خرجت من الغرفة حيث قضيت ساعات طوال من العمل على الانترنت، اردت الذهاب إلى ذلك المقهى حيث اعتاد الجلوس قبيل الغروب اتأمل اختفاء الشمس ووداع اسطنبول لها و أخذ نفسا عميقا بعيدا عن ضيق الغرف المغلقة، مع خروجي اكتشفت أني ضيعت لقاء اردوغان في منطقة كارتال ن اردت حضور ذلك اللقاء لا لشيء غير أنه سيكون من أول لقاءات الرجل التي احضرها شخصيا ، فلقد حضرت واحدا ماضيا و كنت على بعد كلمتر بشري من المنصة.
ركبت اتراموي بعد سير على الاقدام اخذني من الساحل إلى ميدان بيازيت ، كان ككل مساءات اسطنبول تجتاح موجات العرب المشهد منقبات و محجبات و غير ذلك و ملتحون و غير ملتحون و شباب و اطفال... في محطة امنينو أكتشفت حراكا غير عادي و رأيت أعلام مصر و أعلام تركيا و أعلام سوريا و أعلاما مختلفة الألوان تحمل "لااله الا الله محمد رسول الله" و شاشة عملاقة مع كاميرات متعددة برافعات و كان خطيبا يصرخ حول العدل و الديمقراطية و الحقوق و القيم التي تضيع الآن ، انضممت للجمع كان الجميع يصرخ باصوات عالية من أجل الشعب المصري و السوري و الشعوب الاسلامية كما تردد. ثم بدأ ترديد الشعارات. و غنوا الأغنية التي غنيتها يوما مع صديقي الشهيد محمد العسكري في في مصر ليستشهد بعدها بشهر تقريبا، وجدتني أحفظ الكلمات و أرددها معهم و احتضر صورة محمد في جلبابه الابيض الشامي و يده في يدي و نحن نردد الاغنية، ثم بدأت النداء برحيل السيسي و الانتقام منه، و جرد حقائق حول ازدواجية المعايير، ما لفت انتباهي حين بدأ الجمع يصرخ بعربية "الإهوان المسلمين" في البداية لم ادرك أن الاهوان هي الإخوان. كان الجميع شيبا و شبابا و اطفالا نساء و رجالا يصرخون و يرددون الأغاني في قمة الحماس واثقين من نصر الله كما يرددون: الله بيزيمل كانوا يرددون. بمعنى الله معنا. عددوا المآسي التي يتعرض لها العرب و المسلمون و صرخوا من أجل دمائنا و نسائنا و أطفالنا ، و كانت القضية قضيتهم، ثم ختموا بدعاء للمسلمين في شرق العالم و غربه و للامه العربية من العراق إلى تونس مرورا بمصر و سوريا و لبنان، تماما كما كان أردوغان كما استمعت اليه في الجهاز المذياعي يردد و يدعوا.
انفض الجمع على أن يلتقي التاسعة من مساء نفس اليوم، كنت سعيدا بذلك الخبر ، لأنني لم أحضر كاميرتي فسأذهب و آتي بها لأحضر المشهد من جديد.
و انا انصرف و لا زلت اسمع ضجيج الميكروفونات و الناس تتفرق تردد تلك الشعارات كلها ، بالتركية و العربية ، لم اقطع مائة متر من المكان و الناس خلفي و حولي، حتى صادفت فيلقا من الشباب العربي حوالي 8 إلى 10 و كانوا من جنسيات مختلفة حسب ما سمعت من لهجاتهم، مسح أحدهم يده و على بطنه و قال : والله طعامهم لذيذ، التفت الاخر الذي لديه بسطة في الجسم بسطة بسطة ، و قال ضاحكا ضحكة لا اعرف سببها، نعم لابد أن نعود إليه مرة أخرى، اضافة لذلك البنات حلوات ، اللاتي يقدمن الطعام، الان فهمت ضحكة الشاب. لم أعرف فيماذا أفكر فقط هناك على مسافة مائة متر ناس و أمم أخرى تحمل قضاياك و همومك و أنت تتحدث عن طعام لذيذ و بنات حلوات... يا لعار العرب.....!!!!
حين عدت لم أدرك الجمع فلقد اغراني القمر في بعض المناطق لألتقط منه صورا، وصلت إلى المكان و لم اجد إلا جامع السليمانية و القمر و التقطت بعض صور.