في المؤتمر الذي عقدة السيد محمد ولد عبد العزيز إثر زيارته لنواذيبو، بدأ عزيز بنوع من السخرية من بعض قادة المعارضة و خاصة اعل ولد محمد فال متهما إياه بالكذب و التلفيق. وعن الحوار و إمكانية عقد حوار جديد قال عزيز أنه لن يجري أي حوار مع الجهات المطالبة برحيله الآن مؤكدا أن الحوار الاول و الذي عقده رغم يقينه أن البلد لا يعيش أية أزمة سياسية، أكد ان نتائجه كافية و كفيلة بأن ترسخ لدولة القانون و الديمقراطية.
Thursday, March 15, 2012
Wednesday, March 14, 2012
المنسقية في نواكشوط .... و العزيز في نواذيبو
بين العاصمتين و في ظرف يومين ، شهد الصراع المرير و المتفاقم الآن بين الأغلبية و المعارضة احداثا ساخنة تمثلت في مهرجانات التحدي و الحشد من هنا و هناك، كان المشترك الوحيد بين الجمعين الألقاب، فعزيز وصف قادة منسقية المعارضة بالعجزة "الشوابين" الثوار الجدد و هي صفة يقصد بها عزيز ربما أن هؤلاء على الطريق الخطأ فالثورة التي يبحثون عنها و في كل المناطق العربية التي شهدتها قادها الشباب فيما هم و هم شيوخ حتى بينهم عاجزين عن الوقوف يريدون أن يقودوا ثورة..... المنسقية من جانبها كان لها طلب مشترك هو رحيل عزيز ووصفه بالمفسد و المخرب الاول و كانت مطالب الرحيل قد بدأت تتردد مؤخرا على السنة الكثير من أعضاء المنسقية رغم خلافهم حول هل هو الإصلاح المطلب الأول أم الرحيل خلاف يبدو أنهم ربما تجاوزوه. بين الأثنين يبدو المواطن الموريتاني البسيط غير مكترث كثيرا بالتجاذبات هذه.... لنا عودة مع الموضوع
Monday, March 12, 2012
السمك و التمر و الاستشارة المجانية و مسيرة المعارضة
في خطوة مثيرة للضحك و تعبر عن ملامح الوجه السياسي اغلبية و معارضة في موريتانيا. عزيز و تزامنا مع الوقت المحدد لمسيرة المعارضة أطلقت حكومته حملة لتوزيع الأسماك و التمر في دكاكين أمل مجانا على المواطنين ما جعل طوابيرا طويلة تمتد أمام الدكاكين الأمر الذي لا شك أثر على عدد المشاركين في مسيرة المعارضة. كما أنه تم إرسال بعض الدكاترة إلى الأحياء الشعبية للقيام بعمليات استشارة مجانية. الأطباء اكدوا انهم عانوا الجوع و العطش في هذه الاحياء حيث لم يتم الانتباه لهم من طرف مبتعثيهم. رغم ذلك نظمت المعارضة مسيرتها و لم يكن وقعها أكبر من وقع اي حدث في موريتانيا فضوليون و محللون و تعاليق ثم ينتهي كل شيء. الحزب الحاكم نفى صلة توزيع المواد الغذائية بالمسيرة التي نظمتها المعارضة.
رحيــــــــــــــــــــــل عزيز
ركب سريعا معي طفل في حوالي 15 من عمره، فقط من جانب تجمع المعارضة الموريتانية اليوم في الساحة القريبة من الجامع العتيق، حتى قبل أن أسأله فرأي طفل مثله يهمني... قال : هؤلاء يتعبون أنفسهم فقط صراخ في صراخ... قلت له كيف ذلك: قال عزيز عسكري و لديه عقلية عسكرية صارمة و فيه ناس كثيرون يؤديدون و هؤلاء ليسوا قادرين على اقتحام القصر الرئاسي و لا على الاحراق و التخريب فكيف سيزيحون عزيز إذن حتى أن فترته الانتخابية لم تنته بعد، عجبت من وضوح الفكرة لدى الطفل و اكتشفت لاحقا أني اخطأت في تقدير عمره فهو اكبر بقليل من أن يكون في الخامسة عشرة، ثم قلت له هل كان اعل و لد محمد فال بين الحاضرين و ماذا قال؟ متجاهلا اني كنت هناك، قال حتى ذلك و بدأ بموجة من الضحك ، حتى ذلك عزيز افضل منه مائة مرة ، ثم أردف اعل ماكر هو يريد الرئاسة و حين يأخذها سوف لن يشرك هؤلاء معه و هم يعرفون ذلك لكنهم خائفون منه. و عن داداه قالت موريتانيا الغد من رأيي أن الجمع كله بدر الدين و دداه و صار و غيرهم هؤلاء لا يصلحون لشيء و يجب أن يثور الشعب ضدهم و ضد عزيز و ضد الجميع إن كان لابد من ثورة فيجب ان تأخذ معها كل هؤلاء. ثم قال فكرة جد عميقة أكدت لي أن الشعب الموريتاني بحق كله له في السياسة قال تعرف عزيزي رجل عسكري حين تصيبه السياسة بالصداع يمكن ان يذهب و يترك الجميع خاصة أنه لا رجال الاعمال و لا السياسيين هو مدين لهم بشيء. و بعد حديث اقترح حلا قال : حلنا في أن نأخذ جميع السياسيين الحاليين و كل من يمارسون السياسة من أغلبية و معارضة و نرمي بهم في سجن ثم ننظم انتخابات و حكومات و نطلق سراحهم بعد ذلك و كل نرسله إلى قريته ليقوم على رعاية حيوانه من بقر و ابل و نمحو من ذاكرته كل الفترة التي قضاها سياسيا و ننسيه حتى أنه مر بجانبها , صديقي لم يكفي الخامسة بل كان سياسيا بعمر العشر سنين......
منسقية المعارضــــــــــــــــــــــــة الموريتانيـــــــــــة
انطلقت مساء اليوم على حوالي الساعة الثالية من جوار جامع المغرب دار الشباب الجديدة مسيرة نظمتها منسقية المعارضة الموريتانية تحت شعار: نريد رحيل عزيز، تجد الإشارة إلى ان من الميزات التي تميز هذه المسيرة انضمام اعل و لد محمد فال إليها ضمن المطالبين برحيل عزيز، و كذلك قفزة المعارضة النوعية للمطالبة مباشرة برحيل عزيز، الأمر الذي كان محل سخرية من كثير من المتتبعين الذين ينظرون لطلب كهذا على أنه نوع من السذاجة و السطحية السياسية، قال المتتبعون أن حشد المعارضة جاء دون المتوقع، فالحشد الذي أرادته المعارضة كاسحا لم يكن كما أرادوا ، و في نفس إطار عملية لي الأذرع هذه فإن عزيز في مهرجان حاشد كما وصفه مناصروه غدا في نواذيبو التي انطلقت منها منذ أيام مسيرة راجلة للمظالم لا زالت تواصل سيرها في اتجاه نواكشوط.
رحيل عزيزي و الفساد الإداري و في التسيير هي الأمور التي راتها المعارضة أمور تجعل من الضروري رحيل عزيز. التجمع كان عند الساحة قرب الجامع العتيق على منصة أعدت للغرض و استمر حتى بعيد صلاة المغرب. و أثناء صلاة المغرب سمعت أصوات سيارات الإسعاف ما أثار خوف المواطنين ، و كان الامر أن دكانا من ضمن دكاكين شارع الرزق المعروفة باكتظاظها بالمواد الغذائية كان قد اشتعل عن الاخر و لم يعرف حتتى الساعة السبب الرئيسي للحريق الذي تصاعدت ألسنته.
تأتي هذه المسيرة في ظرفية توتر عارمة تشهدها البلد حيث تشهد مظاهرات طلابية بشأن المعهد الإسلامي أدت لتعطيل الامتحانات في يومها الأول و حيث المسيرة الراجلة التي لم تحظ بتغطية إعلامية بحجم العناء الذي ستكبده منظموها و لم تحظ بتأييد شعبي كبير من الشارع الذي ينظر إليها على أنها نوع من الترف التعبيري أو السخف.
العسكري لا يبدو مكترثا كثيرا لما يحصل و لا يمكن توقع ردات فعله على العموم ، الآن فقط يدخل في إطارها زيارة عزيز غدا إلى نواذيبو .....
Monday, March 5, 2012
حين يحوم طيفكِ
في لحظة لست أنا من اختارها، بل هي التي اختارت نفسها و اختطفتني بكل وقاحة و أمام كل أشيائي المنتظرة، و أجلستني إلى المقعد المنفي هنالك في ركن الغرفة القصي.
هنالك حيث تتشكل اللحظة و يتشكل الحرف و يحوم طيف الذكريات، هنالك حيث تتعطل ماكينات الصيرورة المرهقة، و يتجمد الحاضر من أجل فسحة من الماضي تقبل على عجل ، و تتراءى ملامحها في المدى الممتد بين زوايا الغرفة ما تفتؤ أن تكتسح المجال كعاصفة رعدية، و تسلم معطيات الواقع نفسها للحظة التوقف.
تلك اللحظة هي التي اختارت أن أتذكرك فيها و أكتب عنك فيها و أتلو الصلوات في المحراب و أقرأ مقدساتي لأفند واقع غيابك، و أفتح عن صفحتك من كتاب الرحيل و الصمت الطويل. ما إن تخترق بي لحظة التأمل تلك معطيات الزمن، حتى تنسحب اللحظة بكل أشيائها، و تتركني معك دون زمان و لا مكان غير معالم الرحيل في الزمن و أصوات قطاراته و محطاته.
الكتابة عنك مريحة لكنها مرهقة، ترى هل تستوعبين دقة هذا التناقض ؟ تختلف جدا عن الكتابة إليك، فالكتابة عنك نوع من الاستسلام لاملاءات اللحظة، أكتب و أحدث نفسي و أسر إلى ذلك المقعد هناك في منفى الحروف و الكلمات ببعض أسرارنا الدقيقة و معطيات ماضينا البعيد و القريب. حين أكتب عنك فأنا أغضب على واقع الغياب و حقيقة الثلاثية الزمنية، أكتب عنك أحيانا لأجلد بعض المواطن المتجمدة و الخارجة عن قوانين الكلمات و الذكريات، و لأستدعي الماضي أحيانا لمحكمة الحاضر و أدعي تقديمه زلفى لمعطيات مستقبل لا زال مجهولا. أحيانا أشعر أن الكتابة عنك هي مجرد محاولة يائسة للهرب أو النسيان أو محاولة لضبط ساعة الوقت في ساعة متأخرة.
حاولت جاهدا تصنيف الكتابة عنك ، قلت ربما هو تعلق بالحياة الأولى بالصرخة الأولى ، ربما استحضار الغياب و محاولة لإهمال الزمن، ربما هو استدعاء روتيني طبيعي للذاكرة و محاولة لمسائلة النسيان. درب من الجنون أو شيء من الشك، صدقي لم أستطع تصنيفها غير استسلام للحظة و استجابة لإلحاح القلم لدعوة المنفى الاختياري.
أما الكتابة إليك فهي مختلفة، إنها تجسيد الذات في لحظات انتظار الرد، و استقراء لتفاصيل أحداث المستقبل من خلال الرهان على طبيعة الرد. الكتابة إليك نوع من اتقان فن العيش، و تقبل معطيات الحياة، نوع من القدرة على التأقلم.
حاولت الليلة الاعتذار للحظة و القلم و المنفى، حاولت أن لا أستسلم لمغريات الدعوة، فقررت أن لا أكتب عنك أو إليك، بل أكتب عن لماذا أكتب إليك أو عنك؟ و اكتشفت أنه كان علي قبول الدعوة، فأنا لم أجد الإجابة، وجدت فقط أني دائما سأكتب عنك و سأكتب إليك، و لا أدري لماذا. ربما لأنك ترفضين الرقود بكسل بين صفحات التاريخ الجامد. و تريدين أن تبقي تاريخا يخلط علي ما تعنيه الثلاثية الزمنية.
الربيع العربي الإقتصادي
عشنا و نعيش الربيع العربي ، لكنه ربيع سياسي بحت، فمتى يا ترى يبدأ الربيع العربي الاقتصادي???
We live and we have lived the arab spring but it was completely political, when the arab economic spring will begin????
Nous voyons et nous avons vu le printemps arabe, mais il etait politique, le printemps arabe economique quand -t - il sear??????
We live and we have lived the arab spring but it was completely political, when the arab economic spring will begin????
Nous voyons et nous avons vu le printemps arabe, mais il etait politique, le printemps arabe economique quand -t - il sear??????
Sunday, March 4, 2012
.... و كان لابد من الربيع
عبد الله ولد محمد عبد الرحمن
كاتب موريتاني
|
إن الثورة كثورة ماهي إلا ذلك الشعور الغامر بالحاجة إلى شيء ما كثيرا ما يرتبط بالضرورات الإنسانية من حرية و عدالة و كرامة و الذي يتلبس الرأي الجمعي في نفس الوقت. و يكتسح الإرادة البشرية مسخرا إياها في اتجاه واحد، سالبا إياها القدرة على التفكير مرة ثانية من شدة سطوته المرتبطة بعمق الشعور الداخلي بعيدا عن مؤثرات خارجية تبدو في لحظة كتلك خارجة عن النسق و السياق. فجأة تتجه تلك الإرادة الجمعية إلى وجهة واحدة بهدف واحد هو قلب الواقع و المعطى دون إعطاء كثير وقت للتفكير في الكيف و المتى ؟ قلب ذلك الواقع انطلاقا من إصرار أقرب هو للاشعوري تتكسر أمامه الحواجز و تنقلب معادلة البقاء منحصرة في مدى القرب من الغاية و الهدف. فالثورة هي نتاج شرار و شعور متجذر ينطلق من العميق البشري الآدمي تمرا على وضع يهدد و جوده و كينونته و حقيقته كنفس آدمية لها حاجتها و ضرورتها و مقاييسها الإدراكية. فالثورة هي التي تخلق نفسها مبلورة ذلك الشعور الذي يصرخ بأوان ساعة الصفر و يضع نقاط التحول و نقاط النهاية و يعطي المسميات و القوالب و يعطي السمات و الصفات و الشعارات، هي القوة البشرية الكامنة التي و من سحرها و لتتجسد ثورة تنفجر في زمان و مكان واحد كدقة الساعة البيولوجية. فلحظة الانفجار تلك بكل معطياتها الزمانية و المكانية و الظرفية هي دليل على أن الثورة نتاج طبيعي شامل لوضع قائم و مستمر، و حتى دليل على تقارب مستوى القدرة الجمعي على التحمل. و تحين الساعة و ينفجر الإنسان روحا و جسدا صرخة مدوية في وجه الواقع صرخة تهتز لها الإنسانية التي في أعماقها تتجسد لحمة رغم اختلافاتها الثقافية و الفكرية و العرقية و الدينية. صرخة تنطلق حين يكتمل اليأس من المستقبل، نعم قد يتحمل الإنسان بقدرة هائلة ظلم و مأساة و قتامة واقع، لكن فقط مادام هنالك أمل في مستقبل مختلف و في قادم أجمل. يتحمل الإنسان ظلام سنة ما دام على يقين أن أياما مشرقة ستأتي بعد ذلك. لكن أن يتحمل و إلى الأبد يوما توحي كل معطياته بغد أكثر قتامة و ألما فتلك لحظة الثورة إذن.
فالثورة التي هبت نسائمها من شاطئ البحر الأبيض المتوسط معانقة جريان النيل ممتدة أعاصيرها و زلازلها تهز العروش وتقتلع الكراسي، انطلقت حين تأكد الإنسان العربي من معيطات واقعه و مستوى قدرة طغاته على فهم الصمت و قراءة ملامح التحمل التي جثمت على الوجه ذي الملامح العربية لعشرات السنين انطلقت حين أطبق اليأس على رؤية الإنسان العربي: لا غدا مادام اليوم هكذا رجل أمن في كل مقهى و زنزانة لكل من لا يسبح بحمد النظام و منفى لكل من لا تروقه حكمة سيادته، بل زاد الأمر امتهانا حين اصبحت السيدة الأولى تتصرف ملكة حاكمة بأمر السلطان، و كان المواطن العربي يتحول إلى جزء من تركة الحاكم يعد لتوزيعها بالقسطاس بين الأبناء و رجال الاعمال المقربين لم تكن معطيات ذلك اليوم لتحمل عنوانا أبلغ من تلك لحظة الثورة إذن.
تحمل الإنسان العربي الجوع و البطالة و الفقر و الظلم و القهر ، تحمل التعذيب و التأنيب و الترهيب و الابتزاز و الانتهاز ، عرف أن يستوعب وجود رجل الأمن و المخابرات بينه و حديثه لزوجته وجوده في مطبخه و غرفة نومه و بينه هو و تفكيره، عرف أن يتعايش مع سلطة النظام، و أن يتحمل المحسوبية و الرشوة و الزبونية، و أن يتحمل الاستيلاء على ممتلكاته و انتزاع أراضيه وفوق ذلك المتاجرة به و بقضاياه و بمصيره كإنسان عربي، تحمل حاكم النظام يتقرب بممتلكاته لشقراوات أوروبا و سمراوات أمريكا، تحمل الطغمة الحاكمة تقضي العطل الصيفية و الشتوية في الجزر و مدن الألعاب و الأحلام في أحضان السهر و السمر و البذخ و هو يفترش العراء في حي شعبي في ضاحية من ضواحي العواصم العربية، تحمل نفطه تبتاع به قنينة خمر راقية. تحمل السيدة الأولى بنظارات الكوتشي تتصرف في بيت المال كحساب بنكي خاص.
تحمل كل شيء كل شيء على أمل واحد. هو رحيل هذا الحاكم ليس عن السلطة فذلك أمل قطعته لديه سنًة التزوير في الانتخابات و التهجير في صفوف المعارضين و هو أمر تحمله المواطن العربي أيضا، نعم ليس أمله في رحيل الحاكم عن السلطة، بل أمله في رحيله عن الحياة، كان بقاء هذا الأمل بين كل تلك الأشلاء من الأحلام المدمرة و الآمال الضائعة هو أن يوما كهذا لا بد أن يأتي، لا يمكن أن يرده لا تزوير الأصوات و لا الصرف على الحملات و لا رشى رجال الأعمال و صفقاتهم، يوم كهذا لا بد أن يأتي لا يرده النفط و لا الحساب البنكي فقط لابد أن يأتي. لكن يوم انقطع ذلك الأمل و الإنسان العربي يرى كل حاكم عربي بصدد تهيئة إما إبن أو مقرب و حليف لخلافته في ذلك اليوم بالذات أيقن ذلك الإنسان أن خلاصه ليس في الانتظار أبدا، بل الانتظار الآن هو نوع مختلف من الانتحار. انتشر ذلك اليقين، فبيضة الثورة قد بدأت تشعر بسخونة و حرارة اليأس و أخذت تنفقص، نعم كانت خيمة المواطن العربي قد ملت صقيع برد الشتاء و صفيع حرارة الصيف و كان لابد من فصل جديد بعد عقود تعاقب فيها الصيف و الشتاء محملين حقائبهم بأجساد المواطنين الذين قتلتهم السجون و المنافي و الجوع، كانت بيضة الثورة قد نضجت فانفقصت عن سيل آدمي و طوفان من الغضب اجتاح كل شيء التهم السنين العجاف و البقرات السمان ، التهم الصمت و الكبت، و تحولت الشعوب زيتا و كل محاولة من الأنظمة البائدة للتشبث بالحكم هي نار، و قلب ذلك الإنسان المفاهيم فصارت حياته التي كانت موتا و الثورة الخطوة الأولى إلى الميلاد، إنه نوع من الانبعاث و صرخة الميلاد. ما أصبر الإنسان و أشد طاقته الاحتمالية على كل ما لا يؤدي إلى استلابه كرامته و انسانيته و حريته بشكل مطلق. هكذا كانت الخلاصة بعدما بدأت الثورة تكشف كل الأوراق الخافية و تحرق كل الأقنعة التي استخدمت على مدى عقود من الزمن. و بدأ الربيع العربي و في أجواء الربيع يكون الذهن شبة صاف لتأمل الماضي و معالجة الحاضر و بناء المستقبل الأفضل.
إن الحقيقة التي تكشفها الحركة الثورة في العالم العربي تباعا هي أن حكومات الاستقلال حتى أيام الثورة هي أفضل الحكومات التي عرفها العالم العربي، و ما عقبهم تتفاوت أفضليته في مستويات أقل، أفضلية اغتالتها في أحيان كثيرة الخلفيات الفكرية و تأثيرات الحركات و الاستقطابات و اغتالتها النعرات الطائفية و العرقية و المصالح الضيقة و الاستراتيجيات المنعدمة في ظل دولة خرجت للتو من كنف استعمار يدعها تحت الوصاية. فلا الحركات القومية و لا الاشتراكية و لا الاسلامية ولا غير ذلك استطاعت أن تستجيب لمطالب الشعوب و متطلباتها، و لم يتح لهذه الشعوب أبدا في ما مضى فرصة التعبير عن آرائها و ممارسة اختياراتها و إسماع صوتها بحرية. مع الزمن تملكها الروتين و أخذت تعتاد الوضع و استحكمت فيها عملية التخدير محلية الصنع و المستوردة أحيانا، إلى أن انفجرت تراكمات السنين و اتحدت الآهات و الأنات المكتومة، و تشكلت الأنفس و الذوات المطحونة أصواتا تهتف بالرحيل و التغيير و أجسادا تحترق و تُدهس صامدة أمام الحديد و النار، كانت بوصلة الإرادة الشعبية الجمعية قد تحولت إلى اتجاه وحيد و هو رحيل النظام، كانت الشعور الجمعي قد حدد وجهته و اتخذ قراره. تشكلت الذوات المطحونة إرادات تحطم كل الأشياء على صلابتها، الغريزة الاستبدادية، و غريزة التمسك بالسلطة و الخبرة الأمنية في فن الرقابة و الاختطاف و التغذيب، اجتاحت صرخات تلك الأجساد المطحونة المدى و اخترقت الحدود و المسافات. لملمت تلك الذوات شتات الإنسان العربي و عادت به ، و أعاد الإنسان العربي التوازن للطبيعة فلا بد من فصل للربيع.
Subscribe to:
Posts (Atom)