منذ يومين و في يومين متتاليين عقد كل من منسقية المعارضة و الرئيس عزيز مهرجانين شعبيين، تم عقد اجتماع المنسقية في نواكشوط فيما انتقل عزيز في اليوم الموالي إلى نواذيبو. تأتي هذه المهرجانات في فترة تشهد فيها البلد اضرابا امنيا حيث لا زالت مشكلة المعهد عالقة و يصر الاتحاد الوطني المحسوب على الإسلاميين على تعطيل الامتحانات و إضراب الأساتذة و المعلمين و أزمات اخرى يواجهها النظام الحالي، فيما لم تنجح المعارضة في استخدام الوضع لصالحا و هي تحاول جاهدة لكن دون ضوابط و لا اجراءات تضمن نوعا من التجاوب و ضمان أمن و استقرار البلد. الطرفان يبدو انهما فوتا في مراحل عمرهما المتقدمة دروسا مهما في المواطنة وثقافتها و أولويتها المطلقة، حيث تبدو الحسابات الشخصية و المزايا الذاتية الطابع الرسمي لكل التصرفات، فيما تبدو الانفعالات و الانفعالات المضادة كلها خارج النطاق السياسي أو حتى الثقافي المحترم، حيث ان الخطاب السياسي الموريتاني الحالي انكشفت ردائته و سطحيته و سذاجته، و المواطن لا زال يستمع و يصفق و يصرخ. مهرجان المنسقية او مسيرتها على الاصح، شهدت خطابات و مداخلات مختلفة من قادتها أكد على ضرورة رحيل عزيز، و نعته بالمفسد و وصف إدارته و حكومته بالفاشلة . يبدو حل الرحيل حلا توصل إليه متاخرا حيث كانت في المنسقيات جهات تطرح الإصلاح خيارا قبل الرحيل. إلا أن تلك الخيارات تدخلت فيها مؤخرا أحداث المعهد و الجامعية التي أثرت بشكل عميق في المعطي السياسي الموريتاني وتوازناته المرتبكة . خطاب حضره جمع غفير من المواطنين رغم تاكيد البعض منهم انه جاء دون المتوقع و إشارة آخرين إلى أن المحسوبين على حزب تواصل الإسلاميين كانوا هم أغلبية الحاضرين، و اكتسحوا الحضور حتى بدا أن المنسقية كيان أعرج دونهم.
في اليوم الموالي و في مهرجانه في نواذيبو وصف عزيز قادة المنسقية بالعجزة الثوار الجدد و ترددت عبارت من قبيل التهرب و الكذب و التضليل و نعت البعض بالتهرب من دفع فاتورات الكهرباء و الماء و قال ان ما تقوم به المعارضة هو رد على عملية محاربة الفساد التي شملتهم. و سرد بعض انجازاته و بعض أمور ينوي القيام بها، و في بوتقة من الأرقام و المعطيات اكد عزيز على قدرات البلد الاقتصادية و أصر على عملية مقارنة بين الارقام الاقتصادية و معطياتها بين عام 2006 و 2008 و 2010 أو 2011 و هي أعوام لها ميزاته في التاريخ الموريتاني الحديث بل والحديث جدا.
لعل المشترك بين المهرجانين انحطاط الخطاب السياسي في موريتانيا بل و حتى أنه وصل حد السذاخة و السخافة. فلا هؤلاء و لا أولئك عبروا من خلال خطاباتهم عن مستوى من النضج السياسي و الفكري و لا مستوى من وضوح الرؤية أو نوع من أي شيء يبشر على مستقبل موريتانيا في ظل الوجوه السياسية الحاضرة لا تلك في الاغلبية و لا تلك في المعارضة.
و يبدو أن حل موريتانيا و خلاصها ليس في رحيل عزيز ما دام رحيله سيأتي بوجه من هذه الوجوه التي شوهت السياسة و شوهها التسيس الذي لم تصل إلى أي مستوى فيه بعد.