السؤال
الخامس: كيف تنظر إلى حدة الصراع الان الذي تفوح منه رائحة الكراهية من الطرفين
خاصة في فضاء المثقفين ؟ ما موقفك من إيرا؟هل ترى خطابها هو المناسب لانتزاع حقوق
الحراطين ما الموقف من مواقف ولد بلخير الذي يهلل له الطرف الاخر الان؟
للأسف
نحن نعيش مرحلة جد دقيقة من عمر وطننا حيث تطغي خطابات الكراهية والكراهية المضادة
وهذا إفراز سلبي للهشاشة والتراكمات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية وحتى
السياسية بالبلد.
هذا
التجاذب الحاد من كلى الطرفين لم يتمكن المثقفون للأسف من احتوائه ولا حتى السياسيون
والوجهاء من ترشيده بعد أن تخندق معظم المتحدثون كل في جانبه وهذا ليس هو الخيار
الأمثل طبعا.
أنا
أأمن أننا في أمس الحاجة إلى عملية بناء مشتركة لا عملية هدم مشتركة؛ حالة من
التعايش والتسامح لا حالة من التنافر والاحتراب؛
حيث العنف اللفظي والإعلامي والأمني هو المتصدر للمشهد في البلد دون أن تكون
للدائرة الدينية رشدها ونزاهتها في تهدئة أبناء الوطني الواحد بل والدين والمشترك
الواحد.
إن
السلوك الذي يواجه به الحقوقيون المناهضون للعبودية العقارية هو مؤشر مخيب بالنسبة
لي ولذا أعتقد أننا نخلق الأزمة ولا نسهم في إيجاد حلول لها؛ مما يسمح بتأجيج خطاب
الكراهية وإثارة النعرات بين مختلف الفئات التي ليس لها إلا ذات الوطن.
حركة
إيرا الحقوقية هي أحد المقاربات الحقوقية التي تتفاعل في الساحة الحقوقية في الوطن
وإن كان يحمد لها أنها كانت أكثر مباشراتية في تعاملها مع مشكل العبودية وقضايا الاسترقاق
المعاصر الذي أخذ أوجها وطرائق جديدة؛ وأعتقد أن خطابها هو خطاب مرحلة له ما بعده.
وطبعا
الزعيم مسعود ولد بلخير قدم خطابه وتضحياته التي وجدت سياقها الخاص وأزعم أن شخص
بيرام ستوجد له أكثر من مصوغات بعد أن يتحول إلى عمر الزعيم مسعود وإن كان البعض
يشعر بالصدمة حيال حطابه الحقوقي المباشر؛ فما يواجه شخص بيرام كان الزعيم مسعود
عرضا لأسوء منه في حالكات الأيام الكل يدركون ما أرمي إليه.
أين تكمن المشكلة بخصوص حقوق الحراطين . هل
الدولة غير جادة ، أم العنصر الاخر يرفض قضية اعطاء الحقوق كاملة.
من
المهم التنويه بالدور الكبير الذي لعبته الدولة في مجال القضاء على العبودية
وأشكال الاسترقاق المعاصر وتحديدا في السنوات الأخيرة من 2007 حتى 2013؛ فمنظومة
القوانين يمكن القول إنها ممتازة مقارنة بالعديد من الدول كما أن موريتانيا تلتزم
بالكثير من التوصيات أمام هيئات الأمم المتحدة؛ لكن في المحصلة يلاحظ نقص حاد في
موائمة التشريعات المحلية مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
وهناك
مشكلة أكبر وهي عدم إنفاذ القانون في كثير من الحالات فمعظم الاتفاقيات لم يتم
تنفيذها حرفيا على أرض الواقع وهذا طبعا لا يجعلنا نتقاضى عن الإنجازات التي تحققت
في هذا المجال ولكن كل ذلك يظل دون التوقعات؛ ثم إن شريحة البيظان لا يمكنها في أي
حال من الأحوال الوقوف في وجه التزامات الدولة إذا قررت يوما أن تكون جادة في
المعالجة الحاسمة لموضوع العبودية وأشكال الرق المعاصر.
-
كيف تنظر لمن يقولون بان العبودية اليوم هي إرث و مخلفات أكثر مما هي واقع معاش؟
أستطيع أن أقول أننا وللأسف نتعايش مع
الظاهرتان في مجايلة عجيبة ولتواصلي مع عدد من المنظمات الحقوقية بما فيها "نجدة
العبيد" فإنه ولغاية السنة الماضي هناك حالات عبودية قدمت للمحكمة وقد حفظ
البعض منها دون إنفاذ القانون.
وأقول إن مسألة المخلفات التي يتذرع
بها البعض هي نكتة لا تضحكني أبدا فلو تحدثنا عن نسبة 20% من هذه الشريحة وهم
للأسف من ضحايا المخلفات ممن يعانون وضعا نفسيا واقتصاديا واجتماعيا بالأرياف
والتجمعات القروية وكذا بالمؤسسات والمراكز الحضرية.
العنف
يولد العنف و التطرف بالضرورة يخلق تطرفا مضادا. اذا ما برز خطاب عنصري من الطرف
الاخر كيف تقرأ مستقل دولة و مجتمع تحت النشأة؟
أعود
كما بدأت الحراطين على مر تاريخهم كانوا هم المكونة الجماعية الموريتانية الأكثر
أصالة ونخوة الأكثر وطنية وإخلاصا لهذا الوطني والأكثر هشاشة وتهميشا في الوقت
نفسه.
ظل
الحراطين يرعون القطعان ولا يشربون لبنها يحطبون وهم لا يملكون مطبخا خاصا يحفرون
ويبنون وهم لا يملكون مسكنا يحملون ويخدمون وبدون قيد أو شرط وهم لا يلقون إي اعتبار
ومع ذلك راهنوا على سلميتهم وعافيتهم ونزوعهم للتعايش والتسامح وللأسف فإن مجتمع
البيظان لم يكن ليقدر تلك التضحيات في أي يوم من الأيام ومع ذلك حين ثارت ثائرة
البعض منهم رفضا لهذا الظلم لهذه الانتهازية لهذا الاستغلالية لهذه الممارسة التي صنفت عالميا عملا معادي للإنسانية
تم ركنهم في السجون.
رغم
الشحنة السلبية التي تنتابني حيال ما يواجهه أبناء شريحتي فيما يعرف بدولة
القانون؛ إلا أنني مقتنع بوجاهة القضية الحرطانية وبانتصارها سواء بإرادة الدولة
أو بدونها لأن الدول تستقيم على الكفر ولكنها لا تستقيم على الظلم.