المهم حملة التبرع هذه لاقت ردود فعل تتراوح و تنحط حتى تصل حد السخف و السطحية و السذاجة، فوجدت بعضهم يقول يوم لا ينفع مال و لا بنون، و بعضهم يسترسل في سرد الآيات و الاحاديث، هي نفس عقدة المجتمع و مثقفيه الغير متصالحين مع ذواتهم و كل عقدهم مركزة أصلا في اسقاط كل شيء على الحلال و الحرام ، حتى ولو كان الأمر بعيدا من الموضوع. ربما يقول لك بعض الاشبال حالا أن هذا الحاد و أن كل شيء يجب أن يسقط على الحلال و الحرام حتى مباراة كرة القدم نفسها ربما هي موضوع سؤال شرعي، فبالنسبة للعلماء هؤلاء و الفقهاء ما حكم دفع تذاكر و اقامات 23 لاعبا ليسافروا إلى بلاد ما للعب مباراة. على العموم للذين قد يفكرون في جمع الادلة لإثبات الكفر و الالحاد، لا أحد يأبه لمصيري إن كان جنة أو نارا، تماما كما لا آبه لأحد من عبدة الاسقاطات الفكرية السخيفة.
قبل الذهاب بالموضوع بعيدا،و قبل أن نغرق في موضوع الحلال و الحرم، قد يكون هنالك عذر للذين ينتقدون الحملة مطالبين أن تعطى الأولوية للمهمشين و الفقراء و الذين يعانون. و هنا يأتي الرد في كل دول العالم الثالث التي لديها فرق كرة قدم بميزانيات ضخمة و متقدمة تعيش ويلات الفقر و التهميش، الأمر يتعلق بالافق و لا أعرف حقا إن كان القائمين على الحملة يضعونه في الحسبان.
أولا الحملة تزرع ثقافة التطوع بكل ما قد توصف به من أنها "طياطر" كما قد يقول البعض، ثانيا: حين تنجح الحملة في قطع شوط بالفريق و حتى في هذه البطولة وحدها فعلى المستوى المحلي و الاقليم و الدولي ترد أضعاف ما قد صرف كتبرع، و ربما هذا شيء يحسه أكثرالمغتربون ، كرة القدم بوابة تسهل حمل الاسم و العلم، ففي بطولة فيها 16 فريقا تقريبا حين تتأهل موريتانيا للنهائيات او ادوار متقدمة فالاسم يدخل مختلف وسائل الاعلام و بهذا جمهور كرة القدم و هو الاعرف في العالم سيصله اسم "موريتانيا" و علمها، اذن من الناحية الوطنية و الوصول والحضور للمحافل، خاصة حين تقف في مكان و تذكر موريتانيا فلا تجد من سمع بها، في ظل فنانين و مثقفين منحصرين على ذواتهم متغنيين بامجاد و متصارعين في ساحة مرهقة. ثالثا وصول المنتخب الوطني لدرجة محترمة يشارك ايضا في تطوير الدوري المحلي و تصور كم شخصا و كم شابا سيستقطبه الدوري المحلي اذا ما نجح و بدأت الشركات و الجهات ترعى الفرق و تقدم رواتب للاعبين يعني نتحدث عن الاف الشباب الذين سيجدون فرص عمل و يخدمون انفسهم و مجتمهم و مهنهم.
ان كرة القدم تتعدى الاسقاطات المحدودة لمثقفي مجتمع الفوضى ، و صحافة و سياسة الاسقاطات الرجعية العدمية، انتم حتى لو ان الفريق ضمن فرق العالم الاولى ، لا يهمكم الامر في شيء، فكيف تتفهمون دعم مشروعه. انا بالذات ربما لا ادعم الحملة بالضرورة لكن ارى فيها ايجابيات كثيرة تجعلني طبعا اعلن دعمها. ان التبرع ثقافة غرسها في اي شيء و باي طريقة و في حد ذاتها تمثل اضافة لعقلية جمعية سحيقة متعبة.
و استذكر هنا ما قراته من فترة: العالم ينشغل باكتشاف الجديد، و العرب منشغلون بتقرير ما ان كان هذا الجديد حلال أو حرام