Sunday, April 6, 2014

هل جنى الشباب العربي ثمار الربيع العربي؟


في الواقع كانت الرحلة الأخيرة التي قمت بها إلى تونس فقط أيام بعد عودتي من المغرب معبأة بكثير من الأشياء التي تلتقي أحيانا في نقاط ما و تختلف أحيانا في نقاط أخرى.
على هامش الغرض الأساسي من الرحلة و لحظة وصولي للفندق وجدت السيد : عبدالرحيم فقراء صحفي قناة الجزيرة في البهو صافحته في عجالة و بادرت لحجز غرفتي، ليلحق بي ذلك الأمريكي ذي اللكنة الأوروبية الواضحة و الذي يتحدث بفرنسية مقبولة لحد بعيد، بادرني اهلا بك عبدالله من موريتانيا، اتضح لاحقا أن الشخص مشارك في ترتيبات السفر و الاقامة كواحد من طاقم البنك الدولي الشريك الرسمي للنشاط. و نحن نتحدث الحديث البروتوكولي الأول كيف تعلمت الفرنسية و ماشاء الله فرنسيتك جميلة و

من أين أتيت أنت و ماذا تدرس و ماذا تعمل و تلك الأمور. كان رجلا طيبا هادئا على بينة من عمله وواجباته طبعا. بادرني بالحدث عن نقاش على طريقة المناظرة ستجري يوم غد حول الربيع العربي و سيتم تسجيلها و أشار إلى ان مشاركتي و الحديث عن النموذج الموريتاني أو عن رؤيتي للشباب العربي كمطلع على القضية و مهتم بها ان مشاركة من ذلك القبيل ستكون مهمة . بدأت حينها أفكر فظهر ان دمجا من نوع ما حصل بين النشاطين.



و أثناء متابعتي لما حصل تبين أن فترة سبقت تم خلالها إعداد المتناظرين لا أدري هل إعداد أفكارهم و تفكيرهم أو إعدادهم فنيا و نفسيا و شرح طريقة البرنامج لهم أم هما معا. المهم تركت الأمر هنالك مع أني لم ارتح للعنوان ، لم ارتح للبحث عن ثمار ربيع لم يفت عليه أكثر من سنين ثلاثة عجاف بائسة.  التقيت نفس الرجل مرات على الهامش و كنا دائما نتبادل حديثا جميلا شيقا.
اليوم الثاني و بعد جولة قصيرة في المدينة و زيارة لجامع الزيتونة حيث انتهر ذلك الرجل صديقاتي و اخرين و طلب إلينا أن نذهب لتعلم ديننا لا اعرف لأي سبب فقط طردنا من بهو حائط الجامع، و انا أعرف في اسطنبول أنه حتى غير المسلمين يمكنهم الدخول داخل الجامع الأزرق. في تصرف غير لائق و منحط طلب ذلك الرجل إلينا مغادرة ساحة تبعد أمتارا عن الجامع نفسه و ركز على طلبه ذلك بخصوص ضرورة أن نتعلم ديننا كنت حينها على ثقة بامر واحد أن رصيدي المعرفي في الدين لن يكون دون رصيده.

دخلنا دار الأصرم العريقة التي بدت الأضواء فيها باهتة و جميلة و كان الاستوديو معدا و فريق يعمل على قدم و سابق لإعداد المكان و تبين لي لاحقا أن البث لن يكون مباشرا و ما لم يتبين لي هو هل سيبث و هل هو تابع لقناة أصلا فقبل التسجيل كنا نتحدث مرة عن الجزيرة و اخرى عن البي بي سي و لم يكن حضور لأي من أولئك هنا.
تحضيرات البث التلفزيوني شاقة لكن يفهم ذلك حين يكون البث مباشرا أما مع التسجيل و كل ذلك الوقت و التوتر بدا الأمر قليلا زائدا على الغرض. جلسنا و بدا عبدالرحيم فقراء في قراءة مقدمة للمناظرة و فسر طريقتها. و كنت قد اخذت مكاني على طرف لأخذ رؤية واضحة من الموضوع ، أنا رجل في كل مكان يحب ان يكون في الطرف لأنه الزاوية التي تعطي الرؤية الأكبر.


كان عراقي و يمنية في الجانب الذي يقول بأن الربيع العربي لم يجن الشباب ثماره، و كان مصري و تونسي في الجانب الذي يقول بأن ثمار الربيع العربي جنيت. و كان المشترك بين الاثنين أن الحديث مائع غير محدد ، هذا يتحدث عن احصائيات البطالة التي بدا أن البنك الدولي كان مركزا عليها، و هذا يتحدث عن حقوق المراة و مشاركة الشباب و الطفل و لا أدري ماذا أيضا، و تلك تتحدث عن الاوضاع السياسية و كان الجميع تائها لحد ما في عموميات يتقنها العرب. بالنسبة لي و بصراحة بدا لي الأمر في مرحلة ما كمسرحيات و برامج حوارية كنا ندرب عليها تلاميذ الاعدادية نقدمها في نهاية العام الدراسي بحيث نختار موضوع و نقرر لهؤلاء ان يكونوا مع و لأولئك أن يكونوا ضد.

مع ذلك برزت نقاط ربما مهمة لكن حين خرجت لم اجد معي جوابا للسؤال ماذا جنى من الربيع العربي ، فما أظنه ثمرة حقيقة للربيع العربي لم يتم الحديث عنه و غيره مما ربما يظنه الاخرون و غائب عني لم استطع أن اجده من خلال المناظرة.
في مداخلتي القصيرة ، بدأت : أنا لا أظن أن شيئا جني أم لم يجن . لأنه ببساطة ليست هنالك ثمار أصلا.
ما قصدته أن الحديث بعد ثلاث سنوات عن ثمار للربيع العربي لحركة ينتظر أن تكون ثورة و فاصلة تاريخية تضح حدا لممارسات و عقليات استبدت بالانسان العربي لعقود، حراك من هذا القبيل حين نسأل عن ثماره و نستعجلها بهذا الشكل فنحن نقطع الخطوة الأولى في سبيل وأده في مهده. هي عقود و أجيال لابد أن تبذل ليمكننا بعد ذلك أن نتحدث عن ثمار. سيمضي جيل و جيل و على كل جيل العمل على اطفال الجيل القادم حتى تكتمل موازين و ضرورات الثورة. إننا حين نظن أن الثورة هي فقط حراك في المساء و شعوب متطورة مزدهرة صباح اليوم الثاني فنحن سذج و بعيدون جدا عن صناعة التغيير التي نريدها.
ثم في النهاية بدا أن المتناظرين متفقين في مجمل النقاط، ببساطة لأن السؤال البداية كان يفترض أن يكون : ماذا ينتظر من حراك كالربيع العربي في فترة 3 سنوات . ما الثمار التي كانت لتتوقع ؟
تواصل النقاش و اختتم .. و في طريق العودة إلى الباص في اظقة مدينة عريقة لا يمكن للسيارة أن تدخل منها، كنت صحبة السيد عبدالرحيم فقراء ، هو رجل مراكشي حضر دكتواره في دراسات الابرتايد، و تحدثنا عن موريتانيا و المغرب المشتركات و تحدث عن تجربة له في تمبكتو و كيف في العالم العربي الجانب الافريقي من الثقافة الثري و المهم كجزء من الهوية كيف هو مغمور و متجاهل.
و عدت أفكر في ربيعنا الذي لم نمنح حتى فرصة لتسميته فسمي لنا و قدم لنا مفهوم تسميته و نحن صناعه على ما نظن على الأقل.