عرضت شاشة التلفزيون الوطني خلال شهر رمضان هذا ، تماما على غرار ما حدث في رمضان الماضي باقة من الأشياء والمسميات ربما لأن الإسم القاموسي الذي يناسبها لم يوجد بعد سنسميها من البرامج التلفزيونية ، الباقة كعادتها تكون جافة خجولة تميل للجفاف والإصفرار. الملاحظ للشاشة الوطنية هذا العام يلاحظ جليا غياب الأسطول التقليدي من المحاربين القدماء في التلفزيون من تلك الخشب المسندة التي تعرف فن السمسرة والمتاجرة ومعالم كل الطرق الملتوية والمخجلة ، أكثر مما تعرف أي شيئ آخر ، وتتقن كل فنون التصفيق ، وآخر ما يهمها أو تهتم له فن التقديم الصحفي والسعي للإبتكار في مجال الإعلام ، لا بل ويبدو الإعلام بالنسبة لهم آخر ما يهتمون له. يعني يلفت انتباهك غياب أولئك المحاربين القدماء أولا ، لكن ما يثير الإشمئزاز من جديد هو ظهورهم الغير مرحب به من مرة لأخرى، إضافة إلى ظهور أسمائهم أيضا من مرة لأخرى ضمن طواقم البرامج من مشرفين عامين إلى معدين . وحقيقة الأمر أن هؤلاء لا يتقنون إلا إعداد الدراسات المالية والميزانيات لبرامج جديدة قليلة الفائدة شكلا ومضمونا.
يذكر أن هنالك دماء جديدة يتم ضخها في التلفزيون الوطني الآن ، إلا أنها لا تزال دماء باردة فاترة ، والأهم من هذا وذاك أن تلك العناصر القديمة الخربة رأيا ورؤية لا تزال تكبح طموحات و إبداع هؤلاء مع ضيق أفق الإبداع لديهم الناتج عن قلة التكوينات وانعدام الخبرات في المجال، وليس هناك في تلك الطواقم قبلهم من سيستغل فيهم تلك الجهوزية للتعلم والإنتاج والإبداع.
أسماء كثيرة ومسميات طالعتنا هذا العام ولكن يبقى القاسم المشترك الضعف على المستوى الفني والتقني
من ناحية هندسة الصوت، والإخراج والإضاءة والديكور كلها حقيقة أمور تثير الخجل وهي تعتبر عنصرا أساسيا في ما عالم الصوت والصورة والمشهد المتناسق ، ومالم تنجح التلفزة في استقطاب خبراء في هذا المجال بعيدا عن مجال الهواية الغير مروضة والاعتماد على الصور والمقاطع الجاهزة و إضافة لها بعض الحركات و الكلمات ، مما يعتبر تجسيدا فاضحا للعجز الفني و البدائية في مجال الجرافيك والجنريك والاخراج و المونتاج ....أضف إلى هذا العجز و انعدام الخبرة والتجربة لدى مجموع المقدمين والمقدمات في مجال التلفزيون ، وهنا أسجل إيجابية الدماء التي ضخت هذا الشهر في التلفزيون من الشباب الذين لديهم القابلية والإستعداد والمؤهلات لدخول هذا المجال ، وكل ما ينقصهم إدارة مستعدة لدعمهم من خلال توفير التدريبات اللازمة والتكوينات وتوفير المعدات لهم والإستماع إلى افكارهم ورؤاهم في هذا المجال.فالطاقم الكفؤ والمدرب رغم ما سجل من تقدم في إطاره من اختفاء تلك الوجوه التي لا تمت للإعلام والتقديم خصوصا بكل متطلباته بأية صلة ، اختفاؤها يعتبر مبشرا، مع انها تعمل في الكواليس على استغلال هذه الطاقات الشابة المتفجرة وامتصاص دمائها و استغلال طاقتها، الطاقم الكفؤ والمدرب لا يزال يطرح اشكالية حقيقة للتلفزيون الوطني ، إضافة للضعف على المستوى الفني والهندسي وهنا يذكر أنه إن كان برنامج المداح يسجل في هذا المجال نوعا من التقدم ليس بالنسبة للمعطيات العالمية في المجال ولكن بالنسبة لبرامج التلفزيون الوطني على الأقل فلأن أجنبيا يتولى بعض الجوانب الفنية فيه .
وختاما وفي اطار إيراد هذا الرأي في عجالة فمشكلة التلفزيون الوطني انك حين تريد أن تحصي نواقصه لا تجد فيه شيئا مكتملا ، وحين تريد ان تقف على سيئاته لا تجد فيه حسنة. فلا مقدمو الأخبار ولا مقدموا البرامج ولا المصورون ولا مهندسو الصوت ولا معالجو الصورة ،ولا أي شيئ من كل هذا يعرف طبيعة ماهو منشغل فيه، والسبب ببساطة لأن كل واحد من هؤلاء في أغلبهم تم جلبه من طرف قريب أو بواسطة ما ، و في حال مرة وقع على إنسان فيه قابلية فإن طواقم العفن التي سبقته تعمل على الضغط عليه حتى تجعله يسير في تيارها ، كان الله في عون المشاهد الوطني مع تلفزيونه الوطني.