Thursday, January 2, 2014

جزء من نص : المستوطنة

طيلة أعوام خمسة تزيد   حاولت أن اعتاد الأشياء من دونك، الرقص و المقاهي   والصمت و الأرصفة من دونك ، أن أجرب الهروب و التشتت و التأمل أن أجرب ضوء القمر ومشاهد غروب الشمس و شروقها و حركات موج البحر و هدأتها حاولت أن أجرب المدن دون ملامح طيفك التي تترصدني، رأيتك في صفوف واقفة تنتظر ختم دخول بلد أو الخروج من آخر، رأيتك في غرف انتظار حتى و انا أتفرج من خلال نوافذها الزجاجية العريضة رأيتك أحيانا تتجولين بين عمال صيانة الطائرات ، رأيت تحملين أوراقا عند مخارج المطارات مكتوب اسمي عليها ، و رأيتك تلتقطين الصور في شوارع مكتظة في مدن مختلفة، رأيتك في ساحات موسكو الحمراء و شوارع غرناطة الرمادية، حاولت ووجدتني أراك في قطارات اسطنبول المزدحمة و فوضى الحركة  في مركز  حي باب الجزيرة في العاصمة التونسية، حاولت أن اعتاد الأرصفة و مقاعدها الخشبية الفارغة دون زياراتك و أن اعتاد الأحاديث العابرة مع صياد عجوز صابر حتى في ساعة متأخرة من الليل يضربه برد المدينة متسمرا بفنجان شايه الأحمر و جاكته السميكة،  لكنك كنت هناك، حين قاطع صمتي و سألني من أين أنا و أراد أن يستفسر عن ما أفعله هناك، كان علي أن أقول له أني أتيت لموعد معك ، كانت تلك لتكون الإجابة الدقيقة ، حين أدخل محل بيع العطور و اتحدث حديثا قصيرا مع صديقي البائع ، نحن يا عزيزتي معشر المتسكعين لدينا قدرات خارقة في صناعة الأصدقاء العابرين و الدائمين ، حين أحاول اختيار عطر يناسب مناخ المدينة الجديدة و معاييرها أجدني اتجمد جانب المكان المخصص لعطرك المفضل ، اذهب عنه و أعود إليه ثم يقرر الصديق بعد أن يقتنع من استحالة التأثير على اختيارك ، يقرر أن يعطيني منه قارورة، حين اخذها أخبر نفسي غاضبا منها أن هذا عطر من اختيارك و ليس من اختياري ، و أحاول أن اقنعها أننا صرنا حياتين و شخصين و اختيارين ، لكن المسكينة لا تقنعها بعد الاستخدامات اللغوية للمثنى في ما يجمعنا.
ألوان ملابسي لا زالت تلك التي تركت ، حاولت الفصول على كثرتها و النساء على تعدد خلفياتهن الثقافية و العقدية و على ثقافتهن المتقدمة جدا في مجال الموضة و دنيا الألوان حاولن إقناعي، باسقاطات على لوني و ما يناسبه و ما لا يناسبه، لكن اختيارك هزمهن جميعا، لا زالت نفس االوانك احيانا حين اريد أن اقنع نفسي بأني لست ضعيفا امام ذاكرتي إلى هذا الحد و احاول ان ارتدي ألوانا اخرى ، لا تقنعني تماما كما لا شيء يقتنع أن أشيائنا جزء من ذكريات أو ذاكرة. حين اذهب لأي مطعم مع أي كان أشعر بالاحراج لأني اعتدت ان تختاري انت الطعام و الشراب استنادا على قراءة بسيطة دقيقة لمزاجي، صدقي أني حاولت بالبرهان العلمي اقناع نفسي بأن تعتاد الحياة دونك:
قلت لها كان عمر إدراكي  حين التقيتك حوالي 11 سنوات إن افترضنا صحة نظرية "بياجي" بأن الطفل يبدأ الإدراك في سن الحادية عشرة، و لنفترض انه يشعر بميل للنساء بعمر 16، قبلها ما كنت أدري ما تعنيه النساء، حتى العلم، في السن الذي التقيتك فيه يدعي أني لست مؤهلا حينها للحديث عن الحب و النساء و  أشياء تعلق بالذاكرة و تؤصل للوجود و يدعي أن قبلنا كانت ارهاصات طائشة لا ندرك إيحاءاتها. المفاجأة أن ما اقتنعت به نفسي هو ان العلم لم يكن دقيقا في هذه النقاط، و اقتنعت بواقع التجربة، أجلس الآن و أنا أكمل السادسة و العشرين إلى مقعد خشبي عند الحد الأقصى من مدينة بسعة اسطنبول المنتشرة على قارتين ، أجلس انظر إلى ما يشبه ميناء صغيرا ترسوا فيه حوالي مائة باخرة  صغيرة في منطقة خلف الجسرين حتى منها لا يتراءى جسر الفاتح ، أجلس في عام 2013  على بعد ساعات من عام 2014 ، و أجد أنني في سنتين تشبعت منك لحد لا يمكنني تقدير انتهاء صلاحيته و لا إن كانت له أصلا، أجلس على هذا المقعد الخشبي في منطقة هادئة يبدو أن الجميع تركها، انصرف للاحتفال بالعالم الجديد و ليشهد لحظة الانتقال الزمني الفاصلة، ذهب الجميع حتى البحارون ذهبو ليتفرغوا لنسائهم و بيرتهم و احلامهم و اطفالهم الصغار و ليشهدوا تلك اللحظة الفلسفية التي نطلق فيها الأضواء ربما فرحا بنجاتنا من قبضة  الموت في عامنا الماضي، أجلس في مساء بارد جدا و ماطر جدا، لا شك ركاب تلك السيارات التي تمربوتيرة فاترة خلفي ، لا شك ينظرون إلي و يقولون ، مسكين يعانق بيرته بعيدا عن احتفالات العام الجديد لا يعبؤ للبرد و لا للمطر ، نعم أعيش حالة تجمد فظيعة، الزمن يتجمد هنا و أشياؤك تمطر بغزارة ، كل ما حولي في هذه الساعة من الساعات الأخيرة في آخر يوم من السنة ، أضواء و أشياء منعكسة على ارضية بللها المطر و كاميرا بأعمدتها تنتظر التقاط صور استثنائية في فترة زمنية استثنائية، و بعض المشاهد المثيرة من ماضي قد يبدو سحيقا لكنه يرفض التبدد، و وثائقي مثير أنت بطلته . أجلس هنا العطر نفس ماركة  العطر التي احببت ، و أنا استذكر خياراتك ، انظر للون جاكيتي فإذا به من ألوانك التي تقترحين دوما المعطف و الشال و حتى القبعة الصودفية هي الأخرى رمادية فاتحة شيئا ما، انظر مبتسما إلى حذائي فإذا به من ماركتك المفضلة ، أضحك من نفسي و انفخ بين يدي المتجمدتين و افركهما فركا لأولد حرارة تقيهما خطر التجمد حد التشظي  ، كل شيء يثبت أن ذلك لم يكن ارهاصات عاطفة مراهق ، لا أريد إثارة  انتباهك أو اهتمامك الآن فلا جدوى من ذلك حتى، لا أريد إثارة اهتمامك حين أخبرك أني بعدك عرفت و أعرف نساء من قارات الدنيا الخمس فتلك من ميزات المتسكعين أيضا، لكن لم يتركني حضورك أعطي لأي من هذه العلاقات أية هوية، تظل هنالك تكابد الانقراض و في أغلبها تعيش من دون هوية، لكن الحقيقة التي لا أعرف طعمها لحد الساعة هو أن أي رجل يحتاج لعلاقات ذات هوية يوما ما، و أنا استثنائي الوحيد أني عرفتك قبلهن معظمهن، لا زلت تاتين فجأة فتنتهكين خلوتنا و قهوتنا و مشيتنا و جلستنا و تنتهكين كل خصوصياتنا ، حتى أنك أحيانا تفاجئينا في غرف النوم و أسرة التسكع.
 الخبر الذي أتمنى أن لا يسرك هو أني عجزت لم استطع، والخبر الذي أتمنى انه لا يزعجك هو أنني سأحاول من جديد،لا لأنني كرهتك بل لأن الاعتراف بالهزيمة سمة حسنة ومن شيم الشجعان .

ما أدركه الآن هو أن أولئك الذين يدعون انهم يعرفون إيحاءات القبل كاذبون و الذين يختصرونها في كونها حالة إثارة سطحيون و أن الذي يفسرونها على أنها تجلي لحالة حب هم فلاسفة فاشلون، و الذين يريدون إقناعي أن قبلنا كانت فارغة هم انفسهم الفارغون، و أن النسيان ليست عملية سهلة و الإنتساب إليه يبقى في حالات كثيرة مختصرا في بطاقة انتساب تشبه إلى حد كبير بطاقات الإنتساب للأحزاب السياسية في بلداننا العربية، وأحاول باستحالة تفهم ممارسات غير قابلة للتفسير في مجتمع برزخي، لا تستحق روعة هذا المكان الذي أجلس فيه الآن و لا نقاء هذه اللحظة أن استدعيه فيها، لا تستحق أن استدعي القبيلة و اعرافها و المجتمع و تقاليده، و كل الأشياء التي دعتك لإعلان الهزيمة حتى قبل البداية، لن أعطي أبدا أي تفاصيل عن قصتنا حتى لهذه السفن الصامتة الراسية هنا و لا لهذه القطط التي تجول رغم برودة الطقس تبحث عن قطع طعام تعينها على قساوة الطقس، و لن أخبر عنها ذلك المتسول الجالس هناك يتدفى بأحد الحيوط و يتغطى بقطعة قماش سميكة، و الذي جائني منذ فترة يطلب فقط ليرتين حسب رأيه ليكمل ثمن زجاجة بيرة صغيرة. لا أحد إنها من الأشياء التي الصمت في حرمها جمال و من الحروف التي تموت حين تقال على رأي الراحل، يبرد الطقس و يزداد وقع ضرب قطرات مطرك و تزداد غزارة المطر، استمر بالنفخ بين يدي و تعديل الشال و القبعة بشكل لا يترك و لو فتحة صغيرة يمكن للبرد أن ينفذ منها، ألقي نظرة شاملة حولي و البنايات على المرتفعات هناك التي لا تبدو غير أضواء مبعثرة على مرتفع جبلي و غير بعيد هنالك يمكن أن تتراءى بقايا الجدار الذي كانت تحتمي به القسطنطينية من ضربات الفاتح، و الذي في النهاية اخترق، الفاتح رجل عرف دوما أن يدافع عن حبه، حين عشق المدينة آمن بعشقه و إيمانه هد حصنا بحجم ذلك الذي تتراءى أطرافه. المكان حيث أجلس و كأنه صمم لمعاقري البيرة  من بؤساء مدينة  لذوي الأسئلة العالقة و لربما متسكعي المدن الكبيرة من عشاق أرصفة التمشي بصمت. ساعتان بالضبط و يذهب العام 2013 بكل أشيائه تماما كما ذهب 2012 و الذي قبله، ما لا أفهمه لماذا تذهب هذه الاعوام بكل أشيائها و لا تأخذ معها شيئا من أشيائك في ذاكرتي. اعتذرت إلى أشخاص ملؤوا فراغات السنين الماضية وفاء لما لا أعرفه أًصلا، ام لربما خيانة لعهدي لنفسي بأن اعتاد غيابك، اعتذرت منهم و اخترت أن أسلم نفسي لباص يخترق بي كل المدينة لحط بي في أقصى نقطة منها، و يسلمني لمقعد خشبي غير بعيد من بيت متسول أقامه على قدر رجل بيرة بائس على رصيف جنب ميناء يبدو نهاره نشيط و مكتظ  كما تشي بذلك كمية السفن المرابطة هنا. ربما أردت أن أجرب شعوري بالهزيمة ثانية هنا بعيدا عن الجميع، يبدو الأمر غباء وجنونا، لكنني مؤمن بفلسفة جوبس بخصوص المجانين. هل تكون قمة السطحية و الاختلال العقلي حين أبوح لك هنا بسر، لن أقول لك شيئا عن رجل تعرفين مستوى منسوب الجنون و عشق النساء، و لربما أنت قادرة على التخمين بخصوصه ما قد تفعله أرصفة و أسرة التسكع العابرة به، ما أريد أن أخبرك بك سر فقط بيننا، قد تخمني كم امرأة التقيت بعد في سنين ستة من شوارع و ملاهي و مقاهي و مطارات و قاعات الانتظار و أسفار الباصات الطويلة ، قد تخمني كم التقيت من امرأة، قد تخمني رصيد الخبرة التي تراكمت، لكن حاولي التخمين كيف بعدك تغيرت و تعمقت و تشعبت فلسفتي في النساء، الشيء الذي لا يمكنك تخمينه إطلاقا و ليس لديه عنه أي فكرة هو مرة منعني حضورك من لفظ تلك الكلمة و هي تستقر عند الحلقوم، لم أعرف يوما أن أقولها لأي امرأة و أنا أقرأ في عينيها انتظارها بحرقة، ظلمت كثيرا من النساء يا سيدتي، و فرضت على كثيرات التأقلم مع وضع قائل بأن تلك كلمة محرمة ربما لا يجوز حتى الآن أن تقال لغيرك، حتى حين أجاهد نفسي و أقنعها أجدني أخلق ذلك السياق الهزلي لأرميها على عجل في قالب ساخر يسد حاجة سيدة تجتاحها انفاس الانتظار الجارف، و ليس لها أي ذنب تحرم فيه كلمة استحقتها بكل المعطيات، لكن مع ذلك لم استطع بعدك أن أقولها مشبعة بكل معانيها. صادفت نساء حلمت دوما نظريا بلقائهم تقاسمنا كل مصطلحات القواميس و سلوكيات المتحابين، إلا أني لم أعن تلك الكلمة يوما و أنا أخبرهن بها، لكن ربما كان افضل ما تعلمته الصدق ، كنت في كل مرة أعطيها ايحاءات تفهم بها سياق علاقة أنا لا أفهم أصلا سياقها و لا أعرف حتى هويتها.  لا يمكنني ان اكون غبيا حتى احملك مسؤولية تواجدك معي حيثما حللت، لكن لن أكون حكيما لأفهم كل ما يحصل دون أن تكون لك فيه يد. تعرفين السبب أني حتى الآن لا تزال تسكن مع حضورك هنا قناعة بأني لا زلت هناك بين أشيائي و أن الأمر مجرد مساحة بيضاء من الاشياء تتطهر فيها اشياء مجتمعنا من الدنس، بكل صراحة لقد انهزمنا معا، أنا لا أحب المبرارات التي يصوغها العائدون من ميدان الهزيمة ، أفضل ما يقال بعد الهزيمة الاعتراف بها، ثم اعلان التهيؤ لبداية جديدة، اعترفنا و لربما تحضرنا البداية الجديدة........ "يتواصل"

Wednesday, January 1, 2014

التبرع للمنتخب الوطني، حرام قالوا....

سافر المنتخب الوطني الى رواندا للتحضير للمونديال الافريقي في يناير في جنوب افريقيا، في غضون ذلك كان رئيس اتحادية كرة القدم الوطنية في مبنى التلفزيون الوطني يستقبل الشيكات من متبرعين شركات ووزراء و كانت الخاتمة من رئيس الجمهورية الذي تبرع من حسابه الخاص بمبلغ 5 مليون اوقية في شك الظاهر عائد الى بنك سوسيتيه جنرال، يبدو أن الرئيس ذاته لا يثق في البنوك الوطنية أو لسبب ربما واقعي و منطقي.
المهم حملة التبرع هذه لاقت ردود فعل تتراوح و تنحط حتى تصل حد السخف و السطحية و السذاجة، فوجدت بعضهم يقول يوم لا ينفع مال و لا بنون، و بعضهم يسترسل في سرد الآيات و الاحاديث، هي نفس عقدة المجتمع و مثقفيه الغير متصالحين مع ذواتهم و كل عقدهم مركزة أصلا في اسقاط كل شيء على الحلال و الحرام ، حتى ولو كان الأمر بعيدا من الموضوع. ربما يقول لك بعض الاشبال حالا أن هذا الحاد و أن كل شيء يجب أن يسقط على الحلال و الحرام حتى مباراة كرة القدم نفسها ربما هي موضوع سؤال شرعي، فبالنسبة للعلماء هؤلاء و الفقهاء ما حكم دفع تذاكر و اقامات 23 لاعبا ليسافروا إلى بلاد ما للعب مباراة. على العموم للذين قد يفكرون في جمع الادلة لإثبات الكفر و الالحاد، لا أحد يأبه لمصيري إن كان جنة أو نارا، تماما كما لا آبه لأحد من عبدة الاسقاطات الفكرية السخيفة.
قبل الذهاب بالموضوع بعيدا،و قبل أن نغرق في موضوع الحلال و الحرم، قد يكون هنالك عذر للذين ينتقدون الحملة مطالبين أن تعطى الأولوية للمهمشين و الفقراء و الذين يعانون. و هنا يأتي الرد في كل دول العالم الثالث التي لديها فرق كرة قدم بميزانيات ضخمة و متقدمة تعيش ويلات الفقر و التهميش، الأمر يتعلق بالافق و لا أعرف حقا إن كان القائمين على الحملة يضعونه في الحسبان.
أولا الحملة تزرع ثقافة التطوع بكل ما قد توصف به من أنها "طياطر" كما قد يقول البعض، ثانيا: حين تنجح الحملة في قطع شوط بالفريق و حتى في هذه البطولة وحدها فعلى المستوى المحلي و الاقليم و الدولي ترد أضعاف ما قد صرف كتبرع، و ربما هذا شيء يحسه أكثرالمغتربون ، كرة القدم بوابة تسهل حمل الاسم و العلم، ففي بطولة فيها 16 فريقا تقريبا حين تتأهل موريتانيا للنهائيات او ادوار متقدمة فالاسم يدخل مختلف وسائل الاعلام و بهذا جمهور كرة القدم و هو الاعرف في العالم سيصله اسم "موريتانيا" و علمها، اذن من الناحية الوطنية و الوصول والحضور للمحافل، خاصة حين تقف في مكان و تذكر موريتانيا فلا تجد من سمع بها، في ظل فنانين و مثقفين منحصرين على ذواتهم متغنيين بامجاد و متصارعين في ساحة مرهقة. ثالثا وصول المنتخب الوطني لدرجة محترمة يشارك ايضا في تطوير الدوري المحلي و تصور كم شخصا و كم شابا سيستقطبه الدوري المحلي اذا ما نجح و بدأت الشركات و الجهات ترعى الفرق و تقدم رواتب للاعبين يعني نتحدث عن الاف الشباب الذين سيجدون فرص عمل و يخدمون انفسهم و مجتمهم و مهنهم.
ان كرة القدم تتعدى الاسقاطات المحدودة لمثقفي مجتمع الفوضى ، و صحافة و سياسة الاسقاطات الرجعية العدمية، انتم حتى لو ان الفريق ضمن فرق العالم الاولى ، لا يهمكم الامر في شيء، فكيف تتفهمون دعم مشروعه. انا بالذات ربما لا ادعم الحملة بالضرورة  لكن ارى فيها ايجابيات كثيرة  تجعلني طبعا اعلن دعمها. ان التبرع ثقافة غرسها في اي شيء و باي طريقة و في حد ذاتها تمثل اضافة لعقلية جمعية سحيقة متعبة.

و استذكر هنا ما قراته من فترة: العالم ينشغل باكتشاف الجديد، و العرب منشغلون بتقرير ما ان كان هذا الجديد حلال أو حرام 

Tuesday, December 31, 2013

"اجماعة" و "الطافلات"

يبث الآن بوتيرة مستقيمة غير منتظمة على منطق الرياضيات، برنامجان تلفزيونيان، مستقيمة غير منتظمة لأني لا أعرف بالتحديد توقيتهما لكن من فترة لفترة تقع عليني عليها بشكل تلقائي.
برنامج "اجماعة" يبثه التلفزيون الموريتاني
برنامج "الطافلات" تبثه قناة الوطنية
بين البرنامجين اجد مشتركات كثيرة رغم ما قد يتبادر للذهن من فوارق كبيرة بين الاثنين . لكن في ظل ما اراه نجاح لفكرة "الطافلات" اقترح على التلفزيون الوطني برنامج "العيل"  لأن اجماعة هذه حقيقة مهمة و مفيدة يغير لم يترك لها الطافلات شيء.

جد و بعض الهزل ...

المجلس الأعلى للقضاء يعين أمامه بنت الشيخ سيديا كأول قاضية امرأة

صادق المجلس الأعلى للقضاء على تعيين ثمانية قضاة جدد، بينهم امرأة ستعمل كأول امرأة تلتحق بسلك القضاء الموريتاني، السيدة امامه بنت الشيخ سيديا  اشتغلت استاذة انجليزية قديما ، و كانت مدير للصفقات بوزارة العدل.
المرأة الموريتانية طيلة حوالي 53 سنة من الاستقلال وصلت مراحل مقدمة فترشحت لرئاسة الجمهورية و شغلت مختلف المناصب الوزارية وزيرة خارجية و وظيفة عمومية و عمدة  وسيدات اعمال رائدات، في ظل هذا التقدم على السلم الوظيفي و كذلك المهني، فإن المرأة الموريتانية خاصة في سن متقدمة لازالت تعاني من اسر عادات و تقاليد و اعراف بالية غير قابلة للحياة و تجد صعوبة كبيرة في تجاوزها. 

Monday, December 30, 2013

ملتقى الخبرات و الكفاءات ... و اشطاري

و أنا في طريقي يخترق بي باص بعض صحاري تركيا في رحلة خاطفة إلى الجنوب، و أنا أقلب مستجدات بلوار ميديا، و قعت على ما يتعلق بملتقى الكفاءات و الخبرات ، و كنت مرات قد وقع نظري عليه، قررت هذه المرة متابعته للتغلب على انتظارات الوصول، هذه رحلات تعطيك وقتا يأخذك لأشياء لم تكن في الحسبان.
افتتحت السيدة بنت الليلي بسماعتها و  و ميكرفونها تقدم الجميع، ثم برز صديقها بجاكيت لا أعرف إن كانت تناسب الخبرة و الكفاءة الإعلامية. بعد انتظار  ولقاء حاول من خلاله مستشار في الوكالة الوطنية لمتابعة المشاريع، شرح ما يتعلق بأهداف الملتقى.
ثم كانت الاعلامية بالعربية و الفرنسية تقدم محاور النشاط، افتتح بآيات من الذكر الحكيم تدعوا للتقوى، حتى تقوى الله في الوطن (اتقوا الله في وطنكم)  ، ثم بعد ذلك القى مدير الوكالة كلمة و اخذ حوالي خمس دقائق يشرح فيها للرئيس لائحة الخبراء في الخارج و كأنهم لم يجدوا أو لن يجدوا وقتا للحديث في الأمر خارج هذا الحيز الزماني المحصور، لم أعرف بالذات الهدف من تلك المساحة، بعده تقدم السيد احمد ولد عبدالله  الديبلوماسي الموريتاني المعروف بنشاطاته مع الأمم المتحدة، كانت عربيته مرهقة جدا ، ارهقتها سنوات و ازقة الأمم المتحدة، كانت مرهقة جدا لحد العجز عن القيام، و كانت عربية الرئيس أحسن منها حالا ولو أنه  استبدل "تبادل" ب "تبديل" لكن المهم أن الجميع فهم قصد رئيس الجمهورية.
من الناحية النظرية، هذا ملتقى كفيل بأن يساهم مساهمة حتى غير متوقعة في انجاز الأمور، خاصة حين يدرج هؤلاء في مراحل وضع الاستراتيجيات ثم العمل على تنفيذها ثم بعد ذلك متابعتها و تقييمها، حيث أن هذه هي المراحل الحاسمة لصناعة التنمية و الدول، بحيث يمنح "الخبراء" فرصة لدراسة الواقع بدقة ثم العمل على اقتراح حلول، مع أن السؤال المطروح هنا و الذي يقود لأسئلة أخرى هو ما يتعلق بالخبراء المحليين و أين موقعهم مما يجري، لربما في مرحلة لاحقة سيتم العمل على مزج الإثنين و خلطهم بطريقة علمية تشكل ثورة تنموية حقيقية. لكن حقيقة أريد أن أكون متفائلا، لكن أخاف بخصوص المعايير التي اختير بها هؤلاء و أخاف أيضا بخصوص آليات متابعة هذا اللقاء.

و ما أخافه أيضا هو حين ننزع "اشطاري" و "إياك لاباس" التي صمت آذاننا و لم تتركنا نسمع ما يقوله الخبراء في ميكروفات صحافة مرهقة تماما كعربية الديبلوماسي و الرئيس، بحيث يتحدثون مع ضيف و دون شكره يعطون المكرفون لشخص آخر و يتركونه هو ينتظر ، أو كما قال أحدهم للدكتور "عمو" : انظر إلى الكاميرا.    و هذه عقلية منغرسة في ادمعة صحافتنا الوطنية، يا ناس أنا اتحدث معكم أنتم يعني انظر إليكم أنتم أنا لا أقدم نشرة أخبار و لا موجز، و في حالة اخرى، انا حر انظر حيث شئت و كيف شئت.
و بعد الافتتاح ارى أن الصحافة الوطنية بحبالها و كاميراتها المحمولة  و حركاتها هنا و هناك. لم تتح الفرصة للخبراء للحديث و النقاش، و سمعنا فقط ضجة من اشطاري أياك لاباس....

أنا لا يضايقتي إن كانت هنالك اهداف سياسية، او انتخابية في النهاية هذه الخطوة حين تتبع بآلية تجمع الخبراء في الخارج و الخبراء المحليين، و بآلية تعمل على وضع استراتيجيات و مشاريع قصيرة متوسطة و طويلة الامد في كل النواحي التنموية. و الخروج بها على النص القبلي و المصلحي الضيق .....

بخصوص مشروع الدكاترة "عمو " و "احمدبابا"  المتعلق باستغلال "توكه" كزيت يستخدم للتجميل و العلاج و غيرها، فلقد تابعت المشروع من فترة ، و تابعت تقديم الدكتور له و حتى قرأت عنه، و تحدث الدكتور عمو عنه باختصار، اريد الاشادة بالمشروع و اتمنى من الدولة أن تشتغل عليه لأنه يساهم في كل نواحي التنمية ما يتعلق بتشغيل العمالة بغير مهارة و ما يتعلق بسمعة الدولة و انتاجيتها و الاهم ان القائمين عليه ابناء موريتانيون، و كان المشروع قد لقي ترحيبا في الاوساط الاكاديمية و العلمية ..



النقطة الأخيرة أن الخبراء تم تكديسهم في مؤخرة القاعة بشكل لا يليق بالخبرة فيما حضر جيش الوزراء دقائق الافتتاح ....
في النهاية سلمت موريتانيا و خبراؤها في الخارج و الداخل و ان شاء الله يا مولان نطوروا و نبنو دولة كبييييييييييييييييرة اكبر من الدول كاملات

Thursday, December 26, 2013

شركات المعادن تسرح و تمرح ، و تهد البشر و الشجر - أوقفوا المهزلة



أقدمت مؤخرا شركة تازيازت على تسريح قرابة 300 عامل ، جهارا نهارا و تحدث مسؤول العلاقات العامة فيها بعذر أقبح من ذنب قائلا أنهم منذ شهرين يعدون للخطوة و اتفقوا مع الحكومة الموريتانية عليها، إن كانت الحكومة وافقت على ذلك فلاجديد في كوننا مواطنين نعاني حكومات تسحقنا بل فوق ذلك تعين من يسحقنا، و إلا فعلى الدولة أن تتدخل لتوقف هذه المهزلة القانونية و الفوضى و احتقار العمال و حقوقهم و على منظري الطاولات من المدافعين عن حقوق الانسان التحرك، لا أعرف حينما يصل الامر العمل الميداني و التحرك لا تجد احدا من منظري حقوق الانسان.
ما يعطي الامر بعدا اقتصاديا اخرا خطيرا أن معظم هؤلاء العمال اقترضوا ملايين من بنوك استناداا على رواتيهم، و حين يرمى بهم للشارع ربما لن نتفاجأ بأن يلقي باحدهم من فوق عمارة أو ينتحر خاصة في ظل حالة الضغط الاجتماعي و التوتر السلوكي التي يعيشها المجتمع. 
اطلق مجموعة ناشطين و مدونين حملات تدوينات تدخل هذه الصورة في اطارها، فعلى الجميع أن يقف مع هؤلاء، بالمناسبة اطلق مجموعة ناشطين و مدونين حملات تدوينات تدخل هذه الصورة في اطارها، فعلى الجميع أن يقف مع هؤلاء، بالمناسبة ليست المرة الأولى التي يحصل أمر من هذا القبيل فالشركات تسرح دون مبررات قانونية لكن هذه المرة مختلفة.
يشار إلى أن شركات التعدين في موريتانيا محكومة و مسيرة من عصابات مقاولين يعملون على رشوة و التعامل مع المديرين الاجانب و يسيرون كل شيء، و تعشش حالات من الفساد و الرشوة المتقدمة و القائمة أساسا على امتهان العمال و حقوقهم و التهام مقدراتهم....
كلنا من أجل محاسبة و عقاب هذه الشركات و معاملتها طبق القوانين و النظم .


Wednesday, December 25, 2013

السيدة فاطمة بنت انجيان ، شخصية العام 2013


شخصية العام : فاطمة انجيان

فاطمة بنت انجيان

النقطة الوحيدة التي أنا متأكد منها، أن شخصية العام في موريتانيا هذا العام و بكل الميزات و الامتيازات هي السيدة فاطمة بنت انجيان، فكناشطة حقوقية، تسهم بشكل كبير و متزن في خلق ثقافة حقوقية، بالتركيز على توضيح أسس و بديهيات يتجاوزها مجتمعنا . السيدة بنت انجيان أيضا تنشط في مجال يرتبط بمجال اختصاصها كقانونية و تعمل بشكل منهجي لخلق هذه الثقافة  .
يسجل لها كانجازات أيضا في المجال الحقوقي و السياسي ، مبادرة 4 دجمبر ، و هذا ما نحتاجه في موريتانيا أن يكون النشطاء و المختصون ذو مبادرات نابعة من وعي و فهم و نقاشات تفضي لحلول، السيدة بنت انجيان رفقة آخرين اطلقت المبادرة و هي تعمل الآن عليها ، اتفقنا معها أم لم نتفق تعتبر خطوة تنم عن وعي بالدور الحقيقي للناشطين الحقوقيين و السياسيين.
أيضا بخصوص أرائها التي تعرب عنها دائما على صفحاتها التفاعلية، تلاحظ حالة التوازن بين المواضيع السياسية و الاجتماعية و الحقوقية بشكل واع . و من المؤشرات أيضا التفاعل الكبير التي تشهده ادراجاتها كونها تشكل حالة التقاء بين الجميع.
باختصار كمتابع و مؤمن بحقي الكلي في التعبير عن رأيي  يسرني أن أعلن السيدة : فاطمة بنت انجيان شخصية لعام 2013  و اظن الكثيرين يوافقونني الرأي ، كما بالتأكيد الكثيرون ربما لا يوافقون ، لكن  هو "الا كلها و ارايو إلى ذاك "

أتمنى أن السيدة بنت انجيان ستواصل عملها ، دون أن تسمح للفلسفة الاجتماعية السائدة بتعطيلها، فتستمر في اقتراح المبادرات و الحلول و خلق فضاءات و نقاشات و توجيه الجهد المدني إلى مسار يمكنه من خلاله صناعة التغيير. اتمنى لها النجاح في حياتها الشخصية و المهنية و النجاح في تحقيق اهدافها.

لم التق السيدة بنت انجيان، لكن صدفا قادتني لمتابعة بعض نشاطاتها ثم بعد ذلك تابعت أنشطتها ، و التقيت بأشخاص عرفوا السيدة  خارج الوطن.
مما يضاف في هذا السياق ، اهتمام السيدة بنت انجيان بمشاركة بعض النقاط المهمة التي تعتبر تاريخا مشتركا حول والدها المرحوم حيث بدأت الكتابة حول متعلقات الأمر، و هو أمر نادر فنحن دولة يموت تاريخها مع رجالاتها، فاعتبارات القبيلة و كل الممارسات السيئة تمنع الجميع من كشف أي شيء و هكذا نتقدم و نحرق كل تاريخنا و شخصياتنا لاعتبارات واهية.


في نهاية الادراج هذا أحاول إقتراح بعض النقاط التي ربما فقط تدخل في اطار أخف الضررين.


سياسي العام : بيجل ولد هميد

مواقف الرجل السياسية ووضوحها و ثباته عليها، خلقت توازنا ساهم بشكل فعلي في إعطاء صورة حول السياسة كثقافة و مواقف.

قناة العام : الوطنية  (مع خطر حجب الجائزة )

الوطنية فنيا من ناحية الجنريك و الاضاء تعتبر الأفضل، بخصوص المحتوى أيضا لديها خرجات ابداعية جميلة رغم كل سقطاتها.

موقع العام : الحرية  - صحراء ميديا

ما تشعره و أنت تتابع مواقعنا الوطنية، أنها كلها تفتقد المهنية و الموضوعية و الحرفية ، بعضها يديره هواة لا علاقة لهم بالصحافة، و بعضها يديره أيديولوجيون جامدون جافون.

برنامج العام : مساء الخير - الطافلات

مساء الخير ، على كل سقطاته و مع أن الصحافة لم يصلوا بعد لمسرح يتفاهمون عليه بطريقة تلقائية و مع أن التقرير أحيانا يتأخر و أحيانا لا يأتي و يبقى الصحفي ينتظر شاخص العينين و مع أن الاضاءة ليست كما يجب بعد و الشعار بدائي جدا و تقليدي حد التهالك و مع كل السقطات فهي فكرة تستحق الاشادة - الطافلات  فكرة و مضمونا و كونه خروجا على المألوف و مدعاة لنقاش الاعراف الاجتماعية و التقاليد و يشكر فضاء حورايا جميلا بين مكونات اجتماعية مختلفة  و فنيا لائق جدا، إلا أنه الظاهر أنه توقف . فمعناه أن الوطنية مثل التلفزة الوطنية البرنامج يبدأ فجأة ثم يتوقف فجاة .

"ذيك الأمور الأخرى مان داخلين فيها لا نوقدو" تلك الأمور الأخرى لن ندخل فيها لكي لا نضيع فهي تسبب حالة صداع.
 

Tuesday, December 24, 2013

جميع المسافرين .. الى البوابة رقم 2014 - الثاني



عابرون كلنا للبوابة 2014 إلا الذين لم يتحصلوا على تأشيرات السفر و الذين انتهت صلاحيات جوازاتهم فترصدتهم غرف انتظار أخرى أخذوا منها ليتناولوا جوازات سفر للإقامة تحت الأرض، كل الذي لم يعبروا من تلك البوابة هم ناس استبدلت جوازاتهم فوق الأرض بجوازات تحتها و تخطفتهم رحلات أخرى لم يكونوا على موعد معها، لم يعرفوا وقتها و لا وقت الحصول على بطاقة الركوب و كم ساعة في قاعة الانتظار و لا رقم المقعد  و لم يسمعوا القبطان و هو يعلن قرب موعد إقلاع الطائرة، ذهبوا في تلك الرحلة التي كانوا ينتظرونها دوما مع نسيانهم لها أحيانا، هي رحلة ننتظرها في أي وقت، فحقائبنا لها أن تبقى محزومة  و نضع فوقها الكتاب الذي سنقرأه طوال الرحلة و نوع الموسيقى المفضل لرحلة استثنائية. أولئك ذهبوا في رحلة مختلفة بجوازات مختلفة بمقاعد مختلفة لبسوا ملابسهم البيضاء و التحفوا بصمتهم السرمدي و انطلقوا.

لنتذكر و نحن نعبر هذه البوابة أولئك الذين عبروا بوابات أخرى ، لم يجدوا وقتا ليعرفوا أسمائها و لا أرقامها و لم يعرفوا أي شيء بخصوصها، لنتذكر آخرين سقطت أوراقهم و جوازاتهم و تأشيراتهم و سقطوا قبل ملحمة الثلاثة و الأربعة اختطفهم تاريخ عشوائي ذات مرة ليعلن فجأة نهاية الرحلة ، و ليضأ الجميع  شموعه و أشجاره و أفراحه و يحاول الهروب من لحظة النهاية و يحاول قليلا قبل أن تتخطفه  تلك البوابات التي تنهي كل شيء ، يحاول الركض و كأنه يفرج بوصوله لتلك البوابة رقم 2014 و ينسى بكل أنانية الإنسان أولئك الذي تملكهم الصمت الأبدي.

الدولة الفاضلة : والله تصدق تكون مجنون ... لا تصدق يجب أن تكون أعمى

ببساطة المتابع لبرامج تلفزيوناتنا الوطنية ، و الحمد لله أخيرا صرنا نستخدم صيغة الجمع ل "التلفزيون" ، لكن و كاننا بدأنا نتباكى أيام المفرد، المهم المتابع لها و برامجها التي تستضيف شخوصا و شخصيات و شاخصين و مشخصين و متشخصين و مستشخصين و شخيصيات و كل ما يشتق من ( ش - خ - ص ) فقط سيحسب أن موريتانيا دولة فاضلة لا يسكنها إلا ( الكتاب و الشعراء و الفنانون و المصورون و الرسامون و المفكرون و المسرحيون و الممثلون و أبطال الفورمولا وان و الأدباء و المحللون و  و المخرجون و المنتجون و الإعلاميون و المصممون و و و و و ) تحسب فقط أنك في دولة لا يقل نظيرها بل يستحيل ، حين تصدق هذا يتبادل لذهنك سؤال بسيط أين الكتب مادام لدينا هذا الكم من الكتاب؟ أين المعارض و المسابقات مادام لدينا هذا الكم من المصورين و المفكرين و الرسامين و الفنانين ، أين المسرحيات و المسارح و مهرجاناتها و جوائزها و و و مادام لدينا هذا الكم من المسرحيين و و و و ، يقول لك البعض، لأنه ليس لدينا دور نشر ، لأنه ليس لدينا مسارح راقية، لأنه ليس لدينا معارض على المعايير، لأنه ليس لدينا جرائد و مجلات محترمة ، لأنه ليس لدينا ثقافة سينمائية لأنه ليس لدينا استوديوهات، إذن أبسط الأبجديات في هذه الفنون ترفض وجودها فعلا قبل وجود ما يعتبر مقوماتها و أسسها ، أنت كيف أصبحت مسرحيا دون مسرح و كيف أصبحت كاتبا دون نشر و كيف أصبحت محللا دون دراسات و بحوث و كيف أصبحت مصورا دون معارض و اعمال..... لنتفق في البداية على أننا يجب أن ننشغل بإلصاق تلك الألقاب المثيرة للضحك و الشفقة ننشغل بالعمل على خلق هذه الأسس، حتى لا يكون كل افعالنا تنظيرات لا صلة لها بواقع دولة تعيش فوضى في كل شيء حتى ألقابها.
يقال ، أنك تكذب تكذب حتى تصدق نفسك ثم تصدقك الناس، ما أخافه أننا صدقنا أنفسنا و كذباتنا الكبيرة هذه و صرنا مكتفين بما وصلنا إليه على سلم تنظيراتنا الجوفاء، لنتفق مبدئيا على ما هو مبدأ ، و كل هذه الانجازات والجهود الجبارة التي نتحدث عنها نركزها على اهداف تعمل على وضع أسس تعطي قيمة و مصداقية و صلة مع الواقع لكل ما نتحدث عنه تنظيرا.

يسألك صحفي مثلا: لماذا أخترت هذا المجال؟ لماذا اخترت ان تكون عامل بناء؟ لماذا اخترات أن تكون صحفيا؟ لماذا اخترت أن تكون كاتبا؟ لماذا اخترت أن تكون سينمائيا؟ لماذا اخترت أن تكون عامل نظافة.... لنفترض جدلا أنه كاتب و مخرج و محلل  و مفكر و لاعب كرة قدم محترف مثلا...
هل تعرف أكذب خلق الله من سيقنعك في موريتانيا أنه اختار أن يكون هذا أو ذاك، هذه مرحلة من الترف كبيرة جدا و اكبر جدا من مقاسات واقعنا الأليم، منذ متى كان لدى الموريتانيا طالبا أو متسكعا أو منحرفا كل هذه الخيارات و الاختيارات ليختار. كل يدخل كل شيء فتجده في النهاية في احد تلك الأشياء أيضا ضائعا فيه ففيه وجد نتيجة مؤقتة صدفة أو الأشياء الأخرى ضاعت منه. و تجدننا ننظر بشكل سيضحك و أنت تشعر بالشفقة، منذ صغري و أنا أميل و أميل و يميل إلى أن يسقط، منذ صغرك هل اهتمت عائلة بما تميل إليه أو تسقط فيه؟ هل اهتمت به مدرسة؟ هل اهتمت به دولة ؟ من اهتم بما تميل إليه أم كنت ناضجا منذ صغرك حتى تدرك الأمر وحدك. ثم ميلك هذا و حين كبرت هل وجدت أبواب المسرح مشرعة و أبواب الرسم مشرعة و أبواب البحث مشرعة و أبوابا أخرى فوقفت بكل دلال تسقطها على أحلامك و ميلك، فقط لنفكر دقيقة أحبتي ، إنه وطن الفوضى العارمة و الفوضى المجتاحة . حتى أولئك الصحافة الذي يحاولون طرح الأسئلة التي يطرحها كل الصحافة، حتى الأمس القريب ما كان فيهم من يميل إلى الصحافة و لا يعرف شيئا فيها و لاعنها، في أحسن الأحوال هنالك قريب و قال له سأحاول البحث لك عن عمل، سيحاول أن يحصل له على وظيفة محاسب مثلا في شركة إن لم يستطع سيبحث له عن مصور في جريدة إن لم يستطع سيحاول له وظيفة سكرتير لم تأت النتيجة سيحاول له مع جريدة ككاتب، ما حصل شيء يقول له ، أنا أعرف فلانا في التلفزيون ماذا لو انضممت لها، و احيانا ينصم لا يعرف إن كان سيكون مصورا أو منتجا أو مهندسا أو صحفيا ، في النهاية تأتي الشبكة بما تأتي به فدعونا من الصغر و الميل و الكبر و الحلم ، و لنتحد يا كاذبين على أنفسكم لنبني دولة اجتهدت طيلة عمرها لتبدد أحلامنا و تحيل أمالنا كوابيسا مرعبة بشيوخها و عمائمهم، دعوكم من التنظير الفارغ في برنامج فارغ و الحديث عن : كوننا مسكونين بعشق كذا و كذا و كذا ففي النهاية كذا و كذا و كذا جاء صدفة كما لا يأتي أي شيء في دنيا الفوضى إلا صدفة....
ففي كل دولة هنالك فنانون و كتاب و و و و و و  و و و يشتغلون داخل الدولة و يحملون اسمها خارجها إلا نحن لأننا ندخل رؤسنا في تلك التنظيرات الفارغة و ننسى أن نفعل أي شيء. يا مثيري الشفقة افعلوا افعلوا افعلوا ثم بعد ذلك قولوا، دعوكم من قول كل أفعاله مشاريع مؤجلة لأجل غير مسمى

Monday, December 23, 2013

جميع المسافرين.. إلى البوابة رقم 2014




لا أعرف لماذا الأيام الأخيرة من كانون هذا لا تريد الإنقضاء ، و تسير بهذا الإيقاع البطيء جدا،  و كأن العام يكابر يرفض الانقضاء، هون عليك فكلنا ماضون و كلنا ستأتي اللحظة التي نتوقف فيها عن الحركة ، ثم ننسحب ببطإ من المسرح. لكن ما لا أعرفه أكثر هو لماذا أستعجل مضيها هذه المرة لماذا أريد لها أن تتسارع ثم تلملم ذاتها ، لماذا تقتلعني هذه الرغبة العارمة لأرى الأربعة تجتاح الثلاثة في ملحمة كونية ستضاء لها الشموع في أصقاع الدنيا و تضاء الأشجار و تعلق الهدايا و تتطاير في سماوات مانويل، اعرف كم الثلاثة منهكة و متعبة و بدأت توضيب حقائبها لتغادر في رحلة النهائية لتستريح من حضورها في كل ورقة حرب وقعت و كل صفقة شر أبرمت و كل اجتياح تم تدبيره، تريد الإختفاء و الإنطفاء، تعرف أن مدتها انتهت و أنها غير قابلة للتجديد و ان لا قوانين و لا برلمانات قادرة على تغيير تلك المادة،.
هل يتعلق الأمر بأني اعتدت غيابك ، فلم أعد انتظر شيئا و اعتدت السنوات تأتي و تمضي دون عطرك و ألوانك و دون لمساتك دون أي شيء منك، فلم يعد هنالك فرق نستعجل أحيانا و نستبطأ أحيانا ماداما لمعيار الزمني بعيدا عن توقعات حضورك و أحلام إطلالتك.فلتات الأعوام إذن كما شاءت و لتمضي كما شاءت ، فهي لا علاقة لها بتقويم أنت كل منحنياته و اسقاطاته.
و ليضأ الآخرون الشموع بعيدا عني و لينظموا حفلاتهم الراقصة بعيدا عني، و ليبحثوا عن سماء بعيدة قليلا لتطاير هداياهم و ألعابهم النارية، ليتركوا لي فسحتي فاصلتي الزمنية لحظة العبور، ليتركوا لي تلك الفاصلة المميزة لأتذكر فيها لحظاتي المميزة المختصرة كلها في زاوية الذاكرة حيث كل أشياءك تتراكم و تتقادم و تتجدد هنالك.
ليتركوا لي طاولة خشبية وحيدة على حافة البحر الأسود بين جسر البوسفور و جسر الفاتح غير بعيد من مكان ذلك الصياد العجوز حيث يلقي كل مساء بسنارته، كل ما أطلبه منهم تلك المساحة و بعض الصمت إجلالا لحضورك، و احتفالا بسيطا راقيا يليق بك. يجتاح البياض كل أشياءه، فقط لنتحدى الوان الغياب و البعد المظلمة.
....... يتواصل 

Saturday, December 21, 2013

لائحة الهادي و تصويت العملاء - الصحافة و الاسترزاق و أشياء أخرى


في الحقيقة، آخذ مسافة من غوغاء عامة تعيشها صفحات الفيس بوك الموريتاني، الذي أظن أن شركة فيس بوك حين تراجع تجد أن الموريتانيين اخترعوا ألف طريقة و طريقة لم يسبقهم إليها أحد في استخدام الفيس بوك، و بدأ إعلامهم أيضا يتداول قواميس و مصطلحات ترسخ لهذه الاستخدامات، فصار من يضع صورة له في فضفاضة على ضفة الاطلسي و يتحدث عن طعم الكسكس الذي أكله يوم أمس يسمى "مدون"، و من يكتب عليه سطرين من العربية يسمى كاتبا و أديبا و أشياء اخرى، فأصبحت تجد ألقابا غريبا، فلان بن فلان كاتب علماني إٍسلامي مثلا لا تستبعد الأمر، أعجبني تعليق لصديق لي ، مرة كنت أتحدث عنه في التوزيعات الايديولوجية في موريتانيا ، فرد أن المتأدلجين في موريتانيا يشبهون مشجعي كرة القدم، فأن يقول لك واحد أنا يساري لا تختلف كثيرا عن أن يقول لك أحدهم أنا "مادريدي"  و حين نفكر حقا في مثقفينا و فوضانا العارمة من يساري و ماركسي و علماني و طيني و ناري و و و  نجد مشتركات كثيرة. المهم فيس بوك بالنسبة للموريتانيين صار دار نشر و مدونات و مواقع إخبارية أيضا و أظن فطور الصباح بالنسبة للبعض و العشاء أيضا. ما يعجبني فينا نحن الموريتانيين أننا حين ندخل أمرا ندخله بجدية حتى نتجاوز الحدود كلها، و نعرف ان نغرس العقلية الصحراوية العبثية الجميلة في بعض الاحيان نغرسها في كل شيء حتى على صفحات الفيس بوك.
المهم الجدل مؤخرا دائر حول لائحة هدد صحفي أسمه ولد احمد الهادي بأنها لديه حول صحافة موريتانيين يتلقون رواتب من الرئاسة و الجيش و الوزارة الأولى و غيرهم، نشر الصحفي الخبر طبعا بحرفية ليست قمة في الكمال، فكان الأولى أن تحتفظ بالخبر لنفسك لتجد سانحة اكثر مهنية و توازن تعلن فيها عنها، لكنها لعنات الفيس بوك ، ما فائدة مثلا أن تعلن على الفيس بوك ان لديك لائحة بصحفيين مرتزقين، و لديك ألف طريقة مهنية تعلن بها الخبر تكون أكثر قدرة على ضبط اللواحق و التبعات.
المهم أعلن الرجل الخبر و ما إن أعلنه حتى بادر أحدهم بنشر لائحة ضمنها أسماء ينظر إليها البعض على أنها قامات فارعة في الاعلام الوطني او لربما قامات فارعة في العمالة الوطنية المهم لا أحد يعرف. و فصل الناشر في الأمر. هل أنه استلم معلومات من السيد ولد أحمد الهادي ؟ أم أنه فقط استبق الأمر و أراد أن يثير تلك الزوبعة؟ أم هل كما ذهب البعض الأمر مدبر ، أمر مضحك حين نبدأ الحديث عن سيناريوهات مخططة و مدبرة في أرض السيبة المطلقة في الصحافة و السياسة.
أنا أريد أن انطلق من مسلمتين ، أولا الإعلام عندنا هل هو في مستوى يصل فيه مرحلة الاكتفاء الذاتي فتكون المؤسسات قادرة على دفع الرواتب و متابعة كل الأمور، أم هل تعبؤ مؤسساتنا أصلا بأعباء الراتب فهي تكتفي باستغلال بعض الملامح الشاحبة لشباب رمت به جامعة نواكشوط لصنع الشاي في أركان بيوت في عرفات و توجنين و دار النعيم.....
المهم أنا باختصار أظن أن إعلامنا و مصارد تمويله بين أثنين ، اعلام يؤيد الأغلبية و بالتأكيد "عارفة له شيئا" على الطريقة الموريتانية، و إعلام يدعم "المعارضة" و بالتأكيد هي عارفة له شيئا، و إعلام يصفق للقبيلة و موظفيها و مشاايخها و وجهائها و ولاياتها و هذا عارفة له "القبيلة " شيئا، و الثلاثة في النهاية سواء.
الأمر الآخر هو المجتمع الموريتاني لا يتذكر حكمه إلا حين تنقلب عليه، ألا يتردد "كرش ما فيها اعظام ما ترادس" لماذا قامت قائمة البعض و تذكر القانون و الدعاوي فيما الامر لم يتعد بعد كلمة نشرها واحد طائش أو آخر يحاول الاحتراف على غرار الجميع و خانته العبارة و الطريقة، ألا يمكن لأي كان في ظل هذه السماوات المفتوحة كتابة ما شاء و نشره دون اسم و دون معلومات، يمكنني انا الليلة ان أنشر لائحة جديدة و أطلب من صحفي أن يقول أن لديه لائحة فهل سترفع القضية و على من؟
الحقيقة في نهايتها ، نحن كلنا أبناء الخيام و متعارفون جدا، ففيهم من كان يتقاضى من معاوية ولد سيداحمد الطايع و فيهم من كان يتقاضى من آخرين ، في النهاية الثقافة الاعلامية السائدة هي أن الاعلامي يأخذ من رجل سيكتب عنه موضوعا جميلا لا أساس له من الصحفة او التصفيق وا لتطبيل لسياسي او وزير و الامر كله سيان، يعني الرعيل الأول من الاعلاميين لهم فلسفة إعلامية نعرفها جميعا، و الدعاوي و تلك الامور ضحك على الذقون، فأولا من يريد أن يبرأ هؤلاء ذمهمه أمامه فالجميع متفق أصلا على الأمر و لا يعنيه فمن لا يقبض من هذا يقبض من ذاك، و الرأي العام أصلا لا شأن له فهو مشغول هذه الأيام بحصص القبيلة في الانتخابات  و مقدار الرضا الذي سيناله الوجهاء من الساسة و مقدار التقدير و زاوية الانحناء التي سيقدمها الساسة للوجهاء.

تطورات القضية وصلت أن بعض الصحافة قرر رفع قضية على الرجل ولد الهادي، و الأخير صرح بانه لا علاقة له باللائحة و أظن رفع الدعوى يليق بسطحيتنا القانونية و الاعلامية ، فهم سيرفعون قضية و الرجل سيقول أنه نعم صرح بان لديه لائحة لكنه ليس من اعلن تلك و لا علاقة له بها، فكيف سيثبت الامر، من ناحية اخرى قالوا : نريد له أن يفصح عن ما لديه، إن كان دقيقا فيما يقوله و يتمتع بمقدار من المصداقية مع اعلاناته، فإعلانها " راخي في الجماعة" كاملة .

إعلامنا ببساطة "الأ الله يحفظ"   .......

Friday, December 20, 2013

مجتمع يأكله النفاق - أيها الأفاكون ......

مساء أمس ، التقيت أولاين صديقا عزيزا علي و بعد الحديث في كل أشياء أصدقاء ثانوية فرقتهم السنوات و عبثت باحلامهما الصغيرة الاتجاهات، دخلنا نقاشا جديا حول المجتمع الموريتاني وسلوكياته، بدأ صديقي بطرح جميل حول المجتمع مشيرا إلى أن هنالك ثوابت و متغيرات في أي مجتمع، و أن الثوابت مثلا هي القيم الدينية و العقدية، و ان المتغيرات هي ماعدا ذلك من أعراف و تقاليد.
علقت ، نعم نواقف هذا الطرحن لكن مشكلتنا ان مجتمع خلط الثوابت بالمتغيرات و العادات بالعبادات و التقاليد بالقيم و يستخدم هذا كوسيلة لضمان استمرار تلك الاعراف الرجعية التي تقضي على كل أحلامنا بوطن و إنسان موريتاني و اعي.
إن المشكلة تنحصر في أمور منها: ماهي المشكلة التي يواجههاالمجتمع، هي النفاق ، مجتمع يكذب على ذاته و يرى في الصمت على كل شيء دينا و تدينا، فيما في عمقه تنخره الممارسات التي لا تمت لدين و لا عقيدة بصلة. إن الأخ الذي يعاقب اخته على مشاهدة أغنية لفيروز على أنها ماجنة هو نفسه المتسكع بين مواقع الخليعة ، و الأب الذي يحمل مسبحته و يغض بصره في البيت و يبدو كملاك، هو نفسه المتكسع بين بيوت الدعارة و العشيقات ليلا، و حراس الفضيلة في المجتمع من علماء و غيرهم هم قادة الزواج السري و عقيدته ، و البلاء كل البلاء في الشيوخ و الوجهاء، الذي يتزوجون بنات بعمر بناتهن و يقايضن تشغيل الابناء و البنات و توظيفهن بالزواج و غيره. مجتمع في صمته تجد فيه أبشع الممارسات التي تهد البنية المجتمعية فالإبن ليس غبيا لدرجة لا يلاحظ ان أباه ذاوجهين و جه ملائكي و آخر شيطاني و سيكون هو على طريقه، و البنت تعرف عن أخيها و هكذا يكبر مجتمع يتوارث ممارسة أقبح العادات و الممارسات في صمته و يأتيك أدعياء الفضيلة حتى لا تشيع الفاحشة. إن المجتمع الموريتاني إما يستمر على هذا و نعترف كلنا اننا في مجتمع متهالك سينتهي به المطاف متعفنا في مزبلة خاصة بالمجتمعات الغير قابلة للحياة في سياق اليوم، حيث يتعفن هنالك ببناته المتزوجات ممن لا يحببن و لا صلة لهن به و لا مشتركات معهن ، و بنات متزوجات مع رجال بعمر أبائهن و بنات يتاجر بهن في صفقات القبيلة و ابناء العمومة، و رجال يدمون الخليعة و يحملون المسبحة و شباب يعتنق فكر أبيه فيمارس كل شيء في سره حتى لا تشيع الفاحشة و يظل المجتمع متغطيا بذلك الشعار الفارغ مجتمع محافظ و متدين إلى أن يأتي اليوم الذي لا يجد الغطاء ما يغطيه أصلا أما شباب مدمن و بنات محطمات و رجال منافقين و شباب يعيش بعقليات قبلية و عادات بالية حقيرة.

نعم هنالك من يخدمه استمرار وضع كهذا ، فهو مثلا يخوله الزواج بابنة عمه و لو كان فاشلا متغطياا بابن فلان و من هو فلان رجل تهالك و رحل أ و امرأة فقط لأنك فاشل و لا شيء تتمسك ب "ابن فلان" تعرف أن من مشاكل العرب الكبرى أن الواحد فاشلا غارق في الخمر الأحمر حتى الأذنين لا يعرف اتجاه القبلة و حتى متدين يقيم الليل لكن لا يفعل شيء مكتفيا ب الرسول صلى الله عليه وسلم عربي. نعم عربي و بعدين..... أن تظل واقفا هنا كتلة فشل متحركة لا عقل و لا فكر و لا رؤية خارجة عن اطار العقل القبلي الرجعي مكتفيا أنا ابن "فلان" ذلك مستوى من الحقارة صعب الوصول إليه. و هناك أخرين ينتفعون من الامر فيوصلهم للشغل و الوظائف دون مستوى و هنالك الوجهاء الذي يستظلون بالامر لتزف إليهم كل مساء بنت صغيرة من بنات القبيلة و لسحقا لهؤلاء لعمري ما أكثرهم و في بتلميت و الاك و ازويرات و اطار و في كل بقعة من بقاع ذلك الوطن المدنسة بالعقليات الرجعية.

و هنالك شباب يدرك كل السوء في ذلك و يدرك انحطاط المستوى الذي هو فيه و هو يردد أنا ابن اهل فلان، لكن ما بيده حيلة فدون ذلك التعريف هو لا شيء، لان القبيلة عملت على أن تربط ذلك التصور بوجدانه و شخصيته و عقله فاصبح من الصعب عليه وجود ذاته بعيدا عنه.
و هنالك نوع آخر يدرك كل ذلك لكنه مدين حتى الآذنين للقبيلة/
- فهي التي دفعت مثلا، و اشترت له الباكلوريا من إحدى عصابات بيع الثلاثة المشهورة و التي يسيرها جنرالات و رجال اعمال هنالك في انواكشوط .
- أو هي التي اشتغلت و اتصلت حتى انتزعت له منحة طالب في حي فقير حاز عليها بعرق جبينه و بدل أنها كانت إلى المغرب جعلوها مثلا إلى فرنسا، نعم القبيلة.
- و حين عاد هي التي اتصلت حتى ضمنت له وظيفة ما كان ليحصل عليها في بلد السيبة و القبيلة و العقلية الرجعية دون وساطة و علاقة.

لذلك هو لا يمكن ان يقف اليوم و يقول لا يجب أن نوقف القبيلة و يجب و يجب ، لأنه من هو أًلا دونها فالشهادة التي لديه من باكلوريا مزورة مشتراة من جماعة استثمار في فساد التعليم الوطني.

مرة حاول صديق عزيز أن يقنعني بجانب إيجابي للقبيلة، و قبلت معه فأحيانا لا يكون لدي مزاج لنقاش مواضيع المجتمع البائس، و رغم أنها عادة سيئة أن لا اتفاعل معه، قال أن هنالك حالة تكافل في إطار القبيلة تكون مفيدة ،  و هو أمر أيضا أسمع الكثير من المثقفين يتحدثون فيه، لكن الجوانب السيئة المترتبة على ذلك الجانب الذي يمكن وصفه بالايجابي بالنسبة لهم تمسح كل شيء، فكمثال حين تشتغل القبيلة على جمع أموال لابتعاث الابناء للخارج، ما يحصل أن الولاء للقبيلة يتقوى على حساب الولاء للوطن و أن أولئك سيعودون ولاؤهم للقبيلة التي جمعت لهم الاموال  و ليذهب الوطن للجحيم ، جحيم سيتمثل في تشغيلهم للاقرباء و ابناء العم و تفضيلهم على كل شيء و تختفي ثقافة المواطنة بشكل كلي، و نكون في وطن من دويلات قبلية و كل قبيلة ستحاول لسهمها من الكعكعة ان يكون أكبر فأي فائدة في ذلك. يقول لك أحدهم ماهو البديل؟ إن كانت القبيلة تعطي لأبنائها أكثر من الدولة.  الجواب و هل تركت القبيلة أًصلا دولة تقوم. و أين هي الدولة أمام العقلية القبلية الحقيرة يا ابن اهل فلان.

بعد تفحص لحال الوطن و اعلامه و مثقفيه و كل شيء فيه، تجد أن المشكلة تبدأ من القبيلة و تنتهي بها، فلنكن إذن مجتمعا منافقا تحكمه أعراف القبيلة ووجهاء ذوو العمامات و المسبحات الخداعة مضاجعو بنات الخامسة عشر و موقعوا عقود زواج السر و مرتادو بيوت الدعارة و العشيقات ، مجتمع يحكمه الأئمة مرتادو الاحياء الشعبية و مدمنو شاي بناتها، مجتمع تنخره كل الامراض و العلل الاجتماعية فيأتي أيام يقتل فيها الاباء ابنائهم و يغتصبون بناتهم و يتناحر الاصدقاء و ينتحر المنتحرون و يظل كل ذلك تحت يافطة البؤس القيمي ، مجتمع محافظ و تقليدي.  و حينها ستأتي حالة انفجار غير متوقعة ستقلب الطاولة على كل المنافقين و تكشق كل الاوراق الخافية لحراس و دعاة الفضيلة.
أو لنبدأ نبني مجتمعا قيميا متصالحا مع ذاته.

لا زلت أذكر منتفخ الشدقين ذلك بعد ذلك اللقاء ، حين التفت إلي و قال: خوي أنت من أي الناس؟ لم أتمنى أن اصفع أحدا كما تمنيت لو صفعته ذلك اليوم.
ألا فلتصبح على خير يا وطن البؤساء ، من عبدة الأعراف البائدة و ذوي العمامات المخادعين.