بدأ الأمر حين تم إلغاء الرحلة المتوجهة إلى نواكشوط حيث أن الخطوط الملكية
المغربية ألغت إحدى رحلاتها الاثنتين المتوجهتين إلى نواكشوط و حاولت جمعهما في
رحلة واحدة اضطرت لها لاستعمال طائرة من الحجم الكبير، حيث اعتذرت موريتانيا عن
استقبال الطائرة قائلة أن المطار ضيق و لا يحتمل طائرات من هذا الحجم حسب ما قال
المسؤولون للركاب ملقين كل المسؤولية على موريتانيا في نوع من السخرية و التشفي.
قررت الشركة كحل استخدام فنادق للركاب حتى يوم غد و تتقرر رحلة لم يعرفوا بعد
توقيتها بالضبط حسب ما قالوا و لكن يرجح أن تكون الحادية عشر صباحا، وافق الركاب
المعنيون و هم فقط الذي مروا بالمغرب عبورا ، حيث أن الأخرين ليست مطروحة لهم
مشكلة التأشيرة إذ كانوا في المغرب أصلا، انتقل الركاب المعنيون لمصلحة مراقبة
الجوازات حيث كنت من ضمن المجموعة الأولى التي رافقت المسؤولين، حين وصلت نظر جميع
الجوازات و قال لي أنت موريتاني إذن اجلس هنا حتى نرى، غضبت حد الجنون وصرخت في
وجهه ظانا أنه اختارني لسبب بغيض أو نوع من الاستهزاء و الاحتقار، فارتاب و حاول
أن يهدأ أعصابي وقال لي كل ما في الأمر أن هذه الجنسيات لا تتطلب جوازات لدخول
المغرب على عكس موريتانيا ، حاولت تفهم الأمر و قلت لمسؤوله أنه إن كان فيه أي نوع
من الممارسة الخاصة بالموريتانيين في الإطار فإننا لن نسكت، اجتمع الموريتانيون
كلهم أفواج كبيرة وانضم لهم صيني متجه إلى نواكشوط و هو ربما الجنسية الوحيدة
الغير موريتانية، انتظروا حوالي ساعة تزيد و كانوا في انتظار ورقة : سماح بالمرور،
فجأة خرج المسؤول بورقة على أحد أوجهها معلوماتي أنا مفصلة و موضحة و على الوجه
الآخر لائحة بالموريتانيين هناك، و قالوا أننا سنخرج بتلك اللائحة و الجوازات ستبقى
معهم، و كان من الطبيعي أن يرفض جمع خاصة منهم الطلبة و الشباب و أنا ضمنهم أن
نخرج دون هوية ، و كيف يصح ذلك أصلا؟ فيما خرج الاخرون بقيادة رجل في منتصف عمره
استعمله المسؤولون لإقناع البعض. بقي حوالي ثمانية أنا تاسعهم ربما من ضمنهم امرأة
كبيرة في السن و شابة و البقية من الشباب. أصروا على المسؤول لإرجاع جوازاتهم و
أصر المسؤول على عدم إمكانية خروجهم بها فقرروا البقاء في المطار، هذا بعد أن
انفجر غضب المسؤولين بعضهم على بعض و صرخوا في وجه بعضهم و غضبوا جدا جدا حتى أنهم
تبادلوا كلاما قاسيا.
البقية التي أخذت جوازاتها وقررت البقاء حاولت الدخول إلى
قاعة الركوب فرفض الشرطي بداعي أن ورقة الركوب منتهية الصلاحية فهي أعدت للأول من
يوليو و اليوم الثاني من يوليو، عادوا للمسؤول على العبور ، قال : أنها صالحة
للركوب و يمكن الدخول بها و اختلف الاثنان ثم في النهاية قرر مسؤول العبور أن يلقي
عنه المسؤولية قائلا أن لا سلطة له على الشرطي و أن الشرطي هو من يرفض، حينها لجات
الجماعة إلى مسؤول مراقبة الجوازات فقال أن الأمر هناك لا يعنيه ، عادت لمسؤول العبور قال : أن الأمر منوط
بالشرطي و الشرطي لا يناقش في الأمر و قال لهم الحل الوحيد أن تجلسوا هنا حتى 11
من صباح غد و حتى 11 هي فقط من أجل إعطاء تاريخ لأنها أمر غير مؤكد. و جلست
الجماعة و ضمنها امرأة مسنة و امرأة أخرى و امرأة مريضة مع أطفالها أصرت على عدم
المغادرة إلى الفندق مع حاجتها لذلك دون الجواز لكن في النهاية لم يكن لديها خيار
و هي واقفة و عاجزة عن الوقوف في آن معا فرضخت و ذهبت من غير جوازها إلى الفندق.
و ها نحن الآن نتسامر في مطار محمد الخامس كلاجئين أو
مهاجرين سريين لا أحد يسأل عن حالنا و لا عن مآلنا و لا سبب ما نحن فيه، إن دولة
تحترم ذاتها و سيادتها من الضروري جدا أن تقف و تنصر مواطنيها في مقام كهذا لهم كل
الحق فيه بمطالبهم. إن الشعوب ما خلقت لتحتقر و لا لتداس هكذا و الوطن و طن لأنه
يدافع عن مواطنيه و يضمن لهم حقوقهم و حمايتهم أينما كانوا و إلا فماهو بوطن. و قد
سمعت إذني أحد المسؤولين يقول : اذهبوا إلى إيبيريا هي افضل لكم....في تعبير عن
أننا نزعجهم و نزعج خطوطهم و ما إلى ذلك.
اكتب هذه الكلمات و أنا منزو قليلا عن جماعتي التي من ضمنها
امرأة ننظر إليها كوالدتنا، سألتها عن حالها قالت أنها تشعر بالصداع و فكرت جديا
بطريقة يمكنني بها أن أصب لها كأس شاي لكن الحقيقة أننا محجوزون إنها ليلة من
الحجز و الاعتقال في منطقة دولية لا سلطة و لاحكم عليها لأحد ، هل لإننا استخدمنا
الخطوط الملكية المغربية ندفع الثمن هكذا؟؟؟؟
الساعة الآن السادسة صباحا و اربعة عشر دقيقة و نحن هنا من
التاسعة ليلا، تسع ساعات من الجيئة و الذهاب بين مصلحة مراقبة الجوازات و مصلحة
العبور.....هل علينا أن نبحث عن مكان آخر نعبر منه ، نعم إن كانت ضريبة العبور
الحجز و الاحتقار. هل هي خدمة مجانية ؟ فماذا الذي يفرضها عليكم؟
إنني لا الوم المغرب بقدر ما ألوم موريتانيا و كيف تتابع و
تتعامل مع أبنائها.
أم هل أن الجماعة هذه هي التي ستدفع ثمن حقيقة أن مطار
نواكشوط لا يستوعب طائرة من ذلك الحجم؟ إن كان الأمر على ما ذكره المسؤولون هنا؟ و
لماذا أصلا يتم دمج رحلتين في رحلة واحدة؟ ألم يكن ذلك هو الخطأ الأكبر الذي ترتب
عليها كل هذا؟
تمنيت في هذه اللحظة لو أن عندي الانترنت لانشر هذه الكلمات
و أنا الذي لا أعرف أصلا أن أبوح و لا أقول إلا بالكلمات. لكن الانترنت هنالك في
قاعة الركوب حيث لا يمكنني الوصول حاليا لا أنا و لا الجماعة معي.........
عبد الله محمد عبد الرحمن
قاعة مراقبة الجوازات ، مطار محمد الخامس ، الدار البيضاء
فجر الثاني من يوليو الساعة السادسة و تسعة عشر دقيقة،
وحيدا مع عاملتي تنظيف و مسؤول القاعة يبدوا هنالك و هاتف يرن و ثلة من الشرطة.