منذ حوالي أسابيع ، أقدم شاب موريتاني من طبقة يطلق عليها المجتمع "المعلمين" و هي طبقة من طبقات المجتمع الموريتاني الذي يعيش على القبائل و الطبقات و الاعراق. الشاب الذي يعمل بشركة ساما، كتب مقالا حلل فيه و حاول مقارنة أفعال الرسول صلى الله عليه و سلم في فترة زمنية معينة و أحداث معينة كفتح مكة و بدر و الحلف و الجلاء. المهم المقال مليء بالمغالطات و الظاهر جدا أن كتبه شاب لا يحيط بحيثيات القضية و تحت ضغط شعور قاس بالظلم الاجتماعي و الدونية، تجدر الإشارة إلى أن "لمعلمين" هي طبقة تعاني ما يسمونه النظرة الدونية، التي يمتلكها المجتمع اتجاه هذه الطائفة. بدأ الشاب ببعض المقارنات التي أبانت حالة من القصور في فهم النص و تاويله و ما إلى ذلك.
أخطأ الشاب خطئا لا أعرف دافعه له، و لو أني حين أحاول تفهمه أقول هو شاب يعاني حالات نفسيه مردها الضغط الاجتماعي الذي تواجهه طائفة أمام نظام اجتماعي جائر متكالب، لكن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال لا أقول عدم التفكير بل الكتابة بسطحية حول أفعال و نصوص له تأويلاتها و مغازيها التي قد تكون فوق أن يحيط بها شاب يعاني انتهارات مدير ساما و نظرات مجتمع بائس يائس. في النهاية لا يمكن أيضا إلا ربط الحالة بحالات المحاكاة التي يعيشها عليها المجتمع و مشاكلنا اننا أحيانا نحاول محاكاة أشياء لا يمت سياقنا و لا واقعنا و لا حالنا لها بصلة.
هبت موريتانيا بقاصيها و دانيها و أعطي الأمر أكثر مما يستحق، يقول لك أحدهم ألا يستحق الغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك و ألا يعتبر هذا الحراك رادعا حتى لا تسول لشخص نفسه الفعلة ثانية، ببساطة قد يكون، لكن هل تعرف معنى في عالم اليوم أن تعطي أمرا يمكن احتواءه بصمت تلك الطاقة الشعبوية الهائلة ، في هذه الحادثة وحدها فقط حمدت الله على أن كثيرين لا يعرفون عن موريتانيا أصلا شيئا. و ما فائدة هذا إلا غوغاء تسيء للقضية أكثر مما تحسن إليها، و هل يحتاج حبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إثباتا، حالة النفاق الاجتماعي تتجلى حتى في الغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أنا لن أبالي حين يقتص أحدهم كلمات من هذا النص و يرسلني لنار جهنم و كانه وكالة لاكتتاب أو اختيار مستحقي نار جهنم. لكن ما أعتقده بوضوح ، أن الأمر كان يمكن معالجته كما يلي، تأخذ السلطات الشاب و تحقق معه في صمت و تتبين حاله و تستوضح منه مقصده، و في النهاية ترى في أمره.
أما الذي منح 4 ملايين كما يقال لرأسه فهذا يعيش في عصر جاهلية مقيت، و هو أيضا يعاني حالات نفسيه، و الذي ينادون بالإعدام أظن أنهم يحتاجون مراجعة الشرع و الدين قليلا، و أسأل هنا أين مواقف صريحة من علمائنا ألسنا أرض المحاضر و الفقهاء و الحفظة لماذا لم ينر أي منهم الرأي العام فيقول أن الأمر يستحق إعداما أو تقديسا أو نفيا من الأر ض أو قطع رقبة أو يد.
الأمر الآخر، تصورا مثلا ان موقع أقلام لم ينشر المقال، ماذا كان ليحصل؟ سيبقى الرجل محتفظا بوجهة نظره التي قد تتفاقم في صمت حتى يعيش حالة كفر و ردة مطلقة في بيته و حينها لن يهب بائع في محل للبازاه في سوق العاصمة. القضية أن الحالة يجب معالجتها من العمق، كما يجب الإعتراف بطريقة أو بأخرى ان حالات كثيرة من هذا النوع و من ناس تتخلى عن أركان الاسلام ستظهر تباعا و موجودة أصلا في صمتها، و لا أحد وصي على أحد في عالم اليوم. يجب معالجة الأمور بحنكة و فطنة و تعقل، ليس بغوغائية و عنجهية لا تناسب الوضع بكل معطياته.
ووقف أبو بدر في خطبة عصماء ذات جمعة أما خيمة أم بدر ، و أوضح فكرة بسيطة في لفظتها لكنها عميقة ، الديمقراطية و الحرية لا تعني المساس بالمقدسات، مما أحسبه لهذا الرجل و لو أن كثيرين مغرمين بنقد كل ما يفعله ، أعترف له بأنه هو من فتح الفضاءات و حرر الاعلام و التعبير و صار كل من هب و دب و بومية و بوجدية يصرخ على مزاجه و في مواقعنا و محتواها الدليل، في ظل هذا الفضاء كان لابد من ترويض أبناء البادية قليلا و أبناء الصحراء و إعطائهم ايضاحات بخصوص حرية التعبير و ما تعنيه ، فنحن معروفون أننا حين ندخل أمرا ندخله بكل عنجهية ، مثلا 3 مليون شخص اكثر من 60 بالمائة منها أمية رقميا على الأقل صفحات الفيس في موريتانيا الانشط اكيد في العالم ببساطة لأننا ندخل بعقلية البدوي .
نعم حرية التعبير ثقافة كما النشاط ثقافة و نحن مجتمع يمارس كل شيء ببداوة معجونة بالعقد الاجتماعية و الحواجز النفسية ، و ما يثير ضحكي و أنا في حالة لا تسمح لي بالضحك اطلاقا، نوع من المشادات تجد هذا يتحدث باسم اليساريين و ذاك باسم العلمانيين و ذاك اسلاميين و هذا عزيزيين و ذاك منسقييين و غيرها ، تماما كما يتحدث طفل بعمر 14 سنة عن لقطات رونالدو في مباراة ريال مدريد الاخيرة .
تحياتي تاب الله على ولد امخيطير. و من يترقب الاعدام، ذاك وهم على مجتمع ادمن الكذب أن يصدقه. تصور في عالم اليوم ببساطة ولد امخيطير على المقصلة و فوقع رجلان مقنعان بقناع أسود يحملان سيفا و قطعا عنقه ، هل سيتفرج الجميع على الامر و يضحك بعود العصر الراشد؟ لربما يكون تغيير منكر محرم لأن ما يترتب عليه منكر أكبر. دعونا لا نفكر بعقلية شبل القبيلة أو وجيهها. الذين يعرفون أفعالهم هم الآخرون.
و اتمنى من بعض الذي هبوا نصرة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، الوقوف لحظة خصوصا الضالعين منهم في الأمر، و التوضيح لولد امخيطير و أمثاله وهم كثيرين لا شك فالجميع يعيش في مجتمع واحد تحت نفس التأثيرات، و لغيرهم ممن قد تؤثر فيهم أفكار سامة قدتكون، و يقدموا لنا طرحا مفندا يزيد يقين الأمة و شبابها . و هو الامر الذي سيكون أكثر فائدة ففي النهاية يستحيل مراقبة المجتمع بنظام الاشخاص فاكثر الاستخبارات تقدما في العالم لم تستطع لكن الحل في ان نخلق وعيا جمعويا و ثقافة جمعية تحترم الحيثيات و السياقات.