبد العزيز أنه لم يعد هنالك رئيس إسمه ولد الشيخ عبدالله ، انتظر الرجل إلى أن خرج عضوا بارزا في منسقية المعارضة ووجد نفسه في معارضة من الصراخ و العبارات الجوفاء المكررة، ووجد نفسه مضطرا على أن يجد عبارات يلهب بها حماس الجماهير فكانت كل تصريحات أمنية تهديديه و بلغة رجل الأمن.
محمد ولد عبدالعزيز رجل بكل الصفات و التناقضات و الاكثر جدلا في تاريخ موريتانيا الحديث بل و حتى منذ الإستقلال عسكري عمل قائدا للحرس الرئاسي ، درس في المغرب ، كان حينها شخصية تتحدث عن ذاتها حسب المشرفين عليه هناك، ظل خلف معاوية ولد الطايع، ثم قيل أنه من أطاح به و نادى على اعل ولد محمدفال ليكون هنالك فالأخير أقدم منه و  ذو فضل عليه حسب المعلومات، فلقد ساعد حتى في التحاقه بالعسكر و هو امر لا يستغرب في دولة الوساطات و الوجاهات. من انتخابات اطاح فيها بتكل معارضة برقم لم يكن متوقعا مطلقا، و بعد حرب أعلنها على الفساد  و بعد رصاصة السبت، و بعد تصريحات عسكرية أمنية و مدنية و خطابات لا تحتمل التاويلات بلغة مجردة حد السطحية كما يصفها البعض، بعد كل ذلك ظهر الرجل شخصية مثيرة للضجيج في بلد الضجة و السيبة. مرت سحابة الربيع العربي و الثورات و تجاوز حركات فبراير و سبتمبر و تجاوز الجبهة و المنسقية. و نعت بالضحك على الفقراء بتخطيط الحي الساكن مثلا أو دكاكين التضامن أو برنامج أمل، ثم وصف بالديكتاتور العسكري و بذل في عيب الرجل حبر ووصل الحد أوصافا لا تليق بشخص أي كان فكيف برئيس جمهورية تحمل صفته جانبا من سيادتها، ثم عاب البعض كون موريتانيا جاءت ثانيا بعد جزر القمر في تصنيف حرية الصحافة واصفين الأمر بتراجع، ثم مرت في حقبة الرجل أخبار الحركات الحقوقية الجدية و المفبركة و المقتنعة و المأجورة، و ساير الرجل كل ذلك. كانت معظم خطواته مثيرة للتساؤل تارة حول مدى غبائها و أخرى حول مدى سذاجتها، لكن كانت دائما تثبت خطوات الرجل نقطة رددها كثيرا إبان الحملات الإنتخابية: أنا أعرف كل شيء عن كل الرجالات التي حركت و تحركت في هذا البلد منذ عقود. و بدا و كأن الرجل يتصرف حقا استنادا على تلك المعرفة، غير مبال بعقلية عسكرية جافة. كانت محاربة الفساد شعارا كبيرا حمله الرجل.... لم يقنع الكثيرين ، فلا كان احد ليقتنع أن دولة قضت عمرها في وساطات ووجهات و محاصصات قبلية و جهوية و رجالات تتسابق على الاحتيال على المشاريع و تمويلاتها و مثقفين مدجنين و صحافة تتقن التزمير السياسي و التطبيل أكثر مما تقن إعداد خبر أو تقرير. ما كان أحد ليصدق أن ذلك غير شعار انتخابي. مع تولي الرجل الحكم بدأ بتوقيف رجالات ملكت السوق و الدولة عقودا في خطوة هزت الرأي العام و اهتز لها الجميع وجد الجميع الرجال التي تطعم موريتانيا و تسقيها ربما خلف القضبان بتهم الفساد و الاكتساب الغير مشروع بدل أن يشكر الرجل على خطوة تعتبر الاجرأ على الإطلاق و دونما تحر أو تحقيق او تقص انصب كيل الشتائم و الأوصاف عليه و لم يبال العسكري بل أمسك بالرجال حتى استوفوا المستحقات كما أشيع و خرجوا راضين بالحكم و تجاوزت ازمة كان الجميع يظن ان موريتانيا ستذهب معها و لم يعرف الذين صرخوا و رفضوا و لا الذي صمتو تريثوا و لا الذين استحسنوا حقيقة تلك الخطوة إلا أن مآلاتها كانت عادية بل إيجابية حسب البعض، بدأ بماء و كهرباء ووقود و دور الموظفين ، و بعد أن كانت في كل دار اسطول سيارات ببنزين الدولية يتحرك ، ثم طاقة تهدر بغير حساب، ثم بعد ذلك استمرت مسيرات الرحيل و الخطر و الوطن و التنسيق و كل شيء و كان الرجل في قصره بطريقة أمنية صامتة يدير كل شيء و يخرج بتصريحات بحسانية مجردة في مهرجانات شعبية، ثم في لقاء شعب أيضا لقي حظه من التأويل، فقيل أنه محاولات لجلب الاهتمام و للضحك على العامة. كان الجميع يصرخ و يضحك و يصمت و يبكي و يتألم و الجنرال الرئيس أو الرئيس الجنرال يستمر في خطواته العصية على الفهم و المفتوحة لكل التأويلات، فعاقب رئيس الجامعة على إثر المشكلة العرقية في الجامعة بتعيينه مستشارا و ووضع نخبة كوادر جامعية في مناصب و حقائب وزارية فعين الاستاذ الذي درسني أنا الرياضيات، المعادلات التفاضلية  في الجامعة طيلة سنتين مديرا للتعليم العالم ثم أمينا عاما لوزارة الثقافة و عين الأستاذ الآخر الذي درسني :توبولوجيا وزيرا للدولة للتهذيب ، و أثار الأخير مشاكل لا رأس لها و لا آخر رغم ذلك كان رأس الرئيس الجنرال مغلقا على الطريقة الموريتانية على ذلك الرجل فتجاوزا معا الاعتصامات و المظاهرات و البرلمان و شتى صنوف الأوصاف و بدأ الرجل وزيرا عاديا و حين كثر التشكي منه عينه وزيرا للدولة و تلك من خطوات الجنرال التي وحده يعرف معناها و عين الأستاذ الذي درسني الأدب الإفريقي في قسم الأنجليزية أيضا مديرا للتعليم العالي ثم مستشار الأن حسب ما وصلني من معلومات، و فتح منطقة حرة بنواذيبو و أتى بالصين في صفقة ظن الجميع أنه وقف ضدها لكن كان الجنرال معها فاستمرت ، رمم الرجل شارع جمال عبدالناصر و بدأ مشاريع معمارية في العاصمة و مشاريع في مجال الطاقة و قال البعض أن الناس تريد ما تأكله و أن الطرق المعبدة لا تؤكل و لا تشرب، أكل الرجل و شرب هذه التعليقات و استمر، و واصل تصريحاته بأن اخزائن الدولة ملأى، و من فترة لأخرى يفرق الوزراء في صحراء الوطن الشاسعة مثنى و فرادى. ووصف الوزراء بأنه قطع خشبية يحركها الجنرال من قصره و لا يوقعون إلا وثيقة وقع عليها هو شفهيا. و صرح لقنوات و إذاعات و لم يتم حساب ذلك من باب حرية التعبير داخليا على الأقل. ثم أقحم أنفه في كل شاردة ووارة إقليميا و دوليا. فجلس بين الأمراء و الوزراء و الثوار و تهجى بلغته العسكرية خطابات كانت بمستوى تقنع سادة العرب الذين نسوا العربية أو لم يتذكروها يوما. اختلف مع الأمير و مع الملك و مع الرئيس ثم عاد و لبس على طريقة تشافيز و نجاد في مهرجاناته و وطد العلاقات مع البلدين خاصة إيران. و في خطوة كانت الأكثر جرأة طرد جهارا نهارا السفارة الإسرائيلية في خطوة ظلت حتى بعد اتخاذها بأشهر توصف بانها مناورة و كأنها صعبة التصديق، ثم صد بوجهه عن الشرطي الأمريكي بعقلية عسكرية. و في عهد الرجل بدأت الإدارات تشهد تواجدا قبل وقت المشوي و نوم الضحى، و صارت الإدارات تنتظر في كل دقيقة لجنة تفتيش قد تنقل شخصا من مقعده المسؤولية لركن الزنزانة ووصفت تلك الخطوات أيضا بتصفية حسابات مع أشخاص معينة لم يعر الرجل الذي يبدو خبر الجميع حقا لم يعر انتباها للتعاليق. يخيل إليك حينا أنه يدير بعض الأمور على طريقة المافيا بحيث لديه أوراق في كل اللعب التي قد يجلس البعض على طاولاتها من رجالات المال و السلطة و الجاه و من خبروا أن يكونوا الآمر و الناهي في الكواليس من عقود.
كان اكل شيء هاديء، بعد موسم الرحيل الاول حيث المنسقية و حركات الشباب و المسيرات و المهرجانات، الجميع كان مشغول بمشاكل الجرنالية و العمال الغير دائمين و اعتصام الأساتذة و المهرجانات الثقافية السخيفة و قضايا شركات المعادن. و بعائدات ضرائب تزداد أرقامها سنة بعد أخرى. و الهجوم و التهم تنهال على رأس عسكري رئيس أو رئيس عسكري غير مبال، قيل انه يسعى لخلق طبقة من رجال أعمال جديدة تكون من المقربين ثم وصف بالسمسار بحيث من كل صفقة قيل أنه يأخذ نسبة ثم قيل أن هنالك طائرة خاصة تحمل له نصيبه من الذهب تأتي مباشرة من معامل تازيازت، لا تستغرب نعم!!!!! ثم خرج الرجل من كل ذلك بشاربه ، ضرب ابنه امرأة بمسدس و طالب باتباع اجراءات القضاء معه و توقيفه و قيل أن ذلك تعمية للرأي العام ثم اتهم الرجل بعد ذلك بدفع مبالغ مالية خيالية لأهل السيدة لتتنازل عن الدعوة. الحقيقة و إن كانت مرة بالنسبة للبعض أو مدعاة للتهم بتأييد عسكري متغطرس ، الحقيقة أن الرجل عرف دائما أن يخرج متقدما بخطوة و متفوقا ولو بنقطة.

عودة للثلاثة، منذ أشهر و على إثر خلاف لم يعلن عن تفاصيله حينها و بعيد الخلاف الذي حصل مع مصطفى الشافعي رجل افريقيا و الاستخبارات و كل العلاقات الإفريقية و الخطوات المعقدة في الوسط الإفريقي الأسود، رجل الامن و المال الأول ربما في افريقيا، بعد ذلك الخلاف بقليل وجد الرأي العام نفسه أمام انتقال رجل المال الأهم و الأذكى ربما في الاقتصاد الموريتاني انتقاله للعيش في المغرب ثم لا حقا تهديده كما هدد ولد الشافعي بإنهاء حكم محمد ولد عبد العزيز. حكم الرجل لا يبدو مستعدا لإنهاءه لا بمبادرات مسعود و لا خطابات أحمد داداه و لا لغة الإسلاميين و لا بتهديدا رجال الامن و المال. قيل حينها أن الخلاف على صفقات معينة ثم تبين أن الخلاف اعمق و هو خلاف لن يتعرف أحد على حقيقته بالمناسبة فخلافات المال و رجالات و الأمن و ساداته أمور لا تنكشف إلا في اللعب والتي غالبا ما تكون متكافئة. قبل أيام نشر خبر مطالبة إدارة الضرائب مجموعة بوعماتو بمبالغ هائلة بقيمة المليارات. و استمر الأمر ووصل حد إرسال لجنة و مسيرين للبنكه البنك العام الموريتاني و الذي شكل النقطة الفارقة في الصراع، حيث خرج رجل الأعمال ببيان كان رزينا عمليا إلا أن طبيعة الرجل رفضت إلا أن تبرز و لو في كلمتين في الرسل الأخير بأنه عنيد و لا يستسلم. و هي أمور أنا شخصيا أصدقها، لأنه ببساطة صناعة المال تتطلب عقلية مافيا و الصبر و عدم الإستسلام و الانخراط في فرص قد تقود إلى الهاوية ، المغامرة بمعنى آخر و الانخراط في الأعمال المشروعة و الغير مشروعة، و هي أمور يتفق الجميع على أن رجل الاعمال صاحب القبعة الامريكية الذي شخصيا يقدر الجميع اجتهاده و عقليته الإقتصادية او أنا على الأقل. يتفق الجميع على أن الرجل انخرط فيها و جربها. الرئيس منشغل بالنائب الذي اتهمه برجل المخابرات الاول في افريقيا.
محمد ولد عبد العزيز إما لاعب ماهر أو مغامر عسكري أو مصلح مستعد لمواجهة الجميع و كل شيء أو هما معا، و بالنسبة لي الأصلح لموريتانيا و دولة محكومة بنظام المافيا و الجبهات و المحاصصة و الوساطات و معبر من الدرجة الاولى الأصلح لها و رجل مرحلتها رجل يلعب بمهارة يغامر يفكر بعسكرية جافة  و يستخدم العقول و الجانب التخطيطي و الاستراتيجي بذكاء و هذه الاخيرة هي ما أخشاها فيما يتعلق بالرجل أكثر من كل شيء. ليس فقط في موريتانيا في العالم الثالث رجل يريد أن يصلح أمته لابد له من هذه النقاط، فالمصلح الذي لا يعرف اللعب سيرمي بها خارج اللعبة في دورتها الأولى. إن العالم المتقدم لا يريد عالما ثالثا شرعيا بكل قيم الشفافية و الديمقراطية و الحقوق و غيرها من الشعارات و اليافطات إنه هو من يصنع الجنرالات تجار المخدرات و الرؤساء المتاجرين بالقضايا و هو من يخلق رجال الأعمال و يساعدهم على الانخراط في المافيا ، العالم المتقدم هو الذي يريد للعالم الثالث أن يكون شعوبا مدراة بعقلية المافيا و برجالاتها لأنك حينما لاتكون هو يعمل على أن تكون تلك طريقته في التحكم و السيطرة.
أنا لا أستبعد أن ولد عبدالعزيز أبدا شارك في كثير من الأعمال الغير مشروعة على غرار كل زعماء العالم الثالث لكنني متأكد من أن مخابرات أمريكا و فرنسا و العالم المتقدم كانت وراء كل تلك الخطوات حتى منذ كان هو حارسا لمعاوية ، لكن أنظر لذلك كجزء من لعبة يجد الواحد نفسه مرة مرغما على استدعاء كافة الأوراق لديه، حتى قد يبدأ هو اللعب و يتحدى اللاعبين الأخرين ليبعث لهم برسالة من نوع ما، مثلا أوراقي أقوى من أوراقك، و بقطع شك المنافس بأن الاوراق الرابحة كلها لديه و تصرفه على ذلك الأساس. أحيانا نلعب و نحن متاكدون من أن وسائل الفوز لدينا فنملي و نأمر و ننهي و كأننا السادة فيكون المنافس مضطرا ليبعث رسالة مفادها هنالك حتى ورقة او اثنتان لدي كافيتان لقلب المعادلة ، و حينها فقط تجد ذلك اللاعب يلعب بطمأنينية. الأسوأ دائما ان شعوب عالمنا الثالث محكومة بحتمية انتظار الفائز.
جاءت اتهامات "مامير" و بيان "بوعماتو" و كتاب التأييد و المناصرة و مجموعات التأييد و المناصرة و صحافة التأييد و المناصرة،  و المعارضة العاجزة الضائعة  المائعة خرجت تؤيد هي الاخرى فتلك رجالات تعاني نوعا من الخلط في المفاهيم بين السياسة و القبيلة و تعاني حالة ضياع ذهني و إدمان سياسي مقيت. هي تاكدت بشكل أو بآخر أن إرهاصاتها الصبيانية لم تعد فقط ليست مبعثا للأمل بل مبعثا لبلية مضحكة و شر البلية ما يضحك. نسيت أن بوعماتو مثلا هو من دعم "ولد عبد العزيز " بالأمس و قالت أنها تحمي رجالات الإقتصاد، رجالات تعرف اللعب بأعناقهم الممتدة تماما كما تلعب بكشوف الحسابات و كما تدير المنافسة على صفقات العمر. ربما كان خطأ رجل الأمن الأول الصامت ولد محمدفال أن رأى فيها أملا أو نافذة يطل منها رغم أنهما يشتركان معا في المستوى اللغوي و مستوى الخطاب السياسي إلا ان الرجل كان ليحتفظ بهالة احترامه خلف أبواب قصره أكثر من على شاحنة او منصة المعارضة.
الأكيد أن الرجال الثلاثة الذي يجمعهم النسب  و المال و الامن و جمعت الغرف المغلقة و الإتصالات المشرفة و لديهم تاريخ طويل من التبادلات و الأعمال العميقة، يلعبون لعبة أكبر تبدو المعارضة كلها معها صبيا يرقص في شارع من شوراع "دار النعيم" لعبة لها بعدها الدولي و الإقليمي، فالمخدرات إن كانت مرة يوما من هنالك فولد بوعماتو و ولد محمدفال على علم بها ربما قبل ولد عبدالعزيز و الإحتيال على المال العام و الصفقات إن كان حصل فيها شيء فربما الدراسة من ولد بوعماتو و التصاريح من اعل ولد محمد فال و التنفيذ من ولد عبدالعزيز. الثلاثي متشابك لدرجة يصعب معها التفريق بينهما في أي شيء.
اتهامات "مامير" و مكتب المحاماة الذي يدافع عن "ولد عبدالعزيز" ربما هي ورقة ثقيلة من أوراق اللعبة، ربما "اسرائيل " أيضا لها هنالك اصبع أو رائحة عطر فهي تعشق مثل هذه الألعاب و قل ما تفوت طاولاتها. و حين تطول تلك اللعبة و تتخذ منحة الجدية و يلقي فيها كل بوزنه دون أن يكون لديه ما يخسره فهي لعبة خطيرة ستطال الجميع . لكنه أمر مستبعد فلدى الجميع ما يخسره و يخسر أشياء كثيرة و ربما الأمر نوع من التنبيهات القوية ليعرف كل مكانه و يعيد تموضعه على المعلم. و ربما ستقتصر على بيانات و تصريحات، و يعرف رجال المال و الأمن جيدا كيفية إغلاق ملف ما أيا كان بصمت. فحياتهم كلها ملفات تفتح و أخرى تغلق.
يصدر "ولد بوعماتو "بيانه و يؤكد "مامير" اتهامه و يستمع ولد عبدالعزيز إلى تلفزيونه الوطني يتحدث عن بيان "اللجنة المستقلة للإنتخابات" من يفهم شيئا؟؟؟ دائما خطوات الجنرال الرئيس او الرئيس الجنرال سطحية حد التعقيد و تعقيد حد السطحية.
فتح عليه باب جحيم اسرائيل و لظى بوعماتو  و رماد ولد محمدفال و عين عدم رضا من فرنسا و عين امتعاض من عقوقه من امريكا و عين أمير أحيانا تفكيره يرمي بين يديه كذبات كبيرة، و ربيع عربي ينظر إليه بعين الريبة "أيها العسكري" و داخل من الغوغاء و الصراخ و العبثية و الفوضى ، فمن معارضة  المهرجانات و الخطابات الساذجة إلى شباب لم يجد بعد ذاته منقسما بين القبيلة و السياسة و المبدأ و المحاكاة و المغالطات. لا استبعد خرجة قريبة للجنرال يقول فيها و كأن لا شيء كبير يحصل و لا مرحلة استثنائية تمر بها موريتانيا : و يقول : نحن مستمرون في محاربة الفساد و أنا أعرف جيدا المفسدين و أفعالهم.
ما أريد قوله أن الفساد بمستوى الممارسات الغير مشروعة و العابرة للحدود كل رؤساء و مؤسسات و رجال اعمال افريقيا و العالم الثالث عموما ، تقريبا متورطون فيها. و برعاية سامية و تأطير و متابعة من رجالات استخبارات العالم المتقدم، و أني انا مثلا سأطرح احتمالين:
إما أن محمد ولد عبدالعزيز يستخدم منصبه لتجميع الثروة و تصفية الحسابات مع الجميع و يتحكم في الوزراء و الدولة و الاقتصاد وكل شيء و هو رجل مافيا على غرار برلسكوني يفوقه قليلا بكونه يتمتع بالعقلية الموريتانية الاكثر فاعلية ربما في هذا المجال و في دولة كموريتانيا. و حينها ليست معاداة فرنسا و امريكا و اسرائيل و رجال الأعمال من وزن ولد بوعماتو بأفضل الطرق إلى ذلك. و لربما ما فعل علنا كان ليفعله في صمت في حين المعارضة تشغل الرأي العام بصراخها في الفراغ، و الكتاب منشغلين بتحليل "خطاباتها" و بالمهدي المنتظر  و الصحافة مشغولة بحركة لا للإباحية و بجولة "برام ولد عبيدي" مثلا و بيان بنت المختار.
و إما أن الرجل مصر على مكافحة الفساد و بناء دولة و في سبيل ذلك يستخدم أوراق لعب يعرف أن عليه لعبها بحزم و حذر و استخدام الطرق المشروعة و الغير مشروعة و عقلية المافيا على غرار منافسيه.
و إما أننا في موريتانيا و من كثرة الحديث و التاويل و العبثية و السيبة و اختلاف المفاهيم حد الإنقلاب ، و فوضوية الإعلام و زبونيته و سطحية المعارضة و تحركاتها و تميه الشباب في معطى سياسي لا يرقى لأي مستوى. فإنه لا احد يفهم شيئا و عزيز وولد بوعماتو ولد محمدفال و مامير و اسرائيل و فرنسا و الحرب في مالي و البنك العام لموريتانيا و ولد الرايس و البنك المركزي في شأن آخر بعيدا عن هذا اللغط.
إما سيصل كل ذلك لنقطة يكون فيها خبرا بعد عين و يكون كل ما حصل "عين بيظه" كأن لم يحصل حتى و كأنه أخذ من الأرشيف و نجد كل شيء كما هو و ننسى كل ماكان كما نسينا مثلا قضية سجن رجال الأعمال و قضية دعم ولد داداه لإنقلاب عزيز و قضية دعم ولد بوعماتو له، و ينتهي كل شيء. و إما أن الشعلة ستتقد و ستطال رؤوسا كثيرة حتى رؤوسا قد سلمت أو اختفت و لظاها حينها قد يطال رجالات و دول ، و تجد موريتانيا و صحافتها  و سائقوا تاكسياتها و شاربو شايها ما ستحدثون حوله و يحللونه و "يتشاحنون" فيه . و على العموم كان من سوء حظ المعارضة و حسن حظ متابع مهرجاناتها أن الثلاثة " أقرباء" فمعارضتنا يحرك كل ما له صلته بالقبيلة و القرابة يحرك مشاعرها و يعتبر من مصادر إلهامها في الخطابات.

Saturday, March 2, 2013

جائزة يحيى ولد حامدون، الدورة الثانية ...و يستمر الإستهتار

قرأت اليوم أنه تم توزيع جوائز يحيى ولد حامدون للرياضيات و بدأت أتساءل ، من علم بإعلان الجوائز من تقدم لها؟ من فاز بها؟ لم أجد إجابة من أي موقع و لا جهة مشغولين بمقالات تافهة و أقاويل في هذا و ذاك و حول هذا و ذاك لا تقدم و لا تؤخر تماما كما إعلامنا الهاوي السخيف. إن الجائزة لم تعدو حتى الآن كونها مناسبة يجني منها أولئك ما يجنون لا تلعب دورا في بحث و لا علم ، انجر عليها ما ينجر على كل شيء في بلد السيبة و الخيبة من فعل به التجار و الهواة و الثوار من أهل القبيلة ما فعلوا .
انظروا هل تليق تلك اليافطة و تلك الصورة المحتشمة و ذلك المكرفون الوحيد بإسم كيحي ولد حامدون أو بعلم كعلم الرياضيات؟؟؟
جوائز ماذا؟ مجتمع سائب عبثي نخبة قمة قاعدة.....

نقبل متاجرين سماسرة منعدمي حس و ضمير ، غوغائيين متلاعبين يأخذون التمويلات و ينظمون خزعبلات، و نقبل إعلاما سطحيا ساذجا و سخيفا هاويا فوضويا عبثيا جاهلا بكل مبادي و رسائل الإعلام و الصحافة.
لكن لا نقبل دكاترة و باحثين جامعيين، يتلاعبون بجائزة تحمل إسم رجل حمل اسم موريتانيا و هو يجول بين العلاقات الرياضية يثبتها و يحللها و يبحث فيها و عنها و يدرسها و يدرسها للغير بلغات العالم، حاملا جواز سفره الموريتاني يعرف عن بلد ينجب الكبار و العقول و العظام رغم ما فعله به الأميون و السطحيون و شيوخ القبيلة. لا نقبل أن يتلاعب هؤلاء بجائزة تحمل اسم يحي ولد حامدون في علم يسمى علم الرياضيات فينظموا لنا حدثا على غرار ندواتهم التعيسة لشرب الماء المعدني و أكل الحلويات. فيجلسون و بمكرفون واحد لا تعرف هويته و يقولون لنا الدورة الثانية لجائزة يحيى ولد حامدون للرياضيات.
نقبل إعلاما يحمل كل صفات الذل و العار و النخاسة و الإزدراء و السطحية لكن لا نقبل إعلاما غبيا ينشغل بغير المهم و يترك الأهم، فأن يمر حدث الجائزة دون أن تتحدث عنه هذه الكومة المكدسة من مواقع و صحف و قنوات و اذاعات أو بالأحرى يمرون عليه مر كرام لئاما لغة بل معدومين على الأصح.

مدينة ملوثة .... من الدرجة الأولى

لا شك لو أن العالم يعرف الكثير عن عاصمة وطني العظيم في هدوئه و ذي العنفوان الأبدي في تواضعه، لو أنه يعرف عنها لتم تصنيفها أكثر مدن العالم تلوثا و بالدرجة الأولى ، فعلى جميع الصعد من القمامة لعوادم السيارات للأوساخ الموجودة في أي مكان و التي يرمي بها المارة حيثما شاؤوا و كيفما أرادوا في كل مكان في المطار في المستشفى أما الشارع فمسكين حتى أشد قذارة و سوءا من ذلك. فللجميع أن يعرف مثلا أن نواكشوط حتى الآن لا تتمتع بصرف صحي رغم توالي المشاريع و تعاقبها دون فادئدة و بقائها معلقة، ربما أيضا لا يعرف أنها ليست لها مركز  و تعيش حالة من الفوضوية و العبثية تطال جميع نواحي الحياة. و السبب الأول هو ان الثانون لم يعرف بعد حيز التطبيق . فالجميع لا زال يتصرف و كأنه يقيم في خيمة صوف في فيافي شاسعة تخفي شعتها كل شيء و كل سوء.
أعرف انه لا وزير التجهيز و النقل و لا ولا وزارة البيئة و لا أي وزارة أو قطاع آخر قد يقرأ هذا فكهم مشغول بوساطاته و علاقاته و كومسيوهاته و ما سيجني من كل صفقة و المشروع لا يفكر في جدوائيته على البلد بقدر ما يفكر في الطريقة التي سيحتال بها على نصف تمويله هو و زبانية معه .
و رغم ما تحقق و يتحقق مؤخرا من تقدم لا بأس به على المستوى المعماري و رغم حملة "زازو"التي بدت مسخرة جميلة بالنسبة للبعض مع أنني اعتقد أن نفايات البلاستيك هي الأكثر انتشارا و عرقلة لوجود مظهر يليق بمدينة. إلا أن المدينة لم ترق بعد لمستوى مدينة حسب أبسط المعايير، فهي لا تتوفر بعد على أي شيء يمكن من تسميتها ولو تجاوزا مدينة فكيف عاصمة .

ربما ما تأكلونه لحم كلاب و قطط ....

بعدما تم اكتشافه مؤخرا بأنه في بعض البلدان الغربية هنالك مطاعم تقدم موائد بلحوم خيل دون علم من مرتاديها. تبادر إلى ذهني سؤال ملح جدا حول طبيعة ما يأكله و يشربه الشعب هنالك في موريتانيا. حيث لا رقابة على شيء لا رقابة على المطاعم و لا على المذابح و لا متابعة و لا تدقيق في أي شيء و تواريخ الصلاحيات تغير في غرف خاصة في هنكارات التجار، بحيث يكفي طابع حديث للتاريخ ليؤكد لك أن منتجا انتهت صلاحياته من 3 سنوات خرج من المصنع فقط بالأمس.
عن المطاعم كل من أراد أن يفتح مطعما يكتب بلغة مرهقة أحيانا و أحيانا لوحة متقنة حسب مبلغ الإستثمار إسم مطعم و يبدأ بيع صاندويش و كباب لا يرقى إلى أي مستوى و لربما ما فيه لحم قطط و خنازير خاصة أن ظاهرة فتح المطاعم منتشرة جدا بين الأجانب، بل مطلقا قل ما تجد مطعم كاستثمار لمواطن موريتاني. المواد الغذائية هذه فوق الرقابة فهي تتعلق بالتجار و ما ادريك ما التجار في بلد المليون تاجر أيضا. إنهم اليد العليا فوق القانون و فوق المواطن و فوق الدولة هم فقط في مستوى القبيلة و الوساطة و المتاجرة و الرشوة.
إن السؤال الملح أيها المواطن الموريتاني ، اليوم ليس كالأمس و أنت في صحراء شاسعة تشرب لبن حيوانك و تأكل لحمه، اليوم في العصر المعلب و عصر المواد الحافظة و عصر النهم و الجشع و عصر الحدود المهملة ، كل شيء ممكن و ما حدث في ذلك العالم المتطور تكنولوجيا و المهتم أكثر من أي شيء بصحته و ما يتناوله تصور سهولة حصوله في موريتانيا.
أذكر مرة أنه وجد مطعم يقدم لحم الكلاب في صاندويشاته و في موائده ثم عثر لاحقا على مطعم يقدم لحم القطط، و لا أستبعد أننا حتى الآن هنالك نأكل لحم كل شيء يدب على وجه الأرض بما فيها الجيفة فلا رقابة و لا رقيب في بلد مفتوح لا مطاعمه مرخصة و لا مسجلة و لا ساكنته حتى و لا شيء فيه مغلق يعرف مدخله و مخرجه كل شيء مفتوح و يمارس بعبثية و فوضوية .

Friday, March 1, 2013

إطلاق برنامج "المشاع الإبداعي " في موريتانيا CC Mauritania

على إثر الإجتماع الذي جمعني بالسيدة دانا وهي من منسقي المشاع الإبداعي في المنطقة العربية و التابع للمشاع الإبداعي الغلوبال كومينيتي  ، و الذي نوقش فيه حيثيات و متعلقات إطلاق البرنامج في موريتانيا، و أهدافه و ذلك بعد أن قدمت الإفتراح  بمناسبة الإجتماع الإقليمي الذي عقده مجتمع المشاع الإبداعي العربي في القاهرة شهر سبتمبر الماضي. ناقشت مع المنسقة البرنامج و ما يمكن أن يقدمه لموريتانيا و استعرضنا في عجالة أفق البرنامج في موريتانيا و وضعه في الدول العربية  ووقفنا على أهم مشاريعه و برامجه و عرجنا على طبيعة الأنشطة الإنطلاقية التي سينظمها . و على إثر ذلك اللقاء تقرر إعلان CC Mauritania

يسرني بصفتي منسق مجموعة : المشاع الإبداعي في موريتانيا CC Mauritania  أن أعلن عن انطلاقة البرنامج، و الذي يهدف لتشجيع تداول و نشر و إشاعة الإبداع باستخدام ترخيص الكومون كرياتيفيتي، و في الإطار فإنني و السيد أحمد جدو الآن منسقي المجموعة، و مع انطلاقة الأسبوع القادم تكون صفحة المجموعة جاهزة كما تكون المجموعة على غوغل و نتمنى من كل المهتمين و الناشطين في المجال الثقافي و الفني و الادبي و غيره الإنتاج بصفة عامة خارج الوطن و داخله  ... الإتصال إما :
   عبدالله محمد عبدالرحمن على الإيميل   abdallahima@live.fr   هاتف: 00905399314224
أو الكاتب و المدون السيد: أحمد جدو  ahmedj25@gmail.com
المنسق العام:
عبدالله محمد عبدالرحمن
مدير انشطة: أحمد جدو 
مع ولد ألير و ولد العيل


في انتظار تفاعلكم مع البرنامج و انشطته لنخطو معا بالانتاج الثقافي و الفني و الأدبي نحو الامام و نتقاسمه و نقدمه للآخر، و لنكون في صورة الانتاج و انتشاره اليوم : من اجل مشاع ابداعي ينطق و يعبر عنا. لننتج و نتشارك

Sunday, February 24, 2013

الشركات الأجنبية فساد على فساد رشى ... إهانة مواطن .... و احتقار وطن


عبدالله محمد عبدالرحمن
كاتب – إعلامي

في الأعوام الأخيرة و في قطاع المعادن و استخراجها و استغلالها، شهدت موريتانيا ثورة استثمارية أدت لدخول شركات مصنفة في الرتب الأولى عالميا في مجال العمل المنجمي، على غرار كينروس و فيست كوانتيوم. كما منحت موريتانيا رخصا للتنقيب و البحث لشركات و مكاتب مختلفة عاملة في المجال. تدفق هذه الاستثمارات و ما تجنيه من أموال طائلة و أرباح خيالية، لم تنعكس بعد بشكل مباشر و حقيقي على حياة المواطن البسيط و لا على وجه البلد عموما، لا في صيغة تطور معماري و لا على المستوى المعيشي، و لا في صيغة استراتيجيات محكمة لتطوير البنى التحتية و مرفقي الصحة و التعليم و غير ذلك، رغم بعض الخطوات التي تبدو متواضعة جدا بالتناسب مع عنفوان ذلك الحفار الذي ينخر على مدى 24 ساعة عباب الأرض مستخرجا بل ماسحا ما بها من خيرات. إن الاستراتيجيات التي يعتمد عليها في هذا المجال هي تلك التي تريك الصورة و تقول لك هذه موريتانيا بعد 20 عاما أو نواكشوط بعد 5 أعوام على الأقل ما دمنا في دولة "في انتظار انقلاب" على المشاريع و الاستراتيجيات ليس فقط الرؤساء و الحكام.
إن الأموال التي تجنى من استخراج الذهب و النحاس و الحديد و غيره من المعادن في انحاء مختلفة من البلاد و  ما يتحدث عنه من احتياطيات في دولة على غرار موريتانيا كفيل بأن يوفر حياة رخاء للوطن و المواطن، أو على الأقل يكفي ليتيح بناء دولة بمرافق عصرية متطورة و بعاصمة على المستوى من حيث توفرها على ما يتيح تصنيفها كمدينة و كعاصمة لدولة و الكف عن الأغنية القديمة مدينة فتية و عاصمة بعمر الخمسين. إلا أن أمورا كثيرة تمنع كل هذا، أمام صمت من الجميع، فالعقود الموقعة مع هذه الشركات لا تتيح الإستفادة بالقدر الكافي، بل غير منصفة بالمطلق رغم ما حصل مؤخرا من تغييرات عليها، كونها تعتمد معطيات مغلوطة، فهي عقود عقدها قوم لا يعرفون عن المجال شيئا و فيها كثير من الغبن. فالنسب المخصصة للدولة  و مدى مشاركة هذه الشركات في التنمية المحلية و الحضرية و الوطنية عموما و مدى نشاطها في مجال سوق العمل من استقطاب للعاطلين و تطوير للسوق حتى تستوعب الجميع من متعلمين و متوسطي التعليم و غير المتعلمين، كل هذا لم تنص عليه هذه العقود و إن كانت نصت على بعضه فيسهل التخلص منه أمام إغراءات الرشوة و "الكومسيون". كما أن تواطؤ هذه الشركات مع رجالات موظفين و معنيين و ذوي صلة من مفتشين إلى مدراء و غيره جعل تملص هذه الشركات من التزاماتها في العقود أسهل ما يكون.
رغم الكميات الكبيرة و تلك الأموال لا يجني المواطنون المحليون و لا تجني موريتانيا الآن غير بضع دولارات لا تمثل شيئا بالنسبة لتلك الكميات المشحونة، كما تجني مخلفات تشكل خطرا حقيقيا على البيئة على المديين المتوسط و البعيد، غير آبهة بتلك الأثار مكتفية بمعاملة خلف باب مغلق مع وصي أو ذي صلة، و حين أثير الموضوع مؤخرا أكتفت هذه الشركات بلقاء بعض أشخاص ممن يدعون النشاط المدني و بتحويلات مالية بسيطة يتم احتواء غضبهم المصطنع. حلقة من سلاسل الفساد و هي الأشد فتكا بالبلد تلك التي يتواطؤ أصحابها مع هذه الشركات لأكل و التهام مقدرات الدولة و تحويلها للخارج و السماح بالمغالطات الواردة في التقارير حول الكميات المصدرة و حول كميات الاحتياط و غير ذلك.
فمثلا لم يحقق أحد في ممارسات السماسرة و بثهم للرشوى كوسيلة للفوز بصفقة أو اثنتين و لم يتحدث أحد عن مفتشي الشغل الذين يتقاضون الرواتب و العطايا من مديري و مسيري هذه الشركات، و لم يتحدث أحد لا في الصحافة و لا المجتمع المدني عن الأرقام و التقارير المغلوطة و المعاملات المشبوهة حول الكميات المصدرة و حول الإلتزام ببنود العقود، و كل من تحدث يكفيه لقاء واحد بسمسار خلف باب مغلق. و تتفرج دولة يعاني ساكنتها غلاء الأسعار و تعاني هي حالة بنى تحتية مهترئة و وضع معماري مثير للشفقة، و رغم كل ذلك الحديث عن المقدرات الاقتصادية الهائلة فنواكشوط حتى اليوم تبدو كضاحية من ضواحي عاصمة من عواصم العالم الثالث، مع أن بنائها كلها لا يكلف شركة من هذه الشركات نصف ما تجنيه من شحنة واحدة.
شركات تغرق في عالم من الفساد الذي يطال كل نشاطاتها من تشغيل و حقوق إلى استخراج إلى تصدير كل شيء، فكل شركة تملكتها جماعة من رجالنا المعروفين بالخبرة و الحنكة في عالم الفساد و صاروا وصيين عليها و أدخلوا مديريها في دائرتهم المغلقة و أفهموهم الوضع و ساروا معهم غير خائفين عقابا و لا حسابا من دولة مفتشيها يعاملون كموظفين من الدرجة الرابعة في هذه الشركات يتقاضون أجرا شهريا يأتيهم هو و التقرير الشهري الذي كان من المفترض أن يعدوه هم عن نشاط و حركة هذه الشركات يأتيهم من الشركات نفسها مصحوبا بإفادة بأن تحويلا بنكيا وصل الحساب. و كان نتاج ذلك ما تشهده هذه الشركات من حراكات تذمرية دائمة كثيرا ما يتلقاها الديناصورات و الذي يملكون نواصي اللعبة كلها و نواصي المسؤولين فيها و عنها و يبدؤون باستيعابها و تأتي دولة نائمة على خلايا فساد لم يتم بعد حلها تأتي في جانب هؤلاء، و ما أحداث أم سي أم الماضية منا ببعيد.
إخلال بكل بنود العقود، صفقات لا تعتمد الكفاءة و لا المنافسة بقدر ما تعتمد المتاجرة الضيقة ، حتى وصلت حد استخدام بائعات الهوى، تصدير كميات لا يعرف أحد قدرها، دفع رشاوي لكل الجهات أمام مسمع و مرأى من الجميع، ثم فوق كل ذلك و الأخطر سحق المواطن العامل سحقا و احتقاره و المتاجرة به و بحقوقه في ظل ما يعرف بالمقاولة. إن المقاولين الذي تستخدمهم هذه الشركات و يستغلون حاجة العاطلين إلى العمل فيلتهمون أكثر من نصف مخصصاتهم و حقوقهم في العلاج و الراحة و حتى في الغذاء و يقومون بابتزازهم أمام نقابات كالمفتشين يتاجر قادتها خلف الأبواب المغلقة بالقضايا و يبيعونها بأثمان بخسة كتشغيل قريب أو تحويل مبلغ مالي، و الدولة نائمة على آذانها.
رغم أن هذه الشركات تقوم على جهود و عضلات هؤلاء  الذين يسهرون الليل أمام الحديد الساخنو يقضون النهار أمامه و  تحت الشمس الحارقة حافرين في الصخر مطمورين في أرض وطن لهم كتب عليهم أن يتعبوا في استخراج خيراتها دون مقابل ليأخذها آخر و يذهب بها دون حساب. و المستفيد ثلة من المفسدين المتاجرين الذي دأبوا على سرقة و أكل حقوق الشعب و الاحتيال على مشاريع و مقدرات الدولة. إن من يدعي محاربة الفساد يجب أن يبدأ بفساد من هذا الحجم، تخسر فيه دولة الملايين و المليارات و تخسر كرامة و حقوق أبنائها و نخسر كرامتها و احترامها كدولة لها قانون و مواطنون و موظفون.
لن أنسى ذلك الأجنبي  الذي جلس إلى جانبي مرة في رحلة له عائدا إلى دولته، و حين تحدثنا قال لي ساخرا: للأسف دولة من المقدرات بمسؤولين غير مسؤولين و غير عمليين و حكى قصصا عن رجالات المقاولة و عن معاناة أولئك الذين يستخدمون تحت بند المقاولة، لم يرد التوسع كثيرا رغم الحاحي فهو لا ينتمي لمجتمع السيبة ، حيث كان لي صديق قديم كان يفخر ويتفاخر أمامي بالطريقة التي كانت عائلته كابرا عن كابرا تعتمدها للإحتيال على تمويلات المشاريع. سأتذكر المستثمر الهندي الذي تم الاحتيال على رأس ماله في موريتانيا من ثلة من المحتالين و تلاعب به القضاء و المحامون و الدولة المحترمة، و نظر إلي بكل جرأة و عبر عن رأيه القاسي و هو يسرد سلسلة رحلاته و معاناته حتى في وجود فندق محترم للإقامة. فهل ننتظر بعد ذلك مستثمرين؟ سأتذكر أبدا ذلك المقاول الذين يرشي أحد المديرين الأجانب ببنات وطني لسن بائعات هوى بقدر ماهن راكضات خلف لقمة عيش لا يطرح مستوى كرامتها مشكلة كبيرة هذه الأيام. ليستفيد منه صفقة. سأتذكر أولئك الذين يوظفون في هذه الشركات أقارب لهم أميين أو أشباه أميين في مناصب سامية فيما الكفاءات يلفحها لظى الفساد تحفر و تحمل و تكد و يلتهم المقاول أكثر من ثلاث ارباع راتبها الشهري المستحق و هو نائم في قصره المكيف، و يتحدثون عن حقوق و مواطنين. سأتذكر أن كل شركة تصدر أضعاف ما في العقد من ذهب و نحاس و معدن أرضي و يكذبون حول كميات الاحتياط الموجودة  و الامر يحدث بتواطؤ بعض الأوغاد من المقدمين قبليا في المنطقة و الأوصياء، و المقدمين لخبرتهم في مجال الاحتيال على الأموال و أكل مال الشعب و الدولة دون حساب و لا عقاب. ولن أتحدث عن الأرقام، فقط نحن نصدم لما تعطي شركة رقما من عشرة ارقام تزيد قليلا و تحت هول الصدمة لا نفكر، فيما أرقام و أرقام مسحت من التقارير و غولطت؟
 هؤلاء هم الأحوج لمفتشين و لجان تفتيش مشبعة بمباديء قادرة على أن تتفوق على عروض خيالية ستلقاها عند مدخل المدينة حيث تقع أي من هذه الشركات. و تعود بتقارير على أساسها تؤخذ قرارات حاسمة صارمة مع هذه الشركات و المتعاونين معها في الممارسات الغير قانونية لتحفظ الدولة حق مواطنيها و احترامها  و هيبة قانونها.
http://abdallahimaur.blogspot.com/2013/02/blog-post_24.html

Friday, February 22, 2013

متحف اسطنبول للفن المعاصر

 مساء أمس، قمت بزيارة إلى متحف اسطنبول للفن المعاصر. المتحف يمتد بكل أبهة الفن على مساحات شاسعة مرقعة بصور خطتها خيالات فنانين من العالم أجمع لوحات بالحجم الكبير و الصغير و كل أنواع الفن من الرسم بالزيت للإنتاج المعلوماتي للتصوير الفوتوغرافي. ضم المتحف لوحات جميلة .
موقع المتحف جميل جدا بحيث يطل على البحر بمطعم مصمم على ذوق فني أنيق تمتد طاولاته بهدوء إلى حائط زجاجي يتراءى من خلفه البحر. التفت إلي صديق و نحن نخرج قاعات العرض لنتأمل البحر نظر إلي وقال: هذا هو الفن.  كان مشهدا جميلا في يوم تغطى فيه البحر بضباب يشي بأن شمسا ضربت سطحه صبيحة ذالك اليوم.
من ضمن الللوحات المعروضة
- أحمد أرتوغو مصمم الزخرفات الموجودة في متحف آيا صوفيا
-غادة عامر من مصر بلوحة الشمس تغرب في اصفهان
-با وايت من الولايات المتحدة بلوحة الدخان الشمالي
و لوحات من عمل مارك برادفورد و مايكل رايديكير .....
خرجت المتحف و ختمت مساء فنيا ملهما بجلسة في مترو لم أحدد وجهتي حينها أردت له أن يحملني إلى أي مكان.
التصوير داخل المتحف ممنوع كما قالت تلك الحارسة بانجليزية تركية جميلة، انشغلت عنها قليلا بعينيها اللتين كانتا زرقاوين اخاذتين. كان كل شيء في ذلك المتحف راقيا  و يليق بالفن. كان كل شيء مابين ملهما بكسر الهاء أو ملهما بفتحها.

Thursday, February 21, 2013

"خمسة و عشرين" فبراير ، و موسم النزول إلى الشارع


عبدالله محمدعبدالرحمن
كاتب – صحفـــــــــــــــــي
  



يقترب الخامس و العشرون من فبراير ذكرى مشروع ثورة أو حراك للتغيير أو الإصلاح، ذلك المشروع الذي حتى الآن لا يبدو قطع مرحلة  التشكل و البحث عن الذات و التيه في معطيات سياسة و ساسة في بلد تنخره عقلية القبيلة و عقلية الرجل الذي لا يرى عن نفسه بديلا. التيه في معطيات و أرقام مربكة و مرتبكة في معطى سياسي تحكمه الضبابية و الببغاوية. يبدو أن هذا التاريخ بشكل و بآخر سيسجل هذا العام أنه سيكون بداية موسم النزول إلى الشارع من جديد بعدما قال قائل ذات مرة أن المطالبين بالتغيير و الرحيل يمرون بحالة استراحة أو أخذ نفس، ربما هي حركة من حركات الثور وقت العراك، حيث يعود خطوة أو اثنتين ليعود بقوة. لكن ثورنا كان يعود كل مرة خطوة أو اثنتين ليعود أضعف مما كان و أكثر ارتباكا. موسم النزول للشارع يبدو اقترب لكنه هذه المرة بنمط مختلف، يعتمد النزول فرادى ... فرادى. فبعد فترة من العمل الشبه منسق معا تحت يافطة منسقية أحزاب المعارضة، تبدو هذه الأحزاب تعود لحالة العزف الفرادي كل يغني على ليلاه و يحمل شعاره و لشعاره موسيقيته اللغوية و إيحاءاته الخاصة. و التساؤل المشروع هو ما لم تحققه هذه الكيانات المهترئة اهتراء فكر الرجل السياسي الموريتاني ما لم تحققه معا هل سيكون بإمكانها تحقيقه متفرقة، حتى ولو اعتمدت سذاجة مجتمع يهب مع من هب و يدب مع دب في تجل لحالة اجتماعية سائدة مؤداها "الفراغ".
موسم النزول للشارع يأتي بعد فترة عرفت فيها موريتانيا تطورات كثيرة ، وتعرف فيها المنطقة فوق ذلك تطورات أكبر، فهو يأتي في مرحلة يشهد فيها النسيج الاجتماعي حالة من التوتر في ظل إدارة غير حكيمة من الساسة و تعامل ساذج من الصحافة مع حالات تشذ عن المبدأ القائل بأن لحمة الكيان الاجتماعي هي الهدف الأسمى، و الخطر الذي يتهددها هو خطر وجودي لا يجوز اللعب عليه كوتر سياسي و لا التهليل له كمادة صحفية. لكن يسهل ذلك في بلاد المثقف المشغول بسياسة يتجاذبها خمسة اشخاص يتخندق الباقون خلفهم حسب الإنتماء القبلي و الجهوي ، إلا إذا ما كان هنالك من سيقنعني أنه جاء لقناعة فكرية أو استراتيجية برؤية سياسية معينة، لأن حتى الذي لا ينظر إلا بعين واحدة سيكتشف أن الرؤية منعدمة بكل معانيها.


أحداث تلاحقت...
يأتي الحراك هذا بعد حادثة رصاصة السبت و كل ما أثير حولها من مواضيع و ما سال فيها من حبر لم يقدم و لم يؤخر، تلك الرصاصة التي رغم انشغال الجميع بأخبارها و أصلها و فصلها لا نعرف عنها الآن إلا ما قالته عنها الدولة و الذي شكك فيه الجميع و لم يأتنا بقصة دقيقة بديلة غير تلك التي يتداولها ركاب الباص و التاكسي المنتجة من خيال "مجتمع الفراغ"، و يأتي بعد أشهر باريس و التي  أثبتت أن حقا صناع التغيير يمرون بفترة راحة يستحيل قطعها و أنهم يبدون بحاجة حقيقية إلى الراحة. و يأتي الموسم بعد "رصاصة بدر" لا يحسبن أحد أن مثل هكذا أشياء على تفاهتها لا تؤثر في معطى سياسي يتخبط كل اللاعبين فيه بين ألعاب لا يعرفون من قواعدها شيئا و لا يعرفون كيف استخدام أوراقها يعتمدون الحدس و اللامبالاة واضعين الوطن في عين إعصار جهلهم و تحجر العقلية على معطيات القبيلة. ثم في ظل الهدوء الذي شهدته الساحة و الذي كان يعكس حقيقة واحدة أنه ليس في موريتانيا ساسة و لا أحزاب و لا كيانات يعتمد عليها في صناعة التغيير ليس فقط تغيير الجنرال كما يبدو البعض مهتما جدا، بل تغيير كل ما من شأنه أن يمنح الفرصة لبناء دولة تستجيب لاحلام و طموحات أبنائها. النتيجة الوحيدة التي أسفرت عنها حالة الهدوء هي حقيقة أن من يريد التغيير و الإصلاح حقا في هذا الوطن يجب أن ينزل للشارع مطالبا برحيل الجميع.... أغلبية و معارضة و مطالبا بتهذيب و تدريب بعض الصحافة و بتوضيح الفرق الدقيق بين أن تكون صاحب قضية أو ساعي خلف هدف خانتك معالم الطريق إليه و سلمت نفسك لأدلاء يعرفون معالم طريق تؤدي فقط إليهم هناك. حيث يتم الطبخ و عليك الإلتهام فأنت في حالة من الجوع و التعب لا تسمح لك بالرفض.
ثم يبدو الموسم الجديد و الذي لا أعرف حقا المعيار الذي يتحدد به، غير أن حالة من الإفلاس تعيشها الأطراف تجعلها تتحين أي مناسبة يمكن أن تكون مقبولة لتستند عليها فتعلن عن حشد  و مهرجان خطابي ترفع فيه شعارات فارغة و يتبادل البعض على كلمات تشي بحالة الإفلاس المدقع فكريا و لغويا و تنتهي و يعود الجميع لحاله. لا قديم يعاد و لا جديد يذكر. يبدو أنه سيأتي في فترة أيضا تشهد حالة الخلاف بين ولد عبد العزيز و الرجل الذي تبناه إبان أيام البحث عن الشرعية، حيث كان دليلا مخلصا بين مواد قوانين محلية و دولية إلى أن وصل به. خلاف مرده قضية ضرائب أو تصفية حسابات ، مبررات كثيرة و تخمينات طرحت و طرحها أيضا المفلسون.... و مثقفوا القبيلة

لا تباشير في ملامحكم بتغيير.....
سواء كان ذكاء من الجنرال أو غباء من الساسة أو خبط عشواء من الإثنين، فإن الجنرال حتى الآن نجح دائما في امتصاص هبات الساسة التي تأتي على طريقة "طربة الراعي" مع كل مناسبة حتى يضطرون أحيانا لخلقها من اللاشيء، و لا يبدو جنرال القصر الآن يولي اهتماما كبيرا لفرقعات حتى المؤمنون و الساعون للتغيير وصلوا رويدا رويدا لقناعة أنها هي و الشعارات صار من الضروري أن ترافق الجنرال إذا ما كانت هنالك نية للرحيل أو إرادة حقيقة لفرضه. السياسة على الأقل مواقف ، و حين يكون الكيان السياسي بلا مواقف يسقط هنا و يقف هناك فهو يعيش حالة موت سريري غير قادر إبانها على صناعة شيء و لا قيادة شيء.
الحزب السياسي الموريتاني تجل واضح لحالة الضياع و المتاهة التي تترنح فيها موريتانيا. إن غياب الحزب السياسي و السياسي و انشغال المثقف بأشباه الساسة و الأحزاب دون تجاوزها و كل ملحقاتها الرجعية و ملامسة الواقع المعاش و تأثيراته على المواطن البسيط و تحليله و الكتابة عنه و اقتراح البديل عن الأغلبية و المعارضة أو اقتراح الحلول عليهما أولا لتصحيح أنفسهما و التعديل من حالهما حتى يتشكلوا احزابا حسب المعايير و ساسة حسب المعايير، غياب تلك الأمور بفتح الباب لهرج و مرج المتفرغين. و إلا يدرك هذا المثقف ضرورة تشكل تلك النواة البديل عن قوم أصبح رحيلهم شرطا و ضرورة للخطو بهذا المجتمع و مشروع دولته إلى الأمام. إن نقاشات هؤلاء الساسة و خطاباتهم و ما يحدث تحت سقف البرلمان تجل واضح لحالة الانحطاط و الحضيض الذي يتخبط فيه الوضع السياسي لهذا البلد من ردح من الزمن.
مثلا كمواقف كثيرة يسقط فيها أحزابنا بمواقفهم المقيتة، في موقف الرصاصة، لما يتبين موقف أي حزب بوضوح ، فالذين علقوا الحراك إنسانية منهم علم لاحقا أنهم كانوا في اتصالات حثيثة مع جهات دولية و اقليمية في بحث دؤوب عن بديل لغائب ربما يحتضر في مستشفيات باريس و كان الساسة و دعاة الديمقراطية في ظرف من الظروف ينتظرون انقلابا عسكريا، بعد ما فشلت مساعي لقاءات الديبلوماسيين و السفراء. الأخيرون لم يخف الكثير منهم استياءه من حال المعارضة الموريتانية و حالة العبثية و الفوضوية التي تشهدها و ضبابية الرؤية، ربما ليس حبا في عزيز حينها لم يتفاعلوا مع ساستنا، بقدر ماهو العجز عن وجود بديل، في رجالات معارضة يتسابقون في ماراتون مقيت إلى السلطة يركبون الدعوة إلى الإصلاح و يقودونها بمطلب الرحيل، لكن دون دراية كافية بمعالم الطريق.

المثقف ... منتَج سياسي
و ما دام المثقفون يبتعدون بأنفسهم ، مبحرين في مقولات الفلاسفة و المفكرين و يتبارون في جمال التعبير و رصانة اللغة بعيدا عن تقديم فكرة بسيطة يمكن للعامة و النخبة فهمها ووضعها في إطار يجعلها تخدمهم و تخدم واقعهم. مادام المثقف يتخبط في عقدته و يستسلم لمتطلبات مجتمع لا يعرف المثقف ما لم يعمل على تمجيد قبيلة أو جهة و لا يعرف المثقف ما لم يدعم حزب قبيلته أو الحزب الذي تدعمه. ما دام المثقف لا يعرف أن يكون حياديا و يحلل و ينقد بموضوعية فلا أمل في مجتمع المليون كاتب و المليون مثقف.  والمثقفون الذين يشغلهم تصنيف الأشخاص على كل أساس أكثر مما يشغلهم تصنيف المشاكل التي يتخبطون فيها و من ورائهم مجتمعهم.  اجتاحتهم الأدلجة كموضة تماما كما يجتاح منتج براق سوقا مقفرة كانت مغلقة الأبواب. فتجد الماركسي الذي لا يعرف عن ماركس إلا لحيته الكثة و آخر إسلاميا لا يعرف عن الإسلام إلا تقديس فلان و فلان و آخر ملحدا حتى من غير سبب. مجتمع هذا حال مثقفية طبيعي أن يكون في حالة الضياع و الإنفصام تلك فالهوة واسعة بين نخبة لها عالم ضائعة فيه و قاعدة لها عالم هي الأخرى ضائعة فيه، و بين الضياعين وطن أضيع. إن المثقف الموريتاني لم يواكب يوما تطورا اجتماعيا و لا حراكا سياسيا بما يليق و ماهو مطلوب منه من تحليل موضوعي يضع الأمور في إطارها و ينير الطريق للرأي العام، لم يتدخل المثقف الموريتاني يوما إلا طرفا يبرر و يحلل على هوى الجهة و الوجهة و القبيلة و الحزب. فمنذ أيام معاوية ولد سيداحمد الطايع، و المثقف يعتنق عقيدة التدجين و يهرب من مواجهة عقده و مشاكله في مجتمع كالمجتمع الموريتاني يهرب منها إلى الإرتماء في أحضان هذا أو ذاك _يعرف جيدا ضحالة مستواهم _  انتظارا لمنصب أو حظوة، أو يرسم لنفسه و قلمه و صوره منهجية تجعل لديه رصيدا كافيا يكفيه للمطالبة بلجوء سياسي في مكان ما، أو يكفيه ليضغط حتى يتم تعيينه في منصب ما. فيهاجم هذا رغبة منه في صداقته لاحقا. في نخاسة مقيتة بالفكر و الكلمة.
25 فبراير ....روضتْها القبيلة و ركبَها الساسة؟
إبان الحراك الذي شهده العالم العربي ما بين عامي 2010 و 2011 و الذي لا يزال يعاش و تعاش بعض خلفياته مشاهد أليمة قاسية رغم ما تحمله في عمقها من أمل لما يتلاشى بعد في تشكل دول على مقاس أحلام و طموحات الشهداء الذين راحو في الميادين دفاعا عن حق أجيال في العيش بحرية و كرامة . إبان تلك الحركات تشكل ما يسمى "حركة 25 فبراير" كانت أملا في تغيير تقوده نخبة شابة مثقفة تضع كل شيء في إطاره و تقرأ المعطيات بما يخدم هدفا ساميا هو بناء مجتمع بعيدا عن عقلية القبيلة متخلص من سدنتها و من ملتهمي المال العام و يخلص وطنا من ممارسات و سلوكيات تراكمت عقودا من الزمن، كانت ثورة اجتماعية اخلاقية بأهداف سامية واضحة لتكون مجدية جدا و تضعنا على المسار الصحيح، لو أن شبابا أدرك الخصوصيات و حدد الأولويات و رسم الأهداف بعيدا عن أي تأثير خارجي كان أو داخلي غير قناعة مطلقة متفق عليها بضرورة التغيير ووضع خطة للوصول لهذا الهدف متسلحا بقوته كصوت حر واع إذا ما نزل للشارع.
لكن سرعان ما اختطف الحلم و احترق و تفحم و بعد مرحلة التفحم تكون إعادة التشكل صعبة جدا دون تشوهات. سرعان ما اختطفت القبيلة الحراك ثم تخطفه الساسة و تخطفته الأهداف الضيقة و الرؤي القريبة الأمد حد الضيق. و بدل حركة مستقلة شابة برؤية ووسائل جديدة، إذا بالجميع أمام مجموعة يكثر بها الحشد في مهرجانات هذا و لقاءات ذاك. و إذا بها أداة تستخدم في لي الأذرعة بين هذا و ذاك، و إذا بشباب يبحث عن صورة تخلده في معركة صارت قذرة حين بدأ فيها استخدام كل ما كان يفترض بها أن تحاربه.
رقصت الحركة على ألحان هذا و ذاك و نسيتْ لحنها أو وعدها، تخلتْ عن مقطوعة كانت الأحلام تتراقص حولها بوطن جديد بمعطيات جديدة يبعد العسكري و المدني أو يفرض عليهما الرضوخ لمطلب مشروع و دقيق وواضح . هو وطن لنا ليس وطن لرجال يتقاسمونه و يتصارعون عليه بعقليات بائدة لم يعد لها مكان ، بل صارت مثيرة للإشمئزاز في عالم اليوم. هكذا تم اغتيال حلم 25 فبراير بعدما كان في أحاديث القادة خلف الأبواب تظهر نقاشات بغيضة تدخل عوامل ضيقة من ضمن أسباب الحراك عوامل لم و لن تخدم يوما وطنا يتشظى في جفاف فكري، و بعدما صارت القبائل تتنافس على دعم الحركة. و غير ذلك من السقطات و الإسقاطات التي لا تضع في الحسبان ضرورة دقة المقاييس، إلى الإنزلاق مع تيار القبيلة إلى الرقص على لحن المعارضة و الأغلبية و اللاتي لا يحسن رجالاتهم شيئا كما يحسنون استغلال الآخرين. و عدنا لدولة الحسابات الضيقة و التأويلات الساذجة من هنا و هناك. و انتصرتْ القبيلة من جديد.



مبادرة مسعود...
اتفقنا أم لم نتفق فإن هذا الرجل في العقود الأخيرة كان رجلا بارزا في المعطى السياسي الموريتاني بمواقفه و خرجاته سواء كانت عندنا في المستوى أو دونه، المهم أنها تعكس شيئا مما على رجل السياسة أن يتحلى به، من تقديم موقف و الدفاع عنه و من اتخاذ قرار و تحمل مسؤولياته و من محاولة لحلحلة الأزمات ولو بأفكار كانت في قمة السطحية و السذاجة بالنسبة لنا. المهم أن هذا هو ما ينتظر من رجل السياسة. الموقف و القرار و الرؤية حتى لو كان كل هؤلاء في قمة الظلامية و السخافة. ليس هذا فقط في العهد الحالي بل قبله و من أيام ولد الطايع. لكن لنفس الحالة المرضية التي يعيشها المثقف الموريتاني ، فإن مواقف و تحركات الرجل و التي كانت تستحق التحليل و والوقوف عندها، تم تجاهلها دوما. فالمثقف عندنا لم يتخلص فكرة من البرمجة الاجتماعية. هذا لا يأتي منه خير و ذاك لا يأت منه شر.
الآن يقدم  مسعود ولد بلخير رئيس الجمعية الوطنية أيضا  لحل الأزمة السياسة القائمة في موريتانيا، مبادرة تأتي بعد ما سمته الأغلبية حوار مع المعارضة استجابت له اطراف فيما رفضت أخرى. في هذا الظرف الذي فيه تحلل مبادرة مسعود و تفسر و يحاول البعض إقناع الاطراف بها ، مبادرة حتى إذا ما تم تبنيها لن تكون أكثر من مهديء لحالة مرضية مستمرة لما تجد بعد من يستأصل جرثومتها عن دراية و بحكمة. كل من وجدت شباب يشتعل حماسا استغلهم رجال عن علم أو غير علم ليشعلوا بهم ما لم يعودوا بقادرين على إشعاله فالخطابات الحماسية عليها السلام و ما صوت مبحوح متردد، خلفيته موقف متذبذب بقادر على أن يلهب حماس الجماهير. المبادرة في المستوى، دونه، خطة من الأغلبية، عبقرية من مسعود، رؤية معارضة ، المهم أنها مبادرة من رجل سياسي في المشهد السياسي ، وجودها يعطي إيحاء باحتمال وجود ساسة على الأقل،
مواسم تأتي بالصدفة...
في العادة يخرج السياسي و الحزب حين تكون لديه رؤية جديدة للتعاطي مع جديد كخطة اقتصادية أو رؤية سياسية اجتماعية أو احتجاج على خطوة أقدمت عليها جهة سياسية أخرى أغلبية كانت أو منسقية. أو لربما في تفكير سياسيينا لصناعة ثورة، إلا أن القضية، أن المثبت أن الأحزاب لا تصنع الثورات، وحدها الشعوب المخولة بذلك، و الثورات مادامت الأحزاب تبحث عن قيادتها و إشعالها لن تكون بالمطلق. في موريتانيا يأخذ الأحزاب الراحة الصيفية مثلا أو الخريفية ثم يعودون للفصل الدراسي المفتوح و يقف رئيس الحزب "الأب و المعلم" و يلقي درسا كل عناوينه الرحيل دون تصور عن ماذا بعده و ماذا قبله و ماذا سيحصل حينه، لو أن حزبا وضع استراتيجية أثبت فيها أن الرحيل صار الحل الوحيد ووضع خطة واضحة لما سيسبقه و ما سيحدث أثناءه و كيف تصير الأمور بعده، و حاول بهكذا خطوة أن يقنع الجماهير كان جميلا. لكن أي حزب و أية جماهير. إنها السياسة على الطريقة الموريتانية. "مهرجان قريبكم اليوم" يأتي من لم يهتم يوما إلا ب "ليونيل ميسي" و "ريال مدريد" و تأتي من لم يشغلها يوما إلا "مسلسل تركي" و إذا كان حاضر أحد من "أهل الخيام" يؤتى به. و هكذا من الطبيعي أن هؤلاء لا يهتمون لسياسة و لا برنامج حزب و إذا كان هنالك من مهتم فليبحث عن حزب ينشط في دولة أخرى.
الآن يجد الساسة من جديد الحراك المنتظر ل 25 فبراير ، و الذي يجب أن تسبقه مراجعة للذات من هذه الحركة إذا ما أرادت أن تكون حركة تغيير ، فتتخلص من إملاءات القبيلة و ملحقاتها و تتخلص من تقريب الساسة و موائدهم. نعم وجدوا الحراك ففي اليوم الذي قبله مسيرات و يومه بالذات و في اليوم الذي بعده. و المشكلة أن هذه المسيرات ستؤثر على الحركة و نشاطها فالقوم سيستجيبون لنداء القبيلة التي بالنسبة لها حزبها و حزب حلفائها أولوية. و لا أستبعد أن تنخرط هذه في تلك و تلك في هذه و لا يعرف الحابل من النابل. في مثل هكذا مرحلة يتم تحليل أسباب اختيار وقت الحراك و ما مدى تأثيره على المعطى؟ لكن هذا يحلل حين تعرف أن هناك من اختار وقتا أو طرح استراتيجية لأي شيء، كل شيء يأتي على الطريقة الموريتانية. يخرج رجالات المعارضة في الموسم الجديد يرددون المطالبة بالرحيل تماما كما طالبوا به قبل عامين نفس الشعارات و نفس الوسائل . الفرق الوحيد أنها كانت  المنسقية و اليوم بنظام الحزب و الحزب، ربما أن الأغلبية اليوم أضعف من أيام أكتوبر أو لربما أن قناعة الجماهير بضرورة الرحيل زادت أو لربما أن هذه الأحزاب أصابها الملل من طول العطلة و الراحة أو لربما اشتاقت إلى هواء الساحات المفتوحة بعيدا عن صالونات شيوخ القبائل. و يحاولون الآن ركوب موجه 25 فبراير علها توصلهم إلى بحر يجدون فيه حقيبة لعسكري يبدو رمى كل أوراق الرحيل و حقائبه هو الآخر و لم يعد مستعدا لحزمها، و يؤسس لإقامة قد تطول. إن شارع اليوم هو شارع الأمس. فما الجديد؟

Sunday, February 17, 2013

الفيسبوك و المستخدم الموريتاني: العلاقة الساذجة




عبدالله محمدعبدالرحمن
كاتب – إعــــــــــلامي

حقق فيس بوك و يحقق منذ بروزه كظاهرة كونية اجتاحت العالم، حقق أرقاما قياسية على كل الصعد ، حيث قارب المليار مستخدم في العام الماضي . و حين وضع في البورصة حقق أرباحا تقارب الخيال. يشكل حقا الفيسبوك دليلا واضحا على الأمور التي تبدأ صغيرة جدا جدا ثم تكبر و تكبر. ما كان مارك . زوكربيغ يفكر أن ذلك "البلات فورم" الذي وضعه للتواصل مع أصدقائه في المدرسة و التبادل حول دراستهم و شؤونهم، ما كان يفكر و لا حتى خيالا في أن يصل ذلك الموقع ماهو عليه الآن حيث صار محور تواصل في عالم يعمل على زعزعة معطيات الزمن و اختصارها بأكبر قدر ممكن. اليوم الفيسبوك شبكة تمتد خيوطها جاعلة من العالم كتلات بشرية مترابطة، تلك الخيوط كان من الطبيعي أن تصل ولو بلدا نائما يستمتع بهمس محيطه في أذن صحرائه يتقاسمه ضياع العرب و شحوبة ملامح الإفريق.
 شهدت موريتانيا دخول الانترنت و اعتمادها عام 98 بالضبط ، عامان بعد ذلك تم انشاء كتابة للدولة مكلفة بالتقنيات الجديد و انيط بها نشر استخدام الانترنت في موريتانيا، في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي عن تقنية المعلومات 2007/2008م تم إصدار تقييم لـ 129 دولة حول العالم من خلال مؤشر الاستعداد الشبكي Networked Readiness Index NRI، وهو مؤشر يقيس مستوى البنية التحتية لمجتمع المعلومات في القطاعات الرئيسية الثلاثة: الحكومي والخاص والأهلي، ومستوى تأهل الأفراد والأسواق، ومدى تجاوب التشريعات القانونية والتنظيمية مع مجتمع المعلومات.وحسب هذا التقرير احتلت موريتانيا المرتبة (97) عالميا و هي المرتبة ما قبل الأخيرة عربيا. نفس التقرير يذكر بأن عدد مستخدمي الإنترنت في موريتانيا بلغ 30 ألفا  عام 2009. مقابل سبعة آلاف سنة 2001. تعود هذه الإحصائيات إلى تاريخ 2009 فمن الصعب اليوم وبعد 3 سنوات أن تجد تقريرا حديثا دقيقا يقف على إحصائيات حول الإنترنت في موريتانيا اليوم و إن وجدت و قد أعدتها جهاتنا المعنية ، سيكون تقريرا قديما توضع عليه أرقام تخمينية شأن كل التقارير و الإحصائيات التي لدينا. في بلد لا استراتيجيات فيه طويلة الأمد، فكل استراتيجية عرضة لغضب قبيلة أو نزوة جنرال أو طمع سياسي جاهل متحجر العقل و العقلية لا مكان لإحصائيات دقيقة بل لا تبدو الحاجة إليها ملحة.
متابع صفحات الفيسبوك اليوم في موريتانيا و نشاط الموريتانيين على الفيسبوك لا بد أن يقف معبئا بأسئلة ملحة، حول عدد سكان موريتانيا و عدد مستخدمي الإنترنت فيها و مدى اعتماد الإقتصاد فيها و الأعمال على الأنترنت و على استخدامات الفيسبوك في المجال. لأنك ببساطة ستجد حوالي كل شخص يتواصل مع 4000 شخص ، ستسأل عن طبيعة عمل هذا الشخص و ماهي الأعمال التي يقوم بها على الإنترنت؟ و ما مدى اعتماد دخله الشهري على الإنترنت. ستجد أبطال هوليوود أسماء و صورا و أبطال بوليوود أسماء و صورا و كل لاعبي العالم أسماء و صورا و جميلات ووسيمي العالم كله،فالواحد في موريتانيا حين  يلقي نظرة على صفحته ستجد نفسه صديقا لكثير من "مشاهير العالم".
من فترة لآخر سيصله طلب صداقة من شخص بإسم مستعار و صورة طبيعيا مستعارة و سيقبل الطلب، ربما لأن عدد أصدقائه سيصبح 3001 ربما لم يجد من يسأله : ماذا يفيد إن أضاف شخصا لن يزيد من إزدهار أعماله إن كانت هنالك أعمال. و إن كانت الصفحة فقط للاستمتاع و استهلاك الوقت فذلك أمر آخر. لكن المؤسف في الأمر أن أغلبية الواقعين ضحية لهذا الاستهلاك الساذج الغبي للفيسبوك من النخبة المثقفة و المعول عليها، ثم إذا ما  كانت مشاهدة أصدقائك متاحة للجميع فلن تعدم يوما يراسلك فيه صديق أجنبي ، أنا الآن تصلني كثير من طلبات الصداقة من موريتانيا و من أشخاص لا أعرفهم و يسألك عن التفسير ، لا تفسير هل ستقول له عفوا صديقي لكنه "مجتمع السيبة" لن يفهم. ستضطر لإخفائهم حتى لا يراهم أحدا و ستتأسف لأنه سيرى تعليقاتهم و تفاعلاتهم على صفحتك و أيضا سيبعث لهم طلبات. هل هي قوة مجتمع الفراغ تطغى أيضا هنا على معطيات أوراق المثقف.
إن ما يحصل في موريتانيا و طبيعة استهلاك المستخدم الموريتاني لمادة الفيسبوك مطبوعة حد التملك بطابع السذاجة و العبثية و الفوضوية، فلا ضوابط تحكم مرسل الطلب و لا شروط لدى مستقبله و لا هدف محدد من صفحة ما. يوم جلس إلي المدون التونسي و سألني عن سر ذلك الكم الهائل من الأصدقاء لدى الموريتانيين عموما؟ لم أجد إجابة كالعادة. قلت له مداعبا: روحهم الطيبة. بعد إضافتي له بأسبوع وصله حوالي ثمان  طلبات كما قال من موريتانيا على حد قوله و أغلبهم لديه ما فوق الثلاثة آلاف صديق . الأمر يشي بحالة يمكن تسميتها "شغلة أهل لخيام"  لكن أن يكون من أشخاص تنتظر منهم مستوى أرقى فالأمر حالة مرضية تستحق الوقوف عندها.
ربما لا أبالغ حين أقول أن المستخدم الموريتاني وضع حالة خاصة للفريق الأمني في الفيسبوك ، فلم يعد يعرف على أي أساس تبنى علاقاتهم و روابطهم في الفيسبوك، استخدامات عائلية اقتصادية اكاديمية أم ماذا؟
 و ربما و رغم أنهم فقط 3 مليون شخص تبلغ نسبة الأمية فيها حوالي 60 في المائة و عن الأمية الالكترونية حدث ولا حرج. رغم هذه الأرقام ربما وجد فيسبوك نفسه في حيرة أمام دولة بهذا الحال مع ذالك الكم من الحسابات و العلاقات، فهنالك من هوايتهم فتح الحسابات فقط فتجد الواحد بعشر حسابات و إن كان ناضجا و مثقفا تجده بحسابين إلى 3 على الأقل. أمام حالة كهذه طبيعي جدا أن تصلك رسالة من عداد فيسبوكي مربك و يقول لك تم إغلاق حساب و لديه ألف سبب، من بعث طلبات لأشخاص لا تعرفهم و هذه أولى البنود التي ينص عليها الفي سبوك ان تراسل من تعرف أي نوع من المعرفة و يعطي حيزا لذوي الصلات المهنية و العملية بحيث يسمح لهم ببعث طلبات متعددة قبل أن يحذرهم. من ذلك  إلى وجود عدد كبير من الحسابات المعطلة ضمن أصدقائك، طبيعي جدا ما دمت تضيف كل أحد. إلى تواجدك في مجموعات كثيرة مختلفة الاتجاهات و المشارب و الاهتمامات.... و غير ذلك كثير .
رغم أنها 3 مليون اكثر من نصفها أمي، ربما أكثر الدول التي توجه إليها تحذيرات و تعلق من إرسال الطلبات هي موريتانيا، و كل من أراد أن يضيفك لمجموعة يفعلها و كأنك حسابه الثاني. هل سبق و استشارك شخص هل أضيفك للمجموعة كذا؟ لا طبعا. و مع هذه الموجة الهائلة المقبلة على استخدام الفيسبوك فإن خلفها أمية مطلقة بالحالات الأمنية البسيطة و أمية مطلقة في التعاطي مع البيانات العام منها و الخاص و سذاجة في إدراك حالات الخصوصية الشخصية و الأمنية. في الأسابيع القليلة الماضية أغلق الفيس بوك بعض الصفحات لمستخدمين موريتانيين، آخرهم صديقة أخبرتني بالامس أن حسابها تم إغلاقه و آخرين كثيرين. إن الفيس يحذرك مرات ثم في مرة يأخذ قراره.
إن استخدام الفيس بوك مفتوح لغايات عدة لكن الحبل ليس على الغارب و ككل شيء لابد من ضوابط، و الضوابط طالما كان من هوايات مجتمع "السيبة" تكسيرها و محاولة القفز عليها. إما أن تستخدمه لبناء مجتمع تريد تقديم مادة له أدبية اقتصادية سياسة أي شيء و في هذه الحالة طبعا أنت مهتم ببناء أكبر مجتمع لك على الإنترنت و لهذا الغرض وضعت خدمة صفحة، أو للتبادل مع مجموعات معنية حول أفكار معينة و مواضيع و لهذا هنالك المجموعة ، و حين تلقي نظرة على عدد المجموعات التي أنت عضو فيها ستجدها المئات و في هذه هنالك عذر فلم يأت فيس بوك بطريقة بإمكانك بها  الخروج من المجموعات بسهولة كما أن خصوصياتك لا تمكنك دائما من منع الآخرين من إصافتك لها، فصار لكل قبيلة مجموعة و لكل شخص مجموعة و المجموعة في غالب الأحيان لا تخدم على جميع المستويات. و وجود الصفحة و المجموعة لا يعني أنه لا يمكنك استخدام حسابك لبناء هذه العلاقات لغايات اقتصادية عملية و علمية و حتى شخصية ، بل يمكن ذلك حسب معايير محددة تحدد فيها من يخدمك كمتفاعل و كمستهلك لمنتجك.
و إن كان الإستخدام شخصي عائلي فمن الطبيعي أن لا يكون في صفحتك إلا أصدقاؤك و عائلتك و ناس تعرفهم، تتبادل معهم في كل شيء حتى المزاح و فقط استهلاك الوقت إن أردت. و ربما تبحث عن صداقات مع أشخاص تعجبك مشاركاتهم و لكن في حدود، ليس أن تضغط "أضف صديق " كل ما رأيتها أمام صورة أعجبتك.و إن كان الإستخدام للعبث فقط و الفراغ، فحينها هذا حساب يستحق التوقيف و عليك أن لا تضيفه ضمن قائمة أصدقائك، لأنه لا يعتبر مستهلك لمادتك و لا منتج لمادة قد تفيدك.
عن الحالات الأمنية ، من العبثية في عالم اليوم أن تضع خصوصيتك في حماية أربعة أرقام أو حتى عشرة ، هي الأرقام السرية. تفرض متطلبات الحماية اليوم أن تستخدم رقما سريا معقدا متنوعا شيئا ما. و ربما لا يعرف الكثيرون أنه هنالك مقاهي انترنت في العاصمة حين تدخلها يمكن أن تجد حتى الإيميلات مفتوحة و عن تحميل الوثائق و الملفات حدث أيضا ولا حرج، حتى تلك منها الحساسة و المعقدة فالواحد يحمل الملف و ينسى محوه من الجهاز او ربما لا يعرف. إضافة لسذاجات ليس فقط في الفيسبوك بل في استخدام الانترنت عموما، و سبب الحديث عنها أن الواقع فيها نخبة، أو من يفترض أنهم نخبة. و ما دمت تضيف الجميع و أول رابط وصلك تضغط عليه، لا تأمن أن تكون مرة ضحية انفجار فيروسي حارق ماحق. لكن الله لطيف بعباده فهذه الأمور ليست مطروحة على الأقل حاليا بشكل كبير، ربما في انتظار ان تتطور العقلية و تتخلى عن سلوك "السيبة".
المهم أن المطلوب من الفيس بوك ليس المنافسة في عدد الأصدقاء، و كثرة الأصدقاء لا تعبر عن حالة نجاح و تفوق بقدر ما تعبر عن حالة من الجهل و السذاجة، خاصة إن كان نسبة من تعرف منهم أقل من الثلث. فتحديد الهدف في كل شيء مطلوب . حدد هدفك من تلك الصفحة و اعمل بما يحقق لك ذلك الهدف في حيز محاط باحترام الذات ، ذاتك كمستهلك واعي و مثقف  و مستخدم ناضج.

Friday, February 15, 2013

باب ولد معط وقف لأسئلة المجتمع و لم تقف له الدولة و لا المجتمع حين أقعده المرض

باب ولد معط صاحب الصوت الجهوري بالفصحى وا لفرنسية الذي لطالما أطل من خلف الشاشة و المكرفون يقدم فقها وتنويرا للرأي العام، اختفى منذ فترة عن الساحة، ليكتشف الرأي العام الآن أن ما أقعده كان المرض، يكفي أن اكتشاف ذلك ياتي متأخرا لهذا الحد.
باب ولد معط فقية التركة ، الذي كان مشهودا له بالتمكن منها و كل فلتاتها و أشيائها المعقدة، وقف لذلك العلم دوما و اليوم يقعد الضغط و السكري و أمراض التقت عليه، حين أقعدته لم تقف له الدولة التي خدمها معلما و مرشدا و لم يقف له خيرة المجتمع الذي لطالما حمل هم استشكالاتهم الفقهية و هم العدل بينهم كمقسم للتركة، و لم يشفع له ذلك أيضا لتتذكره دولة تحسن إساءة معاملة من أحسن إليها.
في منزله في توجنين بالحي الإداري محاطا بأبناء ثلاثة جامعيين عاطلين عن العمل مقعدا ينتظر يدا لطالما امتدت يده إليها مباشرة أو بشكل غير مباشر، ينتظر أن تلتفت الدولة أو أبناؤها لواجب أو معروف تجاهه.
ابنته زينب، حملت هم أن تعلم الجميع و تجعل الصوت مسموعا فهل من مجيب  ..... لمن يريد المساعدة فإن رقم زينب كريمة باب و لد معط هو 22651661

"جوزيف بلاتر" في نواكشوط

تقدمت موريتانيا في التصنيف الدوري الذي يصدر عن الفيفا 38 مركزا دفعة واحدة فانتقلت من الترتيب 206 في ذيل التصنيف حيث قبعت فترة طويلة هنالك إلى الترتيب 168 في قفزة تعتبر نوعية خاصة بعد ما حققه المنتخب في الفترة الاخيرة أو المنتخبات على الأقل. و تم تصنيفها الأولى قبل بوركينا فاسو التي حلت ثانية فيما يتعلق بالتطور الحاصل لشهر فبراير.
يأتي كل هذا في ظل زيارة قام بها بلاتر إلى موريتانيا اطلع فيها على بعض المنشأت الرياضية و تعهد بتقديم الدعم اللازم للرياضة الموريتانية مشيدا بوزيرة الثقافة و الشباب و الرياضية.
يشار إلى أن قطاع الرياضة شأن قطاع الصحة و التعليم و غيرهم عانى لفترة طويلة من حالات من الفساد و الاحتيال على الدعم الداخلي  الخارجي دأب عليها القائمون على الإتحادية و القطاع عموما. تاركين للشباب الصراع و الركض في العراء خلف كرات بلا وجهات، ووصل الفساد حد الاحتيال على مخصصات سفر الفريق للمشاركة في البطولات الإقليمية و الدولية، كما استغل حب الملتزمين في هذا القطاع للرياضة و جاءت فترة كان فيها اللاعب الموريتاني يتقاضى 10000 أوقية شهريا أي ما يقارب 25 يورو سبقتها فترة لم يكن يتقاضى فيها أي شيء إطلاقا.
و مع هذه النهضة التي تشهدها الرياضة الموريتانية حاليا خاصة كرة القدم بالقطع يستحق الشاب على رأس الاتحادية إشادة من الجميع لكن مطالبة بالإستمرار و نبذ كل تلك الممارسات من فساد و احتيال و يبعد القبيلة و أشياءها على الأقل دعونا في قطاع الرياضة دون القبيلة و دون الفساد ، فهذا الفريق لطالما سود وجوهنا بنصف الدزينات على أرضه و في أراضي الغير.
بلاتر لم يقدم نقدا لادعا رغم ماهو معروف عنه من صراحة في التصريحات، ربما لأنه أحيانا يكون الحال أسوأ من أن تجد ما تقدمه كنقد كون كل شي ء يستحق النقد و في هذا الحالة تأخذك الرأفة بأهل الحال فتكتفي بالمجاملات. و لربما لأن الحال سيء و مع ذلك هو رأى جهدا يبذل لتغييره أو تطويره فأشاد بذلك الجهد.
مع أن ملامح رئيس جمهورية كرة القدم الذي قال يوما أنه في الرياضة هنالك كرة قدم و هنالك ألعاب أخرى. ملامحه في الصورة المتداولة له مع وزيرة الثقافة و طريقة نظرته إليها تحتاج محللا نفسيا و اجتماعيا خاصة. بدا الرجل محملقا أكثر من اللازم على ما اعتقد .....