Thursday, February 14, 2013

مطالبات بحجب المواقع الإباحية

أعلن التجمع المدني الذي يطلق عليه إسم " لا للإباحية" أنه توجه برسالة رسمية إلى سلطة التنظيم يطالب فيها السلطة بحجب المواقع الإباحية في موريتانيا و ذلك للأضرار البالغة الصحية و القيمية التي تلحقها بالطفل الموريتاني و الإنسان الموريتاني عموما.
هذا و لم تعرف موريتانيا من قبل حجب أي موقاع على أساس أي طبيعة إلا أن مطالبة من هذا النوع تعتبر ملحة في مجتمع تغيب فيه كليا الرقابة على الأطفال و سلوكياتهم بحيث يتصفحون المواقع بكل أريحية و حرية مطلقة تجعلهم عرضة لأن تستعبد أنظارهم تلك المواقع.
هذا و كنت في موضوع سابق حول الموضوع و خلال متابعاتي ل "ألكسا" المختص في احصائيات المواقع فإنه و على مدى اسبوع كان دائما هنالك موقع إباحي في الثمانية مواقع الأكقر تصفحا في موريتانيا، ما ينذر حقيقة بخطر داهم و يقيد بأن المجتمع الموريتاني أصبح غارقا في ما يمكن تسميته إدمان المواقع الإباحية.
و في مجتمع صامت محافظ يكتسي طابع التقليدية تعتبر ممارسات كهذه محاطة بسرية كاملة خطرا حقيقيا يهدد كيان و سلامة المجتمع
و على سلطة التنظيم أن تضع هذا البعد في الاعتبار.

Wednesday, February 13, 2013

ضد الإرهاب الجنسي

شاركت موريتانيا في فعاليات اليوم العالمي ضد الإرهاب الجنسي في مصر، و تمثلت المشاركة في وقوف بعض الشبان و الشابات حاملين أوراقا كتبت عليها شعارات مطالبة بحماية المرأة ضد كل اشكال العنف و خاصة العنف الجنسي، و لو أن المشاركة لم تكن على المستوى إلا أنها تشكل في حد ذاتها خطوة مهمة في سبيل حماية المرأة من العنف و خاصة أنه في موريتانيا يحاط هذا الموضوع بنوع من السرية و التكتم مرده طبيعة المجتمع المحافظة، ما جعل ظاهرة كالاغتصاب تنتشر و بصمت تنخر جسد المجتمع في ظل صمت يحيط بها من الجانب الرسمي و من الضحية لأسباب اجتماعية. لا تجد المرأة الضحية و الطفلة من ينصفها.

Saturday, February 9, 2013

منتديات التعليم... كفى سذاجة يا قوم (ليس في المنتدى من يعرف شيئا عن التعليم و لا التربية)

لست هنا بصدد إيراد مقال مكتمل حول موضوع شائك بذاك القدر ، يتعلق بتعليم منفصم منقسم متأزم، بين تلاميذ ابتدائية يخضعون لنظام غير قادرين على استيعابه، و لا حول معلمين هم أنفسهم لا يستوعبون ما ورد في كتب المعهد الوطني، و لا برامج وضعت من طرف مصفقين سياسيين ، لا يمتون للتعليم و لا للتربية بصلة. و لا بجامعة صارت مسرحا للصراعات السياسية و الايديولوجية يتحارب فيها الساسة بأقذر وسائل.
هنا بصدد إيراد وجهة نظر سريعة حول ما يسمى " منتديات التعليم"، كلنا نعرف أن منتديات من هذا النوع في العالم تتطلب خبراء و مجربين و أكاديميين و أسلوب و طريقة تمكن من استغلال الوقت و حوصلة الأفكار الواردة و تلخيص النقاشات. و ما حصل هناك يعرفه الجميع متسابقون لقطع الكاتو و العصير ، و ممثلو اتحادات بثقافة تقارب الصفر في كل مجال فكيف بالتعليم و نظامه و اسلوبه. و خبراء إن وجدوا سيتفرجون مذهولون على ذلك المشهد و مدى غباء بعض الأفكار الواردة. حيث توجد السياسة دوما يخرج التعليم و شؤونه من النافذة و يسنحب من المشهد.
إن التعليم في موريتانيا يعيش حالة انفصامية بين الطالب و البرنامج، و الاستاذ و الطالب، و الاستاذ و البرنامج ، و الاستاذ و اللغة ، و تلميذ ضيع بين فرنسية و عربية لا يعرف عنهما شيئا. و بين كل هذا لا مبالاة الاساتذة و حالة البوتقة و الفساد و المتاجرة التي تشهدها امتحانات اكتتاب الاساتذة و تصرفات الوزارات المتعاقبة.

إن دولة لا زالت منح نخبها تسرق من موظفي وزارة. ليبعثوا أقارب لهم. و دولة لا زالت مدارسها تبدو أحيانا كمكبات نفايات أو بنايات مهجورة، و دولة نخبها السياسية و الثقافية لاهم لها إلا سياسية تزيد تعقيدات كل الوضع و كل الشأن ارتباكا، دولة كهذه تفكيرها في اصلاح التعليم من خلال منتديات في مجتمع نخبته فراغ فارغ سيحول المنتديات إلى مقاهي لشرب الشاي و تبادل النكات السخيف ، دولة كهذه تبحث طريقة ليست منتديات من ذاك القبيل. خاصة و أنهم يقولون المجتمع المدني و عن المجتمع المدني الذي اعرفه أنا هناك هو ليس مجتمع صالح ليصلح بعض الصماصرة ووجوه تثير الشفقة و الاشمئزاز و يؤسفني حقا أن جيلنا القادم يعتمد على منتديات من هذا القبيل ليستبين سبيله.
يتم اختيار خبراء وطنيين متزنين على معايير أكاديمية بحتة لا سياسية و لا قبلية و لا انتمائية، و يتم استدعاء خبراء دوليين للاستفادة من مختلف التجارب، و يوفر الجو الملائم لهم و يمنحون شهرا من اللقاءات لصياغة منظومة تربوية متكاملة من الإبتدائية حتى الدراسات العليا تتضمن كشوفات مالية و توصيات و خطة متكاملة، تجند لها لجنة أكاديمية صرفة مختارة حسب المعايير السليمة. توفر لها الامكانيات المادية لتطبيق الخطة في أجل أيا كان حتى لوكان 10 سنوات. لكن يا خوفي من انقلاب أو حركة سياسية أو شيء يقلب الاستراتيجية رأسا على عقب و تتحول لنوع من هدر الأموال و الوقت كما يحصل دائما مع كل مشاريعنا.... دولة تربك معطياتها " يا الله"""" 

بئر بوحديدة السحرية المباركة

و كأني بقصص و خرافات و سرديات متقنة تتداول الآن في جميع أحياء نواكشوط و ولايات موريتانيا ، خول ميت شرب من ذاك البيئر فعاد للحياة، و مريض سرطان و فقير حتى شرب منه فغرق في المال، و لربما امرأة عانس شربت منه فخطبت في اليوم الثاني، و لربما عجوز شرب منه فعاد شابا ثلاثينيا. مختلف أنواع الخرافات و الأساطير ستتداول الآن. تلك طبيعة مجتمع الفراغ و الوقت الضائع. الذي يبني القصص من الخيال، فكيف إذا وجد مستندا من ذلك القبيل. في مجتمع تنتشر فيه القصص من هذا القبيل حول الكرامات و الولاية و ما إلى ذلك لا شك أن موضوعا دسما كذلك سيستهلك بكل نهم.
الامر يتعلق ببئر منذ أيام يلقى اهتماما و تغطية من العامة قبل الإعلام، فإعلامنا من مصادره المؤكدة و الموثوقة شائعات الشارع، البيئر عثر عليه في دار أسرة بمنطقة بوحديدة و تقول الشائعات المتداولة أن من شرب منه يشفى من الأمراض الجلدية و الأمراض الغير معروفة. لكن شأن اعلامنا دائما و مثقفينا يتركون للأخبار و الشائعات ان تتنقل و تناقل دون أن ينقلوا صورة واضحة مقنعة حول الحدث. فنحن لم نعرف كيف عثر على البيئر و لا كيف انتبه الجميع لأنه سحري مبارك لهذه الدرجة، و لا اول من عثر عليه و لا هل الأمر حقيقة أم شائعة تلقفها صحفي من بعض ركاب التاكسي، أو من سكان حيه في وقت فضوله الغالب.
المهم البئر قيل عنها هذا و لا يعرف أحد عنها شيئا حتى الآن تقريبا أما عن  تحليل مائها و ما إلى ذلك فذلك بذخ نخاف على انفسنا حتى من الوصول إليه.

Sunday, February 3, 2013

مركز انتهاك حقوق الطفل في نواكشوط

تعتبر مقاطعة لكصر خاصة من جهة "سوكومتال" مركز تصليح السيارات و بيع قطع غيارها ، حيث توجد السوق الأساسية للقطع و الكراجات. منذ عقود و جيلا بعد جيل يعتبر هذا المكان مركزا لانتهاك كل حقوق الطفل. من حيث حرمانه من التعليم و تشغيله تحت السن القانونية، في أقسى الظروف لدرجة تصل منعه من الطعام أحيانا و الضرب أحيانا أخرى.
بحيث أن الأب دائما أو القريب هو الذي يأخذ أبناءه منذ نعومة أظافرهم إلى هذه الأمكنة، حارما إياهم من مستقبل لائق، بل فوق ذلك يهيؤهم ليرمى بهم غدا في يوم لا مكان فيه لغير المتعلمين، يرمى بها إلى أرصفة المعاناة النفسية قبل المادية و الجسدية. و يوقم هذا القريب بتشغيل الطفل قصرا، متحكما في كل شيء حتى قوت يومه، و في النهاية يجد الطفل نفسه و قد كبر غير متعلم و يعاني كل الأزمات النفسية فيلقي بإبنه أيضا إلى نفس المكان. بل في ظل غياب رعاية الأهل فإن الأطفال صار محاكاة لأصدقائهم يغادرون المدرسة و يذهبون لهذه الأماكن حيث يجدون أيادي تتلقفهم و تشغلهم دونما خوف من قانون أو متابعة و تلقي عليهم دراهم في آخر اليوم حين يولي الطفل غارقا في الدسم حتى الأذنين. ليس هذا فقط بل يوجد الأطفال عمال عربات المياه و جامعي قطع الحديد من الزبالة و عمال نظافة بدوام جزئي في البيوت و كل أنماط الأعمال التي لا تناسب أعمارهم و لا أحلامهم في ظل تفرج من الأهل و الدولة.

و المعاب في هذا الجانب هو أن منظمات حقوق الإنسان  و حقوق الطفل لا توثق هذه الإنتهاكات و لا تعمل على تغيير الحال و لا مساعدة أو لئك الأطفال لوضعهم على الطريق السليم باتجاه مستقبل مشرق هم من يختاره، لا مستقبلا يختار لهم و يجدون أنفسهم في لحظة ما دونما خيار في ظل العجز العلمي و الفكري.
حتى إن كان عوز الأهل قد ينظر إليه على أنه سبب فإن الدولة و هذه المنظمات مكلفة برعاية هذا الطفل و مساعدته حتى يخطو الخطوات الأولى في اتجاه مستقبل يعد بالأحسن.
في بلد الضياع نركز على الغير مهم و يفوتنا الأهم دائما. يفوتنا جيل ضائع بين ماكينات السيارات و قطعها و بين حاويات الزبالة و التشرد و التشغيل و الانتهاك . 

Saturday, February 2, 2013

بمناسبة اليوم العالمي للحجاب: الصديقة كارولينا زونيغا تتحدث عن تجاربها مع الحجاب و تؤكد على ضرورة احترام الآخرين و شغفها بعالم واحد بكل الألوان و الثقافات






Guys thank you so much for your support today it was 
really nice specially from those who are not Muslims, I'd like to share a little bit how I felt the experience today...
This is not the first time I wear hijab on the street, I made it in Colombia, Spain (not a good one), Egypt and here... well I think I should set how have been each one so you will get an idea.
In Colombia (2007-2009) my friends and I use to wear hijab Friday to go to pray and later do something in order to share, and why not, invite people interested in Islam, but when I wear hijab in my country my fear is just attract glances, because we do not have many foreigners in Colombia and many people when see a girl wearing hijab they think “…ohh she is a foreigner”, “she is Arab”, I also feel quite nervous of hearing funny comments like “today is not halloween” or “look, look a witch”, for some girls is very offensive in my case I just laugh because they are very “ingenious” to make this comments… in the beginning I didn’t use to wear hijab from my house because I felt relatively tense about my mom who is catholic, but slowly I started to show it, and to conquer her, I follow one advice “ask your mother which color or hijab suits better on you” and it worked. For our neighbors, I think, it became normal to look at me wearing hijab, even I can remember one saying me “you look beautiful like virgin Mary ”… 

I remember always people on the metro watching me and whispering about my clothes, or the taxi drivers making a lot of questions about our rights and how we are “oppressed”, but I believe that for all of them it was a huge surprise to know that I was a catholic before, not Arab family, not married and a “paisa” (people from our land). To sum up the impression or feeling I got always from my city about wearing hijab was a mixture of curiosity and fear, but for me was always a nice one.
Now let’s move to Andalucia, España 2009, what Arab do not know about al-andalus?... I guess not Arabs but also muslims we should know about al-andalus, it was once the summit of development of the sciences in Europe… and I don’t want to fly into beautiful details like Alhambra. I went to Spain for one year to study, I had some mates who were staying with me all year although we had different classes, my favorite one was “cross-cultural communication” I have to confess that I learnt a lot and it open my mind in order to understand how other cultures think, just amazing!... I knew that in Spain there was a hard discrimination against Arabs or “moros” as they called them, I saw it by my eyes, but I never expected to live it by myself. I had a class about “cross-cultural communication”, I was dealing with educated people who knew I was Muslim and after one year , I never estimated that wearing hijab would change anything… I got a huge surprise. That day I went for Friday prayer and we had the final exam for my beloved class, in deed I wanted change my clothes but I didn’t have time, so I thought that would not be any problem in going with such clothing to class, but I just can remember the feeling when I entered to the room and the looks fell on me. 

I was in shock, the reaction of my mates was paralyzing, like when with a look you can build a barer saying “Do not sit next to me” or “Did you become crazy?”… so sad, we were studying for four months about pluralism, cross-culture, cultural references and symbols, bla, bla, bla… very nice concepts that in a “developed ” world are not practiced at all. I remember the guy who made the exam with me was shaking, and he made me many questions before to be relaxed… My teacher was so nice that day he asked me if I wanted use it always and how I was feeling, clearly he knew and he loves his profession. I hope I would had found more people like him. In my opinion each person should tolerate the belief and freedom of others.
After that, my next experience was in Egypt 2010, there I really learnt a lot. I was a student of Islamic and Arabic studies, of course I was studing creed, practicing, recitation of qur’an and Arabic, my teachers were so nice two of them were wearing niqab (all in black only showing their eyes) but I got use to that, and even to recognize them, my mate also was wearing it, I had to men teachers and other teacher who was wearing only hijab, all of them were really kind and helpful… I felt that I was like a kid on school, even I was already four years muslim, I felt like discovering a new entire world, but Ramadan came, and in fact I was so happy as Christman (it’s hard to leave the habit for me) I love Ramadan too, but with it a hard new came… Hard? Strange? I don’t know, in the place I was studying they manifested me that I had to wear hijab… I was really mad, I couldn’t believe someone was trying to impose me such a thing, I always believed If we do it have to be because our faith, not because a normal imperfect human is asking it. 

I called my husband I told him what was happening, he said me “I have never ever tell you any world about it, why they are doing it?”

Thursday, January 31, 2013

قافلة الجورنالية تصل العاصمة

بعد أن قطعوا مسافة تزيد على 600 كلم وصلت القافلة التي ينظمها العمال بنظام اليومية و الذين يسمون محليا بالجرنالية. و قد جاءت المسيرة الحقوقية الراجلة بعد اعتصام طويل قاده هؤلاء المتضررون للدفاع عن حقوقهم و بعدما لم يتم التجاوب مع مطالبهم، فقرروا القدوم على هذه الخطوة التي تأتي ثانية بعدما قام بعض الناشطين في مارس الماضي على تنظيم مسيرة راجلة أيضا من نواذيبو إلى نواكشوط محملين ببعض المظالم من ساكنة نواذيبو. و كما التقى رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز تلك القافلة في القصر التقى أيضا قافلة ازويرات و حسب ما أدلوا به للصحافة فإن الرئيس و عدهم بالتجاوب مع مطالبهم و نتمنى أن لا تكون مجرد وعود فارغة.
تحمل هذه الخطوة رسائل عدة و يمكن أن يقرأ على هامشها قضايا أخرى:
الإعلام الموريتاني و الحقوقيون رغم أن الجميع أصبح حقوقي لم يتفاعلوا كما يجب مع خطوة هؤلاء العمال.
الخطوة تحمل رسالة قوية و تعبر عن حالة وعي حقوقي ستساهم لا شك في السير بالبلد إلى الأمام
يجب أن لا تكون القوافل الراجلة موضة و يحافظ لها على قيمتها الاعتبارية الحقة.
لقاء رأس الدولة بهذه المسيرات خطوة تحسب لهم نتمنى أن يتبعها تطبيق للوعود

Saturday, January 19, 2013

وكأن الكتابة و الثقافة و الأدب "راحو فيها" ---

منذ فترة طالعنا خبر استقالة بعض الشباب من مكتب اتحاد الكتاب و الأدباء الموريتانيين. وكان المستقيلون كلهم شباب كد و اجتهد و حمل هم الثقافة و الأدب و الفن في تلك الأرض التي يريد لها شيوخ القبيلة أن تكون إما مزارع لهم أو يبابا. قدم المستقيلون مبررات واضحة و متفهمة، ما يثير غضبي و سخطي في هذا الأمر ، نقاط من بين أخرى:
- تجاهل الإتحاد الكلي لهذه الإستقالة و مطالب و استفسارات المستقيلين، و عدم التعليق حتى بتصريح شفوي فكيف بتفسير بمكتوب.
- إعلامنا الفاشل الذي يعرف أن يرسل إليه البيان و الخبر ، ليس في قاموسه أن يتابع أي قضية أو يقف من أجل أي مواقف عادلة، فبعد ذلك الخبر الذي أنا شبه متأكد من أن المستقيلين هم الذين أصاغوه خبرا و أرفقوه بالصور ووصل لتلك الهياكل الإعلامية الفارغة جاهز للإستهلاك. بعد ذلك الخبر لم نسمع عن أي متابعة للأمر.
- الجهات المهتمة حتى المثقفين أنفسهم في الاتحاد من أعضاء و منتسبين و عدم تفاعلهم المخزي للثقافة و المثقفين من أجل الإطلاع على حيثيات الأمر. 
لكن لا تزال القبيلة بمقدساتها و كنائسها و أحبارها هي السيد، و تفكر دوما أن بإمكان شيوخ القبيلة التعامل مع الأمر، و تحسب أن الشباب هؤلاء إما تستخدمهم لتطبيق التعاليم أو أنت في غنى عنهم.
و كأني بالثقافة و الأدب و الكتابة تضيع في هذا و قريبا تطالعني كتب طبعت على نفقة الاتحاد، تحمل كل الهنات و السقطات و الاعتبارات القبلية و الانتمائية الضيقة.

الأدهى في الأمر حد السذاجة، أن أطالع من يوم أمس خبر أن الاتحاد يعلن انضمام أدباء موريتانيين في المهجر له، و كأنه يريد القول لأولئك الشباب نحن عندنا البديل، و ليس أيضا هنا بل في المهجر، ففي نظرة القبيلة الشخص في الخارج طبعا أهم و أكثر ثقافة و أناقة و شغفا به. أذكر قصة دائما ما تحكيها لي والدتي ، أن صديقة لوالدتها حين رأت قدمي أسبوع بعد والدتي، قالت لها: "يالحظه قدمه كقدم شخص قادم من الخارج" هي نفس العقلية السائدة من ذاك الزمن لليوم في العقل القبلي المتجمد.
و باختصار شيء لم يقدمه للثقافة و الأدب شباب من قبيل أولئك الذي عانوا السهر على خشبات صامتة كئيبة و في أركان بيوت مزقها الإنتظار و انفجرت بالأحلام الموؤودة و على أضواء الشمع. شباب عرفوا أرصفة البحث عن ذات لثقافة و أدب يتماهى بين القبائل و الجهات و يضيع في الإنتماءات الضيقة، و عرفوا أن ينتصروا ولو بالخروج سالمين فقط حتى اليوم، و لما تهن الأحلام بعد و لما تلين صخرة الطموح التي يريدون أن يحطموا عليها كل الأوثان القبلية و لا زالت حماستهم تتقد و مستعدة لتحرق كل تعاليم القبيلة. شيء لم يفعله أولئك ما أحد غيرهم بفاعله.

Friday, January 18, 2013

و اشتعل الشمال، الطريقة الجزائرية ...و المنعرج


 في الوقت الذي تحوم فيه الطائرات الفرنسية في السماء و تنتشر القوات الإفريقية على الأرض، و تشتعل نار حرب لا يعرف أحد مداها و لا ما قد تطاله شظاياها، و الجميع ينظر للمؤيدين لفظا و المؤيدين فعلا، أقدم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي على خطف مجموعة من الرهائن من منطقة بترولية في الجزائر ، و قال أن عمليته تأتي ردا على سماح الجزائر للطائرات الفرنسية باستخدام أجوائها لضرب القاعدة و شن الغارات في المنطقة. حملت الخطوة رسائل عدة في بداياتها، تفيد في أكثرها فصاحة أن التنظيم متوغل في الدول المجاورة و قادر على تنظيم أكثر من عمليات خطف و حرق و غير ذلك، و استهداف مصالح كل المشاركين في الحرب. ما إن تمت العملية حتى بدأ الحراك الديبلوماسي متخوفا من طبيعة الرد الجزائري الذي لطالما تعامل مع فعل من هذا القبيل أمنيا مستبعدا نهائيا الحل القائم على المفاوضات و الفديات و غيرها كما حصل في حالات كثيرة في السابق.
كان من ضمن المختطفين أمريكيون و بريطانيون و فرنسيون و يابانيون و آخرون من جنسيات مختلفة ضمت دولا أعلنت دعمها ولو على الأقل لفظيا للعملية العسكرية التي تشنها فرنسا بدعم من و لدعم القوات الإفريقية و قوات الإيكواس خاصة. إن لم تكن القاعدة قد أحست خطرا و تهديدا حقيقا جراء العمليات في أيامها الأولى و أرادت فقط حدثا يعطي الحرب منعرجا جديد في أي اتجاه حتى يتسنى لها ترتيب أوراق جديدة فأقدمت على هذا الفعل، إن لم يكن هذا هو الامر فإن الخطوة في طريقها لفتح باب إلى جهنم لهذه الحرب الطريق إليه و الطريق منه رمال متحركة قادر وحلها على طمر الجميع.




الجزائر ترد بطريقتها
ما إن تمت العملية، حتى طوق الجيش الجزائري منطقة احتجاز الرهائن، فجاء رد المختطفين في صيغة مطالب متسلسلة على رأسها ، تراجع الجيش الجزائري كليا و إخلاء المنطقة حتى يتسنى لهم التفاوض مع الدول فهم يريدون أن يجدوا  مساحة زمنية و مكانية لإدارة صفقاتهم بشكل محكم. بعد العملية بقليل مطالبات و اتصالات ساخنة تمت على مستويات عليا تطالب الجزائر بالتريث من اليابان إلى ابريطانيا و غيرهما، لكن فجأة و على الطريقة الجزائرية الأمنية الصرفة، تمت المعاملة مع الخاطفين بغض النظر عن أي ضغط تحدث عنه المحللون، الذين قالوا أن الموقف الجزائري أمام خيار صعب شاق بين وفاء للموقف الجزائري التقليدي القاضي برفض التفاوض كليا و مطلقا مع الجماعات المسلحة و حساسية جزائرية شديدة تجاه ملف أرق الجزائر و حكوماتها و شعبها طويلا و بين ضغط غربي مكثف للحفاظ على حياة الرهائن. الطريقة الجزائرية لم تعط وقتا كثيرا للتفكير و أرادت أن تؤكد بشكل لا يقبل الشك و فاءها لطريقتها الأمنية، فطوق الجيش المكان و صب عليه النار من جهات مختلفة فقتل الراهن و الرهينة. و أطبقت حالة من الصمت و الإنتظار على الصوت الغربي الرسمي و ردات فعله. ربما كان في حساب الجماعة أن الجزائر لن تقدم على خطوة من هذا القبيل لأسباب من بينها الضغط الغربي ، حيث أن الصفقات السابقة أسالت لعاب الجماعة، الثاني رهانها على أن الجزائر ستفعل المستحيل و لا تقف إلى جانب مستعمرها السابق الذي تشهد علاقاتها معه حتى فترة قريبة حالة تشنج حادة مردها رفض الأخيرة الاعتذار عن الحقبة الاستعمارية السوداء. رهان بدا أنه لم يكن في محله.

الجزائر و على لسان بعض مسؤوليها أعلنت إنتهاء العملية العسكرية ، و يبدو بشكل واضح أن هنالك محاولة منها حثيثة للفصل بين العملية و ما يجري في شمال مالي و تريد النظر إليها على أنها قضية تتعلق بالأمن القومي و السيادة الوطنية. و بهذا تحاول أن لا يقرأ أحد عمليتها على أنها قبول أو ورقة خضراء للمشاركة في الحرب. أما الردود الغربية فكان في أولها تصريح لوزير الخارجية الفرنسية قال فيه أن هنالك إمكانية لإرسال دول غربية جنودا للمشاركة في الحرب القائمة الآن في مالي كان من الطبيعي جدا أن تؤثر عملية من هذا القبيل على مواقف طبعها نوع من التردد.
فالجزائر كصاحبة شأن بطريقة أو بأخرى بدا موقفها صلبا ثم يلين و يلين إلى أن وجدت نفسها تشن عملية، فبعد رفض مطلق بالوجود الغربي خاصة الفرنسي في المنطقة و جدت نفسها تفتح أجواءها أمام طائراته، ثم لربما و كضريبة على فعلتها سيحاول الغرب إقحامها بشكل أكبر في الحرب حتى يتجاوز عنها.
 و في حالة كهذه المواقف التي لا تمتاز بصلابة مطلقة عرضة لأن تتغير في أي وقت و تحت أي ظرف. فلربما تقدم الجزائر على المشاركة في الحرب مستخدمة عملية الاختطاف كتهديد لأمنها كمبرر ثم ساعية لإرضاء الدول التي لم تعطيها فرصة لنقاش كيفية تحرير الرهائن، و هو أمر أشار إليه بطريقة أو بأخرى الجانب الفرنسي، الذي صرح بإمكانية حصوله.
الموقف الأمريكي من بدايته جاءت موافقته على استحياء فلأمريكا تجارب كثيرة في مجال كهذا، و لها نظرة مختلفة و لو قليلا حول الجماعات الإسلامية في شمال مالي و في المنطقة و ربما مصدر تخوفها تغلغل هذه الجماعات في ساكنة المنطقة من الناحية القبلية و العرقية، أضف إلى ذلك حالات التحول التي تشهدها المنطقة في الشمال الإفريقي. لكن لا يمنع ذلك أن تتخذ أيضا من الأمر مبررا فتبعث ببعض طائرت أو تعلن مشاركتها من الناحية الإستخباراتية ففي النهاية فرنسا قادرة لتؤثر على بعض أوروبا و أمريكا لن تجد ضيرا في تقديم أي دعم دون النزول بالقوات إلى الأرض.النقلة التي قد نشهدها الآن هي أن الدول التي وافقت على العملية لفظيا قد تشارك فعليا و تلك التي صمتت و كانت دون مواقف قد تعلن نوعا من التأييد لها. و الجزائر قد تقدم على المشاركة في الحرب تكفيرا عن ما ينظر إليه الغرب كخطيئة. و فوق كل ذلك لا يجب أن يتناسى المشاركون مصالح لهم عدة في تلك المنطقة في المتناول و استهدافها لا يتطلب الجهد الكبير من جماعة خبرت المنطقة و صحراءها و شعابها.
و نفس الأسباب بدرجة أقل تعقيدا ربما جغرافيا و أكثر تعقيدا عسكريا و ميدانيا نفس الأسباب التي حولت ضربة عسكرية خاطفة تحدثت عنها أمريكا منذ سنين في افغانستان حولتها إلى سنين لا زالت افغانستان و جوارها يعيشون ويلات تبعاتها حتى اليوم. نفس الأٍسباب قائمة. فإن كانت أسبابا استراتيجية دفعت أمريكا فهناك أخرى استراتيجية تدفع فرنسا. و إن كانت أهدافا اقتصادية فهنالك أهداف اقتصادية و إن كان ما آلت إليه تلك الحرب بسبب توغل المقاتلين و اختلاطهم بالساكنة المحلية، فهنا أيضا.

لو استفاد الإنسان مرة من التاريخ.....
و قد علمنا التاريخ الحديث أن الدول الغربية لا تشن أي حروب لمصالح الشعوب الأخرى، بل تشن هذه حربا لمصالحا فيؤيدها أولئك لمصالحهم، لأنها هي ستصوت مثلا في مجلس الأمن و تشارك معهم مؤيدة لهم في حرب أخرى. فهل جلبت حرب أمريكا رخاء و نماء لافغانستان بكل ما رفعته من شعارات مكافحة الإرهاب و الجماعات المنظمة و التهريب؟ و هل جلبت رخاء و هناء و استقرارا لشعب العراق الذي يتخبط اليوم في ويلات البؤس و الشقاء و الموت و الدمار و الهلاك و التهالك رغم كل شعارات الحرية و الديمقراطية؟ و هل جاء أي تدخل غربي في أي دولة أجنبية لصالح شعوب هذه الدول من الحروب الأولى حتى اليوم، لا يسجل التاريخ حربا واحدة من هذا القبيل. كلها حروب لمصالح استراتيجية و اقتصادية ضيقة. و يتبين بعدها أنها كانت بسبب رغبة في تشييد قاعدة عسكرية أو زيادة في كمية صادرات النفط أو السعي لكباح دولة تبدو تنمو بشكل خارج السيطرة. و للأسف و في كل مرة ينقسم العالم بين مؤيد و معارض، حتى الشعوب الفقيرة و المتضررة من هذا الحروب تجد فيها إنقساما من هذا القبيل و في النهاية تضع اليد على الخد و تبقى يتفرج  شعوب اممزقة و إقتصادا متهالكا و تكون الصفقات حينها كلها قد تمت و المصالح المرجوة من الحرب في مجملها قد تحققت كونها لم يكن ضمنها مثلا أن يستقر شعب أو يزدهر. و نفس الحالة تتكرر مع مالي. فكل الدول ستدعم فرنسا الآن و تعينها في صياغة الشعارات لكن ذلك فقط كنوع من رد الجميل ففرنسا قد فعلت معهم المثل في مرات سابقة.
إن تدخلا من هذا القبيل يؤمل منه شيء حين يتم من دول ليست لها مصالح مباشرة و لا تاريخ استعماري مقيت. خاصة بعد الحراك السياسي و الإقتصاد الذي شهده العالم كان لتلك النظرة أن تتغير. لكن المشكلة ليست في هذا و لا ذاك، المشكلة في نظام عالمي قائم على هذا الأساس لم يعد هنالك بد من الوقوف في و جهه بإرادة الشعوب في التحرر من التبعية من أي نوع. 

Wednesday, January 16, 2013

ما لي و الحرب في مالي!!!



عبــــــــدالله محمدعبدالرحمن
كاتب صحـــــــــــــــــــــــفي
  
اندلعت منذ أيام الحرب في الدولة الجار مالي، طلعات عسكرية فرنسية في الجو و قوات افريقية على الأرض. و بين مشارك و مستعد للمشاركة بشرط و رافض للمشاركة قابل بعبور الطائرات الفرنسية.  انطلقت الحرب بعد فترة قال البعض أنها تحضيرية كانت قوات الإكواس تستعد خلالها و تعد العدة و العتاد، فيما كانت فرنسا تنتظر دون إفصاح عن ما كانت تنتظره بالتحديد. المهم جاء قرار مجلس الأمن المؤيد لتواجد القوات الإفريقية و أعلنت دول غربية مساندتها للتدخل العسكري و حتى استعدادها لتقديم يد العون متمثلة في الدعم الجوي، لا تبدو أي من تلك الدول مستعدة لخوض المعمعان على الأرض. قوات الإيكواس التي كانت مبادرة بالدعوة للتدخل العسكري، دعوة ربما كان لفرنسا يد فيها ولو أنها أرادت أن تظهر كمتلقف فقط للخبر، نعم فرنسا تحن للعودة لتلك الأراضي التي غادرتها بداية الستينات، لربما أرادت عودة ليس على متن طائرة عسكرية لكن على كل حال هي عودة و لربما لا يكون العود أحمد هذه المرة.
أمام اندلاع حرب كهذه في تلك البؤرة في شمال مالي و الموجودة بين الجزائر و مالي و موريتانيا فهو فعل لا يمكن لأي كان أن يجزم بعواقبه و لا أن يتنبأ بنتائجه. فتلك المنطقة شهدت على مر سنين أجواء من التوتر بدأت مع بداية محاولة الرئيس المالي موديبو كيتا تطبيق النظام الإشتراكي و توحيد مالي في إطار لا يعترف بالقوميات و الإثنيات و هي محاولة تسببت في إراقة دماء كثيرة خاصة في الشمال المالي و في المنطقة الأزوادية التي جابهت و بقوة ذلك التوجه. و ظل الشمال المالي يعزف على وتر خاص به طيلة عقود حتى خلصت مالي المركز في  باماكو منه نجيا، و جاء ذلك تصريحا حين اعلنت الحكومة عن عجزها عن السيطرة على ذلك الركن من أرضها الصحراوية الشاسعة. فبقيت تلك الصحراء على سعتها فضاء مرنا مفتوحا بطريقة أو بأخرى خارج على النص و السياق، فمورست فيه عمليات التهريب و التدريب و التخريب من البضائع المحرمة للمخدرات ليتحول ملكية بلعورية خاصة في فترة من الزمن بعد الحملة التي شنتها الجزائر على الجماعات الإسلامية على حدودها مع مالي فحصرتهم في الشمال المالي وفي تلك المنطقة بالخصوص. لتتطور الممارسة هنالك إلى نمط اختطاف الرهائن.
جاء الإنقلاب في مالي و زاد هشاشة جيش و دولة هشتين على ما فيه، و في لحظة ما كانت دولة مالي لتكون ريشا في مهب عاصفة تقودها جماعات بخلفيات و أهداف شتى فأنصار الدين تريد تطبيق الشريعة و بناء دولة إسلامية خالصة و حركة تحرير أزواد تريد دولة أزوادية مستقلة و الجيش المالي لم يجد من حل أمام هذا الهجوم إلا العودة إلى باماكو في خطوة لم يكن على إطلاع بكل حيثياتها كون الحقيقة الأكيدة حينها و قبل ذلك و بعده أن مالي لا قبل لها بأحداث الشمال. بدت الجماعتان تهاجمان و تستوليان على المدن في نسق ما محدد فكسر ألئك مباني و قبور و محلات و بدؤوا تخليص المدينة من كل قذارات الشرك و الضلال حسب رأيهم و بدأوا برفع راياتهم ، ثم كانت الجماعة الأخرى تكتفي بالتقدم و رفع راية جمهورية أزواد المستقلة حسب رأيها أيضا و بين هؤلاء كانت هنالك جماعة يحلو للغرب تسميتها بالإرهابيين، لا يعرف أحد إن كانت تقاتل ضمن صفوف هؤلاء أو أولئك أم في الصفين معا و لها هي الأخرى مآرب أخرى ليست دولة إسلامية و لا جمهورية أزوادية، و ربما عرقل تقدم هذه الجماعات لحظات تصادم ثنائية شهدتها ولو لم تتفاقم لحد كبير. في ظل وضع كذلك كان العالم يتفرج ، و بعض الانشغالات تأخذ اللاعبين الأكبر في هذا البابا فرنسا و المرشد أمريكا لعل أبرزها كان الإنتخابات و تبعاتها. كانت دول غرب افريقيا تجتمع و تقرر و ربما كانت تتلقى إملاءات من أطراف ما لكنها كانت تقرر و هي تنظر و تنتظر القرار القادم من هناك من الإليزيه و البيت الأبيض.
بالنسبة للغرب كثير من الرهائن و الملايين ضاعوا هنالك و بعد أحداث ليبيا المنطقة صارت أشد خطورة فانتشر السلاح و الشباب المنخرط في التدريب في تزايد و الجماعات تقوى شيئا فشيئا و بالنسبة لمنطقة الساحل والصحراء هي منطقة هشة على جميع الصعد سياسيا و عسكريا و اقتصاديا و لاقبل لها بمشكلة أخرى. إلا أن ما  وضعته هذه الدول في حسبانها و يؤرقها بالتأكيد و لربما سيظل  لفترة. هو ما ستؤول إليه تلك الحرب. ففي النهاية هم سيبقون هناك و الطائرات الفرنسية و الغربية و غيرها لن تكون قادرة على محو الخطر خاصة و أنه غير معروف حاليا هل هو جماعة تحرير أزواد أم أنصار الدين أو جماعات ارهابية مسلحة أخرى. و كيف السبيل للفصل بين الثلاثي هذا في صحراء شاسعة ينتشر فيها الجميع دون حدود فاصلة. و ربما يتحد الآن كله ما إن يستيإس الأزواديون من أن العالم يفكر في تلبية رغبتها في إقامة دولة مستقلة، ثم يستيإس أنصار الدين من أن مطالبهم تلقى آذانا صاغية و تأتي على ذلك جماعات مسلحة تتمتع الآن بقاعدة بشرية و اقتصادية درتها أموال الرهائن  و التجارة المشروعة و الغير مشروعة؟
إن الحرب لا تكون أبدا مهما كانت حربا خاطفة، حتى إن اقتصرت ضرباتها و قصفها على أيام فقط فإن تبعاتها و تبعات أي حرب مهما كان طولها أو قصرها طويلة معقدة. من نزوح و جوع و ضحايا أبرياء، أضف إلى كل ذلك أن القتال ضد جماعات متفرقة منتشرة في المنطقة و تعتمد سياستها على عمليات متفرقة. و التعايش السلمي لا يمكنه إحلاله بالحرب، لا يمكن إحلاله قسريا، و التفكير في تخليص صحراء بتلك السعة و الانبساط من جماعة يعتبر ضربا من السذاجة، يزيد تعقيده إذا ما تعلق الأمر بأن الحرب في جانب من جوانبها تتعلق بمحاربة فكر و عقيدة غرست لسنين في عقول شباب نهش منه التهميش و الجهل و الفقر فترة.

إن الحرب التي اندلعت هناك، أصبحت اليوم شر لابد منه خاصة بالنسبة للدول التي لها حدود مع مالي، فالجزائر و بعد ماراتون طويل مع فرنسا حول عملية التدخل العسكري و مشاركة الجزائر فيه و بعدما كانت رفضت بشكل قطعي المشاركة في الحرب، في النهاية وجدت نفسها مضطرة حتى الآن للسماح للطائرات الفرنسية باستخدام أجوائها لشن غاراتها الجوية، و لربما تتطور المشاركة لتصل مراحل أخرى. بالنسبة لموريتانيا الأمر مختلف لعوامل عدة، ففي الفترة الأخيرة نظر إليها من طرف هذه الجماعات كبديل للتمدد و نشر الفروع خاصة بعد العملية العسكرية الجزائرية ضد الجماعة و شهدت عمليات عسكرية نفذت ضد جنودها. و هي ليست أمام خيارات كثيرة، فهي إما تهاجم أو تدافع . في حال هاجمت و شاركت في الحرب فعليا  فهي  بادرت و هنالك تعريض للجنود الموريتانيين و الاقتصاد أيضا و تضيف مشاكل لمجموعة مشاكل داخلية متراكمة. و في حال لم تشارك فهي على الأقل مطالبة بحشد قوي جدا على حدودها، و في حال اشتدت الحرب و اشتعلت فلن تجد مثلا تلك الجماعات بدا من محاولة اقتحام الأراضي الموريتانية غير مبالية بشيء ففي النهاية هو القصف الجوي في صحراء مكشوفة أفضل منه الالتحام أرضا مع أي كان و حينها تنعدم كل الخيارات و ربما يتذكر البعض أن الهجوم خير وسيلة للدفاع عن النفس، و في هذه الحالة ستندم موريتانيا لأنه لم تشارك في الحرب من بدايتها. يضاف إلى ذلك أن موريتانيا في منظومة تكتلات إقليمية كلها تخضع بطريقة أو بأخرى للضغط الفرنسي، فإذا احتملت موريتانيا ضغط  فرنسا فسيكون من الصعب تفهم موقفها من الأطراف الأخرى خاصة أنها متضررة و في المقام الأول من عدم الإستقرار في المنطقة هنالك. في الحالتين موريتانيا في مأزق و في وقت تحتاج فيه وقوف مثقفيها و استراتيجييها وقفة حازمة و  موضوعية تستحضر و تقرأ و تستقرؤ كل أبعاد و حيثيات القضية.
و حتى الآن يبدو الموقف الموريتاني يتسم بحالة من الإتزان و الرزانة المحمودة في مقام مثل هذا، كأن ينقل عن موريتانيا قولها بقبول التدخل في حال طلبت مالي، و في ظل رفض داخلي للحرب المرجو أنه غير متأثر بحالة الحراك السياسي التي كانت قائمة و ترتكز على عملية لي عظم بحيث  ترفض المعارضة كل ما يأتي من الأغلبية من قرارات و العكس. فعلى الأقل هنالك أصوات في المعارضة سوف لن تعلي صوتها كثيرا مطالبة بعدم التدخل و ذلك لحالة ولاء قديمة تتمتع بها لفرنسا خاصة في ظل قيادتها الجديدة. و الضغط الذي لن تستطيع الجزائر تحمله من الطبيعي جدا أن يكون صعبا على موريتانيا تحمله. خاصة حين يضغ ولد عبد العزيز أمام ناظريه خيار الثمن الذي قد يدفعه إذا ما انتهت الحرب دون أن يشارك فيها فلقد يصبح غير مرغوب فيه و حينها يأتي ضغط من نوع آخر ربما ولد عبد العزيز مستعد لدفع أي ثمن لتفاديه.
و في النهاية ربما الخيار الذي لدى كل من الجزائر و موريتانيا هو محاولة اتخاذ القرار الصائب مع التمسك حتى آخر لحظة بخيار التفاوض و الحل السلمي. لأنه هو الطريق المستقيم إلى حالة استقرار من أي نوع في تلك المنطقة الساخنة هناك. فالحرب أولها شر و آخرها شر و في النهاية إن كانت في بعض جوانبها تستهدف توحيد مالي أو السماح بدولة أزوادية خاصة بعد أن أعلن الأزواديون استعدادهم لدعم فرنسا أو كان هدفها القضاء على الجماعات المسلحة هنالك، فهنالك أهداف أخرى لها ربما ينجر عنها قوة أممية أو تواجد غربي دائم و لا ننسى موارد في دولة مالي تستخدمها فرنسا في محطات الطاقة لديها و الحلم الفرنسي بالوجود إلى جانب البنت المعشوقة. و البقاء غير بعيدة من اخواتها السمراوات. و لا ننسى حلما أمريكيا أيضا بالتواجد هناك. ربما صحراء شمال مالي ليست كجبال افغانستان لكن موارد و خيارات هؤلاء هنا لم تكن أبدا متاحة لآولئك هناك فالمرجح أن الحرب قد تطول و أنها لن تخلص المنطقة و بؤرا ساخنة ستبقى سنكتوي نحن بنيرانها. في حين تعود طائرات فرنسا لمدارجها هناك هذه حالة و الحالة الثانية أننا سنعود من جديد دول تحت الوصاية ليست فقط الاقتصادية بل العسكرية من جديد و بشكل واضح ووقح.