تابعت بعد رمضان طبعا حلقات البرنامج الذي تقدمه: الإعلامية بنت اسباعي، و هي سيدة يذكر لها و بكل أمانة خرجاتها على التلفزيون الوطني المتهالكن فأنا أذكر جيدا يوم كنت جالسا إلى والدي في احد مساءات نواكشوط، والوالد على فكرة لا يطيق التلفزيون الوطني و هو ذواقة متميز فيما يتعلق بالدراما و كرة القدم و السينما ، المهم كانت هي حينها تقدم حلقة من برنامج اجتماعي لا اذكر اسمه، فقال لي : هذه القريسة لاباس بها.
نعم ، من الميزات التي تذكر لبنت اسباعي تلقائتها أمام الكاميرا و عفويتها في التقديم و طرح الاسئلة لا تصطنع شيئا و يساعدها أيضا ملامح وجهها المعبرة. كان برنامج "ممنوع الغضب" فكرة و أداء مقبولا لحد كبير بل كونه برنامج مقالب لحد فلا مآخذ كبيرة فنيا و لا شكلا و لا مضمونا تؤخذ عليه.
ما أثار انتباهي فيه هو ردة فعل الضيوف، أبرزت نقطتان من أهم العراقيل و المشاكل التي يواجهها و يوجهها المجتمع الموريتاني و تعتبر سبب الفشل اجتماعيا و مهنيا و مرد تفشي كل الممارسات الاجتماعية المقيتة.
أولا: أن النساء. في موريتانيا مهما بلغ بهم التعلم و الفهم و الوعي ، لا زلن خاضعات قابلات راضيات بل سعيدات بقيود يفرضها المجتمع لا علاقة لها بالدين، و لا تخدم المجتمع و لا بنيته في شيء ، مفروض عليهن التصنع و حالة نفاق اجتماعي هي ديدن يريد المجتمع الجميع أن يرقص عليها. فتقول الواحدة : أنا من وسط اجتماعي كذا و كذا و كذا و لا يقبل لي كذا و كذا و كذا، لم نتحدث هنا عن واجب ديني و لا وطني بل عرف اجتماعي و تقليد مقيت.
الثاني : حضور القبيلة: مع معظم الضيوف ، كان الضيف يحاول التهرب من المقلب أو تحوير الحوار ، بقوله : يا بابا أنا خالك أنا عمك أنا قريبك ، أنا التقيتك لما كنت كذا و كذا، يضاف إلى ذلك الجهوية فيقول أحدهم مثلا ألم التقك في كيفه ؟ ألا أعرفك في منطقة كذا . و حصل هذا مع سيدات اعلاميات و كاتبات و سادة اعلاميين و صحفيين كبار.
و أذكر جيدا حين صرخ أحدهم أنا "انتلفن لك على الامور المهمة" أنا اتصل بك للأمور المهمة " أية أمور مثلا.
أضف إلى ذلك السيدة التي قالت: أنا من الزوايا ، بمعنى لازالت النخبة من اعلاميين و كتاب و مثقفين تعترف بالقبلية و الطبقية كالقول بالزوايا و العرب و غيرهم، فكيف بالعامة.
و لا زالت النخبة من كتاب و اعلاميين و صحافين يقولون بأنهم مخضرمين، يتحدثون أنا خالك و أنا عمك و ألا أعرفك في كيفة و ألا أعرف في ازويرات و كذا و كذا... مجتمع هذا حال نخبته ماذا يعاب على عامته.
جانب آخر ، هو حالة العقد النفسية التي تعيشها عموما النخبة المثقفة في موريتانيا، فحول الإعلام الحديث عن شهادات و تكوينات نقطة حساسة جدا، و عن البحث والكتابة السؤال عن كتب أو منشورات سؤال محرج، و عن الوثائقين و المقررين السؤال عن بعض الاعمال ايضا فيه ، لا يمكن إرجاع الأمر إلا إلى امرين ، عدم رضا الجميع عن ماهو منشغل به ، أو أن الانشغال حين تنزع منه الألقاب لا يبقى الكثير ليذكر، و حين تنزع منه أنا قريبك و أنا و أنا و بعض الصلات الاجتماعية لا يبقى الكثير للمهنة.
ختاما، برنامج له جوانب كثيرة مهمة ، و الوقوف على جوانب من هذا القبيل من الرسائل الثانوية المحورية يعطي للافكار الاعلامية بعدا آخرا. اسمح لنفسي ثانية أن أحيي الإعلامية بنت السباعي و اتمنى لتلفزيوننا شيئا و لو قليلا جدا من التقدم و التغيير البناء، و اتمنى لمجتمعنا "الله يلطف".
نعم ، من الميزات التي تذكر لبنت اسباعي تلقائتها أمام الكاميرا و عفويتها في التقديم و طرح الاسئلة لا تصطنع شيئا و يساعدها أيضا ملامح وجهها المعبرة. كان برنامج "ممنوع الغضب" فكرة و أداء مقبولا لحد كبير بل كونه برنامج مقالب لحد فلا مآخذ كبيرة فنيا و لا شكلا و لا مضمونا تؤخذ عليه.
ما أثار انتباهي فيه هو ردة فعل الضيوف، أبرزت نقطتان من أهم العراقيل و المشاكل التي يواجهها و يوجهها المجتمع الموريتاني و تعتبر سبب الفشل اجتماعيا و مهنيا و مرد تفشي كل الممارسات الاجتماعية المقيتة.
أولا: أن النساء. في موريتانيا مهما بلغ بهم التعلم و الفهم و الوعي ، لا زلن خاضعات قابلات راضيات بل سعيدات بقيود يفرضها المجتمع لا علاقة لها بالدين، و لا تخدم المجتمع و لا بنيته في شيء ، مفروض عليهن التصنع و حالة نفاق اجتماعي هي ديدن يريد المجتمع الجميع أن يرقص عليها. فتقول الواحدة : أنا من وسط اجتماعي كذا و كذا و كذا و لا يقبل لي كذا و كذا و كذا، لم نتحدث هنا عن واجب ديني و لا وطني بل عرف اجتماعي و تقليد مقيت.
الثاني : حضور القبيلة: مع معظم الضيوف ، كان الضيف يحاول التهرب من المقلب أو تحوير الحوار ، بقوله : يا بابا أنا خالك أنا عمك أنا قريبك ، أنا التقيتك لما كنت كذا و كذا، يضاف إلى ذلك الجهوية فيقول أحدهم مثلا ألم التقك في كيفه ؟ ألا أعرفك في منطقة كذا . و حصل هذا مع سيدات اعلاميات و كاتبات و سادة اعلاميين و صحفيين كبار.
و أذكر جيدا حين صرخ أحدهم أنا "انتلفن لك على الامور المهمة" أنا اتصل بك للأمور المهمة " أية أمور مثلا.
أضف إلى ذلك السيدة التي قالت: أنا من الزوايا ، بمعنى لازالت النخبة من اعلاميين و كتاب و مثقفين تعترف بالقبلية و الطبقية كالقول بالزوايا و العرب و غيرهم، فكيف بالعامة.
و لا زالت النخبة من كتاب و اعلاميين و صحافين يقولون بأنهم مخضرمين، يتحدثون أنا خالك و أنا عمك و ألا أعرفك في كيفة و ألا أعرف في ازويرات و كذا و كذا... مجتمع هذا حال نخبته ماذا يعاب على عامته.
جانب آخر ، هو حالة العقد النفسية التي تعيشها عموما النخبة المثقفة في موريتانيا، فحول الإعلام الحديث عن شهادات و تكوينات نقطة حساسة جدا، و عن البحث والكتابة السؤال عن كتب أو منشورات سؤال محرج، و عن الوثائقين و المقررين السؤال عن بعض الاعمال ايضا فيه ، لا يمكن إرجاع الأمر إلا إلى امرين ، عدم رضا الجميع عن ماهو منشغل به ، أو أن الانشغال حين تنزع منه الألقاب لا يبقى الكثير ليذكر، و حين تنزع منه أنا قريبك و أنا و أنا و بعض الصلات الاجتماعية لا يبقى الكثير للمهنة.
ختاما، برنامج له جوانب كثيرة مهمة ، و الوقوف على جوانب من هذا القبيل من الرسائل الثانوية المحورية يعطي للافكار الاعلامية بعدا آخرا. اسمح لنفسي ثانية أن أحيي الإعلامية بنت السباعي و اتمنى لتلفزيوننا شيئا و لو قليلا جدا من التقدم و التغيير البناء، و اتمنى لمجتمعنا "الله يلطف".