Monday, August 26, 2013

في جسلة ل 21 اغسطس ، الشباب و التفكير و التكفير

كنت في جولة عادية من جولاتي، في الساعة التي اخصصها لتصفح الفيس بوك ، اقلب الصفحة الرئيسية للفيس بوك وقع نظري على تدوينة لصديق يسأل عن ما حدث في اجتماع 21 اغسطس.
21 اغسطس هو فضاء ثقافي يذكر فيشكر انشأته فئة من الشباب المثقف و الضليع في شؤون الثقافة و السياسة و الادب و الاعلام في موريتانيا، تناقش فيه قضاياها و تتبادل فيه الاراء و هو متنفس ثقافي في مدينة الثقافة فيها لها رائحة نتنة من كثر ما يحيط بها من قيود اجتماعية و ضوابط قبلية و تجارة و سمسمرة و و و و و
لم يحصل لي الشرف بحضور أي جلسة للمجموعة ، أذكر ذات مساء كانوا في انتظار ضيفين اعرفهم سابقا من بينهم قنانين مشرقيين و الصديق التقي و لد عبد الحي ، اخبرني الرجل انه في انتظار الجماعة في جلسة نقاش، لكن لارتباطات لم اتمكن من حضور حتى ذلك المساء.
المهم أنها خطوة أذكرها فأشكرها كخطوة ، ما يحصل في داخلها لا أعرف دقائقه. مع أني أتوقع أن هنالك شبابا يترصدون تعاليقك ، ليصنفوك، فيقولون هو من الأغلبية هو من المعارضة، و يصرخ أحدهم ممازحا "هو عايد صفاق كبييير" ، و لربما يترصدون أ]ضا ليقول أحدهم هذا يساري و ذاك يميني و ذاك شمالي و ذاك جنوبي و هذا ماركسي و و و لا يعرف الغالب عن أولئك الكثير .
أتوقع أيضا أن بعضهم يتربص ليعرف القبيلة و الجهة و الانتماء ، و آخرون يترصدون حتى لمعرفة المستوى المادي و المعنوي ، لا تستغرب كلها أمور مؤكدة و تحصلها في ذلك المنكب من تلك الأرض الطيبة السائبة.
المهم، رد عليه آخر بوضع رابط لصفحة شاب آخر من الملتزمين مع 21 اغسطس، فتحت الرابط فوجدت حوارا لا يخلو من انزلاقات كثيرة ، استوقفتني لأني من ناس احترمهم و يعول عليهم وطن المتاهات و السفاهات و التفاهات. الوطن الطيب و الارض المعطاء.
يتعلق الأمر أن شابا ، كما رأيت البعض سماءه في التعليقات ، و لا أعرف أساسا ناشطا كصفة ما معناها بالضبط، هي تشبه لحد ما مصطلحات كالديمقراطية و الإرهاب ، هي مصطلحات و هياكل أكثر مما تكون ذات معنى . الشاب هذا لي به معرفة سابقة لكنها مجردة من الألقاب كانت. الشاب هذا حضر لجلسة من جلسات 21 اغسطس مع شباب آخرين لا أعرف إن كانت قد تمت دعوته أو جاء من تلقاء نفسه. و في اطار الحديث وا لنقاش، تم التطرق لموضوع الدين أو المجتمع الدين أو الدين المجتمعي ، و في وضع كهذا طبعا لا تجد الخبر اليقين و لا ما حصل بالتحديد، لكن الظاهر أن الشاب لم يعجبه طريقة تفكير البعض من هؤلاء في قضايا الدين و متعلقاته، و لم تعجبه فلسفتهم و لاشك كان هنالك نقاش في الموضوع ، حيث انه اذا قال البعض أنه لن يصلي ، استطاع أن يقدم دليلا، فرد عليه الآخر بدليل آخر أو حجة مثلا، أو هذا ما اتمناه على الأقل، نخبة شابة "مثقفة" نقاشها يكون من هذا القبيل أنا أعبر عن رأيي و أحاول دعمه بحجج و أنت تعبر عن رأيك و تحاول دعمه بحجج، لكن يبدو الأمر انزلق لمسار آخر. فقال بعضهم أن الشاب القادم: حين عاد لصفحته نشر ما معناه أو ما يفيد تكفيره لبعض المناقشين معه أو ايحاء بذلك ، أنا لم أقرأ ماكتبه الرجل لأني حين عدت لصفحته لم اجد شيئا يتعلق بالامر، وجدته وضع شيئا مفاده أنه اغلق الحوار في ذلك المجال و كان هنالك تعليق من البعض ، هل اغلاقك الحوار تراجعا عن كلامك ، و إلا لماذا تغلق الحوار، و كان رده : أنا لم اتراجع عن ما قلت.
في الحوار هذا على صفحة الصديق الآخر، يبدو أن الجماعة التي قالت ان ما كتبه الرجل عناها به، قالت : أنه حتى في مرحلة ما كان من المستحسن أن لا ينشر الموضوع على الفيس بوك فهو حوار في حضور جماعة، و هنا انا اختلف جملة و تفصيلا هي الحوارات حينما لا تصل نتائجها و مفاداتها إلى العامة و النخبة و تنتشر ما فائدتها؟ قال آخرون أنه ما كان يحق للرجل أصلا أن يكتب شيئا من ذاك القبيل. و قال آخرون أنه أحسن فالدين و الله أشياء لا نقاش و لاحوار فيها فهي ثابتة مثبتة. و قال آخرون أن الدين أمر شخصي لا يعني أحد.
و ما أقوله أنا: أن النقاش و الحوار الفكري مهم جدا خاصة بين النخبة الشابة لكن حين يحترم مباديء و قيم الحوار و يعتمد استماع الحجة و الدليل و الدليل الآخر، و اظن ان عبارات من قبيل نعت ذلك بالكافر و الزنديق و ذاك بالمتزمت المتطرف لا مكان لها، كل له افكاره و لاحاجة لتصنيفها يتعلق الامر بالفكرة و الحجة. و في النهاية لا نحكم على شخص لا في دينه و لا في ثقافته و لا في سياسته و لا في اقتصاده و ووووووو .
و أتمنى أن يعود الشباب لطاولاته و يضع أفكاره و يناقش ، لكن ربما نقاش قضايا الوطن التنموية و المتاهات التي هو ضائع فيها من الثقافة و السياسة و الاقتصاد، و كيف يمكن للنخبة الشابة أن تخلصه من جيل الساسة هذا و تقضي على الافات التي تأكله ذات أولوية أكثر من الانشغال بالمدارس الفكرية و الدينية و أمور لن تعطي لقمة عيش لسيدة في حي شعبي أو كزرة من كزرات نواكشوط المخططة حديثا على الاقل ، حيث قالوا أن لا كزرات بعد الآن.
و في النهاية أعرف معظم الشباب الذي كانوا طرفا في ذلك فانا شخص يتفرج من زاوية منفرجة واقعة فقط إلى اليمن منك و هي زاوية تحاول ان تنظر من الاعلى و تاخذ ابعاد الصورة عرضا و طولا. لكن هل تعرف الأسوأ من عدم تقبل الاخر و عدم انتهاج مباديء الحوار، أن تجد المتحاورين في النهاية يتخبطون و تكتشف ان الامر لربما يبدو و كأنه لا احد له رأي متمسك به و كل ما في الامر ردات فعل لاغراض اخرى أو لربما طبيعة. من يدري؟
كونوا بخير أحبتي و عاش اغسطس و أيامه. و ان شاء الله اتمنى لكم شهر سبتمبر كله نجاح و سعادة و تقبل للآخر