Thursday, June 6, 2013

الإعلام الموريتاني، فضاء الفوضى و فوضى الفضاء (السمعي البصري) - الجزء الثالث


مع ثورة لكل هاو موقع ظهرت اتحاد للاعلام الالكتروني أو اثنين إلى ثلاثة على ما اعتقد، كان قبلهما صراع حاد يدور بين النقابة و الرابطة نقابة الصحفيين و رابطتهم الفرق بين الاثنتين أن الرابطة تضم فيلقا من المحاربين القدامى لا بأس به من المعتزين و المفتخرين بتجربة طالت لسنين لا أعرف بالتحديد إن كانت في الصحافة أم في  في السمسرة أما النقابة فهي تضم بعض الشباب في الغالب أو من محاولي الخروج على النص، و بعض الهواة كما يحلو للآخرين نعتهم أحيانا. المضحك في الامر أن الاثنتين كانتا تتصارعان في حين لم يكن هنالك إعلام يستحق ذاك الصراع .
ثم حرر الفضاء السمعي البصري...
كانت مشكلة الإعلام في موريتانيا أكثر تعقيدا من أي يستطيع أي كان تحليلها و أكثر بساطة من أن يشغل أي كان نفسه بتحليلها. بساطتها تكمن في ان تنظر إليها ليس على أنها إعلام . بل شؤون قبلية و علاقات عامة و عمولة و سمسرة و شيء من ذاك القبيل. فحين تنظر من هذه الزاوية تفهم كل شيء و حين تنظر من الزاوية الاخرى لن تفهم شيء.
في مرحلة ما قال البعض أن المشكلة تكمن في انعدام الكفاءات و الاعتماد فقط على الهواة في المجال الفني الاعلامي و المجالي الاعلامي الصحفي، إلا أنه في تلك الفترة كان بعض الشباب من دارسي الإعلام او العلوم ذات الصلة قد بدأوا يتوافدون من الدول المجاورة مع ذلك لم يتحسن الإعلام و جرف بعضهم التيار القائم فمنهم من ساير التيار و رضي بإيقاعه و منهم من استعصى على التيار و استعصى عليه. فإما وجد مخرجا و قليل ما هم و إما بقي متمسكا بضميره على هامش من المشهد يتأمل و يجرب أحيانا في حيرة. ثم بعد ذلك قيل  في ان الفضاء السمعي البصري رهين للحكومة متمثلا في الاذاعة الوطنية و التلفزيون الوطني و أن تحرير هذا الفضاء لا شك سيأتي بإعلام على المستوى و إعلاميين على المستوى بعيدا عن الطاولات المستديرة و المستطيلة و أمام الميكرفون و خلف الميكروفون و مخرجين لا يشبهون ذلك الذي بلاني الله به ذات مساء في تسجيل لحلقة مع التلفزيون الوطني فأردا التحكم في الأصبع الذي علي أن أضع فيه خاتمي و الطريقة التي علي أن أنظر بها و كيف أتثائب مثلا و كيف أتكلم و كيف أصمت و كيف أنظر و المصور الذي كان يعاملني و كأني "لانس" كاميرته.
تم إعلان تحرير الفضاء السمعي البصري و تم الترخيص لقنوات و إذاعات حرة، في خطوة تستحق الذكر و لم يذكرها إعلام لا يفرق بين الذكر من الكفر مالم يكونا مصحوبين بعشاء عند الأهل و كأس من الشاي و سويعات ضائعة. افتتحت القنوات و الاذاعات، و بعدها عذرنا التلفزيون الوطني فبدا و كأنه كان قمة من الناحية الفنية و من ناحية الفكرة و المواضيع و البرامج. و بدا مخرجوه و منتجوه من خيرة ما قد ينتج أو يخرج حقا. و بدت إذاعتنا هي الأخرى هامة إعلامية أخرى. كان و كأن هدف كل هذه القنوات و الاذاعات فقط أن تقول لنا : يجب أن تحمدوا الله لان لديكم التلفزيون الوطني و الإذاعة الوطنية. أصيب الإعلاميون الشباب و الطامحون بخيبة أمل فظيعة و هم يتفرجون على حلمهم يتحطم على شاشات اعتمدت هي الاخرى نفس الأساليب قنوات للقبيلة و عمال يكتتبون حسب معايير القبيلة و لا مكان للكفاءة حين يتعلق الأمر باستمارة القبيلة في رأسيتها. رغم ذلك لم تجد هذه القنوات بدا من الإستعانة بشباب احترق أعواما يكابد الإعلام في بلد كله ساسة و صحفيون و شعراء و كله فراغ و سيبة. و لم يجد هؤلاء بدا من الاستجابة لدعوات هذه القنوات و حتى و التسابق إليها. الساحل و شنقيط و دافا و المرابطون و كوبني و الاخبار و التنوير موريتانيد و و و
في اول لقطة اهلكت إحدى القنوات الشباب، أشهرا جيئة و ذهابا في شمس نواكشوط و غبرائها و في النهاية قال لهم اذهبوا غير مأسوف عليكم و ألقي بالمدير هو الآخر فقط لأنه أراد الخروج على قوانين القبيلة في التسير و الإدارة. و أراد أن يمارس الإعلام لم يعرف أن الأمر لم يتعلق يوما بالإعلام.
ثم بقي شباب آخرون يتحملون العمل دون عقود، بل حتى ينفقون من جيوبهم لإعداد التقارير و الاخبار و حين يتكلمون يقال لهم قريبا، تأتي العقود و يتم تنظيم العمل نحن فقط نجرب، و تظل تلك قريبا إلى أن يملوا هم و يتعبوا فيذهبوا أو ينتظروا ليرمى بهم ضحايا أول خلاف بسيط. و لا زال الحال هكذا حتى اليوم. شباب يعملون دون عقود و دون أجور حتى و قنوات دون أي مستوى فني و لا نضج إعلامي و إذاعات تمتهن أحراق المتحمسين و إستغلال الجادين في المهنة و الذين يصدقون أنهم يشتغلون بالإعلام. و لا شيء تغير في الصحف و المواقع و القنوات و الاذاعات أخبار هزيلة في صياغة ضعيفة و لا فرق بين تقرير من خبر من تحقيق. و أمام سطحية المستهلك الوطني المنشغل أساسا بفراغه و أمام حقيقة ان ادائك ليس معيارا لاختيارك للاعلانات مثلا ، لا يجد المدير السمسار نفسه ملزما بتطوير نفسه و لا موقعه و لا جريدته فعلى كل حال هو سيحصل على الإعلان و ستشفع له خبرته في السمسرة في الأوقات الحرجة. و الشباب هؤلاء إلى أن يقيض الله لهم إعلاما خارجا على قوانين القبيلة و طبيعة إعلامها و خارجا عن ضوابط اعلام مجتمع السيبة و الفراغ إلى ان يحدث ذلك لهم أن يشربوا قنينة ماء معدني على طاولة خشبية في مقهى "التوانسة".

الهابا.... و  اعلام الهيبي
رافق تحرير الفضاء السمعي البصري تفعيل للسلطة العليا للسمعيات البصرية، الهدف منها هو تنظيم هذا الفضاء و متابعته و المؤسسات الناشطة فيه و تقييم و تنظيم أدائهم بما يتماشى مع الضوابط و النظم، و في هذا الاتجاه نظمت الهيئة دورات تدريبية و ملتقيات لكنها لا تخرج إطار كأس الشاي و الأحاديث الجانبية على طريقة أبناء الصحراء. حول آخر مستجدات الفلانيين و فلان من أي قبيلة؟ مع ذلك يحسب لها دور لابأس به تقوم لكن يحسب عليها أنها على غرار كل شيء مخترقة من قبل نظام السيبة و العبثية و الفراغ.
فيما تظن "الهابا" أنه تقوم بعملها لا زال إعلامنا يعيش مرحلة "الهيبي Hippy ) و يعيش مجتمعنا بين الهابا و الهيبي. منتظرا إعلاما يجد فيه ذاته ، يقرأ فيه تقارير اجتماعية ناضجة و تحقيقات علمية ثقافية و اقتصادية و يرى تلفزيون تقدم له مادة قابلة للاستهلاك ليس اعلاما يعيش و يقتات من فتات ساسة بين التخريف و التحريف و سياسة و معلومات قائمة على أساس الشائعات مصادرها ركاب الباصات و سائقو التاكسي، و مصدر موثوق جدا جدا قال بعضهم. الهابا أيضا ضاعت في متاهات صندوق دعم الصحافة و ضاع اسمها و شخوصها في بعض التحويلات البنكية، إضافة لتهم وجت إليها بالمحاباة و عدم اتباع معايير واضحة في عملها و خاصة في تسيير صندوق دعم الصحافة، يشار أن هذا الصندوق كان بمثابة البسوس. تم اختيار جهات من الاعلام المستقل لتستفيد منه و احتجت و اعترضت الاخرى و الامر المشترك أن المستفيدين لم يطوروا كادرا بشريا لم يطورا المعدات اللوجستية لم يوفروا تدريبات لا للصحفين و لا الفنين و هم في أمس الحاجة إليها، و الاحتمال الكبير أن الميزانية ذهبت لجيب المدير و رئيس التحرير و السمسار و المقاول.
و لتجد صورة متكاملة لوضع ذاك الإعلام، اكتشف فقط أنه لا نقاط بيع و لا موزعين معتمدين لأي جريدة في أي مكان الأمر كله يتعلق ببعض الأشخاص ممن يعطون عملات تلقاء كل جريدة يبيعونها هنا و هناك و عن تلفزيوناتنا تتفنن في استغلال طاقات الشباب ثم الرمي بهم على الأرصفة بعد ما تحرق ما بهم من حماس و تبدد ما بهم من طاقة و عن مواقعنا سيبة الكترونية،  و عن أكثر المواضيع المتداولة سخافات الساسة على خربشات الهواة مع محاولات الفنين و الناتج موقع أو جريدة أو قناة أو إذاعة من تلك التي عندنا.