في سوريا مضت أشهر و ما يحصل باد للعيان و حتى للنُوم، بين سوريا و اسرائيل
ملفات كثيرة عالقة
وفي تدمير قوتها مصلحة و خدمة لا تقدر بثمن لاسرائيل، و أفضل التدمير ما يكون
منه ذاتيا، فلا ضير أن تنزف سوريا ذاتيا بين الجيش النظامي و الجيش الحر و غيرهما
حتى تنهار تلك القوة و تستنزف في صدور مواطنين أبرياء عارية، لذلك يتفرج الغرب
اليوم و بسذاجة يضحك على ذقون العالم متحدثا عن خطة عنان ، جيء بشخصية كعنان
لتناسب دولة بحجم سوريا كما جيء يوما بجمال عمرو لليمن هو و خطته. ما في سوريا نفط
و لا مصلحة من أي نوع بل إنها عدو أصلا و تحسب على محور الشر. مبادرة عنان ليست أكثر
من نوع من استهلاك الوقت، تستهلك فيه لحظة بلحظة أرواح و دماء الأبرياء دون أن
يلقي أحد لها بالا.
انطلاقا من هذه التجارب الأربعة
القائمة يتضح دائما طبيعة و اتجاه و أنواع بل على الأصح نوع الدور الغربي في
الربيع العربي و الذي هو لا يعدو كونه دور صاحب مصلحة أعمى إلا عن ما فيه مصلحة أو
أقلها.
الخليج و الغرب و الثورة
إن اللحظة التي اقتنع فيها الخليج أن قاطرة الثورة من إن تحط في بلد حتى تأخذ
معها قادته و أنظمته الفاسدة إلى مزبلة التاريخ، قناعة ربما معرفته بطبيعة و
مميزات الإنسان العربي و لا أدري إن كان فيه نوع من الاطلاع على الثورات و تحركات
الشعوب و مسارها على مر التاريخ، المهم أن تلك القناعة دفعت الخليج لدعم كل ثورة
ما دامت بعيدة لأنه يريد إنهائها بسرعة ، فطولها قد تترتب عليه أثار جانبية و
تداعيات خطيرة ، أو لربما ليتخلص من حالة القلق المستبد الذي يعيشه في ظل انتظار
حركة و اتجاه قطار ثورة قد يحط غدا أمام القصر فهو يريد أن يعرف و بسرعة أين
سيتوقف ذلك القطار و بشكل نهائي. تلك القناعة لم تصادفها قناعة غربية، فالغرب أمام
حالات الربيع تجاهل الغرب قناعاته، فما تخوف منه في محطة مصر و تأكد منه بعد ليبيا
هو أن لعب الدور المزدوج يبدو صعبا في المرحلة الحالية و من الأفضل دائما
الانتظار و التشدق بتأييد خيارات الشعوب و القيم القائمة على حقوق الشعوب و
التركيز على طريقة يضمن بها الحد الادنى من مصالحه حاضرا و مستقبلا.
ما يؤكد الأمر أن الهيئات الدولية، الأمم المتحدة و الناتو هي ليست أكثر من
مجرد وسائل لبسط السيطرة تستخدمها القوى العظمى لتبرر بها سياساتها و
إستراتيجياتها فانطلاقا من هذه الهيئات تسهل دائما حبكة السيناريوهات و يسهل إقناع
الرأي العام الدولي رغم معرفته الحقة بأن كل ذلك ما هو إلا شعارات تتردد على آذان
العالم من عقود. و جاء الدور الروسي و
الصيني تارة مناسبا جدا كونه يحفظ نوعا من التوازن يضفي على الحبكة نوعا من
المصداقية، فروسيا لا زالت تعيش حالة نفسية من يوم تفكك الاتحاد السوفيتي و تعيش
حالة من البحث عن الذات مستمرة في كل شيء رغم ما تحمله نظرات قيصرها العائد الحادة
من أسئلة و ما تثيره في نفوس الغرب و قادته.