نظام أل أم دي هو نظام تعليمي عالمي اثبت فعاليته في مناطق كثيرة من العالم وخاصة فرنسا وجهة الطالب الموريتاني الأولى ،منذ عام تقريبا تقرر إدخال هذا النظام إلى النظم التعليمية العليا في البلد ، فبدأ الحديث عنه بشكل سطحي على أنه ذالك النظام الذي بموجبه لا يعاود الطالب العام الدراسي بدواعي الرسوب ،كل ما عرفه الطلاب عن النظام الجديد هو أن إمكانيات النجاح فيه كثيرة ليكتشف لاحقا أن ثمن هذه الإمكانية كان باهظا ، اعترضت هذا القرار إشكاليات وعراقيل كثيرة تمثلت في صعوبة توفير متطلبات وضرورات هذا النظام من إمكانيات بشرية ومادية
، فالنظام القديم لطالما عانى من النقص النزيفي الحاد في كل شيء من البني التحتية للكادر البشري والمعدات المخبرية ، و التجهيزات العلمية ، فكيف بنظام تعتبر هذه هي مرتكزا ته الأساسية والتي لا غنى عنها .تجاوز الارتجال الذي اعتمدته إدارات التعليم العالي كل هذه الإشكالات والأسئلة وقفز عليها ، وظلت الأسئلة مطروحة فبقي من الطلاب من لا يعرف عن ا لـــ أل ا م دي إلا أحرفه الثلاثة ، وبدا أمام الضبابية المطلقة حول قواعد النظام المدخل عنوة والمزروع في بيئة ليست مهيئة له ، الارتباك الإداري الواضح الواصل لحدود الجهل فصارت أسئلة الطلاب وحتى الأساتذة تخضع لسلسلة من الإحالات تنتهي عند مختص ما أوتي من إدراك الأشكال إلا قليلا ، ثم توالت اللقاءات ولم تف لحد الآن بالغرض ، فالجميع مازال يدفع ثمن اقتحام هذا الميدان بارتجالية فجة ، ويعرف مدى صعوبة الأمر المتطلع قليلا على سير التعليم في دول كثيرة حيث أخذت منها خطوتنا نحن التي جاءت على شكل القفزة (الانتقال من النظام القديم إلى نظام الــ (ا ل ا م دي )) مراحل انتقالية كثيرة انتهت بتطبيق النظام مع بعض النواقص ، فالجزائر مثلا أخذ منها السعي وقتا وتوصلت إلى تطبيقه في بعض الجامعات كمرحلة ثم تطبيقه والسعي إلى تعميمه كمرحلة أخرى ، والأمثلة كثيرة.
أمام الإدارة والأساتذة والطلاب جعل هذا النظام كل شيء مختلفا فلا الأساتذة يعرفون ما يتطلبه منهم ولا المنهجية التي يفرضها ، ولا الإدارة وفقت في اختيار التخصصات والمواد المناسب تقررها رغم إمكانية الاقتباس من الدول الأخرى وخاصة فرنسا التي نسير على نسق نظامها التعليمي ، والأهم من هذا النتائج والاختبارات و الضوارب والمعاملات و علامات النجاح التي شكلت المشكل الأكبر لما تطلبه من دقة نظم أمام إدارات اعتادت الفوضوية والتلقائية حتى وصلت مرحلة جعلتها تناسقها مع النظام المرحوم النظام القديم ، وبين هؤلاء وأولئك الطالب وحقا إذا كان رب البيت للدف ضاربا فلا تلومن الصبيان على الرقص .
الكيان الأكاديمي الأعلى في البلد الآن يدور في متاهة مختلط الأوراق والألوان ، وشر البلية ما يضحك فالطالب الذي استبشر خيرا بادئ الأمر يبدو الآن ممتعضا متذمر أو تهدؤه الإدارة بامتعاضها هي أيضا فمن المسؤول إذن؟ يتفهم الجميع ضرورة إدخال هذا النظام خاصة في دولة كانت أعلى شهادة عليا فيها هي المتريز لكن الحاجة أم الاختراع ليست أم الارتجال ولا أب اقتحام ميدان لا تمتلك من معداته أبسط البسيط .
نسبة الارتباك هذه متفاوتة بين الكليات فكلية العلوم مثلا ربما تجاوزت إشكاليات فنية كبيرة ربما لكونها كلية علوم ومتطلبات النظام الفنية علمية بالأساس ، أما بالنسبة لكلية الآداب فإن نتائج السداسيات لهذا العام و خاصة السداسي الأول كشفت كل أوراق الكلية المختلطة والمرتبكة فبالإضافة إلى تأخير النتائج كانت الأخطاء بالجملة والفرد في الأسماء والأرقام وحساب المعدلات وفي إدخال المعلومات و إخراجها ، والآن في انتظار كلية الاقتصاد وربما تكون المشكلة هناك مضاعفة فأعداد الطلاب هناك مهولة خصوصا الأوائل نتيجة اختلال سياسة معايير قديمة فكان الله في عون الجميع هناك ، والأدهى والأمر أن يسألك الطالب وهو يتوسم فيك أمرا ما ماذا يعني "تحت العتبة " ، " مستوف " ، "غير مستوفى " ، "مستدرك" غيرها وهو لا يعرف ماذا يترتب عليها حينها فقط تعرف أنك أمام إشكالية .
لسنا هنا بصدد تقديم معلومات عن النظام و تفصيل كل الحيثيات المحيطة به رغم الحاجة الماسة لذلك ، إلا أننا نريد الإشارة إلى إشكالية يريد الكثيرون تجاهلها، إن النظام لا زال متاهة لا تدري أيهم الأضيع فيها الإدارة أم الأستاذ أم الطالب ، وإن كان النظام حاجة علمية عالمية فإن تطبيقه في موريتانيا لا تبدو خطواته الأولى ثابتة ولا مستقيمة لما يتطلبه من إمكانيات ونظم لا تزال صعبة المنال ، وهنا يأتي الدولة لتتدخل موفرة الإمكانيات والبيئة السليمة التي يمكن تطبيق النظام فيها، فنحن لا نريد أن نخسر جيلا يقال فيما بعد أنه كان حقل تجربة فاشلة أو سابقة لأوانها على الأصح .