Thursday, December 5, 2013

الشباب و التطوع و الحوار : مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني



استنادا على ما تابعته في المؤتمر الدولي للحوار و التطوع، الذي نظم بتعاون ما بين اليونسكو و مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني . أنشر لاحقا خلاصات و أفكار بخصوص المؤتمر ، كما أنشر خلاصة تجربتي في المجال مرفقها بتوصيات و اقتراحات.
إن الحوار و التطوع قيم إنسانية، و ما داما بخير كانت الإنسانية بخير، و أي خلل يشهد فيهما هو خلل عميق في البنية القيمية  و الانسانية ، و حين ننظر إلى العالم بتفحص نجد أن التغييرات الكبرى في المجتمعات و نمط سلوكها و عيشها و حياتها قادرتها مبادرات تطوعية خالصة، و الحوارهو الفضاء الذي أقبل فيه أنا الآخر على اختلافاته كما يقبلني هو على اختلافي في جو يملؤه الود.
السؤال : كيف هي الوضعية الراهنة في العالم و في العالم العربي بخصوص ثقافة التطوع و ثقافة الحوار؟ كيف ندعم هذه الثقافة و نبنيها في الفكر الجمعي للمجتمع؟ خصوصا إذا عرفنا أن التطوع قيمة ترتبط بشكل أو بآخر بمستوى النضج و الوعي الاجتماعي.
ثقافة الحوار و التطوع حول العالم ، أين هي من الطموحات ؟ و ماهي فرص تعزيزها؟

إنه لجميل جدا أن نعرض التجارب الرائعة و الجميلة التي تقودنا لأركان العالم الاربع على اختلافاتها و سعتها، لكن الأجمل أن نعرض التجربة و نقف على :
العراقيل التي واجهتنا خلال تنفيذ هذه المبادرة أو التجربة - كيف تجاوزنا تلك العراقيل و تغلبنا عليها - و ماذا عن التحديات و الفرص التي يواجهناها. تلك هي الدروس التي سنتعلمها من تجربة كل واحد في مجال صناعة السلام أو العمل في مجال التنمية المستديمة أو غرس قيم تعدد الثقافات و حوارها.

- تابعوا هذا الموضوع معي و مواضيع حول تجربتي في المملكة العربية السعودية و مع رجالات و سيدات الحوار و التطوع و الثقافة اللذين كانت لي فرصة اللقاء بهم و نقاش موضوع من هذا القبيل معهم.
مشكلتي الوحيدة ، و هذه ليست مطروحة فقط  بخصوص اجتماع جدة، بل لربما مما يميز الاجتماع هذا أن كل المشاركين هم متطوعون لديهم حقا تجارب ملهمة و مثيرة و لو أنها استحقت أن تقدم بشكل يخلص منه لدروس مباشرة، نعم حين تجلس إلى أي مشارك تجد في عينيه بريق الشغف الذي يسكنه للعمل التطوعي. لكن و كما أكرر في كل المؤتمرات حول العالم، تكون المواضيع و المداخلات إنشائية.  مثلا يعرف الجميع أن الحوار مهم و التطوع لا سبيل لقيام المجتمعات من دونه، لكن السؤال الدائم و الحقيقي هو : كيف ؟ كيف ندعم ثقافة الحوار في اجيالنا . و كيف نغرس ثقافة للتطوع قابلة لأن تكون قيمية مضافة لبناء المجتمعات.

المطلوب ليس أن نلتقي و نفترق، نلتقي لنلاقح الافكار و نتبادل التجارب و نجد فرصا نوسع فيها مبادراتنا و نسمح لمجتمعات أخرى بتطبيقها ، نعم تلك هي المساحة التي تتيحها فرصة كهذه.
بشكل خاص، كان فريق التنظيم من منظمين و متطوعين مع مركز الملك للحوار الوطني ، كان أداؤهم أقل ما يوصف به أن جميل، بوجوه تملؤها البشاشة مغمورا بقيم الضيافة العربية الأصيلة ، شباب متحمس يخجلك أصلا طريقته في التجاوب مع متطلباتك خاصة أنا الذي في اللحظة الاخيرة كنت مأخوذا ببحثي الذي جاء بصفة مفاجأة عاجلة أدت إلى تعجيل عودتي إلى اسطنبول. كان فريقا متكاملا متعاونا.

ربما يتصور البعض من قراء هذه المدونة أن تلك الصورة النمطية عن السعودية و طريقة العيش فيها و كيف تعيش المرأة و الشباب هنالك ، يتصور أن تلك الصورة لدى الأجانب فقط أو غير المسلمين، لكن كانت لدي نفس الصورة، للأسف نحن في عالم من الصور النمطية التي تتشكل حتى تلقائيا و دون إرادتنا. كما قالت صديقتي "تاتيانا" كان المؤتمر فرصة لنكتشف ليس من خلال شاشة و لا مقال ضائع في مجلة ما، بل من خلال وجوه و أفكار فتيات و فتيان لديهم القدرة عن يعبروا عن ذاتهم بخصوصياتها بكل رقي و تحضر. لقد قدم اللقاء القصير ذلك على ضفة البحر الأحمر، صورة جميلة لكثيرين كانوا في حاجة عليها ، و هنا أذكر أصدقائي و صديقاتي السعودين الجدد و الكثيرين بالمناسبة، أن من اهم فوائد ذاك النشاط كان أن يكشفوا لنا ذلك الوجه الجميل لمجتمع يتمتع بخصوصية لو كان عصيا على البعض فهمها إلا أنها تعتبر خصوصية لم تؤثر اطلاقا القيم الانسانية و المباديء القيمية الرائعة بل و لكأنها تدعمها  تعمل عليها.
لذلك و لأمور أخرى تعتبر هذه التجربة جميلة: لاحقا سأكتب في صيغة توصيات و مقترحات بخصوص ثقافة الحوار و التطوع و الشباب على المستوى المحلي و الاقليمي و الدولي.
و سأكتب ككاتب أدبي عن تجربة 48 ساعة على ضفة الأحمر...
يمكنكم متابعة مواضيع ذات صلة باللغة الفرنسية أو الانجليزية و التركية على صفحتي متعددة اللغات
abdallahimaur.tigblog.com

Tuesday, December 3, 2013

مؤتمر الشباب الدولي للتطوع و الحوار - اليوم الأول

بدأت الفعالية متأخرة قليلة بحضور المديرة  العامة لليونسكو  السيدة أرينا بوكوفا ، و وزير المملكة للتعليم الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود  و الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني السيد فيصل بن عبدالرحمن بن معمر .، ثم وزعت جوائز المسابقة العالمية للتفاهم المتبادل.
كانت الجلسة النقاشية الأولى مفتوحة ، قدم خلالها بعض الحضور لمحات مائعة عائمة عن مواضيع اختلط فيها الشباب و التطوع و الحوار بطريقة إنشائية لا تفضي لنتيجة . فتحت المداخلات ، كانت عامة في عمومها عموم الكلمات الافتتاحية للنقاش.
و كان مدير الجلسة قد أبدى اهتمامه الواضح بمداخلات غير العرب ، لا أعرف على أي أساس اختار ذلك، قدم أحدهم نفسه على أنه مغربي قال له بوضوح فج انتظر نريد غير العرب مع أن العرب لم يتحدث منهم الكثير وقتها، ربما هو كرم الضيافة عند العرب، العرب متأخرون أصلا و طبيعي جدا أن يؤخروا في اجتماعات عربية ، على أراضيهم العربية التي لا يملكون منها إلا ما قل.
السؤال الذي أردت طرحه و نحن نناقش موضوع التطوع و الحوار و الشباب ، هو كيف هو حضور الشباب اليوم في هذا المجال ماهي العقبات كيف يمكننا تجاوزها. لكن ظل الأمر يتراوح في خطابات انشائية . مع أنه يذكر على العموم كون الاجتماع كان مفتوحا و النقاش ، و كانت هنالك متدخلة من السعودية أكدت على موضوع عدم التجاوب مع مبادرات و افكار الشباب، مطالبة بأنشاء هيئة لمتابعة تطبيق التوصيات و المبادرات الشبابية.
ختمت الجلسة براحة الغداء. 

Saturday, November 30, 2013

الطلاب الموريتانيون بتركيا يخلدون الذكرى 53 لعيد الإستقلال الوطني

ينظم الطلاب الموريتانيون بتركيا غدا الأحد الساعة الرابعة مساء بالمركز الثقافي التابع لبلدية الفاتح احتفالية لتخليد الذكرى 53 لعيد الاستقلال الوطني، سيحضرها لفيف و كم مختلف نوعا و ثقافة و دينا و عرقا. يشار إلى ان الجالية الطلابية الموريتانية في تركيا تتزايد اطراديا. الاحتفالية مدعو لها مجموعة من الطلاب من جنسيات مختلفة و كذلك المهتمين بالشأن الثقافي و الطلابي و التبادلي.
كل قراء المدونة من المقيمين في اسطنبول طبعا مدعوين للاحتفالية .... 

Tuesday, November 26, 2013

الذكرى 53 لعيد الاستقلال الوطني

كل عام و موريتانيا حرة أبية مستقلة.
كفاك يا قبيلة بطشا بمشروعنا...

Sunday, November 24, 2013

نتائج الانتخابات التشريعية و البرلمانية

يمكنكم متابعي المدونة المحترمين متابعة بث مباشر تغطية لنتائج الانتخابات التشريعية و المحلية، مع كونه حتى الآن يبدو فيه فقط "اشوي من ازاي" في تلفزتنا الوطنية لكن يذكر ان النتائج ستبث مباشرة من خلاله:

http://www.youtube.com/watch?v=ixcdww0yN88

Monday, November 18, 2013

طافلات - الوطنية



تابعت حلقات متتالية من برنامج "الطافلات" الذي تبثه قناة الوطنية، نقاط كثيرة أثارت انتباهي في الاطلالة:
- الطافلات و التي تعني الفتيات "تقريبا"  اللاتي تناقشن كلهن لهن مظهر تلفزيوني. بمعنى تتمتعن بدرجة من اللباقة و الجمال ، و هو أمر يراعي في مثل هذه البرامج.
- الديكور : يذكر له أنه موريتاني صرف و ألوانه مرتبة بشكل لائق و الإضاءة و الاكسسوار كلها أمور تستجيب لعنصر التناسق .
- التقديم: التلقائية التي تتمتع بها السيدات في الحديث و تبادله الاراء و الابتسام و الحركات كلها أمور إضافية أعدت للبرنامج بعدا تلقائيا جميلا.
- المواضيع: المواضيع المناقشة جميلة و تناقش في اطار تلقائي مريح و السيدات على اطلاع بها، و دائما تناقش من زاويتين إلى ثلاثة مختلفة.
- اختلاف وجهات النظر و التقاؤها.
- التصوير جميل إلا أنه مكرر بشكل روتيني يقوم على البانوراما و الزوم، يحتاج تغييرا في الزوايا و كاميرا خلفية.مع اعطاء نصائح للسيدات حول الجلسة. لانه ليس ممن الضروري ان تكون دائما عبارة عن اربعة في قوس، يمكن أن يتقاربوا  أكثر و يأخذوا المواقع بتلقائية اكبر.

على العموم من الناحية الفنية و ضبط الصوت و الصورة و الديكور و الاضاءة و المحتوى البرنامج مقبول جدا، و حتى نمط تقديمه المختلف.
أتوجه بتحية للسيدات و اتمنى لهم التوفيق و الاستمرار على هذا النحو.

الليلة تفرجت على الحلقة الثالثة ضمن بوتقة من اصدقاء من جهات مختلفة من هذا العالم، كانوا ماخوذين بكل شيء، بعضهم مأخوذ بشكل السيدات و الآخر بطريقة الجلسة الغريبة عليه، و اخرون بالملابس و البعض الآخر بديكور الصالون. لكن في النهاية كانت صورة تستحق التشارك عن موريتانيا.

Wednesday, November 13, 2013

مراد ولد احمد زيدان في أوركسترا السلام العالمية.. عولمة التيدينيت

MAURITANIA
Mourad A. Zeidane
Tidinit

شارك الشاب الموريتاني الفنان في نسخة من : مخيم الأوكسترا العالمية ، المنظمة من طرف أوركسترا السلام العالمية، شارك بآلة "التيدينيت" و حصل على إفادة نجاح ، حصل ذلك في غياب مطلق من متابعة الدولة و متابعة الجميع.
في حلقة من برناج تلفزيوني ، سرد الشاب قصته، مع السفر إلى الولايات المتحدة الامريكية و تحدث عن محاولاته المتكررة لوصول وزارة الثقافة و هي محاولات لم تنجح، الشاب بدا من طرحه أنه مبتدئا ، فهو يستغرب شيئا بات من العادي و المتوقع دائما  في دولة تهتم بالعمولة و مشاريع ثقافية في فيافي موريتانيا، مهرجانات لالتهام بعض الميزانيات و استخراجها على أسس قبلية و جهوية و غيرها. فتجد نوعا من المهرجانات التي لا تخدم شيئا. 
بحسانية طليقة و على أوتار تيدينيت نجح في تطويرها و تطويعها لتواكب نتوءات و رموز فنية قد تبدو غريبة للكثيرين، استطاع مراد أن ينحت إسم وطن كانت وزاراته و سفاراته مشغولة في الحصول على منح دراسية لأبناء الخيام لكبارات و الوجهاء و الوسطاء ، نحت إسم الوطن و تحته بصوت هاديء "تيدينيت".
تحية لمراد . يمكن متابعة تفاصيل القصة هنا:
MAURITANIA
Mourad A. Zeidane
Tidinit

Sunday, November 10, 2013

صوتوا للعلماء و الأولياء ... الخطاب السياسي المبتذل

وضعت صديقة افتراضية لي رائعة هذه الصورة ، و ارفقتها بالتعليق : والله ال وخيرت بالعلماء يقير يا أمة الهادي رفقا بالناخبين


أما أنا فبالنسبة لي و ببساطة تعكس هذه الصورة و ما هو مكتوب فيها مستوى انحطاط الخطاب السياسي الموريتاني و فقره و تخلفه ، و مدى اعتماد ساستنا الأغبياء على سطحية و سذاجة  الوعي العام السياسي.
لربما تطالعك قريبا لوحة مكتوب عليها : صوتوا بإبن فلان بن فلان شريف و عربي و صالح و من أولياء الله الصالحين ، أو صوتوا لفلان بن فلان من خيمة كبيرة و قبيلة أكبر ...
بهذا الصدد ، أخبرني صديق لي منذ فترة أو طلب مني رأيي حول الحملة الانتخابية ، قلت له: حتى لم أعلم بانطلاقتها ، و لا خبر عندي حولها، ليس لدي وقت كافي للاهتمام بصراعات القبائل و شيوخها و وجهاء القرى و المدن، و الصالحين و الاولياء و أبناء الخيام لكبارات و أهل الجنة و أهل النار و حزب الله و حزب الشيطان، دع للغوغاء غوغاءها و لأشبال إعلامنا وديانهم ليهيموا فيها .....


أ

Monday, October 28, 2013

الانتخابات الموريتانية ، تجديد الولاء للقبيلة

عبدالله أ. محمود
كاتب موريتاني مقيم في تركيا



يُستعد هذه الايام في موريتانيا لإنتخابات الثالث و العشرين من نوفمبر ، التي تأتي بعد سلسلة من التأجيلات و التعجيلات و الشروط و المفاوضات  من مقاطعة إلى مشاركة إلى طلب مرصد إلى طلب لجنة إلى مشاركة فبعدها مقاطعة و اللغط السياسي الفارغ، انتهى الأمر بموافقة الموافقين و مقاطعة المقاطعين.
من حلف المنسقية الديمقراطية، أعلن حزب التجمع الوطني للإصلاح و التنمية حزب تواصل الممثل للتيار الإسلامي المشاركة في الانتخابات خروجا على خط المنسقية الذي ظل دوما متعرجا تعرج الطريق الرابط بين مركز العاصمة و مقاطعة دار النعيم ، غير خاضع لضوابط و لا مباديء سياسية إلا تماما كما قيل أن ذلك الطريق كان ينعرج ذات اليمين و ذات الشمال ليمر أمام القطعة الأرضية للوجيه فلان أو الوزير فلان أو السياسي فلان، حتى صار كفوضى عبثية من الخطوط ذات اليمين و ذات الشمال.  أعلن تواصل المشاركة، و عاش حزب تقدم حالة من التردد و التوتر انتهت باعلان المقاطعة. و فيما اعلن تواصل المشاركة و اعلن تقدم المقاطعة و أحاط بقراري الحزبين هالة من التجاذبات و النقاشات كان مردها أنه لم يكن هنالك توافق كلي داخل هياكل الحزبين هذين حول المشاركة او المقاطعة، في حين أحاط بقراري الحزبين هذين كثير من التجاذبات ، جاء قرار تكتل في حالة صمت تطرح أكثر من سؤال، تكتل الذي يكمل أضلاع الثلاثي الذي يعتبر اللاعب الأبرز في الساحة السياسية المرتبكة و المربكة في موريتانيا.
برر تواصل مشاركته بأنها استجابة للقاعدة الشعبية للحزب و حرصا على السلم المؤسساتي الذي يتبعه الحزب في اتخاذ قرارات مصيرية من هذا القبيل، حيث ورد من الحزب أن أغلبية أيدت المشاركة و طالبت بها، فكان على المطالبين بالمقاطعة في الحزب التنازل للنظم المتبعة لاتخاذ القرارات، و تم إقرار المشاركة. فيما تواترت الأنباء ان مقاطعة حزب "تقدم" جاءت تحت ضغط بعض القادة في الحزب و رفض للتفاعل مع مطالب القاعدة الحزبية التي ارادت المشاركة هي الاخرى، فقرار تقدم حسب حتى أعضاء في الحزب جاء استجابة لأشخاص معيين ركبوا أدمغتهم متجاهلين وجهة نظر اطراف مهمة في الحزب.  مع هذين يأتي حزب تكتل، مقاطعة هذا أو مشاركته لا تبدو محل جدل، يمكن تفسير الأمر على نحوين: إما ان الحزب يعيش حالة توافقية تعتبر لحد ما درجة من المستحيل و اللاممكن، فالتقاء نخبة مثقفة سياسية لها رؤاها و أفكارها التقاؤها كلها على قرار من قبيل المشاركة في الانتخابات التشريعية و البلدية الموريتانية يمكن الجزم باستحالته، لاشك أن في الحزب من أراد المشاركة و فيه من أراد المقاطعة لربما، و له قاعدة شعبية لها رأيها هي الأخرى، فكيف إذن لم يعرف تكتل ما عرفه حزبا تواصل و تقدم من تجاذبات بخصوص اتخاذ القرار الحاسم؟ هل لأنه أكثر منهما مؤسساتية؟ هل لأن قاعدته الشعبية أكثر وعيا و نضجا من القواعد الشعبية لهذين الحزبين؟ هل لأن قياداته أكثر نضجا و عقلانية من قيادات حزبي تواصل أو تقدم؟ أم أن الأمر على العكس، و يتعلق بالأساس، فالأسس و الطرق المتبعة في حزب تكتل مختلفة و أي نوع من الإختلاف هذ؟ المعروف أن عاملا مشتركا يجمع حزبي تواصل و تقدم و هو عامل الإيديولوجية فالحزبان قائما على ايديولوجيتين لهما المؤمنون بهما و المدافعين عنهما و مما يميز هذا النوع من الاحزاب هو تمتعها بأفراد على مستوى عال من النضج الفكري و السياسي ، هذا طبعا دون إقفال الجانب المظلم من المشهد السياسي الموريتاني القائم على أشياء أخرى. اما حزب تكتل فهو لا يعتمد على إيديولوجية معينة ، و ما يشير إليه المتتبعون هو انه أحد الأحزاب التي تعتمد القبلية و الجهوية بشكل متجذر في معطى الحزب و لو ان الوضع الحالي أكثر اتزانا من سنوات خلت ، كان فيها الحزب لمنطقة معينة و أشخاص معينين تماما كما كان طريق الأمل. أذكر صديقا لي مرة تحدثت معه و اكتشفت أنه كان يظن أن الحزب لجهة و فئة معينة و لا يمكن لأي أحد خارجها الانتساب إليه. المهم ان  التساؤلات السالفة الذكر حول النظم و السبل المتبعة لاتخاذ القرارات في الحزب تستدعي التفكير في اتجاهات ربما ذاك أحدها و الآخر لربما إيمان الحزب بقائده و قراراته التي لا تطرح للنقاش و هنا يطرح ألف سؤال و سؤال حول المبدأ الديمقراطي و    الرأي الآخر الذي ينادي الجميع به
شارك تواصل نزولا عند مطالب قاعدته الشعبية ، و قاطع تقدم كما قال البعض لأن بعض القادة الكبار ركبوا أدمغتهم و قرروا المقاطعة رغم أنف القاعدة المطالبة بالمشاركة، و تكتل قاطع المهم انه قاطع نزولا عند رغبة هذا أو ذاك لايبدو ذلك بالاهمية بمكان. و بقيت المنسقية ترفض المشاركة، الغريب في المعطى السياسي الموريتاني أن تقول المنسقية أنها ترفض المشاركة و ستعمل على تعبئة الرأي العام لمقاطعة الانتخابات، و تواصل طرف من المنسقية و هو مشارك في الانتخابات "تيجي الزاي دي بقى" على رأي المصريين.  لا تكفي بسمات جميل و لا أبيات غلام لتعطي جوابا مقنعا لهذا السؤال. فيما وصف البعض تواصل بأنه حزب الطعن في الظهر و انه فعلها مرارا حيث في اللحظة الأخيرة ينسحب مسلما لرغباته و طموحاته فأين جهاد النفس في السياسة على الأقل، نظر البعض للقرار على أنه رغبة الحزب في إثبات ذاته و قاعدته، بحسابات مسبقة أو من دونها صار تواصل وجهة موسم الهجرة إلى الترشحات، فمن لم يرشحهم الاتحاد من أجل الجمهورية الحزب الحاكم و من لن يمكنهم الترشح من طرق حزب تقدم المقاطع ، وفي ظل القانون الذي يمنع الترشح بشكل مستقل،  وجدوا في تواصل الملجأ ليترشحوا باسمه، و كان كريم الضيافة معهم غالبا، الأمر الآخر الذي برره الحزب بأنه يتعلق بسياساته الداخلية و هو مبرر مستصاغ جدا مقارنة مع مبرر من قبيل الشعب الموريتاني حين قاطعت المعارضة انتخابات منتصف التسيعينات غدر بها و شارك فيها، و لاننا لا نريد لتلك التجربة أن تتكرر قررنا المشاركة، كان هذا المبرر الذي بدأ به تواصل و الذي تطور مع الوقت ليصل مرحلة التفسيرات الفائضة لميثاق المنسقية و أنه ينخرم بالواحد أو ما إلى ذلك ، ثم وصل مرحلة أن السبب الدقة المؤسساتية التي تميز الحزب و في النهاية صارت عبارة من قبيلة سياسات الحزب الخاصة ، و بالمناسبة هذه عبارة في المجتمع الموريتاني الفوضوي الوعي السياسي تفهم في الإطار السلبي. الآن فرص تواصل كبيرة بلوائحه و المرشحين الذي وصلوا في الساعات الأخيرة قبل إغلاق باب الترشحات، لكن ستكون أيضا ضربة قاسية للحزب حين تأتي النتائج دون تطلعاته التي يبدو أنها ضاربة في السقف. رغم كل شيء فالحزب قدم خدمة للحزب الحاكم و الأحزاب المشاركة من قبيل التحالف و الوئام، الحزبان اللذان يثبت الوقت و المواقف أنهما حزبان لايدخلان الحسابات المترددة، فيوم قررا الحوار لم يترددا و يوم قررا المشاركة في الانتخابات لم يترددا و يذكر لهما دور الوساطة الذي قاما به لجلب الأطراق السياسية إلى طاولات الالتقاء، فعمل السيد ولد بلخير على عرض متطلبات المنسقية و الضمانات التي ترغبها مما يتعلق باللجنة المستقلة إلى المرصد إلى التأجيل، و في النهاية وصل لما أمكنه الوصول إليه. ربما مما يذكر للحزبين هذين المواقف الثابتة منذ أيام الانقلاب الأخير حتى قبله. فإن كانت المؤسساتية النسبية على الأقل  أو الخلفية الإيديولوجية تعطي لتواصل و تقدم نوعا من الاستمرارية و الثبات يعكره تقلبات متكررة  تعدم تبريرات مقنعة فإن المواقف الثابتة أعطت لهذين الكيانين موضعا لائقا في المعطى السياسي الموريتاني. و مما لا يخفى ففي ظل قرارات تواصل المثيرة بخصوص علاقته مع المنسقية فإن قدرة قادته أو قائديه على الأقل على التجاوب الإيجابي و الفعال مع الأسئلة المرتبكة لإعلاميين لا زالت الهواية و الحدود تبطش بمعطياتهم  و قدرتهم التنظيرية الفائقة التي تذكر لهم بكل أمانة مع المسحة الدينية التي يضفونها عليها و تتخلل تفاصيل العصب لمجتمع يعيش اختلالات نفسية دقيقة و حرجة ، ، استطاعا أن يمتصا لحد ما حالة الحيرة و الاستغراب التي ارتسمت في البداية حتى على بعض أشبال تواصل هؤلاء الذين شيء آخر فظالما او مظلوما تواصل هم له ناصرون و ذاك حقهم، عاشوا حالة الارتباك تلك في انتظار اجوبة القادة، و شكلت المشاركة صدمة للشباب الناشطين من أشبال القبائل و أشبال خمسة عشرين و ستة و عشرين و ما بين ذلك قواما و شباب في منتصف طريقه أو اولها حتى طعنته وجوه تصطنع السياسة و احزاب تحاول امتهانها و تركته وحيدا بعد أن امتصت حماسه و قدراته في البداية رمته لشارع لا شيء فيه إلا صوته الباهت و المشتت بين القبيلة و أشيائها و الانتماءات الضيقة و املاءاتها.
في النهاية ، يحق للجميع أن يسأل : هل مبررات تواصل للمشاركة مقنعة؟ هل ما ذكره بعض قادة تقدم من أن الحزب اتخذ القرار رغما عن أراء قاعدته الانتخابية ،هل هو صحيح و هل أن تقدم يقع في الهوة التي تفاداها تواصل مع قاعدته الشعبية؟  و هل ما كشفت عنه هذه الأزمة هو أن  تكتل حزب سياسي أم حزب رجل و أسس تقليدية بائدة؟ و هل أنه في النهاية المثبت الوحيد هو ان تحالف ووئام كسبا الرهان؟ كلها أسئلة مشروعة جدا. و مشروع أيضا أن نسأل عن الترحال السياسي الذي يواجهه حزب الاتحاد من اجل الجمهورية للرجالات الذين لم يرشحهم فذهبوا إلى تواصل.

ربما الكلمة السر لربط كل تلك المعطيات على تناقضاتها و كل تلك الاتجاهات على اختلافاتها و بعيدا عن السياسة و الساسة و التسيس و بعض الترهات التي لا تقدم و لا تؤخر و لا صلة لها بسياسة و لا ديقراطية الإغريق و لا تحاليل كتاب القبائل و صرخات أشبالها، بعيدا عن تنظيرات لمقارنة التجمع عندنا  بعدلة و تنمية تركيا أو عدالة مصر و بعيدا عن اسقاطات اتحاد عزيز على أشياء أخرى. الكلمة السر هي القبيلة.
إن المتفق عليه أن الانتخابات الموريتانية منذ نشأة ما يمكن تسميته ديمقراطية أو تعددية هي الفرصة الذهبية و الدورية التي تجدد فيها القبيلة سطوتها و سيطرتها، و هي فترة دورية لتجديد الولاء للقبيلة، فترة تعيد فيها القبيلة  جميع رجالات السياسة و الاعلام و الثقافة الذين صموا آذاننا لسنوات قد تكون أربعا أو خمسا أو سبعا حتى على غرارنا هذه المرة، صموها بالديمقراطية و التعددية و البرامج السياسية و الحزبية و التنظيرات في مجالات لا يعرفون عنها أكثر من كلمات، سيمحونها و هم ينتقلون من باب شيخ القبيلة هذه إلى ذاك ووجيه المنطقة هذه إلى تلك و يعدون لائحة بأسماء و أرقام الوجهاء و الشيوخ و قادة القبائل و لربما مع اللائحة أيضا يعدون سلسلة بالهدايا تليق بهؤلاء و إلى جانب ذلك ربما أيضا يعدون لائحة بالتعيينات القادمة و الذين سيتم تشغيلهم فتكون هنالك نسب من أبناء القبيلة و الجهة لابأس بها، نعم الأنتخابات هي فرصة القبيلة لتقول لهؤلاء جميعا كفوا ذاك الهراء تبا لكم و عودوا إلى هنا إلى أماكنكم الحقيقية حيث ليست منابر الخطابات السياسية و لا جلسات الخطط الاستراتيجية العملاقة عودوا  إلي أنا إلى فراش شيخ القبيلة. فيدخل السياسي مطأطأ الرأس ليقبله الشيخ و الوجيه و يجلس ماسحا من ذاكرته الديمقراطية "يلعن أبوها و امها" و مكفرا عن كل ما قاله يوما بخصوصها يطلب الغفران و صكه من الشيخ ليضمن تصويته و أبناءه و عشيرته و القرى المجاورة. يتساوى في هذا الجميع باختلاف الخلفيات الايديولوجية و المؤسساتية من عدمها. الانتخابات هي سلاح القبيلة الذي تستخدمه و بكل قوة ، و في ظل ساسة من هذا العمق المتخلف دون ذرة مواطنة و لا توجه وطني همهم الأول و الاخير تشغيل ابن العم و الزواج من بنة العم التي تصغر بعقدين، و البقاء في ذلك المنصب مغطى بيافطة المجتمع العريضة يمارس تحتها ماشاء له الشيطان الأحمر، فإن ذلك السلاح فعال، و أمامه أشبال القبيلة يصمتون إلى أن يصرخوا مرة صرخة في العراء صارت مؤخرا تشبه تصاريح منسقية المعارضة، أفكار لا معنى لها و لا محل لها من جار القبيلة و مجرورها و لا فاعل السياسة و لا مفعولها.
تتزاحم في تلك الغرفة الرمادية الخجولة غير بعيد من منطقة المدارس الحرة ، تتزاحم كميات هائلة من الفضفاضات التي يرتديها النعس و النوم و المنمون و المزارعون و تجار "البازان" و العطر و شاربوا الشاي، غرفة أنشط شخص فيها هو صانع الشاي و أكثر ما يتم الحديث عنه في فضائها "أخبار اهل لخيام" و "الخطلة " و "ولد عمك " تتزاحم وجوه من الوقاحة و السذاجة درجة تريد فيها إقناعنا أن ما يمارسونه سياسة و ديمقراطية ووطن، و أنه ليس مجرد فرع و جانب من المؤسسة القبلية الحقيرة. في حين يريد هؤلاء بكل الوسائل إلصاق أقنعة رجال سياسة و أحزاب سياسة  و الحديث عن برامج سياسة و ثقافية و تنموية و و و ، فإن قواعدهم الشعبية و قادتهم الذين يتحدثون عنهم هم رجالات القبيلة الهادئين هناك في قراهم و بين قبائلهم و عشارئهم الذي سيقومون بعملية جمع شامة لبطاقات التعريف  و الانتخاب لن يسلم منها أحد يتساوى فيها راعي الغنم و الكاتب الصحفي، حتى بمن فيهم شباب الدفاع عن الديمقراطية و الحقوقيين من مدونين و كتاب و إعلاميين حتى و قادة مجتمع مدني و من يعول عليهم في تغيير العقليات ممن إذا التقوا على مباراة كرة قدم ترفيهية في اقصى نقطة من كرة أرضية وزعتهم القبيلة بوزرائها و موظفيها عليها ، يلتف إليك أحدهم  و يقول لك : " انت من أي الناس" ثم يركب وجه القبيلة و المجتمع الوقح ، حين ترد عليه ، يركبه و يقول لك: أنا لم أقصد ذلك ، فقط مجرد سؤال لا يترتب عليه شيء. لتثبت نفاقه و نفاق المدرسة القبلية التي خرجته انسانا مجردا من ذاته يختصر كيانه ووجوده في فلان و اهل فلان، قل له أنا من الفلانيين ، و يصادف مثلا أنها نفس القبيلة، سيبدأ يسرد عليك تاريخ القبيلة المجيد الذي يختصر فيه تاريخ دولة و أمة يخاف رجالاتها من كتابة تاريخها نزولا عند رغبات القبيلة و استسلاما لقواعد مشبعين بها جردتهم من ثقافتهم و مسؤولياتهم تجاه الأجيال. نحن مجتمع تاريخنا القبيلة و جغرافيتنا القبيلة و رياضياتنا القبيلة و اعلامنا القبيلة. أيها السياسي الجبان لماذا لا تتحدث عن تاريخك و هو تاريخ أمة ووطن و واجبك تجاه أجيال قادمة و تقول لي بكل وقاحة أنك تخاف القبيلة . هل قدرنا أن نختصر أشيائنا في اردات القبيلة و متطلبات مجتمع الانفصام النفسي و العقلي و الشخصي.
لذلك هذه المفاهيم من قبيل المشاركة و المقاطعة و الحياد لا يعترف بها قاموس القواعد الشعبية التي تعرف فقط أن فلان من القبيلة و الجهة و يجب أن يفوز بذلك المقعد، المبرر الذي لم يستطع تواصل تضمينه في إجابات يحاول إعطائها بشكل لا يضع مجالا للشك بأن فيه خافي، لكن من يؤمن بعدم وجود الخافي في ظل حضور القبيلة الخرافي، ما لم يمكنهم  صياغته بوضوح هو أن القاعدة الشعبية هنالك لا تفهم معنى المقاطعة و لا المشاركة و كما قال شاب ذات مرة جانبي: من المقزز أن تنادي أيها الشعب الموريتاني العظيم و انت تعبؤ للرحيل و الربيع الموريتاني ثم حين تريد الترشح للانتخابات تقول الشعب الموريتاني خذل المعارضة مرة في انتخابات منتصف التسعينيات، ببساطة أدرك تواصل تلك الحقيقة أن رجالات القاعدة الشعبية هنالك لن تصدع نفسها بالتفكير في مقاطعة و لا مشاركة فهنالك مقاعد يجب فقط أن تعبأ القبيلة نفسها للحفاظ عليها إن كان عن طريق تواصل أو حزب الليكود مثلا أو اسرائيل بيتنا، و هي ذاتها قناعة أصحاب الاتحاد من اجل الجمهورية الذي رحلوا لأحزاب أخرى، فاولئلك الذي رشحهم كانوا ليفعلوا نفس الشيء لو لم يتم ترشيحهم، و ذلك شأن تقدم، لربما في حالة تقدم أنه أراد المغامرة ليجرب عقلية القاعدة الشعبية  و المساحة التي تجتاحها القبيلة فيها حتى الآن.
فأوقفوا هذه المشاهدة السخيفة من مسرحيتكم القذرة ، و اذهبوا فالوقت يمضي للقاء شيوخ القبيلة ووجهاء المنطقة و ارتدوا فضفاضة من "الشكة " و لا تنسوا ان تضعوا هدية الشيخ في صندوق السيارة أو ترسلوها قبلكم. و ليغط كل منكم فعلته بمسحة تكون الجرعة الدينية فيها الزائدة مثلا أو الجرعة القبلية الصرفة أو جرعة الهدية ، المهم أنكم خبرة و تجربة في المجال و لن تعدموا طريقة.
ما دمنا من كل أربع إلى خمس سنوات مضطرين لتجديد الولاء للقبيلة و ليس فقط العامة بل النخبة السياسية و الثقافية و الفكرية من قادة احزاب و مرشحين و ناشطي مجتمع مدني و ناشطين حقوقيين، كيف نستغرب حالنا أحسن مما هو عليه ،  بعد نصف قرن يزيد من الزمن نختصر فيها ذواتنا في القبيلة و القبيلة تختصر دولتنا. إن القبيلة هي الوحيدة في موريتانيا التي تحقق كل استراتيجياتها السياسية و الثقافية و برامجها الانتخابية، لذلك لم يحقق شيئا هذا الوطن حتى الآن.
الإنتخابات في موريتانيا هي تجديد ولاء للقبيلة أولا ثم بعدها تحدث عن باقي تلك الأشياء القذرة.


Sunday, October 27, 2013

من فاس إلى اسطنبول: أيادي تواصل


وصلت فاس النصف الاخير من عام 2011 و و بدأت اجراءات التسجيل في جامعة سيدمحمدبن عبدالله في منطقة ظهر المهراز، سمعت الحديث يدور و يعلو و يهبط حول ما يسمى : دار الاسلاميين في فاس، و سمعت أحد الشباب مرة يمازح متفاخرا بأنه ينظر في نفس المرآة التي كان محمد جميل و لد منصور ينظر فيها ليرتب هندامه قبل حوالي عشرين سنة. ذهبت للوقوف على تلك الدار ، خاصة بعد أن ترددت انباء عن أن أصحابها يريدون اجراء تعديلات فيها أو تحطيمها بشكل كلي، و لا اعرف أي الأمرين حصل، قصة الدار هي أنها عرفت جيلا من الموريتانيين ربما كان أوله النواة التي تأسس عليها حزب تواصل، تبدأ من محمد جميل ولد منصور و جيله، كانت دارا مرهقة عرفت أبناء البادية الموريتانية طيلة عقدين تقريبا، تعيش حالة من الفوضوية الغير غريبة علينا نحن على الأقل، بمرآة مثبتة غير بعيد من الباب كانت مركز المزاح و مدار الحديث تلك الأيام.  و في أحد الأيام تصادف أن صاحب الدكان الغير بعيد من الدار هو الآخر عرف كل الأجيال الموريتانية التي مرت من هنالك و سكنت تلك الدار، و لأنه رجل تاجر بامتياز مشغول بتجارته و دراهمه، لم أتمكن طيلة مقامي هنالك من الحصول منه على جلسة فسيحة يعطيني فيها تفاصيل هامة و كانت لتكون مثيرة ، كل ما تحصلت عليه منه هو أن السيد محمد جميل ولد منصور و صحبه كانوا يقضون ديونهم دائما في الوقت المحدد و كانوا كثيري التردد على الصلاة. و قال لي مرة أن  الرجل زار المدينة و زاره بعد أن أصبح رجل سياسة مشهور، هذا خبر لم يتسن لي التأكد منه إطلاقا من مصدر مائل و لا محايد.
كان ذلك عام 91 حين تواجد رئيس حزب تواصل حاليا و جيله في فاس غرض الدراسة. انتهت حقبة الكاشير و اللوبيا المغربية و بدأت مرحلة جديدة عرفت السجن فالمنفى فالمحاولة من جديد انتهت بتكشيل حمل اسم الاصلاحيين الوسطيين ثم في نهاية المطاف جاء المنتج تواصل.
من بدايات الحزب الأولى ، تم الحديث عن مناضليه الشباب و الأدوار التي يلعبونها خاصة في المؤسسات التعليمية أو على الأصح جامعة نواكشوط، و ثبت مع الزمن صحة تلك الأخبار ، حيث سيطر التيار الإسلامي في موريتانيا ممثلا في حزب تواصل على الحراك الطلابي الجامعي من خلال اتحاد يتبنى أفكار الحزب و التيار، و كان في مرحلة ما يخرج قيادات الحزب و ناشطيه الشباب، بحيث ما إن يتخرج الواحد من الجامعة بعد أن كان امينا عاما أو عضو مكتب في الاتحاد المحسوب على الإسلاميين حتى يتبوأ مقعده في الحراك الشبابي للحزب. رغم الانكار المستمر من الاتحاد للتبعية و الذي كان شديدا في البداية ثم بدأ يتراجع رويدا رويدا في ظل معطيات جلية واضحة، حتى وصل لحد لم يعد فيه أحد يعترض على ما كان يعتبر قبل فترة تهمة، خاصة في ظل بروز اتحادات للنور حسب بعضها على الحكومة و الحزب الحاكم و حسب بعضها حتى على شخصيات من قبيل ختو و ما جاورها. المهم تمكن تواصل و اعتدل على عرش الحراك الطلابي الجامعي في موريتانيا بكل ثقة. ثم بدأ الحديث عن تواجد الحزب في النقابات الطلابية الموريتانية في الخارج.
من السينغال للجزائر ففرنسا فتونس فالمغرب و هلم جرا. في بعض الدول كانت عوامل متعددة تتحد لتبرر غياب الحزب، فمثلا في فرنسا كان حضور  الفرانكفورنين الطاغي و حضور الفرنسية أيضا التي لا توجد بشكل كبير في الحزب و لا في مناضليه ، أضف لذلك أن تواصل لم يركز عليها، في تونس الطلاب الممنوحين أيضا ليسوا بذلك الحجم الكبير، و معظم البقية تدرس على حسابها الخاص و هي من طبقات ارستقراطية لحدما و لا تهتم كثيرا للمعطى السياسي المختصر لديها في الرؤية القبلية غالبا، في الجزائر سيطر الإسٍلاميون على التيارات الطلابية فترة من الزمن سيطرة انتهت بتغلب تيار مستقل عليهم في احدى الانتخابات التجديدية. و ظلت المغرب التي تضم واحدا من أهم التجمعات الطلابية الموريتانية خارج البلاد و اكثرها تأثيرا و حضورا مرد الأمر الكمية الخيالية من الطلاب الموريتانيين التي تهاجر سنويا من الصحراء الجامعية المقفرة في موريتانيا إلى عرسات الزحام في جامعات بأشخاص و مسؤوليات مقفرة، ظلت المغرب  حصنا منيعا لتواجد التيار الإسلامي الموريتاني  و حزب تواصل في الخارج ممثلا في الحراكات الطلابية، و هو كذلك الحاق ظل مرفوضا من طرف هذا التجمع الطلابي فكرة الحاقه بالحزب او توجهاته و هو امر لم يكن من غبار عليه ، أثبتته معطيات كثيرة، لعل آخرها ما حصل ابريل من عام 2012 ، حيث تجمع الطلاب الغير تابعين لقناعات التيار الاسلامي المتمثل في تواصل و عملوا على تأسيس لائحة خاصة بهم للترشح، ثم اتهموا المكتب القائم و المحسوب على الاسلاميين بالمماطلة و انتهاج سبل غير نزيهة في التعامل مع الانتخابات و تحضيرها، انتهى ذلك الصراع بما تحدث إلى أنه وصل إلى درجة التشابك بالأيدي في احدى القاعات أثناء تنظيم التصويت حيث تم الغاؤها إلى أجل لم يحدد حينها، حيث نعت بعض المحسوبين على التيار الاسلامي بعض الطلاب الذي حضورا من فاس بأنهم بلطجية لا يريدون للانتخابات ان يتم تنظيمها في اجواء هادئة، و جاء الرد من الشباب القادم من معقل التيار الاسلامي المويتاني في المغرب عنيفا، و انتهى الامر إلى مشادات و تشابكات. كانت بداية القصة من فاس حيث احتدم الصراع في ظل حالة من التكافؤ كانت ترتسم للمرة الأولى في المشهد حسب المتتبعين، و كانت أنباء أيضا حينها تحدثت عن نشاط محموم لنجل محمد جميل ولد منصور رئيس حزب تواصل حاليا، و فوق ذلك وردت أبناء عن إيفاد الحزب شخصا للإشراف من قريب على المجريات، و هي طبعا أشياء نفاها الحزب.
كنت  انتقلت إلى تونس و شاركت أحد فروع رابطة الطلاب هناك التنسيقات لاحتفالية بعيد الاستقلال فقط العيد الموالي لعيد قضيته في فاس، تملكه الشعر الفصيح و الشعبي و المحاضرات و ذلك ما يراه بعض المتتبعين من سمات الاسلاميين، في ذلك العيد كانت الرابطة في تونس تحضر لاستقدام فنان من موريتانيا يتولى احياء ذكرى عيد الاستقلال الوطني، و كان ان حضرت ذكرى عيد الإستقلال أيضا في اسطنبول و كانت كلها شعرا و محاضرات و عربية جاهلية عصماء، تذكرت و أنا أتابعها ملاحظة ذلك الصديق حين كنا في انتظار وجبة البيض المقلي في باحة البيت المنفي في ركن قصي من "لعوينة"
مرورا بتونس انتقلت إلى اسطنبول، كان كل شيء هادئا هدوء اسطنبول. و بعد تتبع درجة من الاخبار واردة من الركن المغربي القصي و الموريتاني الأقصى و جس نبض الحاضرين، توزعت المعلومات إلى نقطتين ، ربما أن حزب تواصل كانت له اليد في استقدام من يعتبرون من أول جاليات الجيل الجديد من المقيمين الموريتانيين في تركيا و مد يد العون له للاستقرار و للبدء في بعض الاعمال التجارية مستندا على القوة الاقتصادية لبعض رجالات التيار، فيما  قال البعض أن إرادة الحزب في التأثير هنا وصلت بعد وصول أول الجيل ، حيث وصل دون قناعات حزبية دقيقة و في النهاية حصل التواصل ما أدى إلى تبني أول القادمين من جيل المقيمين الجدد في تركيا فكر الحزب و توجهه، و تم توفير خدمات له انطلاقا من الجماعات المحسوبة على التيار الاسلامي في تركيا من سكنات و منظمات و انشطة و معونات وصولا إلى تسهيلات لوجستية مما يتعلق بالاقامات ثم العمل للحصول على فرص كتجارة و ما إليه. إن كان هذا أو ذاك فالحصيلة أن الحزب غرس أقدامه بثقة في تركيا و صارت لربما هي الثانية بعد المغرب و تعبر بخطى واثقة لتكون الاولى خصوصا في ظل تواجد حكومة إسلامية هي الأخرى في تركيا و تتبني الفكر السياسي الاسلامي الذي يريد تواصل تبنيه أو يقول أنه يتبناه. من الجزائر للمغرب من جانب تونس وصولا إلى اسطنبول الملاحظ في سياسة الأيادي التواصلية في الخارج و المشترك هو الشقين الذي يلعب عليهما الحزب بشكل مستقل ثم في مرحلة ما و بطريقة فنية محكمة و متقنة يصل بعضهما ببعض، لكن ليست محكمة دائما فذلك أمر يتعلق بمدى حنكة القائمين على ذلك الربط ، هو الشق الديني الدعوي و الشق السياسي الصرف، و في نقطة ما تجد أن حالة تنظيمية فريدة تذكر للحزب تجلعه يقسم المهام بشكل واضح و جلي، في الاطار الضيق للحزب على الأقل. و فيما يتعلق بالجانب الديني الأمر الملاحظ أنك في كل مرة مهما اختلف القطر الجغرافي، تجد رجالا من رجالات الدين الذين ليس لهم في السياسة تدفعهم قناعات دينية صرفة لتنظيم بعض انشطة يتم استغلالها بوقاحة في ظرف سياسي مغلف مغلق. فتجد الخط الديني ينظم انشطته التي سيدعمها الاتحاد الطلابي الذي في الغالب يكون رأسه تكنوقراطيا هادئا او مرنا حد الإمعة ، و في حين بدأ صراع من أي نوع يظهر فإن القيادة تسلم لشخصية كاملة الانتماء و تامة اليقين بالمبدأ السياسي.
السؤال الذي يطرح نفسه هل يذكر هذا للحزب أم عليه؟ من ناحية له، لأنه طبعا من حق الجميع أن يخطط و يضع استراتيجيات للتوسع و الانتشار و احكام القبضة، و من ناحية اخرى هو سلبي لأن فيه نوعا من استغلال الدين المفرط و ثانيا لأن الخط الأكاديمي جميل أن ينشط باستقلاليته، بحيث يحترم لكل توجهه الشخصي لكن دون استغلال اطار اكاديمي صرف لتوجيه الرسائل، و هو الأمر المنتشر في مجتمعات الانتظار العربية المغلوبة على أمرها.

حضور تواصل واضح و جلي في الخارج، و لو أنه في السنوات الأخيرة برزت أيضا أيادي الحزب الحاكم خاصة في مناطق كالسينغال و فرنسا و الجزائر و حتى في المغرب إلا أن اليد الطولى ظلت لتواصل ربما للتجربة أو للخط التنظيمي المؤسساتي الذي يذكر للحزب، ولو أنه ليس من القوة بمكان بعد ليخرج على المعطى القبلي الصرف و المصلحي و القائم على خلط قاتم بين المعطى الديني و السياسي في مجتمع ضائع هو الآخر في الخلط بين العادة و المعتقد  و يعيش حالة نفاق ليس فقط سياسي أو اجتماعي بل ثقافي و فكري حتى، يتفاعل و يتعفن تحت يافطة و كلمات جامدة خامدة لم تعد قابلة للحياة.