Wednesday, July 4, 2012

الربيع العربي و الدور الغربي - الجزء الثالث و الأخير



في سوريا مضت أشهر و ما يحصل باد للعيان و حتى للنُوم، بين سوريا و اسرائيل ملفات كثيرة عالقة
وفي تدمير قوتها مصلحة و خدمة لا تقدر بثمن لاسرائيل، و أفضل التدمير ما يكون منه ذاتيا، فلا ضير أن تنزف سوريا ذاتيا بين الجيش النظامي و الجيش الحر و غيرهما حتى تنهار تلك القوة و تستنزف في صدور مواطنين أبرياء عارية، لذلك يتفرج الغرب اليوم و بسذاجة يضحك على ذقون العالم متحدثا عن خطة عنان ، جيء بشخصية كعنان لتناسب دولة بحجم سوريا كما جيء يوما بجمال عمرو لليمن هو و خطته. ما في سوريا نفط و لا مصلحة من أي نوع بل إنها عدو أصلا و تحسب على محور الشر. مبادرة عنان ليست أكثر من نوع من استهلاك الوقت، تستهلك فيه لحظة بلحظة أرواح و دماء الأبرياء دون أن يلقي أحد لها بالا.
 انطلاقا من هذه التجارب الأربعة القائمة يتضح دائما طبيعة و اتجاه و أنواع بل على الأصح نوع الدور الغربي في الربيع العربي و الذي هو لا يعدو كونه دور صاحب مصلحة أعمى إلا عن ما فيه مصلحة أو أقلها.

الخليج و الغرب و الثورة

إن اللحظة التي اقتنع فيها الخليج أن قاطرة الثورة من إن تحط في بلد حتى تأخذ معها قادته و أنظمته الفاسدة إلى مزبلة التاريخ، قناعة ربما معرفته بطبيعة و مميزات الإنسان العربي و لا أدري إن كان فيه نوع من الاطلاع على الثورات و تحركات الشعوب و مسارها على مر التاريخ، المهم أن تلك القناعة دفعت الخليج لدعم كل ثورة ما دامت بعيدة لأنه يريد إنهائها بسرعة ، فطولها قد تترتب عليه أثار جانبية و تداعيات خطيرة ، أو لربما ليتخلص من حالة القلق المستبد الذي يعيشه في ظل انتظار حركة و اتجاه قطار ثورة قد يحط غدا أمام القصر فهو يريد أن يعرف و بسرعة أين سيتوقف ذلك القطار و بشكل نهائي. تلك القناعة لم تصادفها قناعة غربية، فالغرب أمام حالات الربيع تجاهل الغرب قناعاته، فما تخوف منه في محطة مصر و تأكد منه بعد ليبيا هو أن لعب الدور المزدوج  يبدو  صعبا في المرحلة الحالية و من الأفضل دائما الانتظار و التشدق بتأييد خيارات الشعوب و القيم القائمة على حقوق الشعوب و التركيز على طريقة يضمن بها الحد الادنى من مصالحه حاضرا و مستقبلا.
ما يؤكد الأمر أن الهيئات الدولية، الأمم المتحدة و الناتو هي ليست أكثر من مجرد وسائل لبسط السيطرة تستخدمها القوى العظمى لتبرر بها سياساتها و إستراتيجياتها فانطلاقا من هذه الهيئات تسهل دائما حبكة السيناريوهات و يسهل إقناع الرأي العام الدولي رغم معرفته الحقة بأن كل ذلك ما هو إلا شعارات تتردد على آذان العالم من عقود.  و جاء الدور الروسي و الصيني تارة مناسبا جدا كونه يحفظ نوعا من التوازن يضفي على الحبكة نوعا من المصداقية، فروسيا لا زالت تعيش حالة نفسية من يوم تفكك الاتحاد السوفيتي و تعيش حالة من البحث عن الذات مستمرة في كل شيء رغم ما تحمله نظرات قيصرها العائد الحادة من أسئلة و ما تثيره في نفوس الغرب و قادته.