Sunday, May 5, 2013

أمير الشعراء ... و غفير الساذجين

انطلقت منذ أيام الدورة الخامسة من مسابقة أمير الشعراء. المسابقة المتخصصة في الشعر الفصيح و التي يشارك فيها شعراء من البلدان العربية قاطبة و منظمة من طرف هيئة أبو ظبي. بدأت تسجيل حلقاتها و بثها مباشرة. لجنة التحكيم تتشكل من 3 دكاترة يناط بكل واحد منهم جانب من جوانب القصيدة جزائري و إماراتي و مصري. الجزائري مرجع لغوي و الإماراتي في المدارس الشعرية و المصري في هذا و ذا و أشياء أخرى.
شهدت الدورة الأولى من البرنامج نجاحا و إقبالا كبيرا و متابعة أكبر على مستوى موريتانيا بالخصوص حيث ضمت فطاحلة من الشعراء الشباب الذي لطالما صدحوا و أبدعوا كان من بينهم محمد ولد الطالب و البرغوثي و غيرهما. و كانت تعليقات لجنة التحكيم خالية من توجيهات المخرجين و المعدين، رغم أن الحشد القبلي حينها حضر و في موريتانيا بالتحديد إلا أن ولد الطالب كانت قصيدته تشفع له قبل التصويت، فكان ينتزع بلغته و قصيدته الإعجاب من الجميع قبل رسالة ال أس أم سي التي تفرغ الإبداع من معناه.
توالت الدورات بعد ذلك ثم احمر سهم أمير الشعراء و بدأ في الهبوط، فتحول لبرنامج تلفزيوني بامتياز يحاول جلب المشاهدين و استخدام الوسائل الإعلامية الحديثة التي لا تتماشى مع لغة الضاد و شعرها ، فطلب من لجنة التحكيم أو طلبت من نفسها أن تضيف تعليقات لا تمت للإحترام و لا للأدب و لا الآداب بصلة فصارت قدحا في أعراض الشعراء أكثر مما هي انتقاد لقصائدهم و إبداء ملاحظات في انتاجاتهم. ثم بعد ذلك دخل التصويت بشكل أقوى على الخط.
لا يختلف إثنان على أن الدورة الأولى شهدت نجومية محمد ولد الطالب كشاعر متمرن طالما كتب لغبار ساعات و ساحات الثانويات في نواكشوط مهمشا كمبدع و كرجل ينسج من اللغة موسيقى و سيمفونيات بديعة. كان و لحاجة في نفس أبوظبي لابد أن يكون الفائز بالدورة الأولى إماراتية فعكست معايير كثيرة في لحظات في قليلة و أعلن الشاعر الإماراتي الذي احترمه شأن الجميع أميرا.
في الدورة الموالية أحست الهيئة و لجنتها بشيء في نفسها بسبب ماجرى مع ولد الطالب في الدورة الأولى، كان ذلك في صالح شاعر موريتاني آخر انضاف إليه الحشد القبلي و الجهوي . ثم لن أنسى في الدورة التي تأهل فيه شاعر آخر وجد الموريتانيون أنفسهم وسيلة لتسويق  و ترويج البرنامج و إعطائه أكثر حتى مما يستحق من الإهتمام، ما جعل اللجان تلقي بشعرائهم إلى مصيدة ال أس أم أس معتمدة على حشد مجتمع الفراغ و انقماسه في أمور من هذا القبيل.
لن أنسى حين صدفة التقيت اصدقاء لي و اقتادوني لبيت قضيت فيه يوما بطوله تقريبا و كانوا هم يعملون على مدار الساعة فرق و جماعات فقط اضغط الزر كذا و كذا قصد التصويت لشاعر معين و ساهمت الدولة بمئات آلاف من الأوقية و طيلة أسبوع ثم بعد كل ذلك و رغم القصيدة ألقي بصاحبنا لمرتبة دون ما أريد.
البرنامج رغم أن الشعراء وجدوه ملجئا في وقت كانوا فيه و هم و شعرهم عرضة للإهمال و التهميش في ظل انغماس القاريء العربي في شعر آخر الشعراء الذي عاصروا القلة الباقية من الجيل الذي يقرأ الشعر على غرار درويش و معاصروه. نعم شكل البرنامج ملجئا و املا ، لكن التصويت شكل صدمة لقصائد كان الجميع يتفق على ريادتها. و الضربة القاضية الآن هي في تعليقات موجهة بغية التشويق حتى وصلت حد الاستهتار و السخرية من الشعراء و بدل إحياء إبداعهم اغتياله بطريقة بشعة لا تمت للشعر و لا الأدب بصلة.

في هذه الدورة قرأت مرة صدفة أن 12 شاعرا موريتانيا توجهوا إلى أبوظبي ، ربما لم يكن الكثير منهم يطمح لأكثر من استغلال طائرة و الوصول إلى أبوظبي و التقاط صورة أو اثنتين رغم ذلك كان هنالك شعراء يعرفون أن لديهم قصائد قادرة على المنافسة. بين هؤلاء و أولئك كانت هنالك لجنة لها هي الأخرى رأيها. 12 شاعرا رقم محترم لكن حين يتقلص إلى اثنين يرمى بأحدهم لل أس أم أس و يبدأ الحشد القبلي له و جمع التبرعات ، فتلك التبرعات و التي سبقتها الأولى أن تصرف في شيء آخر ، اللهم إلا إذا ما كانت استثمارا ينتظر من خلفه أن يجنى 3 أو 4 ملايين من الاوقية أما من يبحث عن سمعة البلد فلينس لأن هنالك لم يعد المكان المناسب لرفع علمها و لا تحسين سمعتها و إما إ ذا ما تعلق الأمر بالقبيلة فذلك أمر آخر.
ألقي بهذا للتصويت و لربما الثاني في الطريق ليس لأن قصائدهم ضعيفة بل في موريتانيا لا يزال الشعراء يعرفون من أن يؤكل و كيف يطبخ كتف القصيد. بل لأن تلك فرصة لزيادة الزخم على الأقل في بلد من 3 ملايين شخص يعاني عقدة التهميش في محيطه العربي. لا نريد بردة و لاخاتم نشتريها و تعزز فينا الحشد القبلي و الفئوي ، إن كان هنالك من سيعطيها فليكن ضليعا بالقصيدة و أشيائها و ليقف و يقل قصيدة تستحق الخاتم و البردة و إما طريقة الأس أم أس هذه فهي اللعبة الإعلامية التي تفسد كل ما كانت حاضرة فيه.
دعونا و لو لمرة نقوم بأي شيء دون عقلية العبثية و السيبة و دون أجندة قبلية. لا تعطوا أي شيء أكثر مما يستحق فذلك دليل على السذاجة أكثر من أي يكون دليلا على أي شيء آخر كحب الوطن مثلا.