Monday, March 12, 2012

السمك و التمر و الاستشارة المجانية و مسيرة المعارضة

في خطوة مثيرة للضحك و تعبر عن ملامح الوجه السياسي اغلبية و معارضة في موريتانيا. عزيز و تزامنا مع الوقت المحدد لمسيرة المعارضة أطلقت حكومته حملة لتوزيع الأسماك و التمر في دكاكين أمل مجانا على المواطنين ما جعل طوابيرا طويلة تمتد أمام الدكاكين الأمر الذي لا شك أثر على عدد المشاركين في مسيرة المعارضة. كما أنه تم إرسال بعض الدكاترة إلى الأحياء الشعبية للقيام بعمليات استشارة مجانية. الأطباء اكدوا انهم عانوا الجوع و العطش في هذه الاحياء حيث لم يتم الانتباه لهم من طرف مبتعثيهم. رغم ذلك نظمت المعارضة مسيرتها و لم يكن وقعها أكبر من وقع اي حدث في موريتانيا فضوليون و محللون و تعاليق ثم ينتهي كل شيء. الحزب الحاكم نفى صلة توزيع المواد الغذائية بالمسيرة التي نظمتها المعارضة.

رحيــــــــــــــــــــــل عزيز

ركب سريعا معي طفل في حوالي 15 من عمره، فقط من جانب تجمع المعارضة الموريتانية اليوم في الساحة القريبة من الجامع العتيق،  حتى قبل أن أسأله فرأي طفل مثله يهمني... قال : هؤلاء يتعبون أنفسهم فقط صراخ في صراخ... قلت له كيف ذلك: قال عزيز عسكري و لديه عقلية عسكرية صارمة و فيه ناس كثيرون يؤديدون و هؤلاء ليسوا قادرين على اقتحام القصر الرئاسي و لا على الاحراق و التخريب فكيف سيزيحون عزيز إذن حتى أن فترته الانتخابية لم تنته بعد، عجبت من وضوح الفكرة لدى الطفل و اكتشفت لاحقا أني اخطأت في تقدير عمره فهو اكبر بقليل من أن يكون في الخامسة عشرة، ثم قلت له هل كان اعل و لد محمد فال بين الحاضرين و ماذا قال؟ متجاهلا اني كنت هناك، قال حتى ذلك و بدأ بموجة من الضحك ، حتى ذلك عزيز افضل منه مائة مرة ، ثم أردف اعل ماكر هو يريد الرئاسة و حين يأخذها سوف لن يشرك هؤلاء معه و هم يعرفون ذلك لكنهم خائفون منه. و عن داداه قالت موريتانيا الغد من رأيي أن الجمع كله بدر الدين و دداه و صار و غيرهم هؤلاء لا يصلحون لشيء و يجب أن يثور الشعب ضدهم و ضد عزيز و ضد الجميع إن كان لابد من ثورة فيجب ان تأخذ معها كل هؤلاء. ثم قال فكرة جد عميقة أكدت لي أن الشعب الموريتاني بحق كله له في السياسة قال تعرف عزيزي رجل عسكري حين تصيبه السياسة بالصداع يمكن ان يذهب و يترك الجميع خاصة أنه لا رجال الاعمال و لا السياسيين هو مدين لهم بشيء. و بعد حديث اقترح حلا  قال : حلنا في أن نأخذ جميع السياسيين الحاليين و كل من يمارسون السياسة من أغلبية و معارضة و نرمي بهم في سجن ثم ننظم انتخابات و حكومات و نطلق سراحهم بعد ذلك و كل نرسله إلى قريته ليقوم على رعاية حيوانه من بقر و ابل و نمحو من ذاكرته كل الفترة التي قضاها سياسيا و ننسيه حتى أنه مر بجانبها , صديقي لم يكفي الخامسة بل كان سياسيا بعمر العشر سنين......

منسقية المعارضــــــــــــــــــــــــة الموريتانيـــــــــــة

انطلقت مساء اليوم على حوالي الساعة الثالية من جوار جامع المغرب دار الشباب الجديدة مسيرة نظمتها منسقية المعارضة الموريتانية تحت شعار: نريد رحيل عزيز، تجد الإشارة إلى ان من الميزات التي تميز هذه المسيرة انضمام اعل و لد محمد فال إليها ضمن المطالبين برحيل عزيز، و كذلك قفزة المعارضة النوعية للمطالبة مباشرة برحيل عزيز، الأمر الذي كان محل سخرية من كثير من المتتبعين الذين ينظرون لطلب كهذا على أنه نوع من السذاجة و السطحية السياسية، قال المتتبعون أن حشد المعارضة جاء دون المتوقع، فالحشد الذي أرادته المعارضة كاسحا لم يكن كما أرادوا ، و في نفس إطار عملية لي الأذرع هذه فإن عزيز في مهرجان حاشد كما وصفه مناصروه غدا في نواذيبو  التي انطلقت منها منذ أيام مسيرة راجلة للمظالم لا زالت تواصل سيرها في اتجاه نواكشوط.
رحيل عزيزي و الفساد الإداري و في التسيير هي الأمور التي راتها المعارضة أمور تجعل من الضروري رحيل عزيز. التجمع كان عند الساحة قرب الجامع العتيق على منصة أعدت للغرض و استمر حتى بعيد صلاة المغرب. و أثناء صلاة المغرب سمعت أصوات سيارات الإسعاف ما أثار خوف المواطنين ، و كان الامر أن دكانا من ضمن دكاكين شارع الرزق المعروفة باكتظاظها بالمواد الغذائية كان قد اشتعل عن الاخر و لم يعرف حتتى الساعة السبب الرئيسي للحريق الذي تصاعدت ألسنته.
تأتي هذه المسيرة في ظرفية توتر عارمة تشهدها البلد حيث تشهد مظاهرات طلابية بشأن المعهد الإسلامي أدت لتعطيل الامتحانات في يومها الأول و حيث المسيرة الراجلة التي لم تحظ بتغطية إعلامية بحجم العناء الذي ستكبده منظموها و لم تحظ بتأييد شعبي كبير من الشارع الذي ينظر إليها على أنها نوع من الترف التعبيري أو السخف.
العسكري لا يبدو مكترثا كثيرا لما يحصل و لا يمكن توقع ردات فعله على العموم ، الآن فقط يدخل في إطارها زيارة عزيز غدا إلى نواذيبو .....

Monday, March 5, 2012

حين يحوم طيفكِ



في لحظة لست أنا من اختارها، بل هي التي اختارت نفسها و اختطفتني بكل وقاحة و أمام كل أشيائي المنتظرة، و أجلستني إلى المقعد المنفي هنالك في ركن الغرفة القصي.
هنالك حيث تتشكل اللحظة و يتشكل الحرف و يحوم  طيف الذكريات، هنالك حيث تتعطل ماكينات الصيرورة المرهقة، و يتجمد الحاضر من أجل فسحة من الماضي تقبل على عجل ، و تتراءى ملامحها في المدى الممتد بين زوايا الغرفة ما تفتؤ أن تكتسح المجال كعاصفة رعدية، و تسلم معطيات الواقع نفسها  للحظة التوقف.
تلك اللحظة هي التي اختارت أن أتذكرك فيها و أكتب عنك فيها و أتلو الصلوات في المحراب و أقرأ مقدساتي لأفند واقع غيابك، و أفتح عن صفحتك من كتاب الرحيل و الصمت الطويل. ما إن تخترق بي لحظة التأمل تلك معطيات الزمن، حتى تنسحب اللحظة بكل أشيائها، و تتركني معك دون زمان و لا مكان غير معالم الرحيل في الزمن و أصوات قطاراته و محطاته.
الكتابة عنك مريحة لكنها مرهقة، ترى هل تستوعبين دقة هذا التناقض ؟ تختلف جدا عن الكتابة إليك، فالكتابة عنك نوع من الاستسلام لاملاءات اللحظة، أكتب و أحدث نفسي و أسر إلى ذلك المقعد هناك في منفى الحروف و الكلمات ببعض أسرارنا الدقيقة و معطيات ماضينا البعيد و القريب. حين أكتب عنك فأنا أغضب على واقع الغياب و حقيقة الثلاثية الزمنية، أكتب عنك أحيانا لأجلد بعض المواطن المتجمدة و الخارجة عن قوانين الكلمات و الذكريات، و لأستدعي الماضي أحيانا لمحكمة الحاضر و أدعي تقديمه زلفى لمعطيات مستقبل لا زال مجهولا. أحيانا أشعر أن الكتابة عنك هي مجرد محاولة يائسة للهرب أو النسيان أو محاولة لضبط ساعة الوقت في ساعة متأخرة.
حاولت جاهدا تصنيف الكتابة عنك ، قلت ربما هو تعلق بالحياة الأولى بالصرخة الأولى ، ربما استحضار الغياب و محاولة لإهمال الزمن، ربما هو استدعاء روتيني طبيعي للذاكرة و محاولة لمسائلة النسيان. درب من الجنون أو شيء من الشك، صدقي لم أستطع تصنيفها غير استسلام للحظة و استجابة لإلحاح القلم لدعوة المنفى الاختياري.
أما الكتابة إليك فهي مختلفة، إنها تجسيد الذات في لحظات انتظار الرد، و استقراء لتفاصيل أحداث المستقبل من خلال الرهان على طبيعة الرد. الكتابة إليك نوع من اتقان فن العيش، و تقبل معطيات الحياة، نوع من القدرة على التأقلم.
حاولت الليلة الاعتذار للحظة و القلم و المنفى، حاولت أن لا أستسلم لمغريات الدعوة، فقررت أن لا أكتب عنك أو إليك، بل أكتب عن لماذا أكتب إليك أو عنك؟ و اكتشفت أنه كان علي قبول الدعوة، فأنا لم أجد الإجابة، وجدت فقط أني دائما سأكتب عنك و سأكتب إليك، و لا أدري لماذا. ربما لأنك ترفضين الرقود بكسل بين صفحات التاريخ الجامد. و تريدين أن تبقي تاريخا يخلط علي ما تعنيه الثلاثية الزمنية.

عيــــــــــــــــــــــــــــــــد المرأة

كل عـــــــــــــــــــــــــــــــــام سيدتي و أنت مبدعة جميلة حرة، تتمتعين بكل حقوقك كأم و كأخت و كحبية و كبنت.... تحية لكل نساء العالم.

الربيع العربي الإقتصادي

عشنا و نعيش الربيع العربي ، لكنه ربيع سياسي بحت، فمتى يا ترى يبدأ الربيع العربي الاقتصادي???
We live and we have lived the arab spring but it was completely political, when the arab economic spring will  begin????
Nous voyons et nous avons vu le printemps arabe, mais il etait politique, le printemps arabe economique quand -t - il sear??????

Sunday, March 4, 2012

.... و كان لابد من الربيع



عبد الله ولد محمد عبد الرحمن
كاتب موريتاني
 

إن الثورة كثورة ماهي إلا ذلك الشعور الغامر بالحاجة إلى شيء ما كثيرا ما يرتبط  بالضرورات الإنسانية من حرية و عدالة و كرامة  و الذي يتلبس الرأي الجمعي في نفس الوقت. و يكتسح الإرادة البشرية مسخرا إياها في اتجاه واحد، سالبا إياها القدرة على التفكير مرة ثانية من شدة سطوته المرتبطة بعمق الشعور الداخلي بعيدا عن مؤثرات خارجية تبدو في لحظة كتلك خارجة عن النسق و السياق. فجأة تتجه تلك الإرادة الجمعية إلى وجهة واحدة بهدف واحد هو قلب الواقع  و المعطى دون إعطاء كثير وقت للتفكير في الكيف و المتى ؟ قلب ذلك الواقع انطلاقا من إصرار أقرب هو للاشعوري تتكسر أمامه الحواجز و تنقلب معادلة البقاء منحصرة في مدى القرب من الغاية و الهدف. فالثورة هي نتاج شرار و شعور متجذر ينطلق من العميق البشري الآدمي تمرا على وضع يهدد و جوده و كينونته و حقيقته كنفس آدمية لها حاجتها و ضرورتها و مقاييسها الإدراكية. فالثورة هي التي تخلق نفسها مبلورة ذلك الشعور الذي يصرخ بأوان ساعة الصفر و يضع نقاط التحول و نقاط النهاية و يعطي المسميات و القوالب و يعطي السمات و الصفات و الشعارات، هي القوة البشرية الكامنة التي و من سحرها و لتتجسد ثورة تنفجر في زمان و مكان واحد كدقة الساعة البيولوجية. فلحظة الانفجار تلك بكل معطياتها الزمانية و المكانية و الظرفية هي دليل على أن الثورة نتاج طبيعي شامل لوضع قائم  و مستمر، و حتى دليل على تقارب مستوى القدرة الجمعي على التحمل. و تحين الساعة و ينفجر الإنسان روحا و جسدا صرخة مدوية في وجه الواقع صرخة تهتز لها الإنسانية التي في أعماقها تتجسد لحمة رغم اختلافاتها الثقافية و الفكرية و العرقية و الدينية. صرخة تنطلق حين يكتمل اليأس من المستقبل، نعم قد يتحمل الإنسان بقدرة هائلة ظلم و مأساة و قتامة واقع، لكن فقط مادام هنالك أمل في مستقبل مختلف و في قادم أجمل. يتحمل الإنسان ظلام سنة ما دام على يقين أن أياما مشرقة ستأتي بعد ذلك. لكن أن يتحمل و إلى الأبد يوما توحي كل معطياته بغد أكثر قتامة و ألما فتلك لحظة الثورة إذن.
فالثورة التي هبت نسائمها من شاطئ البحر الأبيض المتوسط معانقة جريان النيل ممتدة أعاصيرها و زلازلها تهز العروش وتقتلع الكراسي، انطلقت حين تأكد الإنسان العربي من معيطات واقعه و مستوى قدرة طغاته على فهم الصمت و قراءة ملامح التحمل التي جثمت على الوجه ذي الملامح العربية لعشرات السنين انطلقت حين  أطبق اليأس على رؤية الإنسان العربي: لا غدا مادام اليوم هكذا رجل أمن في كل مقهى و زنزانة لكل من لا يسبح بحمد النظام و منفى لكل من لا تروقه حكمة سيادته، بل زاد الأمر امتهانا حين اصبحت  السيدة الأولى تتصرف ملكة حاكمة بأمر السلطان، و كان المواطن العربي يتحول إلى جزء من تركة الحاكم يعد لتوزيعها بالقسطاس بين الأبناء و رجال الاعمال المقربين لم تكن معطيات ذلك اليوم لتحمل عنوانا أبلغ من تلك لحظة الثورة إذن.
تحمل الإنسان العربي الجوع و البطالة و الفقر و الظلم و القهر ، تحمل التعذيب و التأنيب و الترهيب و الابتزاز و الانتهاز ، عرف أن يستوعب وجود رجل الأمن و المخابرات  بينه و حديثه لزوجته وجوده في مطبخه و غرفة نومه و بينه هو و تفكيره، عرف أن يتعايش مع سلطة النظام، و أن يتحمل المحسوبية و الرشوة و الزبونية، و أن يتحمل الاستيلاء على ممتلكاته و  انتزاع أراضيه وفوق ذلك المتاجرة به و بقضاياه و بمصيره كإنسان عربي، تحمل حاكم النظام يتقرب بممتلكاته لشقراوات أوروبا و سمراوات أمريكا، تحمل الطغمة الحاكمة تقضي العطل الصيفية و الشتوية في الجزر و مدن الألعاب و الأحلام في أحضان السهر و السمر و البذخ و هو يفترش العراء في حي شعبي في ضاحية من ضواحي العواصم العربية، تحمل نفطه تبتاع به قنينة خمر راقية. تحمل السيدة الأولى بنظارات الكوتشي تتصرف في بيت المال كحساب بنكي خاص.
 تحمل كل شيء  كل شيء على أمل واحد. هو رحيل هذا الحاكم ليس عن السلطة فذلك أمل قطعته لديه سنًة التزوير في الانتخابات و التهجير في صفوف المعارضين و هو أمر تحمله المواطن العربي أيضا، نعم ليس أمله في رحيل الحاكم عن السلطة، بل أمله في رحيله عن الحياة، كان بقاء هذا الأمل بين كل تلك الأشلاء من الأحلام المدمرة و الآمال الضائعة هو أن يوما كهذا لا بد أن يأتي، لا يمكن أن يرده لا تزوير الأصوات و لا الصرف على الحملات و لا رشى رجال الأعمال و صفقاتهم، يوم كهذا لا بد أن يأتي لا يرده النفط و لا الحساب البنكي فقط لابد أن  يأتي. لكن يوم انقطع ذلك الأمل و الإنسان العربي يرى كل حاكم عربي بصدد تهيئة إما إبن أو مقرب و حليف لخلافته في ذلك اليوم بالذات أيقن ذلك الإنسان أن خلاصه ليس في الانتظار أبدا، بل الانتظار الآن هو نوع مختلف من الانتحار. انتشر ذلك اليقين، فبيضة الثورة قد بدأت تشعر بسخونة و حرارة اليأس و أخذت تنفقص، نعم كانت خيمة المواطن العربي قد ملت صقيع برد الشتاء و صفيع حرارة الصيف و كان لابد من فصل جديد بعد عقود تعاقب فيها الصيف و الشتاء محملين حقائبهم بأجساد المواطنين الذين قتلتهم السجون و المنافي و الجوع،  كانت بيضة الثورة قد نضجت فانفقصت عن سيل آدمي و طوفان من الغضب اجتاح كل شيء التهم السنين العجاف و البقرات السمان ، التهم الصمت و الكبت، و تحولت الشعوب زيتا و كل محاولة من الأنظمة البائدة للتشبث بالحكم هي نار، و قلب ذلك الإنسان المفاهيم فصارت حياته التي كانت موتا و الثورة الخطوة الأولى إلى الميلاد، إنه نوع من الانبعاث و صرخة الميلاد. ما أصبر الإنسان و أشد طاقته الاحتمالية على كل ما لا يؤدي إلى استلابه كرامته و انسانيته و حريته بشكل مطلق. هكذا كانت الخلاصة بعدما بدأت الثورة تكشف كل الأوراق الخافية و تحرق كل الأقنعة التي استخدمت على مدى عقود من الزمن. و بدأ الربيع العربي و في أجواء الربيع يكون الذهن شبة صاف لتأمل الماضي و معالجة الحاضر و بناء المستقبل الأفضل.
إن الحقيقة التي تكشفها الحركة الثورة في العالم العربي تباعا هي أن حكومات الاستقلال حتى أيام الثورة هي أفضل الحكومات التي عرفها العالم العربي، و ما عقبهم تتفاوت أفضليته في مستويات أقل، أفضلية اغتالتها في أحيان كثيرة الخلفيات الفكرية و تأثيرات الحركات و الاستقطابات و اغتالتها النعرات الطائفية و العرقية و المصالح الضيقة و الاستراتيجيات المنعدمة في ظل دولة خرجت للتو من كنف استعمار يدعها تحت  الوصاية. فلا الحركات القومية و لا الاشتراكية و لا الاسلامية ولا غير ذلك استطاعت أن تستجيب لمطالب الشعوب و متطلباتها، و لم يتح لهذه الشعوب أبدا في ما مضى فرصة التعبير عن آرائها و ممارسة اختياراتها و إسماع صوتها بحرية. مع الزمن تملكها الروتين و أخذت تعتاد الوضع و استحكمت فيها عملية التخدير محلية الصنع و المستوردة أحيانا، إلى أن انفجرت تراكمات السنين و اتحدت الآهات و الأنات المكتومة، و تشكلت الأنفس و الذوات المطحونة أصواتا تهتف بالرحيل و التغيير و أجسادا تحترق و تُدهس صامدة أمام الحديد و النار، كانت بوصلة الإرادة الشعبية الجمعية قد تحولت إلى اتجاه وحيد و هو رحيل النظام، كانت الشعور الجمعي قد حدد وجهته و اتخذ قراره. تشكلت الذوات المطحونة إرادات تحطم كل الأشياء على صلابتها، الغريزة الاستبدادية، و غريزة التمسك بالسلطة و الخبرة الأمنية في فن الرقابة و الاختطاف و التغذيب، اجتاحت صرخات تلك الأجساد المطحونة المدى و اخترقت الحدود و المسافات. لملمت تلك الذوات شتات الإنسان العربي و عادت به ، و أعاد الإنسان العربي التوازن للطبيعة فلا بد من فصل للربيع.

Wednesday, February 29, 2012

مسجد من العاصمة

يقع هذا المسجد إلى الجنوب من سوق العاصمة على شارع الرزق، تحته مباشرة باعة المواد الغذائية و الحبال و الملابس المستعملة.

Tuesday, February 28, 2012

حياة: بيئة و تنمية

جريدة حياة: بيئة و تنمية، هي أول جريدة متخصصة في مجال البيئة و التنمية المستدامة، تصدر في موريتانيا تصدر عن منظمة حياة للبيئة و التنمية المستدامة التي أشغل منصب مدير أنشطة و برامج بها. الجريدة و التي تحمل شقا أكاديميا يهتم بالدراسات و التقارير و البحوث، و جانب تثقيفي يركز على معطيات وطنية و مواضيع بيئية ستركز على مواضيع مثيرة و مفيدة تعنى بالشأن التنموي البيئي.
جريدة حياة و التي أشغل منصب "رئيس تحريرها تصدر باللغتين العربية و الفرنسية. تجدونها في السوق هذا الأسبوع

Thursday, February 23, 2012

مواجهة التقدم بالتغني بالامجاد


بلد المليون شاعر قالها قائل في يوم ما حينما حط الرحال في شنقيط فاذا بهدير امواج المحيط يردد الاشعار وصدي الرمال ينشد القوافي، واذا بكل خيمة من الشعر تلتحفها قصائد الشعر، واذا بكل ابن شاعر رضع الشعر من ثدي امه، ولكن السؤال هو هل استطعنا نحن حفظ ذلك الارث الثقيل في هذا العصر الضائع والمضيع في عالم من السرعات التي تفوق الخيال، وهل حافظنا علي ذلك اللقب شكلا ومضمونا ذا معاني ودلالات.
لا يختلف اثنان علي ان الشعر في موريتانيا ورغم كل ما شابه من الشوائب وزاحمه من مؤثرات كادت تخرجه من اطاره الجمالي او اخرجته احيانا، لا زال بألف خير والمليون ان لم يكن ازداد فانه لم ينقص، الشيء الذي قد يبدو لأي متتبع اننا وحتي الآن مقصرون او عاجزون عن ترجمته وذلك لعوامل عدة واسباب متعددة اهمها واوجهها اننا في زمن له املاءاته وضروراته بعيدا عن زمن ضرب اكباد الابل في الصحاري وعن غمس القلم في قاع الدواة بعيدا عن زمن الحافظات البشرية في زمن حافظته الوحيدة هي آلة القرن العجيبة، حيث بموازاة هذا تنعدم انعداما كاملا دور النشر والوسائل التي تتيح لك الفرص لترسل صوتك الشعري بريدا سريعا الي اصقاع الدنيا، ما يجعل مصير القصيدة والمنتج ايا كان قراءه علي مسامع الاصدقاء وطي ووضع في خزانة الكاتب حيث هناك ينام ويصمت الي اجل غير مسمي، هذا اضافة الي امور اخري جعلتنا نفشل الي حد ما في ايصال صوتنا وحمله لنقطع به حدودنا ولكن فشلنا هذا ليس عجزا عن الانتاج بقدر ما هو انعدام كامل للاخراج، ويبقي للبيوت والشوارع والصحاري والرمال والشطآن صوت واحد يثبت ان للشناقطة لغة يتقنونها جيدا هي الشعر. الا ان الحقيقة التي علينا كموريتانيين ان لا نتجاهلها هي اننا مؤخرا اشتغلنا شيئا ما بالتغني بالامجاد وربما لم نسع بما فيه الكفاية لنفجر تراكماتنا هذه حتي تصل شظاياها مديات بعيدة تنزل فيها بلسما شافيا لكل باحث عن كلمة عذبة جميلة وصورة بلاغية وصوت شعري يهد الكيان. صوتا يعج بعطر شنقيط وجمال همس الصحراء في اذن المحيط، ولعل الظاهرة الادبية الاخيرة التي اتت بها قناة ابو ظبي الفضائية تعتبر فرصة حقيقية لا ليكون امير الشعراء موريتانيا ولكن ليصل اولئك الذين لم يسعوا كثيرا ليسمعونا صوتنا من خلال صوتينا الصادحين الآن من علا مسرح شاطئ الراحة ذلك الغيض من هذا الفيض والموريتانيون يدركون اكثر من غيرهم ان ابا شجة وولد الطالب في موقف لا يحسدان عليه فهما يحملان صوت طفل في العاشرة من عمره ينشد الدواوين خلف شياهه في الصحراء تاركين صفير رياح يلحن الشعر وصدي حصا رمال يردد القصيد وحصير نسجته الكلمات ومخدات تملؤها العبارات وعمامات مدورة علي القوافي وملاحف تلتحفها بيوت الشعر وهضبان وكثبان وتلال ووديان تنساب فيهم بحور الشعر، فهل ينجحا لا في ان يكون منهم امير الشعراء لانهم قادمون من امارة شعر كل اهلها امراء ولكن في ان يمثلوا قوما قال قائلهم

ونحن ركب من الاشراف منتظم
اجل ذا العصر قدرا دون ادنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة
بها نبين دين الله تبيانا
وقد يكون السؤال المشروع لاولئك الاقرب الي الخليج منه الي المحيط هو هل يعتبر هذا الظهور نهاية لزمن التغني بالامجاد ام بداية زمن التباكي علي الاطلال، نقول لا هذا ولا ذاك ذلك لاننا لم نتغن لدرجة تجعل الواحد منا يطل علي هذا العصر الهائج الامواج من علا تلة واضعا كفه علي خده قائلا كان ابي، تغنينا تغنيا مشروعا في هذا الزمن الذي ينسي كثيرا ويتناسي، اما الاطلال فبيت الشعر الذي اسس له الاجداد وحتي الآن لم يسقط منه حجر بل يرتفع شامخا في عنان السماء رغم كل المعيقات التي تبطؤه احيانا الا انه يرتفع متماسكا.
فابناء شنقيط هم ياجوج وماجوج الذين يمتصون الستة عشر بحرا وزيادة لا لينهوا الدنيا وانما ليملؤها جمالا وخيالاوشعرا وسحرا وخمرا حلالا، ان فينا ايمانا اسمه الشعر وانا به لصادعون، اننا نكفكف دماء اليواقيت من علا الارصفة في سواد الليل ونسبح في مديات الجمال دون نهايات، ويقسم الشعر بالليالي العشر انه تحت خيمة الشَعر يشعر بالامان.

Sunday, February 19, 2012

الإعلام الإلكتروني في موريتانيا ، العبث الرقمي



و أنت تتصفح مواقع الكترونية موريتانية كثيرا ما تصادفك صفحة تشير إلى خطأ في الصفحة أو توقف في الخدمة أو في أحسن الأحوال صفحة سليمة ولكن مضت أشهر على آخر إضافة أو تعديل فيها. الظاهرة استشرت لدرجة صارت تشكل فيه سؤالا كبيرا، ففتح موقع الكتروني لا يتطلب الكثير في موريتانيا اليوم لكن لا يقوم موقع بما يجب أن يضطلع به من مسؤوليات فالأمر يبدو لك مجرد نوع من الهواية التي لا تستمر. تتعدد مسميات المواقع الالكترونية كما تعددت في يوم من الأيام مسميات الجرائد الورقية حيث صار تقريبا لكل موريتاني ترخيص جريدة في جيبه تصدر مرة أو اثنين في أحسن الأحوال ثم تتوقف. نفس الأمر مع المواقع الآن ، تجد العمل في موقع لأسبوع أو اثنين ثم يتوقف . العامل المشترك الوحيد بينهم هو أن مصممي المواقع في موريتانيا يعدون على أطراف الأصابع و كلهم أو أغلبهم من الهواة ، هواة التصميم الذين لم يجربوا الاحتراف و لا مقاعد الدرس في المجال ما يكون دائما سببا في ثغرات أمنية و فنية مختلفة ، فتجدد التصاميم على كثرة المواقع كلها متساوية و كأنها جملة واحدة تتكرر و في المحتوى لا تجد فرقا يذكر.
 فالمواقع على كثرتها و لو كانت تعبر عن حالة من حرية التعبير و إتاحة الفضاء الإعلامي ، و لو أنها في ظاهرها يجب أن تكون تعبيرا عن حالة إعلامية صحية  و تعبيرا عن مجال مفتوح للإبداع و الابتكار، إلا أنها تحولت إلى حالة  تراكمية مرضية أضرت بالجسم الإعلامي  شكلا و مضمونا. فصارت الساحة الإعلامية في موريتانيا مشوهة به فضاء يموج فيه كل من هب و دب  دون معرفة ولا دراية بالمجال. فالساحة الإعلامية اليوم في موريتانيا و  بسبب مواقع من هذا القبيل يدعي القائمون عليها الإعلام و الصحافة و هي مجالات منهم براء. مستخدمين المجال كنمط جديد من الصحافة المرتزقة و المسترزقة، مستغلين النظرة الاجتماعية العامة التي ينظر بها إلى الصحافة و الإعلاميين الموريتانيين و التي تعتبرهم فئة غير جديرة بالاحترام وهي نظرة ترسخت مع بعض الأنظمة السابقة التي ربت أجيالا من الصحافة و الإعلاميين من دون أي خلفية إعلامية و لا أي احترام للمهنة و قيمها، هم الذين يتحكمون اليوم في وسائل الإعلام كلها على اختلافها بداعي التجربة و الأقدمية. و صاروا بمثابة ديناصورات و محاربين قدامي يصطدم بجدارهم كل جديد على الميدان ينوي التغيير للأحسن، فصاروا آلة قمع صدئة للفكرة المتنورة والنيرة. هذه النظرة التي انسحبت على بعض الإعلاميين المتميزين الذين يمارسون المهنة باحترام، و صار عصي عليهم الخروج منها هذه أصبحت اليوم صارت ساحة فوضى عارمة قاتمة.
أضف إلى ذلك أن الإعلامي و الصحفي الموريتاني لم يقدم لهذا المجتمع شيئا حتى الآن غير خبر يرد في سطرين بعد أن تداولته الناس و لاكته الألسن، يرد بكثير من المغالطات في كثير من الأحيان. ففي دولة المحسوبية و الجهوية و الفساد و الاستيلاء على المال العام و التوظيف دون معيار و الزبونية و في دولة كانت اليد الطولى فيها دوما على مدى سنوات بل عقود لمزوري الشهادات و مستغلي السلطة و ملتهمي الميزانيات و المشاريع في دولة كهذه لا يذكر لأي صحفي موريتاني كشف عملية  تزوير و لا عملية توظيف و لا متابعة عملية استيلاء و لا تنوير يالرأي العام بما يحصل خلف الكواليس و لا تقارير مالية أو صحية ولا تحقيقات تكشف صدقا أو كذبا أو تنور الرأي العام حول قضية غائبة عنها و مغيب هو عنها. و تلك لا تحصل إلا بالسلطات و الحقوق التي يكفلها القانون للصحفي إلا أنه للأسف لا يستخدمها إلا للتقرب من رجل الأعمال هذا و التزلف من هذا و القدح في هذا . يحصل كل ذلك في الوقت الذي يعتبر به الصحفي و الإعلامي عنصرا مهما من عناصر التغيير و النضال ضد الممارسات المخلة و المضلة و المضللة في أي دو أو مجتمع
المواقع الالكترونية يمكن أن ينظر إليها على أنها شكلت في بداية استخدامها بديلا لأولئك الشبان الذين لديهم نظرة جديدة للإعلام ورؤية مختلفة للممارسة، إلا أن ذلك البديل لم يكن بمنأى عن دخول الفضوليين و الأميين إعلاميا ممن يعتمدون على علاقة ستضمن لهم إعلانا أو اثنين يمضي به الحال لأجل مسمى. ثم ما يفتأون حتى يدركوا أن الأمر أكثر تعقيدا مما تخيلوا قليلا. فهم كانوا ضائعين أصلا و ضيعوا من جديد. الدولة تتحمل المسؤولية فليس من المعقول مثلا أن لا تكون هنالك معايير ليست فقط للانطلاقة بل للمتابعة، فتسهيل قضية الترخيص شيء مطلوب و مهم، لكن المتابعة أمر بسيط وسهل  و لتحافظ الدولة على وجه إعلامي مشرق يجب أن تستمر دائما في غربلة الساحة ، ليست الدولة فحسب بل النقابات الإعلامية كون الأمر يضر بها أولا فوجود البعض في الساحة ممن يشوهون الإعلام و الساحة الإعلامية يضر بهم و عليهم الوقوف ضده بحجب العضويات ثم توقيفها. حتى يحافظوا على سمعتهم وسمعة الدولة.
فاقم القضية كونه في موريتانيا يغيب ما يسمى "صحافة المواطن" فكانت لو كانت حاضرة لتشكل بديلا حقيقيا لأولئك دون اللجوء إلى المواقع الالكترونية ، مكتفين بالشبكات الإجتماعية لإثبات فعاليتهم و التعبير عن أرائهم و إبداعاتهم. فالصحفي المواطن الذي جاء مع الثورة الإعلامية الأخيرة أثبت فعاليته في صنع التغيير و الخلق. و هو لا يزال غائبا في موريتانيا و لا يدرك الكثيرون حتى من الإعلاميين أنفسهم خصائصه و لا مزاياه.
الأمر ظهر جليا قبل و أثناء ترتيبات
كون  موريتانيا تصنف الأولى عربيا في مجال حرية التعبير لهو أمر مفرح و مدعاة للأمل، إلا أن الأمر يطرح تساؤلا ربما لا يكون مطروحا لأولئك الذين صنفونا. هذا ما قدمت الدولة للإعلام و الإعلاميين و الناشطين مثلا فضاء حر للتعبير، لكن ماذا قدم الأعلاميون و الصحفيون و الناشطون للدولة، أين هو إعلام الكتروني يرقى بالمواطن و المجتمع و يراقب ويقيم مسارات الدولة و الحكومة؟ أين هو إعلام يتميز بكفائته و فعاليته؟

عبد الله ولد محمد عبد الرحمن
كاتب صحفي