Monday, December 16, 2013

.... ورحل ماديبا

بعد أيام كان فيها العالم يلقي نظرات اخيرة على تابوت يحمله ثمانية و تنقله عربات يجوب شوارع مدن في دولة كان الأبيض فيها يأكل الأسود ، بعد أن لفظ أنفاسه الاخيرة في سن الخامسة و التسعين، و انسحب من المشهد بهدأ و رزانة معروفة عنه، ترك الماديبا الذي لملم جراح الانسانية يوم فعلا و قولا صنع السلام من العفو و خلق ليس فقط دولة بل قيمة انسانية ، من سجنه لصمته لصرخته في وجه الظلم ثم صرخته في وجه الانتقام، إن الانسانية تحتاج من كل فترة لشخص مثل ماديبا الافريقي بالملامح الهادئة و الصوت المسترسل و التجاعيد التي تحمل الصبر الافريقي و الحكمة الافريقية و الحزم.
رحل مانديلا ، عن عالم قدم له الدرس فعلا و قولا ، و وقف دوما إلى جانب القضايا العادلة، لأنه كان حليف الانسان و هل الانسان إلى سلام و عفو و إيمان بالحرية و قيمها، وحدهم الاحرار من يمكنهم التفاوض، و لن تكتمل الحرية مالم تتحرر فلسطين، ذلك رجل القيم الافريقي ذلك الماديبا الذي صمت و انسحب من المشهد قاتما، كانت نفطة بيضاء في معطيات ضوء الانسانية الخافت. نعم حضر جنازته القتلة و المخادعون و الكاذبون و المنافقون من قواد العالم و وجهائه، ممن كانوا يستمعون إلى خطاباته و هم صغار طلاب في الجامعات و المدارس حضروا ليقدموا التحية لرجل ألهم قرنا.
إن الحديث في العالم الاسلامي عن حرمة حتى الترحم على روح، من تلك الاحاديث العربية البالية التي تسيء للاسلام و المسلمين أكثر من أي شيء آخر و تنطلق من عقدة نقص و حقارة. إن القيم الانسانية واحدة و دافع مانديلا دائما عن قيم دافع و يدافع عنها الاسلام و الانسان و كل الشرائع السماوية.
إن الزج بالاسلام في مثل هذه القضايا و بهذا الشكل هو صناعة عربية صرفة، العرب لا يحسنون صنع إلا الفتاوي المتناقضة و المتعارضة مع مبادي و قيم الدين، كل تلك أمور صنعت في بلاد العرب.
كان الماديبا و سيظل دائما رجل السلام و الحرية و المسامحة، رجل عرف دوما أن يوازن الحاجة الانسانية للحرية دون ميل للانتقام، مع سنوات السجن و عقود الظلم عرف مانديلا أن يقول : عفا الله عما سلف على طريقته، و شيد الدولة و المجتمع.