Wednesday, August 21, 2013

هذا جيل لن يقود ثورة يكتبها التاريخ

كنت وبعض الأصدقاء الأفارقة نتحدث، قال لي أحدهم: هل تعرف انتم العرب هم السبب في كل ما يحصل لديكم و ما تعانونه، انتم تعانون "الفاناتيزم" انتم من سلم فلسطين لإسرائيل و الآن تلقون بابنائكم ليموتوا في الشارع و  و و و ، طبعا قدمت له بعض المعلومات ليست دفاعا عن العرب بقدر ماهي حبا مني لتقديم بعض السياقات و المعلومات له. كنا نتحدث عن الطائفية و العرقية في العالم العربي و العداء البيني و و و قال لي : الحل الوحيد في أن تتحدوا، لماذا بعضكم يساعد عدو بعض ليقضي عليه، بعضكم دعم امريكا لتسقط صدام و اخرون دعموا اخرين ليسقطوا حكاما عربا اخرين. و انتم هكذا حتى الآن...
في إطار حديثنا تدخل صديق هاديء قال لي: تعرف ، أنا اليوم ذهبت إلى صلاة العصر في المسجد ، مررت بحوالي 8 شبان عرب، يتحدثون ويضحكون و رجعت من الصلاةو ذهبت لصلاة المغرب و كانوا في نفس المكان  يتحدثون و يضحكون، ثم عدت و ذهبت لصلاة العشاء و هم في نفس المكان. قلت له تعرف و حين تعود لصلاة الفجر ربما ستجدهم هناك ، و صدقني لو كنت معهم و بدأت تنصرف ستكتشف انك قضيت حوالي 6 ساعات اسأل نفسك فقط ماذا استفدت و فيما تحدثت و حين تجد الإجابة احتفظ لي بها لطفا. ذاك حال لا أستطيع انكاره أن شبابنا هو جيل النرجيلة و الشيشة و القهوة و المقهى ......
أردف آخر برأيك هل هذا جيل يمكن أن يخلق ثورة تكون مفصلية و قطيعة مع عقود عاش فيها العرب كل تلك المهانة و الإهانة و تحدث بنبرة حزينة والله لا تعرف كم أحزن لتلك الشعوب التي كان بالامكان ان تعيش في رخاء و سلام و كأن البكاء و الألم مكتوب عليها الآن نسمع مات مائة و مائتان لا أحد يفكر، لكن اجلس و فكر في مائة ماتوا واحد اثنان ثلاثة اربعة .... ستفهم قيمة الألم و المأساة.
و في نقاشنا الطويل ... أردنا الوقوف على المشاكل، مع أننا قدمنا و طرحنا كل الحيثيات و السياقات:
إن تعليم القيم المدنية و أن يكبر الطفل يعرف فقط أن هنالك شيء واحد يجب أن يموت من اجله و يدافع عنه هو الوطن ، هو الأساس لخلق جيل ثورة واع. ليس طفل وهو في الخامسة يحدث له عن عرب و افارقة و سنة و شيعة و اخوان و متطرفين و علمانيين جيل كبر على ذلك لا يستطيع بناء الامم و لا الدول لانه هو نفسه ذات مهدمة منقسمة طوائفا و جهات.
الوحدة ، نختلف لكن حيث يصل الامر قضايا الامة و الوطن يتفق الجميع، حين نتوقف عن الخسائس و الدسائس و كل يترصد الاخر و يرى في اصغارة و اضعافه و قتله قوة له.
ثم ختم افريقي اخر و قال: في العالم العربي الانتماء الديني اصبح تقليدا، العامة لا تعي قيمة الدين، فقط طفل كبر و ابوه و امه يصلي و يصوم فصلى هو و صام لكن لم يعلموه ما معنى كل ذلك فصار من السهل عليه أن لا يعترف بأي شيء من ذلك في مرحلة ما.
القصة مطولة سأكتب عنها لاحقا.....

Sunday, August 18, 2013

حين يثير العرب الشفقة و الحنق - الضياع المطلق



خرجت من الغرفة حيث قضيت ساعات طوال من العمل على الانترنت، اردت الذهاب إلى ذلك المقهى حيث اعتاد الجلوس قبيل الغروب اتأمل اختفاء الشمس  ووداع اسطنبول لها و أخذ نفسا عميقا بعيدا عن ضيق الغرف المغلقة، مع خروجي اكتشفت أني ضيعت لقاء اردوغان في منطقة كارتال ن اردت حضور ذلك اللقاء لا لشيء غير أنه سيكون من أول لقاءات الرجل التي احضرها شخصيا ، فلقد حضرت واحدا ماضيا و كنت على بعد كلمتر بشري من المنصة.
ركبت اتراموي بعد سير على الاقدام اخذني من الساحل إلى ميدان بيازيت ، كان ككل مساءات اسطنبول تجتاح موجات العرب المشهد منقبات و محجبات و غير ذلك و ملتحون و غير ملتحون و شباب و اطفال... في محطة امنينو أكتشفت حراكا غير عادي و رأيت أعلام مصر و أعلام تركيا و أعلام سوريا و أعلاما مختلفة الألوان تحمل "لااله الا الله محمد رسول الله" و شاشة عملاقة مع كاميرات متعددة برافعات و كان خطيبا يصرخ حول العدل و الديمقراطية و الحقوق و القيم التي تضيع الآن ، انضممت للجمع كان الجميع يصرخ باصوات عالية من أجل الشعب المصري و السوري و الشعوب الاسلامية كما تردد. ثم بدأ ترديد الشعارات. و غنوا الأغنية التي غنيتها يوما مع صديقي الشهيد محمد العسكري في في مصر ليستشهد بعدها بشهر تقريبا، وجدتني أحفظ الكلمات و أرددها معهم و احتضر صورة محمد في جلبابه الابيض الشامي و يده في يدي و نحن نردد الاغنية، ثم بدأت النداء برحيل السيسي و الانتقام منه، و جرد حقائق حول ازدواجية المعايير، ما لفت انتباهي حين بدأ الجمع يصرخ بعربية "الإهوان المسلمين" في البداية لم ادرك أن الاهوان هي الإخوان. كان الجميع شيبا و شبابا و اطفالا نساء و رجالا يصرخون و يرددون الأغاني في قمة الحماس واثقين من نصر الله كما يرددون: الله بيزيمل كانوا يرددون. بمعنى الله معنا. عددوا المآسي التي يتعرض لها العرب و المسلمون و صرخوا من أجل دمائنا و نسائنا و أطفالنا ، و كانت القضية قضيتهم، ثم ختموا بدعاء للمسلمين في شرق العالم و غربه و للامه العربية من العراق إلى تونس مرورا بمصر و سوريا و لبنان، تماما كما كان أردوغان كما استمعت اليه في الجهاز المذياعي يردد و يدعوا.
انفض الجمع على أن يلتقي التاسعة من مساء نفس اليوم، كنت سعيدا بذلك الخبر ، لأنني لم أحضر كاميرتي فسأذهب و آتي بها لأحضر المشهد من جديد.
و انا انصرف و لا زلت اسمع ضجيج الميكروفونات و الناس تتفرق تردد تلك الشعارات كلها ، بالتركية و العربية ، لم اقطع مائة متر من المكان و الناس خلفي و حولي، حتى صادفت فيلقا من الشباب العربي حوالي 8 إلى 10 و كانوا من جنسيات مختلفة حسب ما سمعت من لهجاتهم، مسح أحدهم يده و على بطنه و قال : والله طعامهم لذيذ، التفت الاخر الذي لديه بسطة في الجسم بسطة بسطة ، و قال ضاحكا ضحكة لا اعرف سببها، نعم لابد أن نعود إليه مرة أخرى، اضافة لذلك البنات حلوات ، اللاتي يقدمن الطعام، الان فهمت ضحكة الشاب. لم أعرف فيماذا أفكر فقط هناك على مسافة مائة متر ناس و أمم أخرى تحمل قضاياك و همومك و أنت تتحدث عن طعام لذيذ و بنات حلوات... يا لعار العرب.....!!!!
حين عدت لم أدرك الجمع فلقد اغراني القمر في بعض المناطق لألتقط منه صورا، وصلت إلى المكان و لم اجد إلا جامع السليمانية و القمر و التقطت بعض صور.

Tuesday, August 13, 2013

ممنوع الغضب - انكشافات مجتمع

تابعت بعد رمضان طبعا حلقات البرنامج الذي تقدمه: الإعلامية بنت اسباعي، و هي سيدة يذكر لها و بكل أمانة خرجاتها على التلفزيون الوطني المتهالكن فأنا أذكر جيدا يوم كنت جالسا إلى والدي في احد مساءات نواكشوط، والوالد على فكرة لا يطيق التلفزيون الوطني و هو ذواقة متميز فيما يتعلق بالدراما و كرة القدم و السينما ، المهم كانت هي حينها تقدم حلقة من برنامج اجتماعي لا اذكر اسمه، فقال لي : هذه القريسة لاباس بها.
نعم ، من الميزات التي تذكر لبنت اسباعي تلقائتها أمام الكاميرا و عفويتها في التقديم و طرح الاسئلة لا تصطنع شيئا و يساعدها أيضا ملامح وجهها المعبرة. كان برنامج "ممنوع الغضب" فكرة و أداء مقبولا لحد كبير بل كونه برنامج مقالب لحد فلا مآخذ كبيرة فنيا  و لا شكلا و لا مضمونا تؤخذ عليه.
ما أثار انتباهي فيه هو ردة فعل الضيوف، أبرزت نقطتان من أهم العراقيل و المشاكل التي يواجهها و يوجهها المجتمع الموريتاني و تعتبر سبب الفشل اجتماعيا و مهنيا و مرد تفشي كل الممارسات الاجتماعية المقيتة.
أولا: أن النساء.  في موريتانيا مهما بلغ بهم التعلم و الفهم و الوعي ، لا زلن خاضعات قابلات راضيات بل سعيدات بقيود يفرضها المجتمع لا علاقة لها بالدين، و لا تخدم المجتمع و لا بنيته في شيء ، مفروض عليهن التصنع و حالة نفاق اجتماعي هي ديدن يريد المجتمع الجميع أن يرقص عليها. فتقول الواحدة : أنا من وسط اجتماعي كذا و كذا و كذا و لا يقبل لي كذا و كذا و كذا، لم نتحدث هنا عن واجب ديني و لا وطني بل عرف اجتماعي و تقليد مقيت.
الثاني : حضور القبيلة: مع معظم الضيوف ، كان الضيف يحاول التهرب من المقلب أو تحوير الحوار ، بقوله : يا بابا أنا خالك أنا عمك أنا قريبك ، أنا التقيتك لما كنت كذا و كذا، يضاف إلى ذلك الجهوية فيقول أحدهم مثلا ألم التقك في كيفه ؟ ألا أعرفك في منطقة كذا . و حصل هذا مع سيدات اعلاميات و كاتبات و سادة اعلاميين و صحفيين كبار.
و أذكر جيدا حين صرخ أحدهم  أنا "انتلفن لك على الامور المهمة" أنا اتصل بك للأمور المهمة " أية أمور مثلا.
أضف إلى ذلك السيدة التي قالت: أنا من الزوايا ، بمعنى لازالت النخبة من اعلاميين و كتاب و مثقفين تعترف بالقبلية و الطبقية كالقول بالزوايا و العرب و غيرهم، فكيف بالعامة.
و لا زالت النخبة من كتاب و اعلاميين و صحافين يقولون بأنهم مخضرمين، يتحدثون أنا خالك و أنا عمك و ألا أعرفك في كيفة و ألا أعرف في ازويرات و كذا و كذا... مجتمع هذا حال نخبته ماذا يعاب على عامته.

جانب آخر ، هو حالة العقد النفسية التي تعيشها عموما النخبة المثقفة في موريتانيا، فحول الإعلام الحديث عن شهادات و تكوينات نقطة حساسة جدا، و عن البحث والكتابة السؤال عن كتب أو منشورات سؤال محرج، و عن الوثائقين و المقررين السؤال عن بعض الاعمال ايضا فيه ، لا يمكن إرجاع الأمر إلا إلى امرين ، عدم رضا الجميع عن ماهو منشغل به ، أو أن الانشغال حين تنزع منه الألقاب لا يبقى الكثير ليذكر، و حين تنزع منه أنا قريبك و أنا و أنا و بعض الصلات الاجتماعية لا يبقى الكثير للمهنة.
ختاما، برنامج له جوانب كثيرة مهمة ، و الوقوف على جوانب من هذا القبيل من الرسائل الثانوية المحورية يعطي للافكار الاعلامية بعدا آخرا. اسمح لنفسي ثانية أن أحيي الإعلامية بنت السباعي و اتمنى لتلفزيوننا شيئا و لو قليلا جدا من التقدم و التغيير البناء، و اتمنى لمجتمعنا "الله يلطف".

Friday, August 9, 2013

ورطة في ورطة - قراءة

لم يتح لي الوقت كثيرا لمتابعة جديد التلفزيون الوطني و التلفزيونات المستقلة في هذا رمضان.  خاصة أنه أول رمضان بعد تحرير الفضاء السمعي و البصري و من المفترض أن المنافسة كانت على أشدها في سبيل انتاج اعمال تستقطب اهتمام أكثرية 3 مليون شخص هي ساكنة مورتيانيا حسب آخر الإحصائيات في انتظار انتهاء الإحصاء الجديد لتأكيد أو نفي الرقم. و في الحقيقة لا انتظر الكثير طبعا، لكن علينا أن نشتغل على ما عندنا إلى أن نجد سبيلا لما نطمح إليه خاصة في مجال الإعلام و التلفزيون، نفس النظرة عندي حول الاعلام الموريتاني لم تتغير ، لكن بتقديم رأيي، أرضي نفسي أولا و ربما تكون مفي
حسب جرد بسيط و جدت أن 3 أعمال تلفزيونية تم عرضها خلال شهر رمضان: بنت الناس - ورطة في وطة - و أيام أسرة.
تابعت تقريبا في جلستين من خلال اليوتيوب أغلب حلقات : ورطة في ورطة .

المواضيع:
ما يعتبر إضافة قيمة جدا ، قدمتها ورطة في ورطة هي معالجة مواضيع اجتماعية مطروحة جدا و معاشة يوميا في المجتمع الموريتاني، معالجة هذه القضايا في قالب تلفزيوني يقارب أحيانا حدود  العمل المسرحي لحد ما.

الملحقات الفنية:
عن زاوية الكاميرا ، يذكر تغيير جذري حصل حيث هنالك محاولات لاستخدام كاميرات زاوية و زاوية مرتفعة ، و بالوضع في الاعتبار ما يتعلق بالنقص الحاد في المعدات اللازمة للتصوير من رافعات و غيرها فإن التصوير و زواياه و أبعاده مقبولة لحد بعيد. في كل الحلقات طبعا تظهر شوارع العاصمة و بناياتها و تظهر النفايات حتى مرمية ، و الصورة لا تعالج بشكل يسمح لها أن تبدو مضيئة قليلا ، كل الصور قاتمة بعيدا عن ملحقات الكاميرا من الإيزو و غيره فإن البرامج كثيرة تسمح بمعالجة هذه الصور حتى تبدو في نوعية أحسن. كما أن الكاميرا يمكن تحويرها بحيث نتحاشى كثيرا من الصور التي تبدو عادية لمجتمعنا، لكن هي صاعقة حد الإضطراب العقلي للمشاهد الآخر.
الصوت: الصوت ليس مصقولا بالشكل الكافي و رتابته و موسيقيته غير منضبطة ارتفاعا انخفاضا مع أستخدام بعض المؤثرات الصورتية المؤثرة حقيقة ، لكنها غير متناسقة مع المستوى المعتمد للمثلين فتأتي في صيغة مفاجئة حد خلق التشويش في ذهن المتلقي.

الممثلون:
استطيع الآن أن أقول أن موريتانيا وجدت ممثلين ، حقيقة خونة فال و أعمر ثنائي قمة في الروعة و التلقائية و أرفع لهم القبعة أنحناء، عن خونه هذه موهبة فنية أقل ما يقال عنها أنها مذهلة تعامله مع الكاميرا استيعابه للمثلين معه، كل حركاته تخدم النص و الصورة، و هو من طينة الممثلين بالفطرة، أعمر هو أعمر رغم أن التوصيات المقدمة له من المخرج أو الكاتب ترهقه أحيانا إلا أنه في اداءه متميز.

النص :
ملاحظ جدا أنه ارتجالي لكن ذلك ليس عيبا في حد ذاته خاصة أن الأداء كوميدي و الأداء الكوميدي لا يخدمه النص المغلق إطلاقا، و كذلك المواضيع المعالجة تقدم في قالب كوميدي تلفزيوني جميل، فمن ناحية النص مقبول جدا.

من أجل ورطة في ورطة القادمة:
نعتمد نفس الثنائي مع وجود ضيوف شرف من قبيل بونا و غيره.

نركز على المؤثرات و البرامج لصقل الصور و الرفع من نوعيتها، مع محاولة تحاشي بعض الصور الطبيعة التي تلتقط أثناء تصوير اللقطة كصور الشوارع المتسخة و المباني المهدمة و أشياء لا تخدم صورة الدولة في الخارج.

الصوت نحاول ضبط المستويات حتى تتقارب فيما بينها و لا يكون هنالك صوت يشكل نشارا في المعطى الصوتي.

النص: كما هو نكتفي بمعالجة المواضيع الاجتماعية و تطوير طريقة المعالجة.
في النهاية احيي الطاقم العامل على ورطة في ورطة و تحية خاصة للثنائي خونا و أعمر .

Thursday, August 8, 2013

عيد فطر مبارك سعيد

تتمنى لكم المدونة و مجموعة "آمارت" عيد فطر مبارك سعيد . كل عام و أنتم بألف ألف خيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
 


Wednesday, August 7, 2013

خيمة في سليغر - الثالثة

 بعدما تجمع الجميع و بدأت المساحة تتسع، كان البعض طبعا يختلق التلقائية و هو شيء طبيعي ان تقفز احيانا على طبيعتك تجرب الجنون ، ألقي نظرة بانورامية على الجمع تجد افريقيا و الافارقة بمسحتهم الحزينة يخلقون الضجيج في كل تجمع، تذكرت مقولة ذالك التركي حين حضرت إليه و أنا انسق رحلة انظمها لمجموعة تضم قارات العالم الخمس، فسألني من أين هم قلت له: فيهم اوروبيون و امريكيون و اسيويون ...قاطعني و قال صدقني وحدهم الأفارقة هم من يعرفون أن يستمتعوا بوقتهم و يتصرفوا بتلقائيتهم البحتة، بدت نظرة صديقي حادة و عنصرية لحد ما ، فالبسمة هي الوحيدة التي لا يمكننا حصرها على أحد دون آخر، إنها حقنا جميعا و ملكنا جميعا.
لفتت تلك السيدة الأوروبية التي ترتدي فستانا على طريق بنات الريف الفرنسيات اللاتي تحدث عنهم فلوبير ، كنا نتحدث جميعا و كانت هي هادئة لا تقترب من أحد و كانت تتصرف بتلقائية ريفية صرفة، هي طالبة و مهندسة، كنت القي التحايا على البعض في مثل هذه اللقاءات توزع التحايا مجانا و النكات و البسمات و اللمسات و كل شيء. لكنها كانت إلى جانبي لم ارد تركها وحدها ، و قلت لها انضمي الى فيالق الصارخين و الضاحكين هؤلاء ابتسمت بهدوء و اشارت اشارة معناها سأتبعك.
كان الليل يغطي سماء موسكو و حلقت طائرة مروحية مرارا جيئة و ذهابا ، قلت في نفسي ربما هي عيون بوتن، رجل كبوتن لن يسمح لك بالقهقهة كثيرا في ارضه دون معرفة السبب ، قلت في نفسي، إن الحس الأمني و الاستخباراتي ملكة عظيمة لكن نقمة أحيانا. حيث لا تشعر بالراحة ما لم تعرف كل ما يدور و تكون لديك فكرة حول ما قد يدور.
 وصلت الباصات و توزعنا فرقا و جماعات، دخلت باصا كان الوفد الاندونوسي قد اجتاح اكثر من نصفه، وفد جميل ظريف فيه الصامتون و المشاكسون و الممازحون و المتحجبات و اللامتحجبات و ربما السمة المشتركة بين الجميع هي قصر القامة. لكن كان جميلا اكثر مما تخيلت ن شعرت أني مواطنا اندونوسيا و أنا اتبادل معهم النكات و اطلب إليهم ان يضيفوني و احدثهم عن طقوس الضيافة في موريتانيا حيث لابد أن يذبح كبش سمين و يبدأ في طقوس الشاي و يوضع التمر و اللبن لأبسط ضيف، ثم بعدها جاء ثنائي تبين لاحقا أن السيدة امريكية تقيم في اسبانيا حسب ما حدثتني و كان ظريفة لدرجة تحدثنا فيها لحوالي ساعة تقريبا و الثاني كان امريكيا روسيا يتحدث الروسية تماما كما يتحدث الانجليزية. و اخران خلفهما كانا افغانيا و هنديا و الى اليمين سيدتان من باكستان. بعد ضجيج حديث الساعات الأولى هدأ كل شيء. نام البعض و سكن البعض و بدأ الآخر يفكر في الايام المقبلة و ما تخفيه رحلة 300 كلمتر. و انطلقت القافلة تخترق ليل روسيا.








Sunday, August 4, 2013

خيمة في سليغر - الثانية

من مطار لا اقدر حتى الآن على نطق إسمه دون العودة إلى وثيقة مكتوب عليها اسمه "مطار دوموديدوفو" إلى محطة قطار منها لمحطة اخرى ، دلفت منها للساحة الحمراء و ساحة الزهور و حيث الكرملين يتراءى غير بعيد هاديء هدوء ملامح بوتن المصطنع احيانا. حتى على ملامح الكرملين يمكنك قراءة شيء من ملامح بوتن ، هل لأن الآخير مؤخرا لم يعرف غير بوتن؟
قبل الدخول للساحة توقفت على كنائس و عجائز و يابانيين طبعا لا يمكن أن تأتي لأي مكان سياحي في العالم دون أن تجد ياباني يستحيل. من تلك المحطة و متشبثا بخريطة التقطتها من أول قطار ركبته في المطار، حاولت تبين طريقي الى حيث من المفترض ان التقي البقية و نسافر إلى سليغر، كان كل شيء بالروسية انتابني نفس الشعور الذي انتابني اسبوعي الاول في تركيا. و حاولت الاستعانة بالبعض و كانت لغة الاشارة هي الأبرز و الأهم. لم اتبين حتى اسماء المحطات، و فجأة استوقفني شاب سيرافقني لحيث اذهب و يبقى معي و يبدو و كأننا صديقين قديمين التقيا بعد فراق، نسي تعبه رغم انه عائد من العمل و تجاوز المحطة حيث كان من المفترض أن ينزل. وصلنا ووجدنا افريقيا بكل ملامح افريقيا القى به حلم ما أو كابوس ليدفع بضع دولارات ربما كانت عائلته في حاجة اكثر إليها دفعها ليكون في موسكو متلمسا طريقه إلى سليغر. هي تلك افريقيا تطارد احلامها و تطاردها كوابيسها. كان ضائعا كليا استوقفته و طمنته بأن ذلك هو مكان اللقاء ، بعد قليل وصل مصري مع هندية، مقيمان اصلا في روسيا، تجد المصريين دوما في مثل تلك المواقف، كالعادة تلقائية الفلاح رغم ما يخالطها احيانا من اصطناعة حدث أو صفة قد تشوه ملمح الفلاح التلقائي الظريف، هندية بكل اشياء الهند سمرتها و اللكنة التي تخالط تلفظ الانجليزية فتعطيها هوية هندية خالصة و شيء من الجمال لا يخلو منه حفدة غاندي في الغالب، ثم بعد ذلك جاء وفد من الشعوب الصفراء تقوده صينية ليس بالطويلة ذات شعر اسود أحمر الأطراف، ثم جاء روسيا مختلطة بالعرق الألماني متمثلة في شخصين كانا يرتديان ازياءهما على طريقة السبعينات، ثم بدأ التوافد حتى صار من العصي التمييز بين الاسماء و الهويات رغم أن كلا يقدم نفسه، لكن صار الكم أكبر من ان يستوعبه عقل مرهق من الانتظار. لم يكن شمال افريقيا بعد قد كشف عن ساقيه و لا رأسه، قم فجأة حضر الفوج الجزائري فسيفساء أشكال و ألوان ملتحي و حالق و مابينهما ابيض حد الاصفرار اسمر فاتح و اسمر غامق تلك هي الالوان الافريقية حين تمتزج بالعرق العربي، بدت الانجليزية غريبة على اللسان الجزائري الذي جربته من اخي الذي اقام بين مدن الجزائر و اهلها اعواما تزيد على الخمسة، لم يعدم الفريق الجزائري فرصة يتحدث بها لهجته البحتة بعيدا عن ضجيج انجليزية يتخبط الجميع فيها.





يتواصل .....

Friday, August 2, 2013

لحظة بين قبتين - الجزء الأول

على مقعد خشبي فاتح الحمرة حديدي القوائم تابع لتجمع بلديات اسطنبول كما نقش عليه ، أجلس الآن في حالة استسلام مطلق للحظة تختزل معطيات كثيرة أصغر أنا من أن أتخلص من اختصاراتها و اختزالاتها للأشياء. عن يميني يجلس عجوز جعدته عبثت السنين بملامحه ، يبدو من شكله أنه فرنسي و من فرنسيته التي لم تعد شفاهه قادرة على ثقل مصطلحاتها و لا نفسه قادر على تنظيم مخارج حروفها ، فرنسية كان يتحدث بها قبل قليل عبر الهاتف، ربما أحمال السنين أقعدته عن أصدقائه الذين جاؤوا معه. إلى جانبه وضع حقيبة سوداء صغيرة تليق بيده المرتعشة الضئيلة. هو ليس مستسلما فقط للحظة بل يبدو مستسلما للزمن مع مكابرته لنهاية صامتة فهو هنا بين ضجيج لحظات العابرين و السائحين و السارحين . رغم استسلامه لازال يحاول سرقة لحظة قوة قبل لحظة نهاية لربما لا
تشغله كثيرا و لا يراها في افق بصره الذي لم يعد يمتد لأبعد من مسافة تقارب الإنعدام.
أمامي تمتد إلى السماء منارات الجامع الأزرق ، ست منارات تحيط أربعة منها بقبة كبيرة محاطة بقبب أصغر منها حجما ، المنارات تنتشر في نظام و بأبعاد غاية في الدقة. إلى اليمين منارتان بنفس الطول تنتصبان انتصابة حارسي بلاط عند بوابة ملكية دونما حراك. تبدو السداسية  في امتداداتها لوحة فنية تعتمد نظام التناظر الهندسي بشكل لا يقاس على سلم الروعة و لا الجمال العاديين، يحتاج مقياس خرائط . الطيور بطريقة سيزيفية تحوم حول المنارات و بينها دونما وجهة و كأنما تتمايل على أنغام موسيقى دينية هادئة ، تبدو كفرقة رقص محترفة أو كراقصي الحفلات الصوفية في مدينة "كونيا".
خلفي أيا صوفيا بكل متاهاتها التاريخية و مساراتها الجغرافية المثيرة، كنيسة فبلاطا امبراطوريا فقبلة قاص و دان يتقصى آثار الإنسان في رحلته عبر عصور يعبرها لنهايته يضع عليها بصمة بحجم وجوده. قبة  كبيرة إلى جانب قبتين متوسطتي الحجم تمتد من خلفهما عنقا منارتين إلى جانبهما منارة احمرت حجارتها من كثر ما تغشاها مطر السنين و رياح العصور و اكتست غبارها بسلمها و حربها. تبدو آيا صوفيا فوضى تاريخية بديعة . جدران و أسقف تتبعثر بطريقة  يتخيل للرائي أنها عشوائية . يبدو الإنسان أصغر من صنعه دوما.
بين معلمين يقدمان في صمتها الأبدي و ضجيج الماضي الذي يسكنهما  حقيقة الإنسان المجردة من الماديات. حقيقة لا يقوى بريق إعلام و لا جموح طمع على طمسها، رسالة تقدمها جدرانهما الحمراء من كثر ما بكت دمعا تحجر و صبغته الصيرورات بألوانها.  أمام جشع إنسان يطارد لحظات لا يعرف أيها ستغتاله.

تنطلق الآن آذانات صلاة الظهر، كل شيء هنا يسلم نفسه للزمان و المكان حتى الأصوات. فلا تعرف من أين يأتي صوت ما و لا أين يذهب آخر. اقترنت أصوات الآذانات فلا تعرف من أي يأتي أشرقي هو أم غربي ، تقول للحظة يأتي من تلك المنارة إلى يميني ثم تقول لا بل من تلك الواقعة خلفي ، في النهاية تكتشف أن تقوم بعملية عبثية ، و تكتشف أن الأمر يتعلق بفسيفساء روحية اصوات اقترنت على اختلافها و حمل المدى صداها فمدي سمعك الآن حدودها. الإيقاعات الصوتية منتظمة و المؤدون يتبادلون الادوار بشكل مذهل ..... يتواصل 

قهوة سعودية في الطربوش



عدت لاسطنبول، كعائد لوطن كان رمضان قد انتصف و زاد أياما عشرا على نصفه، فلقد كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. رسالة ضائعة من صديق وضعته الأقدرا و صدف اسطنبول ذات مساء في طريقي، لأتقاسم معه وجبة طعام في عجل في مطعم مطل على كلية من كليات جامعة اسطنبول في منطقة بيازيت ليخترق بنا تراموي اسطنبول جسدها باتجاه معرض للكتب و المعدات المكتبية. هناك اكتشف جمال اللهجة حين تداعبها شفاه عثمانية سكنت بحب عربية سكن أهلها بالضياع. هناك وجدت عثمانية تفرق بين الفصحاء و اللهجة في حين في عالمنا العربي يصعب على البعض احيانا التمييز بين الفصحاء و اللهجة فتجد كل مجتمع ينظر إلى لهجته على انها اللغة العربية الفصحاء التي كان يتكلمها عروة بن الورد و تأبط شرا و عمالقة اللغة الجاهلية و ما تلاها.
احيانا الاشياء التي لم ننتظر يكون لها حضور كبير في حياتنا. هنالك انتهى اللقاء الأول مع ذلك الصديق المتسكع هو الآخر شأني على أرصفة غربة تتخطفنا من أوطان نشعر فيها بالغربة اكثر لا تتسع لرؤانا و لا احلامنا على صغرها و لا أشيائنا على بعثرتها. في ذلك المساء البارد الماطر غادرته و تركته في انتظار سيدته. ما اجمل ان تكون لرجل عربي سيدة عثمانية . يتسع قلب الرجل العربي لكل انواع النساء فرغم كل شيء هو تربية امرأة عربية بكل اشياء العروبة.
عدت لاسطنبول قبل ايام كعائد لحضن ام بعد اشهر من صقيع الغربة و النوم في محطات القطارات. احسست شغفا تجاه كل شي ء طعامها و شرابها وجهها الصامت كل شيء. اقترح علي صديقي المسيحين ان يتناولا معي الفطور ، ما كنت لأرفض دعوة ذلك الرجل الذي يشكل تجليا روحانيا يكاد لا يقدر عليه البشر. في ذات الاثناء اتصال عابر رسالة هادئة بين رسائل هاتفي الصامت، ربما لا يعرف الكثيرون أن هاتفي صامت في اغلب الاحيان ففي الاوقات التي انتظر فيها رسائل او اتصالات اضعه جنبي بحيث ارى المكالمة و لا احتاج طنينا و لا رنينا يعكر صمتي.
كان ذلك الصديق كما اختفى في شتاء اسطنبول يوما يخرج في صيفها في يوم اخر رغم انه صيفي إلا ان زخات مطر تنتاب صيفه. و كأن صديقي مرتبط بالمطر صيفا و شتاء. اراد لنا أن نتناول الفطور معا. ركبت تراموي من جديد في مدينة كبيرة كاسطنبول صديقك الوفي دوما يكون تراموي يمكن ان يحملك من طرف لاخر بسرعة. في محطة اكسراي نزلت لأني اردت اكتشاف صجيج اكسراي اكسراي منطقة في اسطنبول ينصهر فيها الافريقي الهارب من السوط الافريقي و الافريقي المجرب لانتفاخ جيبه و العربي السائح و العربي التاجر و العربي اللاجئ بوتقة من الاشياء المتناقضة تعتبر مصدر الهام مهم لرجل يتامل الضائعين و المغتربين في متاهات ضياعه.
وصلت "الطربوش" كما طلب إلي صديقي، يعني الطربوش قبعة توضع على الرأس معروفة في منطقة الشام بالتحديد، كان ذلك رمزية واضحة لأن المطعم عربي و الطعام عربي. جلست ووصل صديقي لم يكن في جلباب ابيض بشماغ احمر . كان في زي  متناسق هادي الالوان  يبدو منه ان الذوق العثماني و العربي حين يلتقيان يشكلان منظرا جميلا، ألوان رمادية بسمته التلقائية تعلو وجهه و هو على مسافة امتار مني . كان المطعم رويدا رويدا يمتلؤ. حضرت اسرة في سيارة فخمة و حجزت طاولات وضعت عليها حجما من دولارات النفط على رأي صديقي الافريقي، لكن لا ضير ما دامت تذهب لجيب ذلك الاستاذ اللاجيء كما اخبرني صديقي صاحب المطعم الذي بدأ المشروع بعد ما وصل هربا من العنف الحاصل في سوريا. إلى يسارنا كانت اسرة عربية اخرى تستمتع بالطعام العربي في الجغرافية التركية.
قدم شاب لا شك هو الاخر هارب من العنف في سوريا و طلب إلينا ما نريده. تركت لصديقي ان يختار لي فأنا لا زلت ذلك الرجل ضعيف الثقافة حد الانعدام فيما يخص المطبخ و الطعام. اسمع تسميات لكن لا افرقها و لا محتواها. مع صديقي تحدثنا في كل شيء كعادة اللقاءات ، الاجمل في صديقي انه فهم أني من الذين يريدون نقاشا عفويا لكن دون الانزلالق لمواضيع لا تخدم كتلك التي يتناولها شاربو القهوة و النرجيلة في مقاهينا العربية . حيث العالم يشتغل و يحتاج ساعات يومية اضافية أما في عالمنا فنحتاج اشياء نقتل بها ساعات ننظر إليها على انها اضافية لا نحتاجها ضمن الاربعة و العشرين ساعة.
جاء شابان شاميان بكل معطياتهما باطباق مختلفة بتسميات مختلفة، ذلك مشهد يحصل في حياتي نادرا فأنا رجل يكتفي بقطعة على عجل من ماكدونالد أو طبقين من مطعم يقدم وجبة جربتها و اعرف اني احبها ، في احيان كثيرة لا يدعوني حتى الفضول لاجرب اطباقها اراها على مقربة مني لأني اعرف انتقائيتي بخصوص الطعم و اللون. حمص و فلافل و ارز  و شاورما و شرابان احدهما تمر هندي و الاخر و الذي شربته و اخترته لا اذكر اسمه.
أكلت أكل رجل قضى عشرة ايام في روسيا يتناول طعاما لا يعرف ان كان حلالا أو غير ذلك في غابة ممتدة على الجسد الروسي الشاسع. 
لم أكن انتظر ان يخرج صديقي معداته و يقدم لي قهوة سعودية ، حمرة خفيفة لون هاديء لا هو بالحلو و لا بالمر . تلك المرة الاولى التي اجرب فيها القهوة السعودية تماما كما بالامس كانت المرة الاولى التي اجرب فيها القهوة السودانية، فهوة اهدتها لي سيدة سودانية حملها و حملني القدر لنلتقي في روسيا.
ربما لا يعرف صديقي حساسيتي تجاه القهوة فانا رجل قهوة ، أعرف القهوة و انواعها مقدار جهلي بالطعام و انواعه. شربت الكأس بعد الكأس و كان صديقي يسكب في الكأس قليلا قال أن ذلك هو المتعارف اليه عندهم. شربت تلك القهوة مع تلك الحلوى التركية. بينما كنت التهم في نهم خرج من المطعم ثلة من الشابات السمراوات عرفت من اول وهلة أنهن مغربيات كن جميلات مصحوبات بسيدتين تركيتين تتحدث احداهما الانجليزية فيما كانت الاخرى تسأل بالتركية عن الحساب و صديقتها تخبرها بالانجليزية انهن دفعن الى ان ترجمت الامر لها ففهمت. كانت ثنائية جميلة لهجة مغربية لغة تركية و اللغة العالمية تجد دائما حضورها . اردت ان اتحدث معهم لكن كنت مشغولا باخر قطعة من الفلافل. و اقبل عجوز يحمل باقة من الزهور الحمراء لا شك كان يراهن على رومانسية العرب.
انتهى المساء و عدت مشيا، مع نفس الطريق اجرب التسكع و اضع الاسئلة و الاجوبة و ارسم بعض الخطط في فضاء صمتي.

خيمة في سليغر - الحلقة الأولى

سليغر مدينة صغيرة وديعة تقع على بعد مسافة حوالي 300 كلمتر من العاصمة الروسية موسكو، بحيرة هادئة تمتد بعبثية بين مساحات من الغابات و الأشجار، تتوسطها بناية مرصعة باصفر يبدو ذهبي هي كنيسة بداخلها ناس تبتهل تقف في خشوع انحناءات للصليب الذي تجده في كل مكان بشكل خلاب يتموضع على الجدران، في الطريق الممتدة إلى هذه الكنيسة تمر على عجزة بملامح و أشياء السوفييت بين باعة سمك مستخرج من البحيرة طازج و بين بائعي و بائعات هدايا و أشياء أخرى، ينتهي الطريق الممتد جسرا طبيعيا عن بوابة الكنيسة المنتصبة على مرتفع.
غابة تتداخل مع البحيرة بشكل فوضوي عبثي جميل. الطبيعة بكل نقائها. كان في المخيم كله حوالي 15000 شخصا كما قال لي ذلك الشرطي أو كتب على الأرض حين تعثر عليه نطق الرقم بالانجليزية. لم أصدق شأن صديقي الذين حين حكيت لهم الخبر صدقوا أنه معنا في هذا المخيم الآن حوالي 15000 شخصا. رغم أن الخيام الصغيرة و القاعات المتنقلة و التصميم المذهل الذي يطبع المخيم يوحي بأرقام و ألاف إلان أن 15000 بدت رقما كبيرا جدا.
سبعة أيام من المقرر أنها كلها ورشات عمل و دورات تفاعلية حول مواضيع شتى من فنون التواصل و القيادة و التدريب و الاعلام و الاقتصاد و المقاولة و الابداع الاقتصادي و الانشطة الثقافة و الفنية و الرياضية في ذلك الجو المذهل.
كالعادة كنت أعرف أني سأقول "موريتانيا" و أن الشخص المقابل سيصمت و سينتظر توضيحا تلقائيا أو سيحاول بيأس وجود صيغة ملائمة لسؤال سيطرحه؟ و أين تقع تلك؟ وجدت الروسيين يعرفون موريتانيا أكثر من غيرهم، خاصة حين تلفظها على هذا النحو "موفريتانيا" أما الآخرين فبين مدرب مثلا يحاول التذاكي فيتحدث عن حياة أدغال و يحاول أن يفهمك أنه يعرف معتمدا على خياله بأنها بالتاكيد دولة ضائعة في الادغال الافريقية بين حيوانات وحشية غريبة و غابات كثيفة مغلقة. و الأروع ذلك الذي يسأله ببسمة بريئة سامحني لكن أين تقع موريتانيا، اتذكر هذا الاسم لكن لا أعرف بالتحديد أين؟
لكن حين يسألك عربي . هل في موريتانيا تتحدثون العربية؟ حينها تعرف أن في العرب مشكلة كبيرة. بل كلهم مشاكل لحد ما.








Tuesday, July 23, 2013

يوميات سليغر

أبدأ في ظرف أيام في نشر "يوميات سليغر" تباعا، حين أجد متسعا من الوقت. في هذه الأيام سأقف على بعض المعلومات الثقافية و التاريخية و الجغرافية حول روسيا و موسكو و سليغر بالتحديد، ساردا رحلتي من تركيا إلى مولدوفا إلى اسطنبول.