Monday, December 9, 2013

الشباب ، حرية التعبير و الفضاءات العامة - BMENA2013

الناظر لحال المنطقة العربية باختصار ، يجد تفاوت كبير حين يأتي الحديث عن الفضاءات العامة و حرية التعبير ، ففي وقت فيه دول تعتبر قطعت شوطا هاما في المجال، هنالك دول لا زالت بعيدة جدا على السلم، تكبلها قيود تشريعية و قيود مهنية و قيود اجتماعية حتى. هنالك دول لديها مشاكل في الترخيص و مشاكل في تقبل المجتمع لبعض سبل التعبير عن الرأي فنية كانت ثقافية أو اعلامية، و هنالك دول أخرى فيها شباب يتجاوز مرحلة حرية التعبير إلى مستوى ما يعتبره المجتمع إهانة لقيمه و ضوابطه. و هنالك حرية تعبير ممارسة بشكل غير مهني فتعتبر فوضى أكثر مما هي حرية التعبير.
ما نتفق عليه هو أن لكل انسان الحق الكامل في التعبير عن رأيه و نفسه أيا كان، لكن ما يجب وضعه في الحسبان أن حرية كل فرد تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين. بالنسبة للعالم العربي أحيانا تعتبر الضوابط الاجتماعية أقوى حتى من الضوابط الشرعية أو القانونية ، فتجد مجتمعا يتمسك بتابوهات و ضوابط لا صلة لها بدين و لا بقانون، كل ما في الأمر أنها أعراف أو تقاليد و تقف حجر عثرة في سبيل حق الكل في التعبير عن رأيه ، و هي تخلط أعرافها و تقاليدها بضوابط قيمية. هنا يجب العمل على خلق وعي عام بين الشباب خصوصا يوضح لهم حقهم الكامل في التعبير عن رأيهم و ضرورة تحطيم هذه التابوهات التي يتعبد فيها كثير من المجتمعات العربية. حيث يفهم الشاب أن حقه مكفول و مضمون في التعبير عن رأيه و أنه ليس كل تعبير عن رأي هو خروج عن الضوابط و انتهالك لحريات الاخرين، واعيا بالحد الرفيع بين الحرية في التعبير و كذلك ضرورة الاخذ بالحسبان بعض المعايير التي تضمن مثلا السلم الاجتماعي و ليس فيها أي نوع من التمييز أو الاقصاء أو الامتهان أو الاحتقار فإن ذلك في حد ذاته يعتبر انجازا مهما على الطريق السوي.
حين نرجع للتعبير الفني و حريته كواحد من أهم طرق التعبير، استحضر الفيديو الأخير في موريتانيا الذي أُثار زوبعة لم يقد تابوهات المجتمع على حفظ حركتها المدارية، و صمت الجميع. فيما رأى منتجو الفيديو كليب "بدأ من نواكشوط" أن العمل عمل فني ابداعي و حرية في التعبير عن الرأي، رآه آخرون على أنه الخطر الذي سيحمل موريتانيا إلى جحيم القيامة و قالوا: استغفر الله / اتفو اتفو.  تلك هي تابوهات اجتماعية تسيء للدين أُكثر مما تخدمه حين تخلطه مع بعض المرجعيات الاجتماعية البالية. هذه الاشكالية مطروحة ليس في موريتانيا فقط بل حول المنطقة، فالسؤال دائما هو الابداع الفني و التعبير الفني إلى أي حد يمكن أن يصل بالطبع هو التعبير الفني له مساحة أوسع و له رسالة، لا يجب أن يكون الهدف منه فقط الانتقاص من شخصية أو شيء من هذا القبيل، بل يكون حالة تعبيرية عن كل ما لنا الحق في التعبير عنه.
الفضاءات العامة، هي المتنفس الحقيقي للشباب الذي من خلاله يمارس حقه في التعبير الذي يراه مناسبا بشكل مطلق،  و تضييق هذه الفضاءات يوما ما يسبب حالة انفجارية ، و ضمانها و دعمها هو دعم للمسيرة الابداعية الانتاجية للمجتمع و اتاحة الفرصة لتحريك مياهه الراكده دائما.

إن الفضاء العام هو المساحة التي يتاح فيها التعبير فنيا اعلاميا ثقافيا بأي وسيلة أيا كان مظاهرات تجمعات، و ضمانه ضمان لمجتمع متصالح مع ذاته قادر على محاكمة و مقارعة المسيئين إليه، و إتاحته و تدعيمه هو جزء من تدعيم الحركة الابداعية للمجتمع و خلق نوع من المعادلة بين متطلبات المجتمع و مفرزات الدولة.
من أهم التحديات :
الضوابط الاجتماعية التي في المجتمعات العربية لا يمكن أن تضع لها حدا ، فهي مربوطة بالدين في حالة و بالعرف في حالة و بالتقاليد في حالة أخرى و لا تعرف أين تبدأ و لا أين تنتهي، حيث تحول أي عملية تعبيرية إلى إهانة لشيء مقدس.
- ارادة الحكومات: في بعض الدول الحكومات ليست لديها إرادة أًصلا في اتاحة هذه الفضاءات، و تعمل جهدها للقضاء عليها.
- التشريعات: أحيانا تشريع هذه الفضاءات يأخذ سلما طويلا و معقدا و قد لا يفضي إلى نتيجة.

الحلول:
- خلق وعي مجتمعي يفرق بين ماهو عادة و عرف و تقليد و دين و يكسر حالة الضبابية هذه التي يتخفى خلفها بعض السدنة .
- تدريب الناشطين المحليين من كتاب و معبرين فنانين صحفيين و غيرهم ، على سبل ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي دون الاساءة لأي طرف و ضمان ممارسة كاملة للحق.
- العمل على وضع تشريعات كفيلة بتسهيل القضية.
- تشكيل تكتل اقليمي يضمن حرية التعبير يكون غطاء يرفع إليه الناشطون المحليون تقاريرهم ويقوي و يدعم مطالباتهم المحلية و يرفع شكاويهم للرأي العام.