مسرحية: ملحمة الأرض
ملحمة الأرض التي كتبتها و عرضت عام 2008 بمناسبة الذكرى الستين للنكبة
مسرحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
ملحمة الأرض
بمناسبة الذكرى الستين للنكبة
تأليف و إخراج:عبد الله ولد محمد عبد الرحمن
2008
يدخل نضال يمشي خطوة خطوة يعلو الشوق ملامحه يقول بحنينية :
ستون عاما يا وطني
وأنا شتات كل ما تمزق
يكبر فيه كيانك
ترتسم لي في أفق الغربة الكئيب ألوانك
ستون عاما وأنا
روافد أدمع شقت لها أحزانك الطريق
(ثم يصمت و يخطو خطوات , موسيقى) :
كلما سرقوك كلما حرقوك اشتعلت بداخلي وهجا , يضيء ظلمة خيمتي , يضيء أحرف اسمك المقدس في بقايا بطاقة هويتي
(ينهمر باكيا وينزل رويدا إلى أن يقف على ركبتيه ويداه على وجهه, موسيقى )
يدخل جهاد ركضا يمسك بيدي نضال يرفعهما عن و جهه
جهاد : ما بالك ؟
(ثم ينهضان معا , ينظر جهاد إلى كل مكان )
جهاد : نعم نشرد نهجر ندمر نُقتل و نباد ونحرق , لكننا جسد لا يحترق وروح لا تيأس وصمود يتحدى الحصار وحياة تتحدى المجازر وحرية تتحدى المعابر لكننا قبر حي وبقاء يتحدى الفناء لكننا صرخات يصدح بها الحجر وهدير أمواج دماء شهداء متدفق ,
(يأتي من خلفهما شيخ في السبعين من عمره متوكأ على عصاه بخطوات ثابتة )
الشيخ :أذكر جيدا يوم فتحنا أعيننا على ثلة من اللصوص تهد أركان البيت , تجرف البساتين حتى الزيتونة الكبيرة حيث كانت مرجحتي أذكر صرخات أمي حين انتزعوا من حضنها أخي الذي تمسكت به تمسك تلك الأرض بذاك الجذع
(يختفي الشيخ ليظهر من الجانب الآخر للخشبة طفل في الثامنة من عمره )
الطفل : نعم أذكر حين صفعه ذلك اللعين و صفعه وصفعه , ثم أفرغ في جسده رصاصه وأنا أصرخ بين الركام ,أذكر يوم سلمت ليد اللجوء لتعبث بي فحملت أنات الأغصان و عويل التين والصبار والرمان و حملت تراتيل كنيسة المهد و آذانات المسجد الأقصى
(يختفي الطفل تماما كما اختفى الشيخ وكما ظهرا )
نضال :أقدامنا راسخة كجذوع شجر زيتون , وهاماتنا سامقة وأعيننا محدقة إلى قبة الصخرة , افعلوا ما شئتم فلن تشرب دمنا إلا أرضنا ولن يواري جسدنا إلا أرضنا
جهاد: كلما تضطهدنا و حرقتنا شمس الحرية ذبنا لننصهر فيك يا وطنا لا يموت ولا يحترق (صوت خشن من الكواليس يفاجيء نضال وجهاد ليقفا مذهولين مستغربين ) :
خففوا على أنفسكم و دعموا ركائز خيامكم وأعدوا أخريات للذين لا يملكونها و قبورا للذين لا يريدونها
نضال: قد تدوسني جرافتك تنسفني دبابتك لكن سيرفضك حجري
جهاد:إن حقا له طفل كالدرة وطفلة كهدى غالية وشيخ كياسين لا يضيع
نضال :قد تغتالني رصاصتك تحرقني نارك
جهاد: إلا أن حقا له امرأة كتلك السعيدة يلطخ الدمع وجهها وقد مات أبناؤها واحد رمى حجرا و آخر يرميه و ثالث كان سيرميه لا يضيع حق كهذا يأبى الضياع
نضال : قد أموت ولكن ماذا تعني القبور بالنسبة لقصة الأرض و الجذور
(نفس الصوت الخشن من الكواليس ):
تبا لكم سنقتلع تلك الجذور من أصولها بل ستتمنى لو تقلع نفسها بل لو لم توجد أصلا
نضال : تبا لك تبا لك أنت , لا يقدر الأرض إلا من زرعها لا من حرقها , هذا وطن نموت فيه وهو حي فينا
(هنا يدخل اللذان كانا يتكلمان من خلف الستار كوهين وشلوم يخطوان بعنجهية يدوسان نضال وجهاد يحملان حقائب سود يرتديانالأحمر والأسود ):
هيا ...هيا إنه الموت أو الرحيل
(فيما نضال وجهاد يتأوهون)
نضال : وتقيم دورك على أنقاضي وتحتفل على ضفاف جراحاتي وتسكت أناتي بصرخات السكارى
كوهين وشلوم في غضب يصرخان : لا ...لا
جهاد : إن كان الموت فسيستلم الموت لإصرارنا على البقاء , وسنخلق للموت معنى جديدا , إنها صرخات الرفض الباقية أبدا
وإن كان الرحيل فإذارحلنا سوف لن تجدوا حيث تستوطنون وحيث عبثا تقتلون , لأن هذا الوطن لا يموت إلا ليحيى فينا ولا يحيى فينا إلا ليموت فيكم حلمكم بقتله أو احتلاله
كوهين وشلوم في هستيريا غضب : لا ...لا لا عودة لا حياة ....
يدخل الشيخ والطفل : هيا ..هيا إنه الرحيلل أو الرحيل
(يهرول كوهين وشلوم صارخان)
ويبقى نضال وجهاد والشيخ والطفل
الشيخ : عائدون بعد يوم بعد اثنين بعد سنة بعد اثنتين أو بعد ستين أخرى من السنين
الطفل :عائدون عبر فضاء من الحجارة وبحر من الدماء وطريق شقه الشهداء
جهاد : هانحن أولاء من ستين عاما حجر أمام النار
نضال : والوطن الذي صار حطاما يعتنق عقيدة الخلود منذ ستين عاما
النهاية