Friday, July 11, 2014

الدراما الرمضانية في موريتانيا : انتاجات ركيكة و ورطة في ورطة في الصدارة

منذ أيام تفرغت قليلا لأتفرج على الانتاج الدرامي الموريتاني في شهر رمضان خاصة و أنه الان تتوفر موريتانيا على حوالي 6 قنوات خمسة منها حرة .  القنوات التي لا تزال تبحث في بداياتها كلها، اجتاحها هذا رمضان ما يمكن تسميته "تجاوزا" دراما.
القاسم المشترك بين كل الانتاجات هو الضعف الفني و ضعف الصورة و ضعف الممثلين الذين ينقلون بوضوح صورة تفيد بانهم لا يعيشون واقع الدور بل يفتعلون فيبدو الحوار كحوار طلاب مدارس اعدادية في مسرحية بمخيم صيفي للكشافة. اضف الى ذلك ضعف النص و الحوار و الاشكالية المطروحة في السلسلة. كل الانتاج تقريبا يبدو مسرحيات هواة في مسارح غير مجهزة.
من "أنا و عمي" "جيوب و قلوب"  "وجوه من خشب" ... كلها لا ترقى شكلا و لا مضمونا لتكون انتاجا دراميا يعكس صورة أو رسالة من اي نوع.
يبقى في القمة دائما بالنسبة لي" ورطة في ورطة" فموضوعه و معالجاته تتماشى مع المتاح فنيا و محتوى. فهو سلسلة منفصلة تعالج قضايا مطروحة بشكل يليق بانتاج لديه كاميرا وحيدة او اثنتين في احسن الاحوال من غير اضاءة متنقلة و بمونتاج و مؤثرات فنية غاية في الضعف.
أما أن نعمل على انتاج مسلسلات و نحن نعرف أن الوسائل كلها معدومة فهي محاولة تحمد لاصحابها لكن اذا كان لديهم رؤية لتطوير الامر دون الاكتفاء فقط بانتاج خزعبلة يعرفون انه في كل الاحوال سيتم عرضها و تكون في قمة الانحطاط الفني و الرداءة ، فيقدم الاعلام و وسائله صورة اخرى من احتقار المشاهد و المواطن بتبني اعمال من هذا الشكل لا ترقى إلى أي مستوى من أي ناحية.
لا أستبعد ان العلاقات و الصلات داخلة في تفاصيل تلك الصفقات ربما، لكن في النهاية نريد انتاجا لا ئقا بعيدا عن ترهات تثير الاشمئزاز و مشاهد لا صلة لها بدراما و لا بتلفزيون.

الفنان أعمر و صديقه "كوص" اصطلاحا هم ممثلون من طراز رفيع و هم وحدهم بالنسبة لي الذين يمكن ان نطلق عليهم اسم فنانين بمعنى المصطلح و سلسلتهم هي سلسلة قمة حين نضعها في اطارها. فهي تجسد خلاصة احتراقات و تجارب شباب و رجال حفروا صخر المسرح و التمثيل. فالجميل دائما ان نحترم انفسنا و انتاجنا و أن نعمل على اشياء تليق بوسائلنا. مسلسل تتطلب اشياء فنية و تراكمات و مقتضيات متشعبة ، دونها لا يكون العمل يرقى لأكثر من مسرحيات هواة في مسارح غير جاهزة من غير اضاء و لا مؤثرات و منقولة بكاميرا هاو واحدة.

Sunday, July 6, 2014

ستارتآب في نواكشوط لأول مرة Start Up


أعلن منذ أيام في موريتانيا عن تاريخ تنظيم أول نسخة من "ستارت آب" start up  المشروع العالمي الذي عرفته تقريبا كل عواصم العالم من قبل. تنظيم أول نسخة منه في نواكشوط. ستارتآب يهتم بالمقاولين الشباب و الشباب من حملة الافكار الاقتصادية و افكار المقاولات بحيث يخولهم اللقاء مع خبراء و رجال مال و أعمال و مستثمرين.



المطلوب من المشارك أن يقدم فكرة افتصادية فكرة مقاولة ، بحيث سيتم نقاشها معه و تقييمها من طرف خبراء و بعد ذلك يتم تقرير ما إن كان بعض المستثمرين سيتولى رعاية الفكرة و التعاطي معها.
لم أعرف بعد بالتفاصيل كيف وصل ستارتآب إلى نواكشوط إلا ان البنك الموريتاني للتجارة الدولية  BMCI  يبدو حاضرا خصوصا من طرف مديره السيد ولد عباس الذي يعتبر رئيس لجنة تحكيم ستارت آب في هذه النسخة . و ايضا مؤسسة كوفمان.
ستنعقد نسخة هذا العام بداية من 21 اغسطس في فندق الطفيلة و التقديم للمشاركة يتم من خلال الاستمارة التالية :

https://docs.google.com/forms/d/1djxbkZOuOPEWHXDQCUkkj-ReWNECHGtL0IbWucwqF44/viewform


Monday, June 30, 2014

صيف في غانغ نيونغ - (سيول و شارع غانغنام) الحلقة الثالثة


كانت الساعة الثامنة صباحا حين تواجدت عند محطة الباصات بمدينة "دانغ وون" و اتجهت إلى سيول. سيول كائن هائل من العمارات و الشوارع الواسعة و اضاءات المرور المربكة، في سيول مدينة تحت الأرض و مدينة فوقها و عمارات تعانق السماء و أضواء و إشارات و فخر الصناعة الكورية و الانسان التكنولوجي الكوري، من هيونداي و كيا موتورز و سامسونج إلى أل جي و غيرهم تستقر أسماؤهم و ماركاتهم في السماء  مصابيح ضائعة في فضاء يملؤه امتداد العمارات.

بعد اربع ساعات تقريبا  وصلنا لمحطة الباصات بسيول، و منها سيرا على الأٌقدام خرجنا نتلمس الطريق إلى محطة "السابواي" هي محطة تضم عشرات الخطوط و الاتجاهات المربكة التي لا يليق بها إلا دقة مرافقتي الكورية الرائعة حين تبتسم و حين تشرح بانجليزية اسيوية انيقة ما يعنيه ذلك الصوت و ما يعنيه ذاك. ثم ببساطة تبتسم تلك البسمة المثيرة لرجل بكل العمق الافريقي و التسكع في ارضفة الغربة من اللاتين بسمرتها الى اروبا و شقرتها اكتساحا لافريقيا بكل ادغالها المثيرة. هي بسمة تليق بملامحها الاسيوية ذات السمرة الفاتحة.
وقفنا عند تلك الماكينة لنقتني تذكرة القطار، ثم بدأنا ننزل و ننزل و نخترق اسواقا و محلات تنتشر في جميع الاركان تحت تلك الارض. ركبنا السابوي الذي ذكرني صوته بصوت قطارات موسكو ظننت وحدها قطارات موسكو هي التي تصمت ثم تطلق ذلك الضجيج فجأة، لكن كانت قطارات سيول مثلها و بنات سيول تكشفن عن سيقانيهن بقدر ما تغطين صدورهن. في سيول البنات تكشق سياقنهن لكن يستحيل ان ترى ناحية الصدر هو شيء من الثقافة أو من الفاشيون لا أعرف أيهما بعد.

نزلنا محطة القطار و كان الجوع ياخذ ماخذه من الجميع بعد حيرة و نحن نتجول في شارع في منطقة "غانغنام" التي عرفت انها هي المنطقة التي اخذت منها الاغنية الشهيرة "غانغنام استايل" شهرتها هي منطقة جميلة بشوارع واسعة و عمارات شاهقة و كل شيء هنالك اسمه غانغنام ، في سيول هنالك قاعدة بان يسمى ساكنة كل جهة باسمها. جولة قصيرة في منطقة "غانغنام" كنت استذكر خلالها ذلك اليوم الاسطنبولي حين كنت رفقة وجوه عابرة للمسافات من افريقيا و امريكا و اسيا ، كانت تلك السفينة تعبر بنا من جانب المدينة الاروبي الى الجانب الاسيوي و كنا نجلس في صف نحرك ايدينا على طريقة "غانغنام استايل" و التف الجميع حولنا يستمتع بالمشهد. كان جميلا ان ترى اسمرا و ابيضا و احمرا و اخضرا و اشقرا و بين هذا و ذاك كلهم يرقص و يغني و يضحك، الرقص و الغناء و الضحك هي لغة موحدة ، السعادة لغة واحدة يفهمها الجميع و يمكن ان يتقنها الجميع.
بعد ذلك عرجنا على مطعم فيه سيدة بملابس بيضاء تكشف ما شاء الله لها من سيقانها و لها وجه جميل تعلوه بسمة تليق بمائدتها. هنالك جربت نوعا جديدا من الطعام في ستة ايام قضيتها اجرب الاطباق الكورية. التهمت ذلك الطبق الذي بدى بنكهة سيولية جميلة. بعده اخذنا ننزلق باتجاه فندق "بلازا سيول" لاجدني فجأة ارتدي فضفاضة موريتانية بيضاء و عمامة سوداء و عن يميني يجلس وزير الثقافة و الرياضة و الساحة الكوري محاطا بمجموعة من السفراء من العالم اجمع و حوالي 80 شابا و شابة يرتدون ازياء بلادهم التلقيدية و هنالك بدأت حكاية اخرى.
--- يتواصل 

Saturday, June 28, 2014

لقاء مع السفير التونسي في كوريا الجنوبية


على هامش ملتقى ثقافي دولي نظمته وزارة الثقافة و الرياضة و السياحة الكورية كان لي شرف لقاء  بعض أعضاء طاقم السفارة التونسية من بينهم السفير السيد محمد علي النفطي ضمن كوكبة من السفراء الذين حضروا النشاط، قبل السفر إلى سيول لحضور اللقاء ، بحثت على الانترنت لاعرف إن كان لموريتانيا أصلا سفارة في كوريا و لم استطع العثور عليها فقلت إذن لا توجد. المهم سألني هو نفس السؤال مخبرا لأنه لم يحدث أن التقى أو سمع بها. تماما كما سألتني السيدة التي تعمل في السفارة التونسية في كوريا من 3 سنوات تقريبا .

تحدثنا قليلا عن تجربتي في تونس كطالب ، و عن الاوضاع الراهنة بشكل مختصر، كان حديثا وديا جميلا، و كان السيد مرحبا جدا مردفا مرحبا بالأخ الموريتاني. كما كان لقائي بسفير الفلبين ايضا جميلا ، حيث أعرب هو الاخر عن اهتمامه بموريتانيا. و حين جاء وقت الطعام، كان التحدي أمامي و السفير التونسي ، فلم يكن هنالك ما يشير الى طعام حلال من حرام، و كان نصيحته عليك بطبق الخضروات ذاك أو الارز. و هو ما فعلته واثقا من تجربته في البلد.
و تشرفت بالتقاط صور معه ارفقها هنا.
تثبت تونس دوما ان ساكنة القلب التي تلقاني  و ألقاها دائما حتى من غير مواعيد.

Monday, June 23, 2014

صيف في غانغ نيونغ - الحلقة الثانية

استيقظت اليوم  باكرا و تابعت على عجل مباراة كرة القدم بين البرتقال و امريكا تابعتها حتى الدقيقة التي سجلت فيها أمريكا هدف تعادلها الاول، ثم بعد ذلك خرجت لأستغل سيارة مع صديقين الى عمارة تعتبر الاكثر ارتفاعا في المدينة تتواجد فيها كل الادارات و المهمة في المدينة من مبنى البلدية للمستشفى لادارات المالية و تستقر في احد طوابقها العلوية مكتبة عريضة طويلة، و كان مكتب عملي في اعلى طابق منها، التفت الي الصديقة الكورية الخفيفة "سومي" لتقول لي تعرف انت الان في أعلى منطقة في مدينة "غانغ نيونغ" كان من الزجاج تبدو غابات غانغ نيونغ الغناء و جسرها على مسافة يخترق الجبال و خضرتها و يتغطى المشهد بحالة من الهدوء كتلك التي تسبق المطر و قد امطرت السماء لاحقا. استمررنا في العمل و بدأت اكتشف مع زملائي بعض المصطلحات الضرورية من قبيل "مرحبا" و "شكرا" و "عفوا" و غيرها و تقدم لي بعض الميزات الثقافية للمجتمع الكوري، ما تكتشفه انه مجتمع محترم الى حد كبير و الاحترام يحتل مساحة عريضة في لغته و حركاته و طبيعته ربما يعود الأمر لأن جانبا من المجتمع هنا يقدس ما يسميه ارواح الاجداد التي يستدعيها تماما كما حاولت عجوز ذلك المساء حين اهتزت بنا طائرة "خطوط اسيانا" و هي تخترق سحابة رعدية في سماء ما بين اسطنبول و سيول.
جاء وقت الغداء، و خرجنا الى مطعم البناية العام، كان صفا متماسكا من الكوريين و انا الاجنبي الاسمر الوحيد فيه مع صديقتي "سومي" التي يرحمني الحديث اليها من نظرات المحيطين بنا، رأيت ارزا ابيضا نقيا و بعض العشب الاخضر و حذرتني صديقتي من لحم قالت انه غالبا لحم الخنزير، ثم جلسنا لنأكل و جدتني اعجز عن أكل أي شيء، و مع ذلك لفتت انتباه صديقتي عن الامر حتى خلصت طعامها و كان لا مفر لدي من استخدام فرشاة ذلك الجانب من العالم التي تتشكل من عودين طويلين عليك ان تمسك بهما بدقة و من خلالهما تمسك بقطع الطعام.
عدنا للمكتب و في ناحية حيث تعد القهوة هنالك حصير مطروح على الارض علينا أن نحيد احذيتنا قبل الصعود عليه،اخبرتني السيدة انهم في كوريا ينامون على الارض و لا يدخلون البيوت و فراشها باحذيتهم، قلت لها: تعرفين اننا في موريتانيا نفعل نفس الشيء.
شربت قهوة اعدتها تلك السيدة بدت قوية جدا، و بدأت اقدم درسا عن موريتانيا و موقعها الجغرافي و موقعها التاريخي ، محاولا أن احيل اللبس عن زملائي بين موريتانيا و موريشيوس. و وجدت خريطة للعالم مثبتة في احد جوانب المكتب وقفت اليها و قدمت درسا جغرافيا وافيا. استمع اليه الجميع باهتمام.

Sunday, June 22, 2014

الرئيس و لد عبدالعزيز و النخبة الشابة المثقفة : هل أطعمها أم أقنعها ؟

في زيارتي الخاطفة الأخيرة إلى موريتانيا ، و لأقف على بعض ما كنت أتابعه على صفحات التفاعل الاجتماعي مباشرة، التقيت بعض الشباب ممن يحسبون على النخبة المثقفة الشابة في وطن الفوضى العارمة. كنت على صفحات التفاعل الاجتماعي و خاصة بعد "لقاء الشباب" لاحظت ان قاعدة هامة من النخبة الشابة بشكل أو بآخر أخذت نفسا عميقا قبل أسطر من التهجم و الشتيمة متخلفة و لا تمت للثقافة و لا للوعي بصلة ، و لفت الامر انتباهي.
بالنسبة لي شخصيا، اظن "لقاء الشباب" جاء في وقت حاسم و خدم الرئيس و الاغلبية على صعد كثيرة، فلا يختلف اثنان على انه امتص الغضب الافتراضي و الثورة التي حولها بعض المتمسكين بها و لو اصطلاحا حولوها الى صفحات مواقع التفاعل الاجتماعي. نعم امتص حدث لقاء الشباب الحراك الافتراضي بشكل كلي بعد ان امتصت المعارضة و شيوخها من شيوخ القبائل و والوجهاء بعد ان امتصوا الحراك على ارض الواقع ايام فبراير رحمها الله و اسكنها فسيح مزبلات التاريخ.
فجأة اعلن قدر لابأس به من الشباب الذي تمسك دوما بمعارضة النظام و التهجم عليه ، اعلن تأييده لولد عبدالعزيز أو على الأقل إيمانه بمساره، و كان المبرر الذي اورده كثير منهم هو أن المعارضة لم تقنع لا بخطاب و لا بقول و لا بفعل. فهي خانت مواقفها كثيرا و في المواقف كلها كانت متذبذبة متنافرة غير قادرة على الوصول الى نقطة التقاء الا الرحيل الاجوف و الطواف بين مسجد المغرب و ساحة بن عباس.
حين نحاول قراءة هذه الحالة بنوع من المنطقية نجد أن الحراك الشاب حاول في البداية خلق خط ثالث يتبنى أفكاره و رؤاه ، نعم وقع في اخطاء اثناء عمله على بناء هذا الخط من بينها أنه قفز على واقع البلد و بدأ بتنبي افكار "الربيع العربي" الذي اجتاح المنطقة حينها الفكرة التي لم تجد ارضية ليس فقط لتقبلها بل للالتصاق بها، فجأة هجمت المعارضة و حراكاتها انذاك و مطالبها بالرحيل على هذه التكتلات الشابة التي كانت قيد التشكل و كانت تعيش حالة من عدم اليقين أو الشك المطلق في مسارات حراكها، تبنتها المعارضة جهارا نهارا و استخدمت كالعادة طرقيها الرجعية المقيتة القائمة على الجهويات و القبليات و غيرها من ما تحسن معارضتنا استخدامه بعيدا عن الخطابات السياسية الناضجة. هنا ترك النظام الساحة لتتم عملية الامتصاص بشكل كلي ، فكفت المعارضة النظام قتال و مواجهة ذلك الحراك الشاب الذي كان ليكون اكثر تأثيرا و نضجا و عقلانية.
كانت تلك النخبة الشابة أو بعضها على الاقل لا يزال متمسكا بشكل من حلم تبدد ذات مساء في ساحة بن عباس حيث كانت بشكل اسبوعي تقتل احلام اي مواطن موريتاني في الحصول على سياسيين ناضجين أو خطابات ناضجة. سايرت مسار معارضة يبدو متعرج و غير واضح و متردد، يتحين أي فرصة ليؤدي طوافا بدا ركنا من أركان سياسته بين مسجد المغرب و ساحة بن عباس. كان ذلك الطقس السياسي الوحيد. و كانت ذلك الحراك الشاب يساير و يطوف هو الاخر متمسكا بحبل امل. اقتنصت الاغلبية بنظامها فرصة حاسمة في وقت حاسم ، كانت فيه النخبة الشابة تلك قد بدأت تكره كرها مطلقا ذلك المسار المعارض المتردد و بدأت تنفصل مكتفية بصفحات التفاعل الاجتماعي كفضاء ليس كساحة بن عباس التي بدت ملكية خاصة لقادة المعارضة و مهرجاناتها و مطالبهم المتهالكة بالرحيل. بدأ حراك محموم على صفحات التفاعل الاجتماعي و كان مؤثرا لدرجة كبيرة و دفع الجميل للتفاعل معه. كان حينها الجيل الشاب من الناشطين يعلن ببساطة وفاة و موت المعارضة السريري، خاصة منه النخبة الشابة التي تفصل بين السياسة و القبيلة و الجهة و بين رجال السياسة و رجال القبيلة و بين السياسة و القبائل، بالطبع بقت "نخبة" للأسف شابة بالنسبة لها السياسي و رجل القبيلة نفس الشيء.
اطلق النظام حينها مشروعه لقاء الشباب، و حاول ما وسعه الجهد احاطته بنوع من الشفافية اقنعت الكثيرين من الشباب خاصة من تلك النخبة الشابة التي عرفت ذلك المسار الذي مكنها ان تجرب خيارات كثيرة. نعم نجح اللقاء و القائمون عليه في اقناع قاعدة شابة عريضة معارضة بالمشاركة. و كان كل ما حصل في ذلك اللقاء يحسب للرئيس ولد عبدالعزيز و نظامه. الأسئلة و اجوبتها و النقاشات الجانبية و الانشطة الموازية. النخبة حين وضعت في الواقع و امام مسؤولياتها كان باد عليها الارتباك ما  لعب دورا بارزا  في هذا النجاح  الذي حصده النظام من ذلك اللقاء.  وجدت النخبة نفسها فجأة بدل صفحة فيس بوك الافتراضية وجدت نفسها امام صفحة وجه رئيس الجمهورية. و هذه اللحظة لتصرخ مباشرة في وجهه هنا زوكبيرغ ليس وسيطا بينكما، انت و القاعة و الميكرفون، كان ذلك امتحان فشل فيه كثير من نخبتنا المناضلة و المعارضة و غيرها.
على إثر هذا اللقاء اختفى الحراك الافتراضي بشكل كلي، و فوق ذلك اعلنت نخب شابة كثيرة تبنيها مشاريع الرجل، واعلان كفرها المطلق بالمعارضة و حسمت حالة التردد.
كان سؤالي الملح امام الحالة التي لاحظتها ، اعلاميون، كتاب، فنانون رياضيون خريجون شباب ... يخبرونني وبوضح انهم الان انضموا لصف ولد عبدالعزيز، تساءلت هل أطعم الرجل القوم، ذلك سؤال يتبادر لذهنك حين يأتيك شاب معارض ويقول لك هؤلاء ناس تم شراؤهم و تم تقريبهم من النظام بطريقة أو بأخرى. لم يكن هذا الجواب ليقنعني لأنني ببساطة وجدت من الشباب من لا أومن بأن سؤق النخاسة السياسة يمكنني ان يغريه بأسعاره التي قد تكون حقا مغرية.
فهل أن الرجل أقنع القوم؟ لن أقول نعم بالمطلق ، لكن سأقول بثقة أن خطاب معارضتنا السياسي و خطاب معارضينا العدمي بالتأكيد ساعدوا السيد ولد عبدالعزيز في اقناع تلك النخبة الشابة خاصة في ظل وقوف هذه المعارضة ايضا في وجه أي خط ثالث، يمكن قيامه 

Saturday, June 21, 2014

صيف في غانغ نيونغ - الحلقة الأولى



وصلت الى محطة باصات يانغ نيونغ بعد ثلاث ساعات من مطار نشويون في سيول إلى غانغ نيونغ، كان في الباص حوالي عشرة أشخاص انا و آخر معي اجنبيين فيما الباقون هم ثنائيات كورية شابة. كنت أشعر بشيءمختلف و أنا اخترق تلك الارض الكورية و فجأة تنتقل الموسيقى التي اضعها في اذني الى اغنية "يا ابنة العم و الهوى أموي" قلت في نفسي، لا أعرف إن كانت هذه الاغنية او صاحبها فكرا يوما أنه الآن على بعد مئات الكلمترات من العاصمة الكورية الجنوبية سيكون هنالك متسكع ضائع بين المحطات و المطارات يستمع إليها و يستمع من خلالها إلى دعاء أمه يوم غادر نواكشوط فقط قبل خمسة أيام.





وصلت المحطة ، و اخذت اجر حقائبي ابحث عن نقطة اللقاء حيث يفترض ان التقي مضيفتي الرائعة الكورية الجميلة. لم اجد نقطة اللقاء و لم اجد من يمكنه أن يجيبني غير سيدة في غرفة كتب عليها معلومات للسواح، سألتها و لم تكن تتحدث الانجليزية و كان ذلك غريبا شيئا ما ان تكون في غرفة كتب عليها بالانجليزية معلومات للسواح و ان لا تتحدث الانجليزية. عدت الى حقائبي و فتحت الجهاز انظر الى رسالة بعثتها الصديقة الكورية تعرض فيها صورة من نقطة اللقاء في المحطة أول ما نظرت اليها وجدت المكان ووجدت صديقتي واقفة فيه. كان ذلك جانب من الدقة الكورية. كانت أشياء كثيرة مشتركة بين تلك الصديقة الكورية و بين الكورية الاخرى في السفارة الكورية في عمارة الشرق الاوسط غير بعيد من شيشلي. طريقتهما في الكلام في الشكر في الامتنان في تقبل الكلمات الجميلة التي فيها بعض من رائحة المغازلة.



كانت سيارتها حمراء صغيرة، مركونة الى جانب مدخل المحطة. ركبنا و اتجهنا الى حيث يفترض أن أسكن، تحدثنا في اشياء كثيرة و اخبرتها عن الانطباع الاول الذي تركته المدينة عندي و هو انها مدينة خضراء طبيعية صديقة للبئية. تحيط بها جبال خضراء و تتواجد فيها عمارات من الطراز الكوري التقليدي مع تلك القبعات مثلثة الشكل و ذات الحمرة الهادئة.
حين وصلت ودخلت محل اقامتي هي شقة صغيرة جدا مستقرة في الطابق الاول لعمارة بيضاء في منطقة هادئة غير بعيد من احد شوارع المدينة الرسمية حيث تنتشر سلسلة من العمارات مرقمة على طريقة الفنادق بحيث رقم العمار 100 و التي تليها 200 و الاخرى 300 .....
دخلت و بدات ارتب الاغراض. و كنت بحاجة لشيء آكله و يبدو أن الاكل سيكون من احد الاشياء المثيرة للاهتمام. خرجت اتفقد بعض المحلات فتعرفت على اول صديق لي في غانغ نيونغ، كنت احاول مع صاحب المحل لاجد قنية ماء من الحجم الكبير، كان اخصائي تجميل بعبارة اخرى حلاق، و كانت انجليزيته كافية لمساعدتي. اخذت ماء و لبنا و اضعا في الحسبان بعض قطع الشوكولاته و البسكويت التي تركتها في الثلاجة. عدت و كان علي ان اتابع مباراة فرنسا على الأقل ان لم يكن بالامكان متابعة باقي المباريات. هنالك فارق حوالي 9 ساعات مع توقيت اغرينتش بمعنى ان مباراة فرنسا ستكون الساعة الخامسة او السادسة فجرا. حاولت ترتيب الوقت لدرجة اتابع بها المباراة ثم قررت لاحقا أن الأمر لا يستحق ذلك العناء خاصة ان ارهاق السفر طيلة الاسبوعين الاخيرين  لا زال يلاحقني .

Wednesday, June 18, 2014

الصيف الكوري

أقضي صيف هذا العام في كوريا الجنوبية، كوريا عالم اخر كما أصرت صديقتي.
أعرف ان مغامرات كثيرة و أشياء كثيرة جديدة علي و نمط عيش و حياة  حركة تنتظرني.
لكني هوسي بالتسكع و هوسي بأن أتلقى كل صدمات "كالترال شوك"
سأشارككم متابعي هذه التجربة كلمة و صورة و صمتا .
سأحمل إليكم كوريا بأزيائها و أشيائها و طعامها و كلامها و سلامها.
انتروبولوجية المجتمع و تاريخه و ممارساته.

Thursday, June 12, 2014

مسابقة اختتام الدروس الاعدادية (بريفه) مهزلة من الغش و التزوير


تزامن مع وصولي في زيارة قصيرة الى موريتانيا ان امتحانات اختتام الدروس الاعدادية (تريفه) تجري الآن و يوم الاثنين  المقبل تبدأ امتحانات الباكلوريا. ما صدمني هو أن كل ما يجري يبدو مهزلات مثيرة للضحك، فمن ضمن القصص التي سمعتها:
أن أحد الطلاب وجد حتى هذه اللحظة خمسة اشخاص ليجروا الأمتحان نيابة عنه، فجاء أحدهم ليجري له المادة الأولى و جاء هو ليجري الثاني و جاء ثالث ليجري نيابة عنه الثالثة و لا شك سيأتي رابع و خامس.
بعيدا عن ذلك هنالك تلاميذ يجرون الامتحانات عن اخرين بعمر الثلاثين فمافوقها. و هي مهزلة مطلقة. سمعت أن أحد الاساتذة وقف عند الباب و بدأ يصرخ على التلاميذ افتحوا الطريق و في ذلك الحين صرخ علي احدى الطالبات و رمى إليها ورقة الاجوبة و قال لها : فلانة خذي . حصل هذا في احدى اعداديات تيارت و في اعداديات دار النعيم تتردد قصص ادهى .
و في الاسبوع المقبل تجري امتحانات الباكلوريا و ربما ما لا يعرفه الجميع هو أن الباكلوريا اصبحت تتنافس فيه عصابات وجماعات في بيعه و تزوير شهاداته و نتائجه و العصابات تضم جنرالات و رجال اعمال و عمال في مصلحة الامتحانات ، فمعظم الطلاب في الخارج من ابناء رجال الاعمال وا لجنرالات يدرسون بشهادات و نتائج مزورة تباع في السوق ببضع مئات من الالاف .
و في دولة تباع بريفه و يباع الباكلوريا و غيره فإن وضعية البلد و نخبته في خطر. فنحن في بلد حتى امتحاناته الحاسمة تباع و يتسلمها الجنرالات و تتاجر فيها العصابات.

Wednesday, June 11, 2014

هذا المساء الساعة السادسة على قناة الموريتانية

أحل هذا المساء الساعة السادسة بتوقيت اغرينتش ضيفا على فقرة "حكاية انسان" في برنامج يبث على قناة الموريتانية .
كل تجاربي الماضية مع التلفزيون الوطني كانت كوارث طبيعية تبدأ بساعات الانتظار الطويلة، الى الاعداد الفقير و الاسئلة السخيفة ، خاصة حين يتعلق الأمر بالفنيين و المخرجين و المشادات و المشاحنات بينهم.
اتمنى ان تجربتي معهم ستكون مختلفة هذه المرة 

Tuesday, June 10, 2014

على قناة وطنية - حديث في سياسة لا اومن بها و عن أشباه ساسة !!!!

الساعة الخامسة تقريبا ، اتصل بي الصديق الذي التقيت صدفة ليلة البارحة في مقهى تونس بانواكشوط، و قال لي أنت ضيف الحلقة كذا التاسعة مساء بعد ملتقى طرق صباح.
لسببين قبلت دعوته مفسرا له أمرين:  لأني أعرف صعوبة أن يعتذر ضيف لك في اللحظة الأخيرة و لأني لا أريد أن يجرفني تيار المشغولين المولعين دائما بأن يقولوا بأنهم مشغولون ليثبتوا ذواتهم فأنا لا احتاج تلك الخطوة لذلك.

حاولت تفهم صديقي ووضع طلبه في اطار حاجة، ما اكتشفته لاحقا أن أصدقائي يظنون أنني استضافتي هنالك خدمة لي. كان أمرا مثيرا للشفقة و الضحك. أنا الذي قطعت انشغالاتي و قطعت تلك المسافات الطويلة في يوم حار و لا أومن أصلا بإعلام وطني و لا بوجود إعلاميين وطنيين .
المهم نبهت صديقي كون ساعة لا تكفي للوصول هنالك خاصة اذا ماكان برنامجهم مباشر - فرد: ان الأمر عادي
كنت مع صديقي بعيدا عن البيت نرتب بعض الأوراق المهمة بخصوص سفري، و حين وصلني الاتصال لم انتظر طلبت إلى الصديق مرافقتي. حين وصلت لم أجد صديقي الذي اتصل بي و ظننت ان الحلقة ستكون جلسة حوارية بيني و بينه، بدل ذلك وجدت ضيفا و صحفيا في انتظاري ووجدت مقعدي فارغا هنالك في انتظاري.
كان الاستوديو عبارة عن غرفة واسعة بطول 6 الى 8 امتار و عرض 4 امتار في نصفها الآلات الفنية عند المدخل، ثم ستار شفاف و في نهاية القاعة الاستوديو أو على الاصح المقاعد، ووجدت كومة من اليافطات و المعدات المتعلقة ببرامج اخرى للقناة، نفس الأمر إنه استوديو متعدد الخدمات.
لم أحب دوما الخوض في سياسة وطنية لا أرى لها أي اساس من أي نوع فأنا أصلا لا أرى سياسة و لا احزاب و كل ما اراه هم شيوخ قبائل ضائعون بين السياسة و القبيلة . المهم كان الضيف الاخر معارض متحامل على عزيز و لديه أغنية يبدو يحفظها في عيب الرجل و هذه هي كل مشاكلنا السياسية فثقافتنا السياسية اعلاميين و مثقفين و غير ذلك لا تتجاوز مدح هذا و جعل منه الها و ذم ذلك و جعل منه شيطانا.
المهم طلبت ماء و اكتشفت لاحقا أنه تمت استدانته من صاحب الدكان. انسابت الحلقة انسيابة كل شيء في ظن السيبة ، انسيابية تبين ان الهدف الاساسي هو ان يتم تقديم اي شيء دون اعطاء اي قيمة لمهنية و موضوعيته، الموضوع الاخر أني دخلت الاستوديو و انا لست على اطلاع بأي موضوع سيتم مناقشته اصلا. فانا اضع دائما ما يحصل في هذا المنكب في سياقه.
في اطاري عملي على اعداد البرنامج  المختص في مجال الاعلام الاجتماعي لقناة التركية العربية ياخذ الامر مسارا آخر، لكن اعرف جيدا معنى أن لا يكون لديك ضيف ساعات قبل الحلقة، لكن ان يتصل بك ساعة قبل الحلقة معناه أنك لست جادا في الأمر نهائيا، و معناه ان البرنامج ليس بتلك الدرجة من الأهمية الدقيقة و الأمر لا يتعدى لعبة "ربما يحضر في الوقت" معناه ايضا عدم احترام المشاهد الذي يجب ان ياتيه البرنامج في وقته المعروف و المحدد.

Monday, June 9, 2014

اليوم الأول - (سلسلة 5 أيام في عاصمة الانتظار)

كل شيء في الوطن الحبيب يدعوك للتأمل، كل شيء يدعوك للإنتظار و الصمت، وجوه المارة و الجالسين و الباعة المتجولين ، ملامح الشوارع و البنايات و البيوت العبثية المبعثرة في اطراف مدينة تنتشر و تتمدد افقيا بفوضوية و عموديا بهواية.
نواكشوط هي فوضى من سيارات طراز 190، تنزل عن الشوارع يمنة و يسرة و تبحث طريقها حتى ولو في الصين، لا احد يعبؤ كثيرا لإشارة مرور و لا عبارة وصول، لا تزال السيارات متوقفة في اماكنها الخطأ و السائقون يسيرون في الاتجاهات الخطأ، و كل شيء ليس في مكانه الطبيعي، أول ما لاحظته أن لوحات الاعلان المضيئة تحولت كلها إلى صور عزيز بين ثلة من الشباب تصرخ ربما بكاء من حقبته أو فرحا بها. يبدو أن صاحب شركة اللوحات هذه اخيرا حظي بعقد مجز في هذه الحملة.
خيام الحملات الوطنية كلها لعزيز، فقط مساء هذا اليوم و في منطقة باهتة من غير اضاءة تبينت في عمق الحي الساكن : خيمة للمرشح برام. نفس الناس بنفس الوجوه و نفس الملامح، لازال الشباب يجمعهم الفراغ و الاحباط و الهروب من الاكتئاب أمام محل بائس يطل على شارع رسمي يبيعهم فنجان القهوة بسعر يقارب الألف بمقاعده الخشبية التي عليك أن تقدمها لنفسك.
منذ عامين و لا شيء تغير، إلا طرقا صارت أوسع مما كانت كما أخبرني أحدهم، أو معارضة ملت الطواف بين مسجد المغرب و جامع بن عباس.