عجيب كيف بدت لى القاهرة هذا المساء و أنا أطل من نافذة طائرة الخطوط التونسية ، فوضاء و ثرثرة حجارة و عشوائية جغرافيا و تداخل تاريخ ، ها هي القاهرة إذن في صورة فوقية ، آه القاهرة و ثرثرة النيل و صرخات صاحب المقهى ، و أنغام أم كلثوم لا تزال تتصاعد من هنا و هناك ، لا تقلقي يا حبيبة أحببتها فى غيابها ، تعلقت بها من خلال معطيات ظلت دوما افتراضية نعم قرأت عن خان الخليلي و خانات أخرى و عن مقهى السيد و عن كبارية سهر فرأت عن كتاباتك عن سهراتك عن مسارحك ، قرأت عنك كل كل شيء ، لم يبق إلا أن ألقاك أقدر اللحظة التي التقيتك فيها و أعرف كم أنا محظوظ لألتقيك في لحظة تجلى الجمال و العنفوان و أنت تصرخين في وجه من لم يعرفوا أن يرعوا سحر أنوثتك و لا أن يحترموا معطيات التاريخ المرسومة على الأساور حول معصميك ، و لا الأشكال الجغرافية التي تحدثها خطواتك و أنت تتبخترين بين مدن العالم . آه أخيرا سأجلس إليك على طاولة
في مقعد مقهى مطل على نهر النيل، سنمشى معا أضع يدك في يدي تحدثيني عن ما حصل، كيف صرخت في وجوههم ؟كيف صفعتهم و رميت بهم خلفك و تابعت سيرك بعنفوان ، كلمات قلتها ، وأنا أرفع رأسي في انحناءة من على مقعد الطائرة نحط بعد قليل فى مطار القاهرة الدولي . درجة الحرارة فى الخارج تسعة عشرة درجة مائوية و التوقيت المحلى الرابعة مساء ، هبطنا أرضية المطار و أرض مصر ، و كانت القاهرة تستولى على كياني الذى يتناثر فى سحرها و أنا بعد لم أرها إلا من بعيد جامدة على الأرض تنتشر ، تمد أعضائها الفاتنة و كأنها مستلقية على سرير زمردي . ها أنا ذا أتمنى أن لا تفكري كثيرا و لا تأبهي جدا لمعطيات ملامحي و مظهري ، فما ترينه لن يكون أكثر من ذهول مع ذرة ارتباك ، فما عرفته عنك حتى اليوم جعلني أرتبك قليلا و أراك لست مجرد فتاة ساحرة يثير عطر جيورجيو أرماني أو قميص كاردان أو ساعة رولكس من النمط المختلف يثير جنونها ، وجدت صعوبة فى الاختيار ثم جئت إلى موعدك، فأن أجيئك دون ما تظنين خير من أن أفوت ميعادك....
........يتواصل