Saturday, May 14, 2011

بن لادن ملأ العالم ورحل في صمت (الحلقة الثالثة)



أمريكا تبحث في غضب ...وبن لادن الفزاعة والشماعة
                                                                                                      
 بدت أمريكا بعيد الأحداث وكأنها تبحث بجدية راصدة الأموال و البعثات و فرق البحث ولم يجد ذلك نفعا مع مأوى طالبان الذي أعطته لبن لادن، بن لادن الآن المجرم الإرهابي الأول في العالم من جهة ، والبطل المجاهد من جهة أخرى ، وجهة ثالثة تقدر له فقط دقة التخطيط و التنفيذ بعيدا عن كونه مجاهدا او إرهابيا وجدلية المجاهد والإرهابي هذه لم تقتصر على أسامة فقط بل امتدت إلى جماعات مقاومة كثيرة، ونجحت إسرائيل في ان تصل بها إلى حماس لتعلن حماس منظمة إرهابية، لم يأبه بن لادن وهو يحمل بندقيته يجول بين كهوف أفغانستان و وجوارها لم يأبه للتوصيفات كثيرة فكل ما أبه له أن يظهر من مرة لأخرى ظهور تناقص وتباعدت فتراته كثيرة مع بحث أمريكا ، ليبرز في مرات عدة ايمن الظواهري تارة مهددا وتارة منددا وتارة واعظا، ولتكتشف القاعدة أيضا سلاحا حربيا جديدا لم تكن تعول ولا تعتمد عليه كثيرا في السابق هو سلاح الإعلام، فأسست القاعدة تلفزيونها الخاص و صارت تعد الأشرطة والفيديوهات ومشاهد من التدريبات ونجحت إلى حد كبير في استخدام هذا السلاح الذي صارت تطل من خلاله فمؤسسة
  السحاب صارت الراعية الوحيدة لهذه المنتجات الإعلامية وصارت تظهر دوما في الخلفية خلف شارة الجزيرة التي اعتمدها بن لادن لبث رسائله الموجهة دائما لجهات كثيرا ما يعمل هو على تحديدها في خطابات من هذا القبيل، في ظل فترة الغيابات تلك عن المشهد لأسامة بن لادن انتشرت بعض شائعات انه ربما مات في بعض الطلعات الجوية التي كانت أمريكا بحلفائها ينفذونها من فترة لأخرى على جبال ومناطق في أفغانستان حتى ان أمريكا تحدثت في مرات عن إمكانية انه مات، كانت هذه الشائعات الجدول الزمني الذي كان ينقص بن لادن ليحدد أوقات خرجاته، فكانت كل مرة تنتشر فيها شائعة من هذا القبيل يطل هو مكذبا و مهددا ومتوعدا، حتى جاءت شائعات ان ظهوره مفبرك وان الصوت مرة لم يكن صوته ومرة صوت قديم مسجل، وصارت كل خطاب بن لادن محل تحليل فيزيائيا و لغويا،
تلاحقت الأحداث وبدا الفتور ينتشر في الجسم الأمريكي الذي كان يغلي، وبدأت الاستراتيجيات ترسم بهدوء بعد هدوء ثورة الغضب، وحينها بدا جليا ان العثور على بن لادن لم يعد أولوية بالطريقة التي كان بها سابقا، ثم جاءت حرب العراق ، وما سبقها وأحداث الصومال، وصارت الشماعة التي تعلق عليها أمريكا كل عملياتها العسكرية في العالم وتبرر بها كل شيء هي مطاردة الإرهاب والقضاء على الإرهاب ، وجهزت كل الأدوات والإعلام وصار الإرهاب والقضاء على الإرهاب موضوع العصر، وكانت الدول العربية من بين أول مطيعي أمريكا الغاضبة والتي صارت تصطنع الغضب لتحقيق مآربها، غير مبالية بان الغضب لا يصنع السياسات لكنها كانت تعتمد على ولاء العرب الأعمى، وعلى ضياع القوى العظمي في متاهاتها هي وعلى عامل الخوف الذي بثته القاعدة في إدارات غربية كثيرة، فمن هد برجي التجارة العالميين في سويعات قادر على ان يهد أي شيء آخر في ثوان، بدا ان أمريكا توصلت بدراستها الإستراتيجية إلا ان بن لادن يمكن ان يكون مفيدا لاستراتيجياتها في المنطقة فأقامت القواعد وأطلقت الحروب ونفذت الطلعات والعمليات وصارت تفعل ما تشاء أين تشاء وكيف تشاء تحت ذريعة الإرهاب، حتى وصل الأمر حد ان تتهم أمريكا بان هي من دبرت العمليات او بطريقة أخرى أهملت متابعتها لتمكنها من الحدوث، تهمة قد تبدو غير منطقية لكنها انتشرت بطريقة او بأخرى في فترة معينة، ليس أمريكا وحدها من استغلت القاعدة وبن لادن والإرهاب وجعلت منه شماعة وفزاعة،بل العرب أيضا إلا ان الطريقة كانت مختلفة ، فأمريكا استخدمته لتحاول مع مشروع الشرق الأوسط الجديد والكبير ولتحقيق مآرب إستراتيجية في المنطقة وأمور لها فيها أشياء أخرى، والغرب استقله أيضا لتقوية نفوذه ولإدراج نفسه في عالم بدت أمريكا تسيطر عليه، أما حكام العرب فقد استخدموا القاعدة وأسامة بن لادن وقوانين مكافحة الإرهاب لملأ سجونهم بالمعارضين لهم، و لترسيخ ديكتاتوريتهم على مرأى ومسمع من أمريكا، اختلفت أساليب الاستخدام لكنها ظلت واحدة، وجود أسامة الآن او قتله يعطل الكثير من المشاريع التي أطلقتها أمريكا مستخدمة إياه فزاعة ترهب وترغب بها وشماعة تلقي عليها كل أخطاء الدنيا، القاعدة تبحر في أفق أخر.

...حين بدأت القاعدة تخسر القاعدة