Monday, May 16, 2011

بن لادن ملأ العالم ... ورحل في صمت ( الحلقة الرابعة والأخيرة)


قتلناه ورميناه في البحر.....

أخيرا وبعد عشر سنوات من المطاردة قالوا أنهم قتلوه ورسموا السيناريو متكاملا، سيناريو أهم مقاطعه أنهم رموا جثته في البحر، قصة البحر هذه أمر جديد وهي قصة تحيط بها تساؤلات بامتداد البحر من ناحية، وتبدو سهلة التحليل من ناحية أخرى، فقضية ان يموت بن لادن على اثر عملية عسكرية مباشرة نفذتها قوات خاصة وامتدت لأربعين دقيقة دون علم مسبق لباكستان بالأمر هو أمر لا يكاد العقل يصدقه خاصة وان المنزل حيث كان يقيم الرجل على بعد عشرات الأمتار من أكاديمية عسكرية باكستانية هذا من جهة ومن جهة أخرى فكون الرجل ومنذ أعوام يقيم في بيت متميز عن حيزه بالفساحة والارتفاع ويعتبر منارة في المنطقة حيث هو إذ تفوق مساحته ثمانية مرات مساحة البيت العادي من البيوت التي تحيط به وحيث تصل ارتفاعات جدرانه حوالي خمسة أمتار ان يكون البيت بهذه الدرجة من التميز في منطقته ولا تعلم المخابرات لا الباكستانية ولا الأمريكية به ، هذا أمر ا يصدقه عقلا ولا نقلا ، فالقضية إذن تحيط بها تساؤلات كثيرة عل أبرزها هو هل ان باكستان كانت تعرف كل شيء عن أسامة وتحركاته وكانت تبقي الأمر سرا، لحاجة في نفسها، أم ان الاثنتين باكستان وأمريكا كانتا على علم بمكان الرجل ولكن كانوا يحتاجونه مطلوبا أكثر من حاجتهم إياه أسيرا او قتيلا وذلك لأن دور الشماعة لا زال ضروريا في معطيات العملية الإستراتيجية كاملة، لذلك فضلوا متابعته من بعيد متحينين الزمان والمكان وفي تحديد الأخيرين تدخل ما يسمى الربيع العربي، الثورات العربية التي ساهمت في وضع حد لكل الاستراتيجيات في المنطقة ببساطة لأنها غيرت المعطيات والإستراتيجية تسقط بسقوط معطياتها نفسها الإستراتيجية التي كانت في كثير من جوانبها تعتمد على مكافحة الإرهاب و مطاردة القاعدة وبن لادن كمصوغ و مبرر. كلها تساؤلات مشروعة فمن أين تأتي إذن أهمية البحر؟ هنالك طريقة قديمة في التلاعب بالمعطيات تقوم على الأمر الأتي حين افعل أنا ما اعرف انه يثير الريبة والشك والتساؤل أعمل على ان أضيف إليه عنصرا يثير هذه الأمور بحق لأخذ المتسائل من سؤاله الجوهري إلى سؤال أخر سيصل به إلى نتيجة
ما وينشغل بتفسيراته بدل الانشغال بالسؤال الحقيقي، هذه المنهجية ربما ان قضية رمي جثمان بن لادن في البحر تأتي في إطارها، فبدل أن ينشغل العالم بكيف تم تنفيذ العملية ؟ وتطرح التساؤلات عنها وعن طبيعة تنفيذها ومدي التعاون بين الدولتين فيها ينضاف سؤال آخر يخفف الضغط على هذه المواضيع الجوهرية في العملية وهو قضية الرمي في البحر، ويمكن قراءة قضية البحر من جهة أخرى وهي أن أمريكا تخاف من ان يتحول قبر الرجل مزارا إما فضولا فمن لا يريد ان يقف على قبر بن لادن على الأقل ليقول عليه ما قاله قائل يوما على قبر صلاح الدين الأيوبي أو شيئا من قبيله رغم اختلاف القدرين والمقدرين ، او من سيزور مكانا يعرف ان قبر أسامة فيه، دون زيارته سواء لرؤية المجاهد العظيم او إرهابي العصر كل حسب وجهة نظرته ، وعلى هذا المنوال يحظى  بهالة  وضجة إعلامية لا تريدها أمريكا ،فأقله أمريكا متأكدة الآن انه لن يقف مراسل صحفي ولا برنامج وثائقي على حيز من التربة قائلا : هنا ترقد جثة الرجل الذي هز العالم. أكان أسامة على حق أم على باطل ، ليس ذلك الأمر المهم لنتعاطى معه ، المهم أنه رجل شكل علامة فارقة في التحولات السياسية والإستراتيجية في العالم على مدى عقد من الزمن يزيد، و أنه رجل عاش من أجل قضية بغض النظر عن شرعيتها أو مشروعيتها، ولها ما يبررها حينا خارجا عن الانزلاقات التي شهدتها مسيرتها اضطرارا تارة واختيارا أخرى، ومن لم يعش من أجل قضية مات من أجل لا شيء كما قالها يوما الثائر اتشي غيفارا.

عاش بن لادن جدلا وجدلية وموضع جدال، هل هو إرهابي أم مجاهد، حي أم ميت، مريض أو سليم، في باكستان أم في أفغانستان، عاش مستخدِما طرقه لخدمة قضيته، ومستَــــَخدما لتحقق به مآرب أخرى مستخدمة صورته حتى كماركة تجارية للتسويق، هكذا عاش وأبي إلا أن يموت جدلا، هل صلي عليه؟ هل عوملت جثته باحترام وبما تمليه العقيدة الإسلامية؟ عاش أسامة ضجة اجتاحت العالم من أقصاه إلى أقصاه، ومات ملقاة جثته في البحر.