Thursday, September 19, 2013

نواكشوط ... إني أغرق إني أغرق



منذ أيام و العاصمة نواكشوط تغني اضطرارا و بوجه حزين يائس بائس تردد هذه الكلمات. بعد أمطار متفرقة شهدها البلد في الفترة الأخيرة، كانت العاصمة نواكشوط ضمنها.

تحولت العاصمة إلى مدينة ما بين عائم و غارق، حيث امتلات الشواع بالمياة بالكامل و حوصر البعض في بيوتهم في مناطق معروفة بان تتحول مناطق منكوبة في ظل وضع كهذا. ليست هذه المرة الاولى ، في كل مرة تتساقط على نواكشوط كميات امطار مهما كانت قليلة تغرق العاصمة، فهي ليست مهيأة بأي شكل من الأشكال حتى لكميات قليلة جديدة كبضع ملمترات.
في العاصمة نواكشوط ، لا نظام صرف صحي بشكل مطلق، و البناء العشوائي منتشر في مناطق كثيرة، حيث في السبعينات انتقلت العبثية و الفوضوية و المنطق البدوي إلى العاصمة لتستحيل بعد ذلك بناء و معمارا فوضويا بالشكل الكامل. ناهيك عن الدراسات العلمية و البحوث التي تؤكد ان العاصمة انواكشوط مدينة تحت مستوى البحر و ضمن المدن المهددة بالاختفاء في ظرف وجيز، فهي مدينة مهددة بان تجتاحها المياه و تغمرها.
في كل عام تظهر دراسة جديدة تؤجل موعد هذا الغرق أو تقدمه في ظل غياب دراسات مؤكدة و متقنة و مرعبة بشكل جدي و استراتيجي ، كل ما يعرف مستقى من تقارير لا يمكن تأكيد صحتها في ظل حالة الفساد و العبثية التي تطبع مراحل إعداد التقارير و الدراسات من اعتماد ارقام ماضية قديمة و حتى توقعات بدل البحث العلمي و النزول للميدان.
في انتظار أن يقتنع قادةالدولة بضرورة رعاية دراسة مؤكدة من هذا القبيل تؤكد المعلومات و تعطي حقائق بخصوص الموقع الجغرافي و قابلية استمرار و اصلاح المدينة فإن أهل نواكشوط مكتوب عليهم أن يعيشوا في مدينة تغرق، و بعد 10 ملمترات من المطر تتحول إلى مكان لا يمكن الانتقال فيه. تنبعث الروائح و يختلط الحابل بالنابل، و في مشهد مثير للأسف تتحول عاصمة الدولة إلى مستنقع كبير يسبح فيه الجميع اضطرارا أيضا.
بعد ما حصل مؤخرا تحدث البعض عن ميزانيات قدمت من طرف التعاون الالماني و جهات تابعة للأمم المتحدة و غلافات مالية ، و يتساؤلون أين ذهبت هذه التمويلات ، و لماذا بعد أيام من الامر لازالت مناطق في نواكشوط مغمورة بشكل كلي. تجدر الإشارة إلى أنه وسط العاصمة هنالك أماكن من فترة لاخرى و دون امطار تنبع منها مياه يرجعها البعض إلى قرب المياه من مستوى السطح، و إلى أن العاصمة بحق تقع في الماء مباشرة.

تجدر الإشارة إلى أن اطرافا عدة و متتبعين، يظنون أن إصلاح المدينة من الناحية المعمارية، و العلمية. فيعتبر إدخال نظام صرف صحي من الاستحالة بمكان، و ربما هو كذلك أو بدرجة من الصعوبة كبيرة، لان الدولة تحدثت مرارا عن نظام صرف صحي، و في ظروف ما تتحدث عن التمويل كعائق، ثم بعد ذلك تتحدث عن ميزانية هائلة. حاصل الأمر أن الحقيقة بخصوص هذه النقطة غير معروفة كليا. و يحتاج الجميع ليعرف مصير عاصمته.   الأمر الآخر أنه من الناحية الاستراتيجية ينظر البعض إلى نواكشوط على انها في الموقع الخطأ..... و أنا انظر دائما لنواكشوط على انها مدينة مرتجلة كان لابد من ارتجالها في مرحلة من تاريخ البلد من أجل سيادة البلد، بعد ذلك علينا كجيل تحمل مسؤولياتنا و إيجاد الحلول للتحديات القائمة.

لا تعاني نواكشوط انخفاض موقعها بالنسبة لمستوى البحر فحسب، بل تعاني ملوحة الأراضي و التصحر و اختفاء الغطاء الغابوي بشكل كلي ، و التلوث البيئي المطلق من انبعاثات الكربون  و غيره....
و ما لم يكن هنالك حراك جاد فهي ليست فقط مدينة تغرق هي مدينة تموت تموت حتى قبل الغرق.