Thursday, October 25, 2012

أحلام سعيدة : أيها النائمون على آلامكم

أحلام سعيدة Happy dreams 
كان يوما صيفيا حارا من أيام نواكشوط، الشمس في وسط السماء و أنا أتصبب عرقا حين مررت إلى الشمال من عمارة الخيمة الممتدة في مركز نواكشوط كواحد من أبرز المعالم المعمارية في العاصمة، اثارت انتباهي تلك الكتلة التي لم أعرف أن أميزها في البداية، ثم وقفت رغم أني كنت مسرعا جدا، حين نظرت وجدتني أمام امرأة محاطة بأبنائها الثلاثة بشكل تلقائي و كأنهم كانوا في الانتظار ثم ناموا من غير قصد، واحد عند رأسها و الأخر في حضنها و ثالث عند قدميها، لم يكن حتى رداؤها الذي افترشته كافيا ليأويهم جميعا. ثم كانت الشمس تقترب منهم، لحظات فقط و يجتاحهم حرها. أحذية مقطعة مرمية هي الأخرى بشكل عبثي. استوقفني المشهد، استخرجت كاميرتي الصغيرة التي اصطحبها دائما من اجل مواقف سريعة كهذه، كانت المهنية قيد الصيانة تلك الأيام.
ألتقطت الصورة، و كان المشهد مؤثرا جدا، ثم تذكرت برنامج مكافحة التسول و إيواء المشردين الذي كان الحديث عنه يكثر تلك الأيام و الذي وجد تمويلا و تشرف مفوضية حقوق الانسان و العمل الانساني و العلاقات مع المجتمع المدني على تنفيذه.
يقضي البرنامج بإيواء المتسولين و المشردين و توفير سكن لهم و حتى معونة شهرية . لم تستفد هذه السيدة من البرنامج ذلك و الحقيقة أنه لا أحد رأى من نتائجه الكثير.
ففي تلك الأيام كان المتسولون و المشردون ينتشرون في شوارع نواكشوط بشكل كبير أسر كاملة من غير مأوى بأبنائها يقضون الليل و النهار على أرصفة عامة في حر الصيف. البرنامج المذكور تجسد في انتشار سيارات تابعة للشرطة تقوم بجمع المتسولين في بعض المناطق ، تحدثت لأحد هؤلاء قال أن البرنامج لا يوفر لهم شيئا فميزانيته قد تم التحايل عليها و لم يجدوا من نتيجته إلا تلك السيارات التي تجمعهم و تلقي بهم كأكوام أشياء.
كان أنه في نفس تلك الفترة أيضا تم استدعاء مفوض المفوضية و وجهت إليه تهم بالفساد و الاحتيال على بعض ميزانيات المفوضية، دخلت في القضية الحسابات السياسية و القبلية و يعتبر تأثير الاخير قويا لدرجة لا يقف في وجهه عرف و لا قانون و لا عدل، ففي دولة لا زالت القبلية تجتاحها بشكل كبير تعتبر القبيلة و أعرافها و القبائل و صلاتها القوة الأولى و القانون الذي لا قانون فوقه.
حتى الآن لا يعرف أحد شيئا عن تلك القضية و لا مآلها و أين ستتجه، كل ما هو معروف هو أن تلك الأسر لا زالت تنام هكذا و تعتبر هذه الصورة من أصدق التعبيرات التي قد تعكس حالة وضع يتفاقم بسبب إهمال تطبيق القانون و متابعة المشاريع و النزاهة و الشفافية في تسيير الميزانيات.