Tuesday, June 4, 2013

الإعلام الموريتاني، فضاء الفوضى و فوضى الفضاء (السمعي البصري) - الجزء الأول



ظل الإعلام الموريتاني منذ نشأته الأولى حتى هذه اللحظة فضاء لا يحكمه نظام و لا قانون و لا مهنية و لا موضوعية. رغم تعاقب الحكومات و الأنظمة واختلاف تعاملها مع الإعلام عموما حسب الخلفيات الانقلابية و الانتخابية و المدنية و العسكرية. ظل الإعلام والإعلاميون دوما تلك المؤسسات و الشخوص المتسولة على أبواب الإدارات و المديرين و ذوي السلطة و النفوذ. حتى وصل الأمر درجة صار فيها لقب "صحفي" أو " إعلامي في موريتانيا يعادل أقسى عبارات السب و الشتم و الذم.

ضوابط و محددات ظلت دوما تحكم الإعلام الموريتاني بمؤسساته و هيئاته على غرار كل مؤسسات و هيئات الدولة الأخرى حتى الوزارات، يمكن حصر هذه المحددات في الحضور القوي للقبلية و الجهوية و انعدام الحس الوطني و الواجب أمام الضغط القبلي. فكما وصلت موريتانيا مرحلة تصنف فيه البنوك على السلم القبلي و الشركات و حتى الوزارات فالوزارة كذا للفلانيين و وزارة كذا للفلانيين، كانت المؤسسات الإعلامية هي الأخرى تصنف ذات التصنيف فالمؤسسة كذا و الموقع كذا للفلانيين. رغم صعوبة أن تجد حتى في تلك الكومة الاعلامية الهائلة ما يمكن ان تطلق عليه مؤسسة بكل ما تتطلبه المؤسسة من شروط. بسبب طابع الفوضى و الاهمال و العبثية الفجة من الصعب بمكان تصنيف مراحل مر بها هذا الإعلام بشكل جديد في طريقه ليس للتطور بل للعبثية المطلقة الأكثر اتساعا. إلا أن أهم المراحل يمكن تصنيفها كالتالي:

الجرائد الورقية ... استنفذت قاموس اللغة
فترة الدفق الورقي التي كان فيها بإمكان كل شخص ترخيص جريدة ورقية ناطقة بالعربية أو الفرنسية أو الصينية حتى كل ما يحتاج إليه شخص في وزارة الداخلية و آخر يتابع في العدل و فوق ذلك إن دفع حوالي عشرة آلاف أوقية يحصل على الترخيص بين صباح يوم و مساءه. في هذه المرحلة استنفذت الجرائد الورقية قاموس اللغة العربية على سعته، حتى صرت تجد أسماء غريبة فجاء النهار و الليل و الصباح و الظهر و العشاء و الفجر و الشمس و القمر و ربما هنالك عطارد و المريخ و زهرة ......و الأجمل أن كثيرا من هذه الجرائد لا يرى إسمها إلا في ورقة الترخيص أو بطاقة مهنية يضعها شخص في جيبه يتجاوز بها الشرطة أحيانا و أحيانا يكون لا مناص من "200" أوقية في ذلك العصر الذهبي "للجرائد الورقية" عن تلك التي تنشر لا تجد فيها ما يمت للصحافة بصلة غير إبداعات شباب يهوى الكورل درو أو الفوتوشوب  و يعملون بالمجان تقريبا.

بعد هذه الفترة أنتبه بعض الذي اختاروا طريق الصحافة فاختارت الصحافة طريقا موازيا في الناحية الثانية ، انتبهوا للإعلانات خاصة مع وصول بعض الشركات و شركات الإتصال خاصة، فصار في الأمر مردود و لو أن العمولات ستضعفه جدا جدا، فكل ما تحتاجه الآن هو أن يكون لك قريب في شركة اتصال مثلا أو إقامة افتتحت مؤخرا أو محلا تجاريا، قريبا سيوفر لك إعلانا و لا يعبؤ بمستوى مبيعاتك بل يمكن أن تطبع عددا واحدا من الجريدة توصله للشركة يظهر فيه إعلانها حتى إن لم تفعل القبيلة و القريب هنالك دائما للتدخل. هنا وجد البعض نفسه مضطرا لوضع بعض الأمور في تلك الأوراق الخاوية على عروشها فصار بعض الصحف ينشر المقال و الموضوع في 3 أعداد بشكل متتابع، و يبعث في قمامات الجهاز "الكوربيل" و في الأرشيف عن أي شيء يملؤ به تلك الصفحات. فيما ينشغل المديرون بالمدح و القدح في مجالس الشاي و الانتظار عند بعض البوابات لالتقاط  شائعة أو اختلاق واحدة. في هذه الفترة كانت كل مؤسسة إعلامية متمثلة في مدير.و نجاحها بمستوى علاقاته و خبرته في النفاق و الكذب و التزلف و المدح و القدح و العامل الأهم مدى اتقانه للزمان و المكان الذي يجب فيهما استدعاء القبيلة و سبر أغوار القرابة من بعيد. فيقول للمسؤول مثلا أو المدير: أمي كانت تقيم في بيت رجل أبوه أخو أمك من الرضاعة و و و .... في النهاية : أنت ابن عمي و أنا لم أعلم بذلك...... ج1 يتواصل .............