كانت الساعة الثامنة صباحا حين تواجدت عند محطة الباصات بمدينة "دانغ وون" و اتجهت إلى سيول. سيول كائن هائل من العمارات و الشوارع الواسعة و اضاءات المرور المربكة، في سيول مدينة تحت الأرض و مدينة فوقها و عمارات تعانق السماء و أضواء و إشارات و فخر الصناعة الكورية و الانسان التكنولوجي الكوري، من هيونداي و كيا موتورز و سامسونج إلى أل جي و غيرهم تستقر أسماؤهم و ماركاتهم في السماء مصابيح ضائعة في فضاء يملؤه امتداد العمارات.
بعد اربع ساعات تقريبا وصلنا لمحطة الباصات بسيول، و منها سيرا على الأٌقدام خرجنا نتلمس الطريق إلى محطة "السابواي" هي محطة تضم عشرات الخطوط و الاتجاهات المربكة التي لا يليق بها إلا دقة مرافقتي الكورية الرائعة حين تبتسم و حين تشرح بانجليزية اسيوية انيقة ما يعنيه ذلك الصوت و ما يعنيه ذاك. ثم ببساطة تبتسم تلك البسمة المثيرة لرجل بكل العمق الافريقي و التسكع في ارضفة الغربة من اللاتين بسمرتها الى اروبا و شقرتها اكتساحا لافريقيا بكل ادغالها المثيرة. هي بسمة تليق بملامحها الاسيوية ذات السمرة الفاتحة.
وقفنا عند تلك الماكينة لنقتني تذكرة القطار، ثم بدأنا ننزل و ننزل و نخترق اسواقا و محلات تنتشر في جميع الاركان تحت تلك الارض. ركبنا السابوي الذي ذكرني صوته بصوت قطارات موسكو ظننت وحدها قطارات موسكو هي التي تصمت ثم تطلق ذلك الضجيج فجأة، لكن كانت قطارات سيول مثلها و بنات سيول تكشفن عن سيقانيهن بقدر ما تغطين صدورهن. في سيول البنات تكشق سياقنهن لكن يستحيل ان ترى ناحية الصدر هو شيء من الثقافة أو من الفاشيون لا أعرف أيهما بعد.
نزلنا محطة القطار و كان الجوع ياخذ ماخذه من الجميع بعد حيرة و نحن نتجول في شارع في منطقة "غانغنام" التي عرفت انها هي المنطقة التي اخذت منها الاغنية الشهيرة "غانغنام استايل" شهرتها هي منطقة جميلة بشوارع واسعة و عمارات شاهقة و كل شيء هنالك اسمه غانغنام ، في سيول هنالك قاعدة بان يسمى ساكنة كل جهة باسمها. جولة قصيرة في منطقة "غانغنام" كنت استذكر خلالها ذلك اليوم الاسطنبولي حين كنت رفقة وجوه عابرة للمسافات من افريقيا و امريكا و اسيا ، كانت تلك السفينة تعبر بنا من جانب المدينة الاروبي الى الجانب الاسيوي و كنا نجلس في صف نحرك ايدينا على طريقة "غانغنام استايل" و التف الجميع حولنا يستمتع بالمشهد. كان جميلا ان ترى اسمرا و ابيضا و احمرا و اخضرا و اشقرا و بين هذا و ذاك كلهم يرقص و يغني و يضحك، الرقص و الغناء و الضحك هي لغة موحدة ، السعادة لغة واحدة يفهمها الجميع و يمكن ان يتقنها الجميع.
بعد ذلك عرجنا على مطعم فيه سيدة بملابس بيضاء تكشف ما شاء الله لها من سيقانها و لها وجه جميل تعلوه بسمة تليق بمائدتها. هنالك جربت نوعا جديدا من الطعام في ستة ايام قضيتها اجرب الاطباق الكورية. التهمت ذلك الطبق الذي بدى بنكهة سيولية جميلة. بعده اخذنا ننزلق باتجاه فندق "بلازا سيول" لاجدني فجأة ارتدي فضفاضة موريتانية بيضاء و عمامة سوداء و عن يميني يجلس وزير الثقافة و الرياضة و الساحة الكوري محاطا بمجموعة من السفراء من العالم اجمع و حوالي 80 شابا و شابة يرتدون ازياء بلادهم التلقيدية و هنالك بدأت حكاية اخرى.
--- يتواصل